«مدبولي» عن زيادة أسعار الوقود: «المجتمع كان مهيأً.. والحكومة لم تخفِ شيئًا»    سعر الذهب اليوم الخميس 23-10-2025 بعد انخفاضه في الصاغة.. وعيار 21 الآن بالمصنعية    أسعار الفراخ اليوم الخميس 23-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    «تردد دولي» فى إرسال قوات إلى غزة تجنبًا ل«الصدام» مع حماس    تصرف محمد صلاح يفجر غصب جماهير ليفربول (تفاصيل)    «إنت عايز تهد نادي الزمالك».. ميدو يفتح النار على أسامة حسني    «لازم تركز شوية».. أحمد شوبير يفاجئ نجم الأهلي برسائل نارية    أحمد جمال: رانيا يوسف بتغير عليا في المعقول.. وشخصيتها حلوة زي ما هي    جمهور الموسيقى العربية 33 فى دنيا الحجار وأصوات نجوم الأوبرا تتوهج بالحب والطرب    عاجل | بلومبرغ: ارتفاع أسعار النفط بعد فرض عقوبات أمريكية على روسيا    البابا تواضروس: مؤتمر مجلس الكنائس العالمي لا يستهدف وحدة الكنائس بل تعزيز المحبة بينها    الرئيس السيسى: مصر تولى اهتماما كبيرا لتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبى    رئيس الوزراء البريطاني: يسعدني انضمام أمريكا إلينا بفرض عقوبات كبيرة على شركتى النفط الروسيتين    سان دييجو أو اتحاد جدة أو الهلال.. من الأقرب لضم محمد صلاح حال رحيله عن ليفربول؟    ترامب يدعو مربي الماشية إلى خفض الأسعار ويؤكد استفادتهم من الرسوم الجمركية    مسئول كبير بالأمم المتحدة: سوء التغذية فى غزة ستمتد آثاره لأجيال قادمة    كوريا الشمالية تعلن نجاح اختبار منظومة أسلحة فرط صوتية جديدة لتعزيز قدراتها الدفاعية    ختام فعاليات الدورة التثقيفية للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي بمكتبة مصر العامة بالمنصورة.. صور    رسميًا إعارات المعلمين 2025.. خطوات التقديم والمستندات المطلوبة من وزارة التعليم    الرئيس السيسى: إنشاء ممر استثمارى أوروبى فى مصر كبوابة للأسواق الإفريقية والعربية    لاعب سابق بالأهلى يدعم محمد صلاح: لولا أنت كان ليفربول بالمركز السابع    محمد صلاح يثير الجدل بعد حذف صورته بقميص ليفربول    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    العاصي يكشف رد فعل جنش بعد هدف الاتحاد فى الأهلى وسر تنبؤ ياس توروب بطرد كوكا.. فيديو    نشوب حريق مخزن أخشاب بطريق بلبيس – أبوحماد بالشرقية    شبورة كثيفة وتحذير شديد من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم.. وحقيقة تعرض مصر ل شتاء «قارس» 2025-2026    «التعليم» تكشف مواصفات امتحان اللغة العربية الشهري للمرحلة الابتدائية.. نظام تقييم متكامل    نفذها لوحده.. كاميرات المراقبة تكشف تفاصيل جديدة في "جريمة المنشار" بالإسماعيلية    "مياه الفيوم" زيارات ميدانية لطلاب المدارس لمحطات تنقية مياه الشرب.. صور    رئيس الوزراء: رفع أسعار البنزين لا يبرر زيادة أسعار السلع    بعد تداول فيديو مفبرك.. حنان مطاوع تنتقد استخدام الذكاء الاصطناعي في تشويه الحقيقة    الفلسطيني كامل الباشا ل"البوابة نيوز": كلمة حب واحدة قادرة على إنهاء صراع الأجيال.. لو قلت كلمة ثانية بعد "فلسطين".. ستكون "مصر".. أستعد لتصوير فيلم فلسطيني جديد عن القدس وأهلها ومعاناتهم    علي الحجار يطرب جمهور الموسيقى العربية ويحيي تراث أم كلثوم بصوته    الصحف المصرية.. حراك دولى لإلزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار فى غزة    خالد الجندي: الغنى والشهرة والوسامة ابتلاء من الله لاختبار الإنسان    حياة كريمة.. الكشف على 1088 مواطنا خلال قافلة طبية بقرية البعالوة فى الإسماعيلية    طفل دمنهور يلحق بشقيقه.. مصرع طفلين سقطا من الطابق التاسع في البحيرة    رئيس محكمة النقض يستقبل الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي    4474 وظيفة بالأزهر.. موعد امتحانات معلمي مساعد رياض الأطفال 2025 (رابط التقديم)    اليوم، الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن القائمة النهائية لمرشحي مجلس النواب    رفض الطعن المقدم ضد حامد الصويني المرشح لانتخابات مجلس النواب بالشرقية    10 رحلات عمرة مجانية لمعلمي الإسماعيلية    هيلث إنسايتس تساهم في تنفيذ مشروع ڤودافون بيزنس ومصر للطيران عبر حلول رقمية متكاملة للرعاية الصحية    سيصلك مال لم تكن تتوقعه.. برج الدلو اليوم 23 أكتوبر    رئيس هيئة النيابة الإدارية في زيارة لمحافظ الإسكندرية    بدء غلق كوبري الأزهر السفلي أحمد ماهر 3 أيام لاستكمال تغيير الأرضية    قرمشة من برة وطراوة من جوة.. طريقة تحضير الفراخ الأوكراني المحشية زبدة    هترم عضمك.. وصفة شوربة الدجاج المشوي التي تقاوم نزلات البرد    مش هتنشف منك تاني.. أفضل طريقة لعمل كفتة الحاتي (چوسي ولونها جميل)    ألونسو: سعيد من أجل بيلينجهام.. وصليت ألا يتعرض ميليتاو للطرد    دوللي شاهين تحقق أول مليون مشاهدة على «يوتيوب» بكليب «ترند»    د.حماد عبدالله يكتب: " للخصام " فوائد !!    ضياء رشوان: الاتحاد الأوروبي يدرك دور مصر المهم في حفظ السلام بمنطقة القرن الإفريقي    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    داعية إسلامي: زيارة مقامات آل البيت عبادة تذكّر بالآخرة وتحتاج إلى أدب ووقار    بمشاركة 158 استشاريا.. بورسعيد تحتضن أكبر تجمع علمي لخبراء طب الأطفال وحديثي الولادة    هل القرآن الكريم شرع ضرب الزوجة؟.. خالد الجندي يجيب    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة الشهر الكريم وأحكام الرؤية الشرعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب دخل دماغي: "قهوة المصريين".. كتاب الشعب كله!
نشر في بص وطل يوم 25 - 09 - 2009

هذا الكتاب الذي نحن بصدده الآن من الكتب التي تتآلف معاها سريعاً، تشعر أنك واحد من أبطالها، تتحدّث بلغتك وتحكي عن مواقف ربما عشتها أو عايشتها أو كنت مستمعاً لمن تعرّض لها، وهذا الكتاب تحديداً سوف تشعر بالحميمية معه؛ لأن وحدته الموضوعية هي المكان، والمكان الذي يتناوله الكتاب هو المكان الوحيد الذي يجتمع فيه كل شباب الجيل والأجيال السابقة.. المقهى أو القهوة!
كلنا نجلس على المقهى نشرب الشاي والمياه الغازية، ونتحدّث مع الأصدقاء ونتفق على أعمال ونتناقش في كافة المجالات، وتُصادفنا مئات المواقف الطريفة التي لا نتوقف عندها كثيراً، ولكن الممتع أن تجد من تنبّه إلى هذه المواقف وفَطِن إلى ما فيها من تحليل لشرائح مهمة من المجتمع المصري، وعالَم نقف كلنا على بوابته دون الولوج إلى أحشائه، والجميل أن يكون من ألّف الكتاب صديقان لا ينفصمان، وكل منهما يروي لقارئه قصة وطرفة من هذه النوادر التي قابلاها في رحلتهما الممتدة في دنيا المقاهي!
الكتاب هو "قهوة المصريين" الذي صدر مؤخراً عن دار الشروق لمؤلفيه الروائي الشاب محمد كمال حسن والشاعر الشاب مصطفى الحسيني، شابان أديبان جمعهما -نظراً لصداقتهما وعملهما المشترك- العديد من المواقف التي تشترك فيها وحدة المكان وهي المقهى.. والكتاب من عنوانه ومن قضيته التي يتناولها يلمع حسه الساخر الواضح الذي تدفّق بطول الكتاب، واقتسم الكاتبان الكتاب الذي يتكوّن من سبع عشرة قصة، فكتب كل منهما نصف الكتاب تقريباً بالتبادل، فيكتب محمد قصة ويتبعه مصطفى بقصة أخرى وهكذا حتى نهاية الكتاب. تتنوع لغة الكتاب فتارة يستخدمان الفصحى الرصينة، وتارة يستخدمان الفصحى المطعمة بالعامية، وتارة يستخدمان العامية الأصيلة، مع تثبيت أن تكون لغة الحوار بينهما في كل الكتاب هي اللغة العامية، مما أضفى على الكتاب حميمية محببة تشعرك بأن الكاتبين يجلسان معك ليَقُصّا عليك القصة!
ومن أجمل ما يلفت نظرك في الكتاب أن الكاتبين لا يخجلان أن يسردا أي تفاصيل تنقص من قدرهما مثلاً أو يظهرا بطولة وهمية، حتى ولو كانت هذه التفاصيل تتعلق "بتثبيتهما" في مقهى "أولاد كريم" الذي ضاع من على يافطته حرفا الدال والميم لتصبح اليافطة "أولا.. كري..".. ذهب الكاتبان إليها باللاب توب والشنطة انتظاراً لموعد ما، دون أن يعرفا أن القهوة لا يجلس عليها إلا العمالقة أولاد كريم، يقول محمد كمال في جزء من تلك الحكاية:
"حوالي عشرين فرداً من عائلة كريم كانوا يُحيطون باللاب توب كأنهم يتفرّجون على الساحر، هممت بأن أقول للحسيني أن يكتفي، لكن شخصاً ما أتى من عند النصبة مباشرة علينا، ثم مدّ يده فأخذ اللاب توب من فوق الطقطوقة وأعطاه لواحد يقف إلى جواره، ثم أخذ الحقيبة السوداء وأعطاها لشخص آخر ثم أخذ الحقيبة البني وأعطاها لواحد ثالث... التفت إلينا وصرخ:
- أنتم لسه هنا؟
أتى توفيق وأخذ زجاجتي الشويبس، فقلت للحسيني:
- هنشد إحنا بقى يا حسيني.
ثم قلت للرجل (إنسان الغاب طويل الناب):
- هنستأذن إحنا بقى يا معلم.
انصرفنا بهدوء شديد ثم قال الحسيني ونحن ننظر إلى المقهى من الرصيف المقابل:
- إحنا بنتقلّب يا أبو كمال.
- إحنا اتقلّبنا فعلاً يا ريس!"
هذه البساطة الشديدة في التناول والمفردات الحياتية البسيطة، هي التي تُسبب لك هذا الجو من الألفة والبهجة وأنت تقرأ كتاباً يحكي عنك، بل ربما تكون أنت أيضاً ضحية لعملية تثبيت في أي مقهى آخر!
والكتاب رغم أنه ساخر إلا أن الكاتبين دائماً ما يصرّان على أن يذكرانا بأنهما أديبان بالأساس، فأولهما روائي والثاني شاعر، فتجد دائماً لمحات من الصور الجميلة والتركيبات المدهشة والرومانسية المفتقدة في أجمل قصص الرومانسية، اقرأ معي مثلا ما كتبه مصطفى الحسيني وهو يحكي حكايته مع والده الراحل عندما أخذه معه في أول زيارة مشتركة لقهوة وهو طفل.. واقرأ بتمعن هذه الكلمات التي استهل بها حكايته قائلاً:
"أعرف أن أبي "يقاوح" ولا يريد أن يصدق أنه مات من أكثر من سنتين.. ماااات، (طب أفهمه إزاي!!)، لكني أحبه وأصدّقه وأتركه يحكي -وليس أفضل من هذه الفرصة ليأتيني وأنا أكتب عن المقاهي وأحكي عنها- تمنينا دائماً أن نكون صديقين، أن أسمعه ويسمعني بلا تكلّف، وينتهي الكلام بيننا بأن أحضنه مثلا وأشكره على سعة صدره، وأن يشكرني لأني أحسن صديق له، أن أطلب منه ألا يقول لأحد ما قلته له، فأنا أثق به كصديق، وأن يؤكد هو عليّ ألا أقول ما قاله لي لأمي ويترجاني ثم يهدد في النهاية بأنه سيقطع صداقته بي إن خرجت كلمة، واحتمال يقطع المصروف والمعونات كمان، تمنينا وتمنينا وتمنينا.. حتى قلت له وهو يرقد في آخر مستشفى:
- عاجبك كده يا عم الحاج؟؟.. آديك بتموت"
هذه الكلمات المؤثرة التي صدّر بها مصطفى حكايته، لا تتعارض أبداً مع سرده الساخر لما وقع بينه وبين والده في المقهى بعد ذلك، فالجميل في الكتاب هو هذا الربط الممتع الذي يتفنن فيه المؤلفان لحسهما الأدبي المسبق، كيف تضحك وتبكي وتتأثر في نفس الوقت.. بحيث ألا تعرف هل دمعتك التي نزلت على خدك توا.. من كثرة الضحك أم من كثرة الوجع؟؟
إن كتاب "قهوة المصريين" حالة جميلة تأخذك معها بسلاسة دون جهد، وذكاء المؤلفين أن جعلا قضية الكتاب ومكانه الذي يدور حوله يتمثل في المقهى، هذا المكان المعتاد لمصر كلها بزحمته وبسماته ومواقفه ونوادره وكافة الطوائف التي تجلس فيه، حتى أن أحد أصدقائي العرب في تعريفه لمصر قال لي: "إن مصر بلد عربي.. به قهاوي"!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.