جعلني أبي أخسر دنياي وآخرتي، السلام عليكم، بيدك تنقذيني، وبيدك تقتليني؛ أنا في مأساة، أنا بنت عندي 21 سنة بس منهم 10 سنين كره واحتكار؛ فأي بنت ممكن تتعرض للتحرش الجنسي من أي حد في الشارع؛ بس إنها تتعرض له من والدها دي مصيبة، مع العلم إني بنت وحيدة ليس لدي أخ ولا أخت عرفت معنى الجنس من والدي الذي كان يتحسس جسدي ويخلع ملابسي كلما غابت أمي، ويقول لي لا تقولي لماما بدأت هذه المأساة من بداية نمو جسدي، ولم ينتهِ غير عندما أيقظته في الفجر وأنا منهارة في دموعي وباترجاه في عدم لمسي مرة أخرى. كرهته ومش عارفة أداري ده، بعد ذلك تعلمت العادة السرية ومشاهدة الأفلام الذي يشاهدها أبي. قدرت أنهي مشاهدتي للأفلام؛ لكن العادة السرية لم أقدر على التخلص منها، خايفة أكون فقدت عذريتي، كرهت أبي وحياتي ونفسي وكرهت كل شيء حتى الصلاة وقراءة القرآن، أي حاجة بيعملها أبي سواء صلاة أو قراءة قرآن في الفجر مش بعملها، أنا محطمة ومكسورة أرجوكم ساعدوني، أرجوكم؛ فقد جعلني أبي أخسر دنياي وآخرتي.
س.
لا يا ابنتي لم تخسري دينك ولا دنياك؛ فمن يخسر ذلك هو من يفعل ذلك بتعمد وهو يعلم، أو من لا يخاف الله سبحانه ولا حسابه؛ فيترك لنفسه العنان بلا رقيب بلا وخز من ضمير وبلا تأنيب للضمير؛ فأنا أرى دموع قلبك تفطر كمدا وحزناَ دون أن أراك؛ فما بال الله سبحانه وتعالى الذي يعلم صدق كرهك لما كان يحدث؟ فالله سبحانه وتعالى هو الإله الذي غفر للمرأة البغي التي كانت تعاشر الرجال بمقابل مادي؛ لأنها في لحظة شعرت بكلب مجرد كلب أن يلهث من كثرة العطش فشرّبته؛ فما ظنك بالله يا صديقتي؟
أما أبوك فهو حامل الوزر وهو الذي سيتم عقابه عن كل مرة آذاك فيها نفسيا وجسديا إن لم يكن قد تاب وأناب لله سبحانه وتعالى، وكان من المفروض عليك وللأسف لم تجدي من ينصحك بأن تهدديه بالفضح ولا تستسلمي له، وتقولي له: لا بل سأقول لأمي وأفضحك في العائلة كلها إن لم تتركني؛ فكان سينكمش ويخاف ويبتعد عنك، ولكن أكثر الفتيات اللائي يتعرضن لمثل هذا تقلب الصورة وتتصور أنها الطرف الضعيف؛ بينما هي بالفعل الطرف القوي وإن من يقوم بذلك يكتسب القوة من خوفها وضعفها لا أكثر، وكم من أناس ردعهم التهديد قبل الفضح؛ ولكننا لا نفكر جيداَ، والآن عليك أن تتأكدي من تلك النقاط ولا تتركي رأسك للمفاهيم الخاطئة وتعلمي الصحيح معنا:
والدك الآن لم يعد يقترب منك؛ فحسابه صار على الله سبحانه وتعالى فليتفقد حاله معه بطريقته؛ ولكن الحساب ليس لنا دخل فيه، ولا أطلب منك أن تتعاملي معه برفق أو لين ولكن اجعلي التعامل بينكما محايداً لا قرب ولا نفور؛ ولكن تعامل حاسم.
