الجنون يجتاح مدن البؤس الجزائرية.. هذا ملخص ما تناقلته وسائل الإعلام المختلفة؛ حيث سقط ثمانية عشر قتيلا، وثلاثمائة واثنا عشر جريحا في احتفالات الجماهير الجزائرية بالنصر على الفريق المصري وتأهلهم للمونديال.. تخيلوا! يبدو أننا أمام معضلة كبرى إذا حاولنا أن نفهم طبيعة وظروف وتركيبة هذا الجمهور المهووس بكرة القدم، والعنيف إلى حد قتل أحدهم فردا من أبناء شعبه أو جرحه؛ في حين أنهما يتفقان في الفرحة فماذا لو اختلفا؟ وماذا لو كان من اختلف معه هذا القاتل السعيد بالنصر فردا من بلد آخر؟ وماذا لو كانت وسائل الإعلام التي تصب الأحقاد في النفوس زادت من شحناتها على مثل هؤلاء.. إذن هي الكارثة التي كنا على أعتابها في السودان! يبدو أننا لم نذق شيئا من مرارة وبأس هؤلاء البائسين المهووسين الذين يسهل عليهم إزهاق الأرواح هكذا في نشوة نصر!! فما بالنا وهم في فجيعة الهزيمة أو الشعور بامتهان الكرامة؟ الحمد لله الذي نصر مصر وشعبها وأهلها بأن قدر على فريق الكرة أن ينهزم في هذه الجولة.. الحمد لله الذي جعل من الهزيمة نصرا مبينا على كل هذا الغضب والغل الذي غزا نفوس هؤلاء، وجعلهم يتقاتلون فرحا؛ فماذا لو كانوا يتنفسون حقدا وشعورا بالإهانة؟ ليس في ذلك أي دليل على القوة فنبينا صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الشديد بالصرعة؛ وإنما الذي يملك نفسه عند الغضب".. ولكن ذلك مؤشر قوي على أن بعض النفوس مازالت على جاهليتها الأولى! ولا عجب فقد عنف النبي أحد صحابته وقد عير أحدهم بابن السوداء بأن قال له: "إنك امرؤ فيك جاهلية". القتل؟ أتصل للقتل وقت الفرح والسعادة؟ أي قبلية تلك وأي قلوب في الصدور يتنفسون بها؟ وبأي عقول يتفكرون؟ الحمد لله أن النتيجة كانت لصالحهم؛ فهم كما يبدو بأسهم بينهم شديد؟ وابن أوطانهم الذي يسافرون لبلد آخر للدفاع عنه هو نفسه من تمتد أيديهم لقتله أو إصابته.. جمهور مهووس ولا أتخيل أن يحدث كل هذا الهوس إلا مع الجهل والفقر وغياب روح الحب التي زرعها الإسلام في قلوب معتنقيه.. أليس فيهم رجل رشيد؟ أليس هناك من يسأل القاتل كيف طوعت له نفسه قتل أخيه؟ لا منطق.. لا قيمة ترجى من الحوار.. إلا أن يفتح الله بيننا وبينهم بالحق وهو خير الفاتحين.. وإلى أن يأذن الله بهذا كان الله في عون أصحاب القرار.. فنحن نطالبهم بموقف متشدد في حين أن ما لا يقل عن ثلاثين ألف مصري مازالوا يقيمون في هذا البلد وهم بهذه الصورة سيكونون في نظر أهلهم في مصر في حكم الرهائن إذا اتخذنا أي موقف غير محسوب.. ولا أملك أمام كل هذا الذي يحيط بنا إلا أن أؤكد أن ليس من مصلحة أحد في هذا الوطن أن نخرج في مظاهرات عنف فنصيب نحن أيضا إخوانا لنا في مصر أو نصطدم بجندي مصري لا ذنب له سوى أنه يؤدي خدمته العسكرية، أو ضابط يؤدي وظيفته في حفظ الأمن فيتم القبض على أحد من أبنائنا بتهمة إثارة الشغب؛ فالضباط والجنود مصريون أيضا وأصابهم من الغم ما أصابنا؛ فلا يجب أن نحملهم فوق ما يطيقون أو نحمل أنفسنا فوق ما نطيق فنتجرع المر مرتين مرة بأيدي جمهور متعصب ومرة بأيدينا. وأرى أن من الواجب الأخلاقي أن أقول شكرا ألف شكر لكل إنسان جزائري شهم تولى حماية المصريين المقيمين بالجزائر؛ ففي قصص العائدين من هناك ما يؤكد على أن جيرانهم أو أصدقاءهم من الجزائريين العقلاء أصحاب القيم هم من أنقذوهم من براثن هؤلاء المتاجرين بالفرحة مع الشيطان حتى سفكوا دماء بعضهم بعضا.. وأدعو الله أن يخرجنا من هذه الأزمة بسلام
شاهد مشجع جزائري يعد للخطة الحقيرة على الجماهير المصرية في السودان إضغط لمشاهدة الفيديو: