أعلن مجدي الجلاد -رئيس تحرير جريدة المصري اليوم- عدم تأييده للمؤتمر الذي عقده المجلس العسكري على خلفية أحداث ماسبيرو؛ قائلا: "المؤتمر لم يأتِ في الوقت الصح؛ لأننا شِبعنا في المرحلة الأخيرة كلام عن وجود عناصر تديرها قوة ما للإيقاع بين الجيش والشعب، ولم يفعل أحد شيئا". مضيفا: "ما حدث في ماسبيرو ليس بجديد علينا؛ فقد رأينا مثله في أحداث مسرح البالون، وأحداث العباسية، واقتحام السفارة الإسرائيلية". وبرّر الجلاد قيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعمل هذا المؤتمر بأن المجلس العسكري الآن أصبح طرفا من أطراف المواجهة في الشارع، في حين أنه كان في السابق وأيام حُكم مبارك والثورة مجرّد قوة مرجعية.
وأعرب الجلاد في برنامج "العاشرة مساءً" أمس (الأربعاء) عن حزنه العميق من أن طول الفترة الماضية كان الحديث عن وجود فلول للوطني وبلطجية وأيادٍ خارجية وغيره، ولكن لم يتمّ اتخاذ أي موقف لإيقاف هؤلاء عند حدهم، خصوصا بعد فوات أكثر من ثمانية أشهر؛ مستطردا: "ما قيل اليوم في المؤتمر عن وجود عناصر خارجية أرفضه بشدة؛ وذلك لأن صاحب السلطة -المجلس الأعلى للقوات المسلحة- لديه من القوات -سواء مخابرات عامة أو عسكرية أو جيش أو وزارة الداخلية- التي تؤهله للقبض على هؤلاء الفلول والبلطجية في خلال أسبوعين وأقل، ولكن هذا لم يحدث". وأتبع: "البلد بيتلعب بيه، والكل بيستغل الفرصة الحالية للنيل من مصر". واستكمل: "إن صمت الحكومة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة عن موضوع أزمة الأقباط من البداية خطأ؛ فهم يعلمون بوجود مشكلة في أسوان، وأنها تصاعدت، وأن الأقباط ينوون تنظيم تظاهرات؛ فلماذا لم يتحرّك أحد لمنع كل هذا، ووأد هذه الفتنة من البداية؟!! لماذا لم يتحرّك أحد لأسوان لمعرفة دوافع الموضوع، والعمل على حلّه من بدايته، وتفسير ما حدث لجموع الأقباط التي كانت تنوي الخروج في التظاهرات؟!!". وعقد الجلاد مقارنة بين ما حدث في ماسبيرو وبين أزمة العباسية؛ موضّحا أن الجيش تحرّك بسرعة أثناء أزمة العباسية؛ حين توجّه المتظاهرون لوزارة الدفاع، وقام بمحاصرتهم من كل الجهات، ووضع المتاريس، وكل هذا قبل حتى وصولهم إلى وزارة الدفاع، أما ما حدث مع مشكلة ماسبيرو فهو التجاهل التام. وانتقد الجلاد حكومة د. عصام شرف بقوله: "دي مش حكومة انتقالية ولا حتى حكومة تسيير أعمال؛ دي سكرتارية"، وتساءل: "مش عارف عصام شرف قاعد لحد دلوقتي ليه، وخصوصا بعد ما خرج لإلقاء البيان الأخير الخاص بأزمة ماسبيرو؛ فهو لم يجِب في هذا البيان على أي من الأسئلة التي كانت مطروحة وقتها، كما أنه لم يتخذ أي قرار". وانفعل: "لما محافظ أسوان يخرج ويقول إن الشباب المسلمين قاموا بهد الأدوار المخالفة في كنيسة المريناب؛ فكان لازم يتحاكم مش يُقال بس؛ لأن اللي قاله كان ممكن يسبب حرب أهلية". وفي سياق متصل؛ أعرب صلاح عيسى -الكاتب الصحفي- عن موقفه من المؤتمر؛ قائلا: "فكرة أي مؤتمر بشكل عام هي توضيح الأمور، وإزالة الغموض حول أي حدث، أما ما حدث في المؤتمر لم يكن سوى مجرد سرد لمجموعة من الوقائع التي شاهدناها جميعا، وكنّا نحتاج إلى تحليل لها"، مضيفا: "ما خرجت به من هذا المؤتمر أن هذه الحادثة هي مجرد ورقة في ملف، وليست الملف كله". وشدّد عيسى على أن هناك مؤسسات يجب عدم التطاول عليها ولو حتى بالكلام؛ خاصة المؤسسة العسكرية، وأنكر تماما حق أي مواطن في الاختلاف معهم ولو حتى سياسيا؛ لأنها على حد قوله "قلة أدب"، وأكمل: "لا بد من استخدام لغة سياسية تحافظ على كرامة الناس، ولا تشعر أي شخص بإهانة". وعن رأيه في حكومة شرف؛ أبدى عيسى تعاطفه معها؛ لأنه يستخدم "ككبش فداء"، وأوضح أنه لو جاءت حكومة أخرى فإنها ستقع في نفس المشكلة، وأنه لتفادي ما يحدث يجب العمل على حلّ المشكلة من جذورها؛ مُلخصا مشكلة الأقباط في ثلاث نقاط؛ وهي: دور العبادة وتغيير الدين والزواج المختلط بين المسلمين والأقباط. شاهد عيان على أحداث ماسبيرو واستضافت الإعلامية منى الشاذلي د. عماد جاد -خبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية- والذي كان متواجدا في قلب الأحداث بماسبيرو يوم الأحد الماضي، والذى وصف التظاهرات في بدايتها بأنها كانت سلمية، ثم تمّ فتح تشكيلات الشرطة العسكرية لتخرج بسرعة كبيرة على الموجودين؛ حيث قامت مدرعتان بدهس المتظاهرين، وتحوّلت التظاهرة فجأة إلى معركة تستخدم فيها الرصاص الحي على المتواجدين بالمكان، إلا أنه أشار إلى أن إطلاق النار لم يكن من قِبل الشرطة العسكرية، بل إنه رأى مجموعة من الأفراد ترتدي زيا مدنيا وتقف عند كوبري 6 أكتوبر، وتحمل أسلحة تطلق منها النار على كل المتواجدين؛ سواء أقباط أو قوات الجيش، واستخدمت قوات الجيش الحجارة في مواجهتها، وبدأت عملية كر وفر بين الجانبين إلى أن بدأت قوات الشرطة العسكرية بعد ساعة من بدء الاشتباكات بإطلاق الغازات المسيلة للدموع، وتطوّر الموضوع أكثر، وانتقلت التظاهرات إلى التحرير وغيرها من الأماكن. ولفت جاد النظر إلى وجود العديد من الموتوسيكلات الغريبة، والتي يقودها أشخاص مريبون. وأبدى جاد استياءه الشديد من كون المؤتمر تمّ تسجيله وعمل مونتاج له، وأنه تناول موضوعات جزئية وليست رؤية عامة لمشكلة الأقباط، وإنما عمد إلى تعميق نظرية أن هناك مؤامرة موجّهة للجيش. ووجّه جاد جديثه إلى رجال الدين، مطالبا إياهم بالعودة إلى الكنائس والتعبّد، وألا يتدخّلوا أو يخرجوا على الشعب بتصريحات من شأنها تأجيج الفتنة. التغطية الإعلامية الرديئة للتليفزيون المصري في أحداث ماسبيرو انتقد جاد موقف التليفزيون المصري الرسمي بشدة، واتهمه