عَزَت صحيفة إسرائيلية التراجع الأمريكي عن نصب صواريخ هيروت في بولندا والتشيك أمام روسيا إلى الجهود التي مارسها الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في الضغط على الإدارة الأمريكية بمنح فرصة للروس لممارسة فرض سياسة العقوبات على إيران، والاشتراك مع الغرب ضد طهران! في واحد من التقارير الخطيرة التي تؤكد مدى تطلّع وتعمّق وتوغّل وتأثير اللوبي الصهيوني والرؤية الإسرائيلية على القرارات المصيرية الأمريكية الخارجية، زعمت صحيفة معاريف الإسرائيلية في الثاني والعشرين من الشهر الجاري أن بيريز هو الرجل الذي يقف وراء تخلي الولاياتالمتحدةالأمريكية عن نظرية فرض ونصب صورايخ هيروت الدفاعية المتطورة في كل من بولندا والتشيك أمام الروس والإيرانيين مقابل كسب ثقة الروس وتأييدهم في فرض عقوبات على الحليف التقليدي إيران.
كتبت المحللة السياسية للصحيفة "مايا بنجل" في مقالها الثلاثاء أن بيريز هو الرجل الأقوى والأكثر بروزا خلال الفترة الماضية ويستحق الإشادة؛ لأنه أجبر أو مارس الضغوط على الإدارة الأمريكية للتخلي عن نصب صواريخ هيروت الأمريكية ببولندا والتشيك وفي شرق أوروبا، حتى يزيد من الضغوط العالمية والروسية تحديدا ضد طهران، وممارسة المزيد من الضغوط على برنامجها النووي، وهو ما جند نفسه له الرئيس الإسرائيلي منذ عام تقريبا، حينما أوضح هذه النظرية أو الخطة للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، وكذا الرئيس الحالي باراك أوباما، سواء خلال زيارته لتل أبيب أثناء حملته الانتخابية وقبيل دخوله البيت الأبيض في العشرين من يناير الماضي، أو بعد هذا التاريخ خلال اللقاءات المشتركة بينهما، حتى تحقق مراد بيريز وهدف الدولة الصهيونية في العمل على تكاتف المجتمع الدولي، وخاصة الصين وروسيا ضد إيران، وأن الزيارة الخاطفة التي قام بها بيريز للعاصمة الروسية موسكو الشهر الماضي كانت للغرض نفسه، ولوقف صفقات الأسلحة الروسية المتطورة إلى إيران وسوريا أيضا.
بيد أن الكاتبة الإسرائيلية تؤكد أن الرئيس بيريز وعد نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف خلال هذا اللقاء بعدم مهاجمة إسرائيل لإيران، مقابل التخلي عن بيع صواريخ إس 300 لطهران، وهو ما نال إعجاب واستحسان سدة الحكم في إسرائيل، ولكن أغضبها في الوقت نفسه تصريح ووعد بيريز بعدم مهاجمة إيران، وإنه كان من المفترض أن يقول إن كل الخيارات مطروحة على الطاولة بما فيها الخيار العسكري أمام البرنامج النووي الإيراني، خاصة وأن الرئيس ميدفيديف قد أعلن أكثر من مرة أن فرض العقوبات على إيران سيكون حلا أخيرا؛ لأنه أثبت عدم فاعليته، ما يعني أن الروس مازالوا يرون في إيران كارتا مهما وورقة تين يلعبون بها أمام الإدارة الأمريكية ويستخدمونها ككارت أخضر دائما أمام الإسرائيليين أيضا؛ من أجل لعب دور مركزي ورئيسي في منطقة الشرق الأوسط، وهذا لا يمنع أن تمد موسكوطهران بصواريخ إس 300 أو إس 500؛ لأن هذه الأسلحة تعتبر ورقة ضغط أيضا.
وفي السياق نفسه نجح الإسرائيليون في استغلال قصة السفينة الروسية أركتيك سي في الترويج بأن إيران تقف وراء السفينة، وأنها تحمل أسلحة روسية من قبل حزمة من الفاسدين الروس إلى طهران أو إلى أي مكان في العالم، حتى أنه طار بعدها بيريز، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، للغرض نفسه للتأكيد على أن هناك أيادي روسية فاسدة أو منظمات روسية - دولية للجريمة المنظمة تعمل على الزج باسم موسكو، وأنه يجدر بالحكومة الروسية إنهاء هذا الجدل بفرض العقوبات على إيران، وشراكة الولاياتالمتحدة والغرب في الضغط على طهران من أجل وقف برنامجها النووي، وأن ما قامت به واشنطن من التخلي عن نصب هذه الصواريخ الأمريكية بشرق أوروبا هو دليل واضح على تقديم الغرب بعض التنازلات!