كتب: مها مصطفى - مروة سالم الفترة من 14 : 23 أكتوبر آثار المعارك الشرسة بين القوات المصرية والعدو الإسرائيلي بادية في كل مكان، بالأمس فقط استجابت الولاياتالمتحدة للاستغاثات الإسرائيلية، ومارست ضغوطها على الدول الأعضاء بمجلس الأمن؛ من أجل إصدار القرار رقم 338 لوقف إطلاق النار. وفي قصْره بالقاهرة لم يكن الرئيس السادات مقتنعا بأن الإسرائيليين يمكن أن يلتزموا بقرار وقف إطلاق النار، وأن الهدف منه على ما يبدو هو وقف إطلاق النار من جانب واحد فحسب، ولكن "وما الخيارات المتاحة أمامي، المخزون الاستراتيجي على وشك النفاد، والجيش الأمريكي فتح مخازنه كلها للقوات الإسرائيلية، وروسيا لم تقف معي كما فعل الأمريكيون مع الصهاينة، إنني لا أخشى مواجهة إسرائيل، ولكني أرفض مواجهة أمريكا وحدي بأسلحتها الحديثة.. لن أسمح أن تدمر القوات المصرية مرة أخرى.. ومستعد أن أحاسب أمام شعبي وأمام الأمة العربية عن هذا القرار".. هكذا كان يفكر السادات في باطن عقله بعد قرار وقف إطلاق النار. شكرا للبترول العربي لعل أكثر أحداث حرب أكتوبر فخرا وعزة وكرامة هو أن مصر لم تكن وحدها أبدا، فكما كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية تساند وتدعم إسرائيل، وقف بجوارنا العديد من البلاد العربية وتأتي على رأسها الإمارات العربية المتحدة، فلولاهم لما توقّف إطلاق النار وما كانت مصر نالت حريتها، فيذكر أن وزراء البترول العرب قد اجتمعوا في الكويت وقرروا تفعيل البترول كسلاح في الحرب، واتفقوا على تخفيض إنتاج البترول الكلي بنسبة 5% فورًا واستمرار الخفض بتلك النسبة شهريًا حتى انسحاب إسرائيل إلى خطوط 4 يونيو 1967. وقام الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -حاكم الإمارات- بحظر تصدير البترول كليًا إلى أية دولة تدعم إسرائيل بما فيها الولاياتالمتحدة نفسها، كما استدان من البنوك البريطانية 100 مليون دولار ووضعها تحت تصرف مصر دون أن يطلب منه ذلك. كما قررت المملكة العربية السعودية تخفيض إنتاجها من البترول بنسبة 10% وليس 5% فقط، بل إنها لمّحت إلى أنها ستوقف تصدير البترول تمامًا إذا لم يتوقف الموقف في المنطقة، كما رفعت ست دول أسعار البترول بنسبة 70%. وفعلت إسرئيل ما كان متوقعا منها، فهي لم تحقق هدفا سياسيا أو هدفا عسكريا استراتيجياً؛ لفشلها في إرغامنا على سحب قواتنا في شرق القناة وغربها، ولذلك قررت أن تبذل جهدا كبيرا لتحقيق قدر من المكاسب السياسية أو العسكرية قبل أن تلتزم بوقف إطلاق النار. وفي مساء يوم 22 أكتوبر (ليلة قرار وقف إطلاق النار) رفعت جولدا مائير سماعة الهاتف لمهاتفة الخارجية الأمريكية وجاءت المكالمة كالتالي: لا أطلب الكثير، فقط أريد عرقلة وقف إطلاق النار بضع ساعات؛ حتى أتمكن من احتلال السويس والسيطرة على ميناء الأدبية، لا يمكن أن نوقف إطلاق النار وقواتنا بهذا الوضع". وبالفعل وافقت الولاياتالمتحدة على طلبها، وحاولت تدبير وقف إطلاق نار مُشرّف للقوات المسلحة، وبالفعل طرق ضابط اتصالات القمر الصناعي مكتب رئيس المخابرات: لقد رصدت الأقمر الاصطناعية الأمريكية مساحة فضاء بين الجيشين المصريين الثاني والثالث بمنطقة بمنطقة السويس. وعلى الفور طارت المعلومات من واشنطن لتل أبيب، ودفعت إسرائيل بقوات جديدة بقيادة الجنرالين برين وشارون إلى غرب القناة ليلة 22/ 23 أكتوبر لتعزيز قواتها في منطقة الدفرسوار حيث كانت الثغرة. وما هي إلا ساعات حتى انتشرت القوات الإسرائيلية في المسالك والممرات الجبلية؛ في محاولة لاقتحام مدينة السويس، ولكنهم وُجهوا بمقاومة شديدة من أهل المدينة وقوات الجيش الثالث المتواجدة غرب القناة. وتوقفت القوات الإسرائيلية على طريق السويس-القاهرة؛ لصعوبة الوضع العسكري خصوصا بعد فشل شارون في الاستيلاء على الإسماعيلية، وفشل الجيش الإسرائيلي في احتلال السويس بشكل كامل، ولكن بقي الجيش المصري الثالث محاصرا داخل المدينة يتحكم العدو في مؤنه الإدارية. وفي أعقاب فشل إسرائيل في اختراق ثغرة الدفرسوار ومحاصرة الجيش الثاني جاءت محادثات الكيلو 101 والتي أجريت على طريق القاهرة-السويس بين وفد عسكري مصري وآخر إسرائيلي. وهي محادثات ذات طابع عسكري جرت بين مصر وإسرائيل بإشراف الأممالمتحدة للوصول إلى تحديد خطوط وقف إطلاق النار في أعقاب حرب أكتوبر 1973 تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي في هذا الصدد. وكانت أهم نتائج هذه المحادثات: وضع الأسرى وجرحى الطرفين, تزويد مدينة السويس والجيش المصري الثالث بالمواد الغذائية وماء الشرب, تحديد المواقع التي يمكن أن ترابط فيها قوات الطوارئ الدولية, رسم خطوط 22 أكتوبر لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي. وبدءاً من غد إن كان في العمر بقية سوف نتناول مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي عن ثغرة الدفرسوار؛ لنتناولها بمزيد من التفصيل والفهم، ما إذا كانت خطأ عسكريا أم خطأ سياسيا.. فتابعونا،،، اقرأ أيضا:
14 أكتوبر.. الجيش الذي لا يُقهر يتلقى درسا قاسيا في الشجاعة
من 10 : 13 أكتوبر.. أصدر السادات القرار الذي صبغ مرارة على حلاوة الانتصار
9 أكتوبر.. عندما شربت إسرائيل مرارة الهزيمة
8 أكتوبر.. صراخ وعويل واقتربت نهاية إسرائيل
7 أكتوبر.. حين طلب الإسرائيليون النجدة من أمريكا
6 أكتوبر.. الإخوة المواطنون.. إليكم البيان رقم 7 للقوات المسلحة
5 أكتوبر.. يبدأ الهجوم غدًا على بركة الله
4 أكتوبر..عندما رُفعت الأقلام ووُزّعت الأعلام وقُضي الأمر بسيناء
3 أكتوبر.. قبل الحرب ب3 أيام.. افتعال الحزن والانكسار وجيش إسرائيل الجبار 2 أكتوبر..عندما كانت النمسا جزءا من خطة الخداع الاستراتيجي ضد إسرائيل في حرب أكتوبر
1 أكتوبر.. حتى لو نطق أبو الهول وتحرّكت الأهرامات.. لن يُحارب السادات!!