بأنه عمل على تأجيج الفتنة، وتحريض المسلمين على الأقباط؛ من خلال مطالبته لجميع المواطنين الشرفاء بالنزول للشارع للدفاع عن قوات الشرطة العسكرية. وعلّل أسامة هيكل -وزير الإعلام- في مداخلة هاتفية ما حدث بأنه مجرّد خطأ مهني، وأنه لم يأتِ على لسان المذيعة بأنها طلبت من الناس النزول للشوارع. فعلّقت منى الشاذلي موجّهة كلامها لهيكل بأنه حتى وإن لم تدعُ المذيعة لذلك؛ فقد كان شريط الأخبار لمدة ثلاث ساعات متواصلة متواجدا عليه أن ثلاثة جنود قد اسْتُشهدوا من القوات المسلحة على يد المحتجين الأقباط؛ وهي وسيلة كافية لشحن الشعب ضد إخواننا الأقباط. إلا أن هيكل عاد وبرّر هذا بأن الجميع كانوا محتجزين بداخل مبنى ماسبيرو لا يستطيعون الدخول أو الخروج، وبالتالي كانت هناك معلومات محجوبة عنهم؛ فلم يتم ذِكْر سوى الخسائر في جانب واحد، وهو ما وصلنا معلومات عنه. وكشف هيكل عن سبب مداخلته الهاتفية؛ قائلا: "المهم الآن هو عدم الإكثار في الكلام؛ فهو يعمل على زيادة الفتنة والأمور مش ناقصة". وأكّد هيكل أننا لا نحتاج لإلقاء الاتهامات على بعض الأفراد أو الجهات، ولكن ما يُهمّنا حقيقة هو تدارك الوضع؛ لأن مصر تقتل بالفتنة الطائفية، مشدّدا على أنه لو ثبت أن هناك تحريضا سيخرج بنفسه ويعتذر عما حدث، واختتم مداخلته بتوجيه رجاء للجميع بأن يُفكّروا في مصلحة الوطن. يُذكَر أن قد تمّ فتح تحقيق لمعرفة من المتسبّب في هذا الخطأ المهني الذى كاد أن يُؤدي إلى حرب أهلية. مذيعة التليفزيون المصري التي اتهمت بإثارة الفتنة أكّدت رشا مجدي -الإعلامية بالتليفزيون المصري الرسمي- في مداخلة هاتفية أنها لا ذنب لها فيما حدث؛ معللةً ذلك بأن المذيع هو آخر عنصر في العملية الإعلامية، وأنها كانت تقرأ فقط ما كان يتوارد إليها من معلومات؛ معترفة بأن ما حدث هو خطأ إعلامي كبير، ولكنه ليس خطؤها هي شخصيا؛ قائلة: "لقد قلت إن مَن يقوم بالاعتداء على الجيش هم فئة من أبناء الوطن، ولم أحدد الأقباط بذاتهم". وأوضحت أن ما تمّ كتابته على شريط الأخبار تمّ كتابته بناء على تصريحات من مسئول المؤسسة الإعلامية، والذي أعطى نفس التصريح بالنص على العديد من القنوات كالنيل للأخبار وغيرها من القنوات، وبالتالي فهو ليس خطأ محررين أو مذيعين. وأعربت عن أمنيتها في أن يتوازن الإعلام، وأن تكون فخورة كمذيعة أنها تعمل بالإعلام المصري الرسمي قائلة: "لو كانت المشكلة فيّ أنا فسأترك العمل فورا، ولكن المشكلة في القائمين على العملية الإعلامية، وكل ما قلته هو اتقوا الله في وطنكم وفي بلادكم، وتساءلت عن عقلاء مصر ليعملوا على وقف نزيف الدم". مؤكّدة أنها لم تسعَ أبدا للتحريض أو غيره، وأنها مستاءة جدا هي وزملاؤها مما يحدث، ومن محاولة البعض جعل المذيعين شمّاعة لأخطائهم. وعلّق الجلاد على المداخلة الهاتفية؛ معربا عن تقديره واحترامه للإعلامية رشا مجدي، وبأنها أوضحت الكثير من الأشياء التي غابت عن الجميع، مشيرا إلى أن ما حدث مِن تخبّط في التليفزيون الرسمي هو نتاج طبيعي لتخبّط الدولة نفسها، ووجّه حديثه إلى المسئولين عن الإعلام المصري، منكرا عليهم أن يقوموا بإذاعة أخبار أو تقديم مذيعين دون أن يكون لديهم القدر الكافي من المعلومات، ومطالبا إياهم بأن يتقوا الله في دافعي الضرائب الذين يدفعون مرتبات هؤلاء الإعلامين، ويعملوا على تقديم إعلام جيد. وفي سياق متصل؛ فقد عمم ضياء رشوان -مدير مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية- الخطأ الخاص بالإعلام المصري الرسمي على باقي القنوات؛ سواء فضائيات أو محليات؛ فالجميع نشر نفس الكلام، إلا أنه أرجع مدى أهمية وخطورة ما حدث إلى تأثيره الإعلامي على المواطنين؛ حيث إن العديد من المواطنين الأقباط شعروا بالخوف بالفعل من هذا التحريض؛ إلا أن المسلمين كانوا أعقل من أن يمتثلوا لمثل هذه التحريضات، وهذا بالتأكيد شيء إيجابي. وحدّد رشوان عدة خطوات سياسية؛ للحفاظ على البلد خلال الأيام القادمة ولتجاوز ما حدث في ثلاث نقاط؛ هي: 1- إقالة الحكومة الحالية والإتيان بحكومة مسئولة. 2- تحديد جدول زمني لنقل مصر لمرحلة الديمقراطية المدنية. 3- تطبيق القانون على كل الأفراد من الكبير وحتى أصغر فرد في المجتمع. وفاجأ رشوان الجميع بدعوته إلى تواجد حكومة حالية ذات طابع عسكري؛ مهمتها تحقيق الأمن في البلاد، وأن يتولّى وزارة الداخلية عسكري، وأن يتمّ الآن تجميد الأوضاع، ولا تسنّ قوانين دور العبادة أو غيرها بل تتخذ مراسيم بقرارات، مؤكّدا أنه إذا لم يحدث ذلك فسيحكم مصر الجيش؛ قائلا: "إذا لم يحدث ذلك؛ فحكم العسكر قادم برضا الشعب". وأبدى الجلاد رفضه لهذا المنطق؛ موضّحا أن هناك الكثير من العقليات والشخصيات الوطنية التي تستطيع أن تكون حكومة قوية تعمل بجوار المجلس العسكري لتساعده؛ بحيث يعود المجلس العسكري لدوره الأساسي في أن يكون مجرد راعٍ للعملية السياسية. ووضع الجلاد ضوابط وشروطا معينة في هذه الشخصيات التي نحتاجها في هذه الفترة؛ وهي: 1- أن يكون أفراد الحكومة فنيون جدا حتى يستطيعوا تسيير الأمور. 2- أن تكون مسئولية هذه الحكومة حماية مصر من الفتن. 3- أن تكون لديها القدرة الشديدة على التحرّك السريع. 4- أن تكون قادرة على اتخاذ أي قرار في أي وقت لإبطال فتنة أو مؤامرة. واختتم الجلاد الحلقة بطرح اقتراح قدّمه إليه أحد الأفراد، وهو أن يشترط على كل شخص ينادي بإنشاء كنيسة أو مسجد أن يقوم أمامهم ببناء مدرسة أو مستشفى، مشيرا إلى أن الإيمان الحقيقي يكون في خدمة البشرية وليس القس أو الشيخ.
شاهد فيديو المذيعة رشا مجدي التي اتهمت بالتحريض على الفتنة إضغط لمشاهدة الفيديو: