في كل مرة سوف أقدم لك ترجمة وكلمات أغنية أجنبية من أيام شبابي (أي عندما كانت الديناصورات تجوب المستنقعات المغطاة بالسراخس). أغنية دفنت وغطاها الصدأ فالتراب؛ لكن يكفي أن تحملها بين أناملك لتدرك أي بريق وسحر فيها.. سمه ما شئت.. سمه نوعًا من ثرثرة العجائز على غرار (الغنا ده كان أيامنا إحنا).. أو سمها رغبة في أن تشاركني هذه النشوات القديمة.. المهم أني أضمن لك الاستمتاع... الصوت الخشن الجميل لمطرب الجاز الأمريكي "لويس أرمسترونج"، ذلك الصوت الذي يُذكّرك بقطعة من الخبز المحمص الذي يؤلم فكّيك في المضغ، لكنه يعطيك نشوة لا شك فيها. نغمة التفاؤل الساحرة التي تجعلك تشعر فجأة بأن الحياة رائعة برغم كل شيء. لهذا هام بهذه الأغنية كل من سمعها، وما زالت تكسب المزيد من المحبين في كل يوم، والإعلانات والأفلام لا تكف عن استخدامها. غنّى "لويس" هذه الأغنية عام 1968 وهو في سن السادسة والستين، في ذروة مناخ التعصب العنصري ضد الزنوج في أمريكا. جاءت هذه الأغنية كرسالة سلام تعدنا بغدٍ أجمل.
نجحت الأغنية نجاحًا ساحقًا في بريطانيا، لكن نجاحها تأخر نوعًا في الولاياتالمتحدة، فلم تصل للذروة إلا بعد وفاة المطرب عام 1971. وقد عادت للحياة بقوة عندما استعملها فيلم "صباح الخير يا فيتنام" بطولة "روبين ويليامز" في لقطات شهيرة أقرب للسخرية، حيث رافقت كلمات الأغنية المتفائلة لقطات للنار والدم في فيتنام. وعندما يقول "لويس": "أرى الأصدقاء يصافحونني.. يسألونني عن حالي"، فإنك ترى على الشاشة مظاهرات الفيتناميين الغاضبة وهم يحرقون العلم الأمريكي، ويطالبون أمريكا بالرحيل. ومنذ ذلك الحين صارت هذه المفارقة البليغة شهيرة جدًا في المونتاج، حيث تستعمل ذات الأغنية لمرافقة أية لقطات دموية أو عنيفة على الشاشة.
أما عن "لويس أرمسترونج" نفسه فهو أيقونة عزيزة يحبها الأمريكان جدًا، ويدللونه باسم "ساتشمو". له طابعه المميز بضحكته الطفولية الساذجة والعرق الذي يسيل من جبينه كالشلال، والساكس الذي يرافقه كظله؛ حتى إن شفتيه أصيبتا بداء خطير هو "ليوكوبلاكيا" المنذر بالسرطان، مما اضطره لأن يدهنهما بالمنتول كل ساعتين. ككل مطربي الجاز والبلوز تقريبًا جاء من نيو أورليانز ، وأحدث ثورة في عالم موسيقى الجاز الأمريكية. ويعتبره النقاد أهم مطرب أمريكي في القرن العشرين. وقد اعتبرت الحكومة الأمريكية بيته في نيويورك متحفًا قوميًا منذ عام 2003، كما أطلقت على مطار "نيو أورليانز" اسم "مطار لويس أرمسترونج الدولي"! الأغنية شهيرة جدًا وتستعمل في مناسبات لا حصر لها، وأعتقد أنها خير احتفال لعام كامل من النشوات القديمة.. نعم.. تصور أن عمر هذا الباب عام كامل اليوم! ومن جديد أذكّر الأصدقاء المهتمّين أنني سأرسل لهم على عنوانهم البريدي كل الحلقات السابقة، إن أرادوا. يمكن سماع أغنية "يا له من عالم رائع" على هذه الوصلة: إضغط لمشاهدة الفيديو: أرى أشجارًا من اللون الأخضر.. والأزهار الحمراء كذلك أراها تتفتح من أجلي وأجلك.. من ثم أقول لنفسي: يا له من عالم رائع.. I see trees of green, red roses too I see them bloom, for me and you And I think to myself... what a wonderful world أرى سماوات من الزرقة وسحبًا من اللون الأبيض.. النهار المشرق المبارك والليل المظلم المقدس.. من ثم أقول لنفسي: يا له من عالم رائع.. I see skies of blue, and clouds of white The bright blessed day, the dark sacred night And I think to myself... what a wonderful world ألوان قوس قزح بديعة في السماء وكذا وجوه الناس الذين يمرّون بي.. أرى الأصدقاء يصافحونني يسألونني عن حالي.. وهم في الحقيقة يقولون: نحن نحبك.. The colors of the rainbow so pretty in the sky Also the faces of people going by I see friends shaking hands, say how do you do They're really saying, I love you أسمع الرضّع يبكون وأراقبهم يكبرون.. لسوف يتعلمون أكثر بكثير مما سأعرفه طيلة حياتي.. من ثم أقول لنفسي: يا له من عالم رائع.. نعم.. أقول لنفسي: يا له من عالم رائع.. I hear babies crying, I watch them grow They'll learn much more than I'll ever know And I think to myself... what a wonderful world Yes I think to myself... what a wonderful world