أنا كنت في أولى جامعة، وحبيت واحد أكبر مني بخمس سنين، وكان بيحبني جداً، وقابل أخويا بره البيت عشان يتقدم؛ بس في البيت قالوا لازم أخلص الأول. وبعد ما خلّصنا جه واتقدم رسمي، والفترة دي كنا بنتكلم من غير ما أهلي يعرفوا، واتخطبنا بعد 6 شهور من تخرجي، وبقالنا سنتين مخطوبين؛ يعني بقالي معاه 6 سنين ونصف.
ظهرت مشاكل بينّا؛ بس كنا بنعدّيها.. ودلوقتي أنا مخنوقة جداً، وبجد حاسة إني مش قادرة أكمّل، بصراحة من ساعة ما اشتغلت وأنا حاسة إن تفكيري كِبِر؛ بقيت أبصّ للمواقف بشكل تاني بشكل موضوعي واقعي، وبقيت أبصّ لخطيبي إن هو ده الإنسان اللي حياتي كلها هتبقى معاه، وهيبقى أبو أولادي؛ بس لقيت حاجات ضايقتني منه ودي اللي مخلّياني مش عايزة أكمل وهي: - شخصيته ضعيفة، وردّه بيكون: إنتِ اللي عوّدتيني أكون كده. - رأيه مش موجود، ولو قاله بيبقى مش هو ده اللي منتظراه. - تفكيره في بعض المواضيع المهمة مش زي تفكيري. - وظيفته مش عاجباني بصراحة. - مش باحس إنه شاب زي باقي الشباب، باحسّ إنه كبير، وبقى عنده كرش ماكانش موجود قبل كده. - وبيقتنع برأيي؛ بس بعد شهور، ويقول لي: إنتِ كان عندك حق، وباقول له على اللي بيضايقني منه وهو بيحاول يغيّره؛ بس بصراحة فيه حاجات بيغيرها، وحاجات بعد طلوع الروح، وحاجات مش عارف يغيرها.
أنا اللي مضايقني إني كنت بحبه أوي، وكنت مستنية اليوم اللي يدخل فيه بيتنا، وحاسة إني دلوقتي نضجت، وبقيت أبصّ نظرة واقعية؛ فاكتشفت ده ومتضايقة إني اتغيرت، وحاسة إنه مش مالي عيني، وباقول لو استنيت شوية ممكن ألاقي واحد بالمواصفات اللي باتمناها، عايزاكم تقولوا لي رأيكم: أكمل معاه، ولا أسيبه؟
على فكرة هو إنسان محترم ومؤدب وابن ناس، وأهلي بيحبوه وبيحبهم وبيحبني أوي، وشايفني مالية عينه.. بس حاسة بتأنيب الضمير إن بعد ما كان مستنيني كل ده أسيبه، وإن ممكن حد ييجي لي يطلّع عيني بعد كده، ويكون بسبب ذنبه، وصليت صلاة استخارة كتير؛ بس مش باحس بحاجة ولا باشوف حاجة.
hi2emy2
صديقتنا.. خصص الشرع فترة الخطبة ليرى فيها الخاطب مخطوبته ويدرس كل منهما شخصية الآخر وطباعه وتفكيره، وهذا من حق كل خاطب ومخطوبة، ولا مانع أبداً من التراجع عند الاقتناع بأن الحياة لن تستمر مع الطرفين لعدم وجود التكافؤ بينهما.
لكن دعينا نلمس الخطأ في هذه المشكلة: 1- الخطأ الأول أنكما خالفتما مراد الشرع من إيجاد فترة الخطوبة فاخترعتما -وكثير من الشباب على هذه الشاكلة- فترة خارج حدود الشرع والمجتمع وهي فترة الحب.. هذه الفترة كانت فترة نَهَم عاطفي، كل واحد منكما يريد أن يرى من الجنس الآخر من يهتمّ به؛ فيشعر هو برجولته، وتشعرين أنت أنك أنثى مرغوبة ومحبوبة.. وفي كل ذلك تخلعان على ما أنتما فيه روح القدسية والرباط الذي لا يفكّه الزمان ولا يفرّقه إلا الموت.
ولو أنك انتظرت رأي أهلك الذين مانعوا حتى تُنهي دراستك لكان خيراً لك؛ لأن هذه الفترة هي فترة نُضج لكثير من الشباب والفتيات؛ فترة تتعلم كل واحدة ما هي المواصفات العقلانية التي تتمناها في فتى أحلامها والتي تقتضيها الحياة المعاصرة، وترسم فيها صورة واقعية وخيالية وحالمة ورومانسية لمن يملأ عينها وقلبها ومن ثم بيتها، لا مجرد شخص يملأ الخانة المطلوبة.
لو أنك انتظرت هذه الفترة يا صديقتي كما طلب أهلك، وقطعتما عهداً بأنك لن تقبلي بأحد طوال هذه الفترة، وإن فُتح باب الزواج فسيكون هو أول المتقدمين؛ لكان الأمر ساعتها سيختلف، وكانت الفترة كفيلة باختبار هذه العلاقة وتهيئتها على النحو المرجو، أو فكّها دون خسارة لأي من الطرفين.
لن نبكي على ما فات؛ بل هو فقط تذكير بما كنت عليه وأسباب ما وصلت إليه.
2- أطرح عليك الآن سؤالاً: لو فرضنا أنك بعد زواجك من أي شخص -هذا الشخص أو آخر رأيت فيه مواصفاتك- ثم تبين لك سلبيات لم تكتشفيها، أو "طلع له كرش مثلاً"، أو أصبح غير مهندم، أو أصبح منكسراً ضعيف الشخصية؛ فهل ساعتها ستطلبين الطلاق؟ أم أن الحياة بها أسس وثانويات؛ أسس يجب ألا نتنازل عنها، وأخرى ثانوية يمكن أن تسير الحياة بغيرها؟
صديقتي أنا لا أقول ذلك حتى أُثنيك عن قرار الانفصال عنه وتركه؛ ولكن لإعادة النظر فيما هو أساسي وثانوي في حياتك عامة وفي زوج المستقبل.
لقد ذكرت أموراً كثيرة جيدة، وهي من مقوّمات الزوج الناجح ورجل البيت الذي يصونه منها أنه: "إنسان محترم، ومؤدب، وابن ناس، وأهلي بيحبوه وبيحبهم وبيحبني أوي، وشايفني مالية عينه"؛ فهل ترين هذه صفات أساسية تكفي لحمايتك مستقبلاً من نائبات الزمن، وعندما تكونين في بيته؟
وهل ما ذكرته من عيوب، هي عيوب جوهرية تنخر في صلب الرجل الناجح أو المؤهل ليكون زوجاً؟ هل هي كفيلة بأن تُفتَني يوماً عنه فتنصرفين بقلبك إلى شخص آخر فتغضبين ربك وتخونين زوجك؟ أم يمكن أن تمرّ مرور الكرام إذا وضعناها في حيّزها الطبيعي؟
صديقتي أمسكي قلماً وورقة، وعدّدي هذه المزايا والعيوب، وأعطي لكل منها درجة، ثم أحصي مجموع الإيجابيات والسلبيات بالدرجات التي حددتها لها.. واعلمي أنك الآن -بعد أن أصبحت على مشارف النضوج- وحدك من يستطيع تحديد قيمة ومقدار ما يريد.