مع إشراقة عهد جديد في مصر، يفتح موقع "بص وطل" هذا الركن ليكون إطلالة متجددة على الآراء المختلفة التي تتناول بالرصد والتقييم والتحليل لحظة من أهم وأعظم اللحظات في تاريخ مصرنا الحديثة.. لحظة الميلاد الجديد.. كتب محمود الغنام تبقى أمام النخبة المثقفة من أبناء الثورة معركة لا تقلّ أهمية عن معركة تنحية مبارك.. وهي تنحية السوس الذي ينخر في قلب الصحافة والإعلام المصري، ليمرض الشعب، ويسقط استقلال الوطن، ويكسر الثورة وإن تظاهر أنه يؤيّدها ويحميها.. نعم الشعب يريد إسقاط النفاق.. المنافقون الذين لم يتوانوا عن أن يشعلوا صدور المصريين بالكره والبغضاء والحمية ضد ثوار التحرير وغيرهم من المطالبين بالحرية في ربوع الوطن.. الذين وقفوا حائلا دون الحقيقة، ومنعوا نور الشمس أن يسطع على مصر على مدى سنوات طوال.. لم يكن مبارك ديكتاتورا معلّقا في الهواء، بل كان له سدنته، واللاهجون باسمه والمسبّحون بحمده ليل نهار.. هؤلاء أرسوا حكمه، وبرروا طغيانه، وثبتوا قواعد عرشه فوق أنفاس المصريين.. هؤلاء طردوا الحق من بينهم، وقالوا: أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون.. حرموا فهمي هويدي أن يقول رأيه الناصع في الأهرام.. ومنعوا زويل أن يتجلّى كالبدر في التليفزيون.. وصادروا الجزيرة لصالح بثّ تفاهاتهم.. هؤلاء هيّجوا الجماهير الغافلة ضد ثورة الوطن، وكانوا يُلقون بتعليماتهم مباشرة على التليفزيون؛ هل نسي أحد كرات النار التي ستوشك أن تقذف على الميدان! وبعدها بقليل استمع الغوغاء لتعليمات التليفزيون المصري؟ هل نسي أحد تحريض التليفزيون والصحافة القومية على شباب الثورة واتهاماتهم لهم بأنهم مجموعة من البلطجية و"القلة المندسة"، وعليكم بهم؟ هل نسي أحد من بثّ كذبة وجبات كنتاكي والخمسين يورو؟ هؤلاء وجودهم لا يقل خطورة عن وجود مبارك.. وحكم العدل مع الرأفة أن يتم تنحيتهم، فضلا عن محاكمتهم على ما ارتكبوه بحق عقول البسطاء وبحق الوطن.. هؤلاء انكشفوا بعد أن نجحت الثورة؛ فبعد أن احترم قليل منهم نفسه وقال إنه يقف حتى الآن على مبادئه، ولو بقي في صفوف المعارضة، أفرد الكثيرون صفحات لتحية الثورة التي اتهموها بالخيانة قبل أيام.. وبدؤوا يذمّون عهدا قالوا له من قبل: "بنحبك يا ريس"؟! كانت الثورة المصرية علامة فارقة في تاريخ مصر، ومن العار أن نقبل بزعامة هؤلاء من جديد للسان مصر.. الجاثمين على صدور الصحف القومية المملوكة للوطن الذي حررناه.. القابعون على كراسي الحكم في التليفزيون والإذاعة المصرية التي يدفع الشعب من جيبه نفقاتها.. لا بد أن نُسقطهم.. لا بد أن نُسقطهم.. لن تنطلي على أحد خدعة الوطنية التي سرت في عروقهم فجأة، فارق كبير بين من يُخفي بعض الحقيقة مضطرا وبين من يكذب ويزيّف متعمدا.. أنا لا أميل للانتقام أو أن تقوم الثورة بتصفية كل معارضيها؛ فهذا ما ثرنا لأجله؛ أن نقيم حكما ديمقراطيا صحّيا يتقبل الرأي والرأي الآخر، ويفتح الباب واسعا أمام مختلف التيارات والتوجهات أن تقول كلمتها دون حجر أو قيد.. لكن أن يأتي ثعلب مخادع فيوهمني أنه معي؛ ليكمل متعته بالمقام فوق مؤسسة صنع من ورائها ثروة لنفسه على حساب تهميش حريات الناس وتزييف إرادتهم واللعب بعقولهم.. ثم يأتي يهلل لعكس ما كان يؤمن به منذ أيام؛ لمجرد أن الموجة قد انقلبت، وبدا له أن القوة في خلاف ما كان يعتقد، فيسحق معتقده تحت قدمه، ويتحول إلى الجانب الرابح.. كلا وألف كلا.. لن يخدعونا كما خدعوا الجميع من قبل.. فذنوبهم أجلّ من أن تُغتفر.. وخطاياهم بحق مصر أعظم من أن ينساها الشعب.. هم من كرّسوا الديكتاتورية، وثبتوا أركان حكم الطاغوت.. وقتلوا الذوق في نفوس المصريين.. وبثوا النفاق عملة رائجة على الألسنة والقلوب.. هم من غيّروا طبيعة المصريين، وحوّروا أخلاق المصريين, وقتلوا الإحساس بالحق والحرية في النفوس الحرة.. لن تنسى مصر بشبابها الواعي ومثقفيها النابهين، وبسطائها الفطريين أن من ظلّ يكذب طول عمره، لن يتوب فجأة حين يرى الموجة أعلى منه.. لا بد أن نُسقِطهم.. نعم لا بد..