5 % نسبة التبرع.. ضوابط وسقف الدعاية الانتخابية    "القابضة للصناعات المعدنية" تستهدف صافي أرباح 21.6 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي    الرئيس السيسي يُصدق على 10 قوانين جديدة    مسؤولون أتراك: سوريا طلبت دعما دفاعيا من أنقرة بعد أحداث السويداء    محادثات اقتصادية وتجارية بين الصين والولايات المتحدة.. على أساس مبادئ الاحترام المتبادل    وفد المفاوضات الإسرائيلي في قطر: رد حماس "مخيب للآمال"    مروحية تابعة للبحرية الإيرانية تحذر مدمّرة أمريكية في بحر عُمان    مراسل القاهرة الإخبارية من موسكو: مناورات عسكرية واسعة عشية مفاوضات    113 شهيدًا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    انتظام ثنائي الفريق.. تفاصيل تدريبات الأهلي اليوم    من هو المصري كريم أحمد موهبة ليفربول الواعدة؟    تفاصيل تكريم محافظ المنوفية أوائل الثانوية العامة على مستوى الجمهورية    طرح الإعلان الرسمي لفيلم Giant بطولة أمير المصري    تجديد تعيين تامر سمير رئيسا لجامعة بنها الأهلية    تحرير 7 محاضر لأصحاب أنشطة تجارية في حملة تموينية بالعاشر من رمضان    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    مؤشرات تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي في كل المحافظات    الأسد من المشاهير والحمل قائد المشاريع.. كيف يتعامل مواليد كل برج مع الحياة الجامعية؟    حقق إيرادات 51 مليون جنيه في 21 يوم.. أحدث أفلام أحمد السقا في السينمات (تفاصيل)    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    برلماني: "23 يوليو" نقطة تحول لبناء دولة العدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني    عرضان برتغالي ومصري.. الأهلي يستقر على إعارة لاعبه    اللون الأخضر يكسو مؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم    ثورة يوليو البيضاء وثورات العالم الحمراء!    صحة غزة: 113 شهيدا و534 إصابة جراء عدوان الاحتلال آخر 24 ساعة    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة ويشيد بالتقدم المحقق    ماذا يحدث للجسم عند تناول الحمص يوميا؟    الحكومة: لا تحديات تعيق افتتاح المتحف المصرى الكبير والإعلان عن الموعد قريبا    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    تقرير تونسي يكشف موعد انضمام علي معلول للصفاقسي    حتى 31 أغسطس المقبل.. استمرار العمل بتيسيرات الإعفاء بنسبة 70 % من غرامات التأخير للوحدات والمحال والفيلات    تعليم قنا تنظم ندوة تعريفية عن نظام «البكالوريا الجديدة»    الاستعانة بمركز بحثي متخصص لإعداد دراسة فنية لتطوير كورنيش طنطا في الغربية    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    "الأعلى للإعلام" يُوقف مها الصغير ويحيلها للنيابة بتهمة التعدي على الملكية الفكرية    بروتوكول تعاون بين "الأوقاف" و"التعليم" لإطلاق حضانات تعليمية بالمساجد    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    محافظ الفيوم يهنئ وزير الدفاع ورئيس الأركان بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    طريقة عمل المكرونة بالبشاميل، بطريقة المحلات وطعم مميز    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    فاروق جعفر يطمئن الجماهير على صحة حسن شحاتة بعد الجراحة    رئيس هيئة الرقابة الصحية من مطروح: تحقيق جودة الخدمات يعتمد بالأساس على تأهيل الكوادر البشرية (تفاصيل)    محمد عبد الحافظ ناصف مستشارًا للشؤون الفنية والثقافية بالهيئة العامة لقصور الثقافة    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد نقابات جنوب إفريقيا    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خريطة حفلات مهرجان العلمين الجديدة بعد الافتتاح بصوت أنغام (مواعيد وأسعار التذاكر)    وفاة 4 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    أسعار البيض اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللامنتمي... مأساة الإنسان الذي فقد كل شيء!
نشر في بص وطل يوم 09 - 11 - 2009

هذا الكتاب لم يكن عادياً قط، وسيظل علامة فارقة في تاريخ الأدب البريطاني، والأدب العالمي أيضاً، فقد ذهب البعض ليقارنه برواية "الغريب" لألبير كامو، حتى أن الشاب الفقير في ذلك الوقت "كولن ولسون" لم يصدق كل هذه الضجة التي أثيرت حول الكتاب، وأصبح فجأة أشهر كاتب في أوروبا، حتى أنه كتب في يومياته يقول:
"إنني أنظر إلى نفسي باعتباري الأكثر أهمية بين كتّاب القرن العشرين، سأكون أحمق لو لم أدرك هذا، وجباناً إن لم أقله!".

يبدأ الكتاب بنوع من الإنسان اللامنتمي الكاره للحياة أو المحب للحياة، فليس ببساطة يمكن أن نضع شخصية اللامنتمي بين قوسين ونضع بجواره تعريفاً يشرح تلك الشخصية، فالكاتب يتناول في البدء رواية "الجحيم" لهنري باريوس، فبطل الرواية ليس له اسم، ويلجأ إلى غرفة في فندق ليكون معزولاً عن الناس كلها، ولكنه في ذات الوقت يحفر ثقباً في الجدار ليتابع ما يدور في غرفة جارته، فهذا البطل يرى أكثر مما يجب، ويفكر بطريقة تجعله يرى من كل شيء فوضى لا مثيل لها، فهو لا يريد أي شيء، ولا يمتلك أي شيء، لا مواهب ولا خبرات ولا مشاعر، حتى البحث عن الحقيقة يقوده إلى أن الموت هو الحقيقة الوحيدة في حياة البشر، وهو يتشابه مع مقوله "سارتر": "كل الطرق تقود إلى اللامكان".

ثم يتناول أيضاً كتاب "العقل في منتهى حدود الاحتمال" لهربرت جورج ويلز، هذا الكتاب الذي كتبه ويلز بعدما فقد إيمانه بالجنس البشري كمجموعة من الأشخاص يمكنهم أن يعيشوا في محبة وسلام دون حروب، لقد أيد "ويلز" الحرب العالمية الأولى؛ لأنها الحرب التي ستنهي كل الحروب، ولكن مع الحرب العالمية الثانية فقد أمله في السلام الدائم، فحبه للبشرية يدفعه للثورة على التصرفات البشرية والحروب، فهو لا منتمي يشبه طفلاً وجد والديه يتشاجران، فبدأ في البكاء وصب اللعنات عليهما دون أن يجد حلاً لفض المشكلة سوى الصراخ، ويمكن ترجمة هذا الصراخ على أرض الواقع كما وصفها "كولن ويلسون" ب"الإباحية العدمية"، لقد ظل "ويلز" يلعب دور المصلح الاجتماعي من خلال قصصه ورواياته، ولكنه تحول إلى لا منتمي في كتابه هذا، فقد اعتقد أنه الوحيد القادر على رؤية الخير، والباقي في الظلام، أو حسب ما جاء في إحدى قصصه، في بلد العميان يغدو الأعور ملكاً!

ثم يتناول مفهوم اللامنتمي أيضاً من وجهة نظر "ألبير كامو" في رواية "الغريب"، حيث تبدأ الرواية بعبارة "أمي ماتت اليوم أو بالأمس.. لست متأكدا"، هذا اللامنتمي الذي ترك الحياة أينما تذهب به، فهو موجود ليعيش فقط، ثم يجد روح "الغريب" في أعمال أخرى عديدة، مثل قصص "كافكا" و"همنجواي" وغيرها.

ثم يأخذنا إلى عوالم اللامنتمين في القرن العشرين في الفصل الثالث "اللامنتمي الرومانسي"، فهو يصف عالمهم بأنه مقيت جدا، ضد الحياة، فهم يجلسون في غرفهم مجردين من الدوافع، ولا يجدون سبباً معقولاً لفعل أي شيء، فقد يموت اللامنتمي شاباً، أو شيخاً، أو مريضاً، لا يهم.. فلا شيء يهم.. فاللامنتمي ليس واقعياً يدرك أن معظم أفعاله لن تخدمه شخصياً أو تخدم المجتمع، بل هو إنسان يائس من الحياة نفسها.

ثم نأتي إلى اللامنتمي الذي يريد التحول إلى شخصية تنتمي إلى المجتمع، فهو غير قادر على الدخول في الأحزاب السياسية أو المشاركة الاجتماعية، ولكنه يبحث عن الأسباب التي تجعله يتعالى عن القانون والسياسة والفلسفة، فهو يريد أن يقول "نعم" لكل شيء في الحياة، أو "لا" لكل شيء للحياة، ولا يستخدم أداة تتغير حسب كل موقف، ويحاول بشتى الطرق أن يكون إنساناً عادياً ليمكنه الحياة مثل بقية القطيع.

ويستمر "كولن ولسون" في استعراض أنماط مختلفة من اللامنتمين من خلال الأعمال الفنية والعباقرة أنفسهم، مثل "جميس جويس" أو "ديستوفيسكي" أو "فان جوخ"، فهو يستخلص إلى أن اللامنتمي ليس مجنوناً، بل هو إنسان حساس أكثر من اللازم، يرى الفوضى الماثلة خلف الأنظمة البشرية، لذا فقد كان اللامنتمي فناناً بطبعه، ولكن ليس كل فنان لا منتمي، فلا يمكن اعتبار "شكسبير" لا منتمياً بأي حال من الأحوال.

كما أن اللامنتمي متشاءماً بطبعه، يريد كل شيء في نفس الوقت، فلا يمكن أن تخدعه بشيء وتترك شيئا آخر، فهو سيركل كالطفل بالضبط حتى يحصل على ما يريده من الحياة سواء الحرية أو الإدراك أو القيم والمثل العليا، وحتى في هذه الحالة لا يمكنك أن تقنعه بأن العالم صار أفضل ويمكن العيش فيه!

ولكنه يترك كلمة في نهاية الكتاب وكأنه وجد الحل لمشاكل اللامنتمي:
"وهكذا يبدأ الفرد ذلك المجهود المضني كلامنتمي، وقد ينتهي به الحال فيصبح قديساً".

يذكر أن الكتاب صدر عام 1956، وكولن ولسون مجرد شاب في الرابعة والعشرين تائه كليا يعمل في مهن مؤقتة، ويعاني من مشاكل أسرية جمة فقد تزوج مرتين وأنجب، ولكن الكتاب صدرت منه مئات الطبعات حول العالم، وأثار مناقشات عديدة ولايزال يثير تلك المناقشات؛ لأنه يفسر شخصية اللامنتمي التي نجدها بكثرة في كل مكان، ولأنه سجل حافل للأمراض النفسية العصرية، فهو غني بأسلوبه وأفكار مؤلفه وتناوله للأعمال الأدبية وعباقرة العالم من فلاسفة وأدباء وفنانين.

يذكر أن "كولن ولسون" كتب أكثر من 110 عملاً بعد هذا الكتاب، ولكن أحد هذه الأعمال لم يصل إلى عبقرية وشخصية وشهرة "اللامنتمي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.