نائب رئيس جامعة بنها تتفقد سير العملية التعليمية بعدد من الكليات    البحيرة تطلق مشروع "مركز الإبداع والفنون" لذوي القدرات والهمم بمركز التنمية الشبابية    البورصة المصرية تربح 1.2 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    وزير الخارجية لنظيرته البريطانية: ضرورة قيام المجتمع الدولى باتخاذ مواقف حاسمة لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة    كوبيه: بوسكيتس اتخذ قرار اعتزاله    نابولي يعلن تجديد عقد ماتيو بوليتانو    حبس السائقين المتهمين بالتسبب في مصرع طالبة إثر تصادم ميكروباصين بمنطقة العوايد بالإسكندرية    مصرع وإصابة 12 شخصا في حادث تصادم بطريق الإسماعيلية الصحراوي    وزير الثقافة يتفقد المواقع الثقافية بساحة دار الأوبرا المصرية    هذه هي القناة الناقلة حفل أنغام في لندن بعد وعكتها الصحية    محافظ القاهرة يفتتح معهد التمريض بنين بمستشفى روض الفرج العام    «أسوشيتد برس»: نصائح الدكتور ترامب للنساء الحوامل بشأن باراسيتامول خطيرة وغير مثبتة    دول غربية تعرض المساعدة في علاج مرضى من غزة في الضفة الغربية    بالصور.. محافظ البحيرة تتفقد مدرسة المستقبل بالنوبارية بعد افتتاحها    فوزي يبحث مع وزير الرياضة مبادرات تستهدف توعية وتأهيل النشء والشباب    شوبير: لجنة الحكام فاجئت الأهلي بردها على شكواه    بالأسماء، 44 أستاذا بجامعة أسيوط ضمن قائمة ستانفورد الأمريكية لأفضل 2% من علماء العالم    ضمن «الموجة 27».. إزالة 528 حالة تعدي على أراضي الدولة بأسوان    رفع 400 حالة إشغال متنوع بمنطقة السوق السياحى بأسوان    أجواء خريفية معتدلة صباح غد وشبورة واضطراب بالملاحة والعظمى بالقاهرة 32    بالمستند.. «التعليم» تصدر تعليمات بشأن دراسة مادة اللغة الأجنبية الثانية    وزيرة التنمية المحلية توجه بدعم السياحة البيئية بالمنطقة    انقطاع المياه عن مدينة الرياض بكفر الشيخ و8 قرى تابعة غدًا لمدة 11 ساعة    التفاصيل الكاملة لألبوم مصطفى قمر الجديد «قمر 25» وموعد طرحه    أبناء الأزهر يحصدون المراكز الأولى في المشروع الوطني للقراءة    بالدى يعود لتدريبات برشلونة قبل مواجهة باريس سان جيرمان الأوروبية    بروتوكول تعاون بين القومي للسكان وجامعة كفر الشيخ لخفض معدلات القيصرية    قرارات جديدة من الإسكان بشأن التنازل عن الشقق والأراضي.. اعرف الأوراق المطلوبة    النحاس يحاضر لاعبي الأهلي قبل مواجهة حرس الحدود    هيطلعوا من الأوائل.. 5 أبراج متفوقين في الدراسة    حدفوه بطوبة من الخارج.. إصابة تلميذ في الرأس داخل مدرسة ابتدائية بقنا    دعاء استقبال شهر ربيع الآخر 1447.. ردده الآن    حملة وطنية في القرى والنجوع لتعزيز ثقافة التسامح ودور المرأة    نسرين عكاشة: موافقتي على جزء سادس من مسلسل "ليالي الحلمية" غلطة وندمانة عليها    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    اليوم في التاسعة مساءً تبدأ احتفالات اليوم الوطني السعودي 95    الرئيس الإيراني: ليس من حق إسرائيل وحدها أن تكون آمنة بل يجب الحفاظ على أمن كل من يعيش في هذا العالم    أعضاء «الشيوخ» الجدد يتوافدون على المجلس لاستخراج بطاقات العضوية    عادات قد تفسد ليلتك.. لماذا تستيقظ بين ال2 و3 فجرًا؟.. (العلم يفسر)    وزيرة التضامن تتابع سير العمل في مستشفى عبلة الكحلاوي ل«ألزهايمر وكبار السن» استعدادًا لافتتاحه قريبًا    وزيرة الخارجية البريطانية تشن هجوما جديدا على نتنياهو بسبب أطفال غزة    ميدو يهاجم رابطة الأندية بسبب مباراة الزمالك والجونة    نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل يترأس الاجتماع الحادي والثلاثين للمجموعة الوزارية للتنمية الصناعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23-9-2025 في محافظة الأقصر    كجوك يستعرض جهود تحفيز الاستثمار بالتسهيلات الضريبية والسياسات المالية الداعمة للإنتاج والتصدير    وكيل صحة سوهاج ل "أهل مصر": تشغيل مسائي للعيادات بالمستشفيات العامة والمركزية    أسعار الخضروات بأسواق المنيا اليوم الثلاثاء23 سبتمبر 2025    الرئيس السيسي يستقبل اليوم رئيس رواندا بقصر الاتحادية    ما حكم صلاة مريض الزهايمر.. «الإفتاء» توضح    وزير الخارجية: قلقون لما يتعرض له التراث الفلسطينى من تدمير إسرائيلى    حكم لبس الحظاظة في الإسلام.. دار الإفتاء توضح    حكم فسخ الخطوبة بسبب ترك الصلاة.. دار الإفتاء توضح    نجم المصري السابق: الكوكي أقل من النادي.. والساعي إضافة قوية للفريق    بعد البيانو.. سميح ساويرس يكشف عن حلمه الجديد: أستعد لإخراج أول أفلامي.. وهذه نصيحي للشباب    الداخلية تكشف ملابسات صورة جرافيتي على مبنى محافظة الدقهلية    لاعب غزل المحلة يغادر المستشفى بعد الاطمئنان على حالته الصحية    رئيس الوزراء: القصف الإسرائيلي للدوحة سابقة خطيرة.. وندعو إلى اعتراف غير مشروط بدولة فلسطين    منتخب الشباب يفوز على نيو كاليدونيا بثلاثية استعدادا للمونديال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما تتدحرج الأحلام بين الأقدام!
نشر في بص وطل يوم 02 - 12 - 2009

من أكثر الكلمات المستفزة التي سمعتها في حياتي هي كلمات المعلق الرياضي (ميمي الشربيني) في مباراة مصر والجزائر عندما قال أن أحلام المصريين معلقة بين أقدام لاعبي منتخبنا. وقتها صدمني التعبير وشعرت بنوع من الإهانة، لكن كلما أمعنت النظر فيه اكتشفت أنه يلائم الوضع بالضبط.
تذكرت أيضاً مشهد غرق العبارة (السلام 98) في الثاني من فبراير 2006، وخرجت الجماهير لتحتفل بفوز فريقنا في بطولة كرة قدم في العاشر من نفس الشهر، متناسين أكثر من ألف جثة تلتقمها الأسماك أو تائهة في مشارح الدولة أو بعضها كان محظوظاً ان تلقى تكريم الدفن على أرض أهلها.
الرياضة في حد ذاتها رسالة تواصل بين الشعوب والحضارات، لا يمكن لأحد أن يشكك في دورها الحضاري منذ ألعاب الأولمبياد في بلاد الإغريق حتى الآن، لكن عندما تزداد حدة المنافسة إلى درجة غير مقبولة، عندما نتشبث بآمال الرياضة على أنها شرف وطني عظيم، عندما تنعقد الآمال في العزة والكرامة بين الأقدام، علينا أن نتعقل قليلاً لنفهم إلى أين نحن سائرون.
استطاعت وسائل الإعلام أن تسطح المفاهيم وتختزل المشاعر في أشياء ضيقة، فعلم مصر صار يمثله تي شيرت لاعب منتخب مصر، وأرض الوطن هو الملعب، والكرامة الوطنية هي قطعة من الكاوتشوك يتم ركلها على النجيلة.
عندما تواجه أحد هؤلاء الذين تم تسطيح المفاهيم عندهم، بضرورة ألا تجعلنا مباراة ننسى كم المشاكل والكوارث التي تحتاج إلى علاج، تجده قد أصابته الانفعالية والاحتداد وصار صوته كمن عنده اللحمية، وتتوالى الحجج :
- ياعم فيها إيه لما أفرح شوية؟ ما المشاكل طول عمرها في البلد !
- وأنا بإيدي إيه يعني عشان أحل المشاكل دي ؟
- يا عم أنا تافه، بس سيبوني أفرح يومين، انتو مستكترين الفرح عليّ ليه؟
يا سيدي افرح، الإنسان يشاهد فيلماً مدته ساعتين أو يقرأ رواية لمدة يومين، ثم تنتهي حالة الارتباط الشعوري مع قصة الفيلم أو حبكة الرواية، ويعود الإنسان إلى حياته وهمومه مرة أخرى، ما هو غير مقبول حالة التضخيم المبالغ فيها التي تجعلك تهتم بأي مباراة قبلها بأسبوعين وبعدها بأسبوعين.
ماذا تصف إنسان لا يحترم أحزان الآخرين ؟ شخص يرفع صوت الراديو على نجوم إف إم كي يصل إلى جيرانه المكلومين في فقد عزيز عندهم ؟ اختر الوصف الذي يناسبك، ولا تنس أن تضعه على مشهد 10 فبراير الذي ذكرته بالأعلى!
هل يمكن بالكرة أن تجعلنا نتدهور في أخلاقياتنا إلى هذه الدرجة ؟
لقد جعلتنا في حقيقة الأمر أسوأ !
لقد أوصلتنا إلى مرحلة من الكذب الجماعي، فرفضنا مثلاً أن نصدق أن طوبة كسرت زجاج الحافلة الجزائرية، ورأينا اللاعبين الجزائريين مهتاجين وهم يكسرون النوافذ – وهذه قلة أدب منهم بلا شك- لكن ظللنا نردد حكاية الكاتشاب وأن الجروح مزيفة، ويبدو أننا الوحيدين المقتنعين بصحة ذلك إلى الآن.
رفضنا أن نعترف بوجود مصابين في صفوف المشجعين الجزائريين الذين حضروا القاهرة، رغم أن وزارة الصحة سجلت إصابة 31 شخصاً، وأضافت السفارة الجزائرية إلى هذا العدد عشرين آخرين !
قد تحتج يا عزيزي القاريء، وتقول أن طابع التكتم و (كل حاجة تمام يا سعادة البيه) مطبق في الدول العربية جمعاء، لكن الوضع يختلف بالنسبة إلى مصر، فطالما أن جهازنا الرسمي الحكومي قد اعترف بشيء، علينا أن نتعامل معه على الفور، وأن نعتذر حتى لو اعتقد البعض أنه ما كان ليمنع أحداث السودان المؤسفة.
هل تعتقد حقاً أن مظاهر الغضب لما حدث لمشجعينا في الخرطوم هي من مظاهر الكرامة القومية والحماس الوطني؟ لو كان الأمر كذلك لاحتججنا على ما حدث لمواطنينا الذي يُجلدون أو تنهب مرتباتهم في الخليج، أو للأبرياء الذين قتلوا برصاصة قناص أو بقذيفة وحشية استهدفتهم على حدودنا مع إسرائيل، أو الضغط على وزارة الخارجية كي تقوم سفاراتنا في الخارج بحماية رعايانا. لكن تحركنا هذه المرة بالذات يعني وجود عامل آخر غير الكرامة والوطنية.
ما حدث أمام سفارة الجزائر هم مجموعة تم تسطيح مفهوم الكرامة الوطنية في شكل كرة، والعدو هو مجموعة من اللاعبين الخضر، وهكذا ازداد جو المسرح عدائية وعنفواناً حتى صار مهيئاً لاستقبال الأعداد الغفيرة من الشباب، الذين حركتهم صور ذهنية مشوشة خلطت بين الملعب والوطن، والكرة والكرامة، واللاعبين والعدو.
إذن لعبة الكرة، قادتنا إلى الهياج، ساعدت في اختزال المفاهيم، مروراً بالكذب الجماعي والضحك على الذات، حتى وصلنا إلى المرحلة البائسة التي لا يحركنا فيها إلا كرة، ولا يستنهضنا شيء إلا نتائج مباراة.
وأنا لا أقصد ألا نرد على ما فعله حفنة أوغاد في الجزائر، لكن لو ظلت اتهاماتنا معممة: جزائريون، قلة من الجزائريين، متعصبين جزائريين، إلخ... فنحن لن نصل إلى نتيجة إلا ارتفاع حالة المد من السخط والمشاعر قبل أن يهدأ كل شيء مجدداً. لا بد من توجيه اتهامات محددة بشأن وقائع محددة لأشخاص بعينهم، وأنا أقترح أن نبدأ بعمل تقرير مفصل بكل ما احتوته الصحف الجزائرية من إهانات بحق مصر والمصريين، كما يجب اتخاذ ردود دبلوماسية وقانونية رادعة حتى لو انتهى الأمر إلى قطع العلاقات مع الجزائر، أو رفع الأمر إلى محكمة دولية مختصة لمحاكمة المسئولين والمتورطين في أعمال الشغب في الخرطوم.
الكرة تحولت من مجرد هواية للتسرية عن النفس، إلى مخدر لذيذ لا يريد صاحبه أن يفيق منه، تحولت من وسيلة لهو إلى أداة إلهاء للمصري عما يحدث في بلاده حتى لا يواجه الواقع، وعندما تحاول مع المريض أن تقلل جرعة التعاطي لن تجد إلا نوبات هيستيرية من الغضب والهياج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.