لم يكد الحديث عن اجتماع رؤساء أجهزة المخابرات في عدة دول إقليمية لمناقشة الوضع في إيران، حتى بادرت الأخيرة بنصب صواريخها غرب ووسط أراضيها؛ تفادياً أو لمواجهة الهجمات العسكرية الإسرائيلية المحتملة على المنشآت النووية الإيرانية. البداية جاءت مع اجتماع عقد الأسبوع الماضي في العاصمة الأردنية عمان، جمع رؤساء وقادة أجهزة المخابرات الأردنية والمصرية والإسرائيلية والأمريكية؛ لمناقشة تطوّرات الملف النووي الإيراني، والوضع الداخلي في إيران، وتطوّرات الساحتين السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط بوجه عام.
ذكرت شبكة ديبكا قريبة الصلة بجهاز المخابرات الإسرائيلي أن هذا الاجتماع قد عُقد قبيل عدة أيام من سفر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى العاصمة الأمريكيةواشنطن؛ للقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما، على هامش إلقاء نتنياهو كلمة أمام مؤتمر الاتحادات اليهودية في التاسع من الشهر الجاري بالولاياتالمتحدةالأمريكية، وأن الأخير أطلع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على مجمل نتائج اجتماع العاصمة الأردنية عمان، خلال زيارته للعاصمة الفرنسية باريس.
اللقاء في مجمله ناقش تطورات الأوضاع في إيران بشكل خاص، والوضع الداخلي بعد الانتخابات الرئاسية ومدى تعاون طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو اجتماع يعتقد أنه ليس الأول من نوعه؛ لأن الشبكة الإسرائيلية نفسها سبق وأن ذكرت أن أكثر من رئيس جهاز مخابراتي في منطقة الشرق الأوسط التقوا وناقشوا الوضع في إيران ومدى تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة.
يأتي هذا في الوقت الذي قالت فيه القناة الثانية الإسرائيلية إن إيران بدأت الاستعداد لأي هجمات إسرائيلية - أمريكية مشتركة على منشآتها النووية، حيث قامت وبسرعة بنصب منصات الصواريخ بشمال وغرب بلادها المقابلة لإسرائيل، وكذلك نصب رادارات وأجهزة إلكترونية وأجهزة دفاع جوي، حيث ذكرت القناة على موقعها الإلكتروني السبت أن إيران نصبت أغلب صواريخها في هذه الأماكن تفادياً لأي ضربات إسرائيلية، وأن هذه الاستعدادات الإيرانية ربما بدأت مع إجراء إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية مناورات عسكرية مشتركة الشهر الماضي، والتي انتهت في الثالث من الشهر الجاري، وهى المناورات المعروفة ب"جنيفر كوبرا"، التي قامت على تدريب الإسرائيليين على الدفاع الجوي ومواجهة صواريخ إيرانية ذات مدى طويل، مع اعتراف القناة الإسرائيلية بأن إيران في طريقها لإنتاج المزيد من الأنواع المتطورة لصورايخ شهاب وسجيل، خاصة نوعي شهاب 3، وشهاب 4، وسجيل 2، وتطوير هذه الصواريخ لتصبح مشابهة للصاروخ الباكستاني "غاوري" ذي المدى الذي يصل إلى 3000 كم.
إسرائيل من جانبها تزوّد دول كثيرة من العالم بالأسلحة، وهي الدولة التي تعتبر الخامسة عالمياً من حيث مبيعات الأسلحة، في حين تنتج إيران أغلب أسلحتها العسكرية بنفسها مع المساعدة الروسية بالطبع، سواء الصواريخ أو الغواصات أو المروحيات الصغيرة وكذا حاملات الجنود، وبحسب دراسة مطولة لمركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب، فإن الجانبين الإيراني والإسرائيلي مستمران في سياستهما التسليحية.
نجحت إسرائيل دبلوماسياً وسياسياً وإعلامياً في تصدير فكرة "البعبع" النووي الإيراني إلى العالم بأسره؛ لاستنزاف الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ولإشعال سوق السلاح في العالم، خاصة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل نفسها، وهما الدولتان اللتان لم يتوقفا عن إبرام صفقات أسلحة بمليارات الدولارات سنوياً، ولم تؤثر الأزمة المالية العالمية على مصانعهما العسكرية حتى الآن، ولم يخرج عامل منهما عاطلاً. وكل طرف منهما -إيران وإسرائيل- يغرد على ليلاه.