تأكدي أنك لم تكوني مذنبة، فقد كنت صغيرة وحيدة مصدومة خائفة، لم تدري بعد كيف تكون التصرفات الصحيحة في مثل تلك المواقف النادرة أو الحرجة؛ فليس عليك ذنب يا ابنتي، وهذا ما أجمع عليه معظم علمائنا. الفتيات اللائي يتعرضن لمثل ما تعرضت له يكون أغلبهن على شكلين؛ الأول خائف قلق يفقد القدرة على التعامل الطبيعي مع الرجل ويكرهه، ويصعب عليه الاقتراب منه، والآخر بعد أن ذاق اللذة الجنسية يظل يجري وراءها بأي شكل من الأشكال حتى لو على حساب دينه أو آدميته. ووقوعك في العادة السرية كان أمراً -للأسف- طبيعياً بعد أن ذقت تلك اللذة حتى؛ وإن كانت بطريق غير مقبول شرعياَ، وأن أحييك مرتين: مرة لأنك أوقف تلك العلاقة مع أبيك، ومرة لأنك قاومت المشاهد الإباحية وترغبين في التوقف عن العادة السرية، والعادة السرية الحديث عنها لم يأخذ شكلاَ واحداَ؛ فهو محرم ومكروه ومستحب كل حسب حالته وظروفه؛ فهو محرم على من يقوم بها استجلاباَ للشهوة، ومكروه لمن يستطيع المقاومة، ولكنه يضعف أكثر المرات ومستحب لمن لا يجد طريقة لمغالبة الحرام بالزنا إلا بها؛ بسبب فورة شهوته عليه دون إثارة متعمدة. وأنت من تستطيعين أن تضعي نفسك في المكان الذي يخصك؛ ولكن الأهم من ذلك هو أن تقاومي كل مقدماتها من مناظر مثيرة أو مشاهد أو حتى الحديث عن مساحة الجنس، ويمكنك كذلك أن تتعمدي ألا تكوني بمفردك في حجرتك قدر إمكانك، ولا تدخلي سريرك إلا وأنتِ راغبة في النوم جداً جداً، وزوالي نشاطات تخرج منك طاقتك فلا يتبقى منها الكثير، ومارسي هوايات ونشاطات ورياضة كثيرة، وضعي هدفاً لمدة مثلا: أسبوع مبدئيا بأنك ستمتنعين عنها وكلما نجحت كافأت نفسك بشيء تحبينه جدا، وكلما وقعت لا تيأسي وتذكري أن تعودي للسبب الذي جعلك تقعين فيها لتتجنبيه في المرات القادمة، وعاقبي نفسك بالحرمان من أمر كان مهما لديك جدا.
الفتاة لا تفقد عذريتها إلا إذا حدث دخول للعضو في فتحة المهبل أو دخل في الفتحة أي مادة صلبة، ويصاحب ذلك بعض الألم وبعض قطرات من الدماء، وأتصور أن والدك كان يعي تماما ذلك، ولم يصل معك لمرحلة فقدك لعذريتك، وكذلك ممارسة العادة السرية مادامت لا تصاحبها إدخال أي شيء في فتحة المهبل فغشاء البكارة يكون سليما تماما إن شاء الله فلا داعي للخوف.
الله سبحانه وتعالى خلقنا بشرا نضعف ونقترف الأخطاء، وخير الخطّاءين التوابين، كما قال الله سبحانه وتعالى على لسان رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وليس معنى ذلك أنني أحدثك عن مسامحة والدك؛ فالحذر منه سيظل قائما؛ ولكن لعلك لم تريه في لحظات ندمه واستغفاره لربه؛ فمن يدري؟ لعله تاب ولم يخبرك؟
ولكن ما لست معك فيه هو أن تكرهي ما يقوم به من شعائر لله؛ فكيف سيتوب الإنسان لربه إذن؟ كيف سيعلن لله ندمه ورغبته في أن يتوب عليه إلا بذلك؟ هل حين نعلم أن السارق يصلي أو يصوم نكره الصلاة والصوم؟ الصلاة تكون لله والصوم يكون لله وكل ما نفعله ليقربنا من الله فيديم علينا نعمه ويتوب علينا من ذنوبنا التي صارت حتى السماء.
أتمنى ألا تجعلي ما حدث يؤثر على علاقتك بالرجل؛ فالرجل الذي سيتزوجك سيكون رجلاً أحبك لشخصك وطريقة تفكيرك وتميزك، سيبذل الجهد في العمل وفي الحياة ليوفي بالتزاماته للحصول عليك كزوجة وكأم لأبنائه، ستكون سعادتك هدفه، وما يحمله لك من مشاعر هو الذي سيترجم في علاقة جسدية بينكما حين يتم الزواج.
افتحي صفحة جديدة مع نفسك ومع الله سبحانه وتعالى وأنت متأكدة من عفوه ورحمته واطلبي منه أن يوفقك في حياتك وفي اختيارك لشريك حياتك وحتى يحدث ذلك اشغلي نفسك في الكثير والكثير من المفيد من حولك.