اختلفت ردود الفعل المختلفة على إعلان الجزيرة امتلاكها لما يصل إلى 1600 وثيقة تغطي أكثر من عشر سنوات من محادثات السلام السرية بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومباحثات الشرق الأوسط، ثم نشرها عبر موقع خاص، لتدلّل على قيام بعض المسئولين الفلسطينيين، بالقيام بتنازلات واضحة لإسرائيل، يمكن اعتبارها خيانة حقيقية لفلسطين وللقضية الفلسطينية؛ فقد جاء تعليق صائب عريقات -رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير- إن جميع الوثائق التي نشرتها الجزيرة عن تنازل الفلسطينيين عن القدس مزوّرة، ولا يعلم من يقف وراء تزويرها. وأعرب عريقات، في حديث خاص مع إذاعة صوت إسرائيل باللغة العربية اليوم (الإثنين)، عن استعداد السلطة لنشر وثائقها وأرشيفها الخاص بملفات المفاوضات مع إسرائيل؛ لتوضيح المواقف للرأي العام الفلسطيني والعربي وفقاً لرويترز. في الوقت ذاته اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية حماس وثائق المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية خطيرة، وتدلّ على تورّط السلطة الفلسطينية، في محاولات تصفية القضية الفلسطينية. وقال سامي أبو زهري -الناطق باسم حماس- في تصريح صحفي إن هذه "الوثائق السرية خطيرة للغاية، وتدلّل على تورّط سلطة فتح في محاولات تصفية القضية الفلسطينية، خاصة في ملفّي القدس واللاجئين". أما على الجانب الإسرائيلي فقد نفى مسئول إسرائيلي كبير أن يكون قد وجّه تحذيرا محددا عام 2008 للسلطة الفلسطينية، بخصوص شنّ إسرائيل هجوما على غزة، مكذبا بذلك ما أوردته قناة الجزيرة القطرية نقلا عن وثيقة "سرية". وقال الجنرال عاموس جلعاد، مدير الشؤون السياسية والعسكرية في وزارة الدفاع الإسرائيلية: "هذا مثال على عدم الدقة. لم يتم نقل أي تحذير ملموس بخصوص هجوم إلى السلطة الفلسطينية". وتؤكد إحدى الوثائق ال1600 التي كشفت عنها قناة الجزيرة أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أُبلِغ من قبل جلعاد، بنيّة إسرائيل شنّ هجوم على غزة في نهاية 2008 كما ذكرت المحطة. وأضاف جلعاد الذي كان آنذاك مساعد منسق الأنشطة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية: "لم أقُل شيئا للرئيس عباس لم أقله للعالم أجمع: إنه ليس بإمكاننا التسامح مع استئناف إطلاق الصواريخ وهجمات إرهابية أخرى ضد أراضينا". وتابع: "يمكن الاستخلاص من ذلك أن إسرائيل ستتحرك، لكن لم يتم نقل أي معلومات ملموسة". أما الجانب الأمريكي فقد صرّح فيليب كراولي -الناطق باسم الخارجية الأمريكية- من جهته بأن الحكومة الأمريكية تدرس الوثائق التي كشفت عنها الجزيرة. وأكد كراولي: "لا يمكننا تأكيد صحّتها" تبعاً لما ورد في BBC. ويُذكر أن الجزيرة لم تنشر سوى بضع وثائق من بينها نصوص مفاوضات، وتقول إنها ستنشر المزيد من التسريبات في الأيام القادمة لتلقي الضوء على عملية السلام التي تكون مشحونة عادة. وجاء في الوثائق أن بعض المسئولين الفلسطينيين أبلغوا إسرائيل سرًّا أنه بإمكانها الاحتفاظ بمساحات شاسعة من القدسالشرقية المحتلّة، وتشير تلك الوثائق إلى أن الفلسطينيين عرضوا تنازلات أكبر بكثير مما تمّ الكشف عنه سابقًا. وجاء في الوثائق أنه في 15 يونيو 2008 في اجتماع في القدس مع كونداليزا رايس -وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك- وتسيبي ليفني -وزيرة الخارجية الإسرائيلية- في ذلك الوقت وأحمد قريع -رئيس الوزراء السابق في السلطة الفلسطينية- وكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قال قريع: "اقترحنا أن تضمّ إسرائيل كل المستوطنات في القدس ما عدا جبل أبو غنيم (هار حوما).. هذه أول مرة في التاريخ نقدّم فيها مقترحا كهذا.. لا نستطيع أن نقبل ضمّ مستوطنات معاليه أدوميم وأرييل وجبعات زئيف وأفرات وهار حوما. "أعتقد أننا إذا وافقنا على المبدأ فإننا نستطيع خلال ثلاثة أيام التوصل إلى اتفاق على قضايا الحدود والأرض". وفي أكتوبر 2009 قالت الجزيرة إن عريقات اقترح أيضا تقسيم المدينة القديمة بالقدس، على أن يحتفظ الإسرائيليون بالسيطرة على الحي اليهودي و"جزء من الحي الأرمني". كما ادّعت أن عريقات قال: "ما هو وارد في الورقة يعطيكم (الإسرائيليين) أكبر أورشليم في التاريخ اليهودي، وعودة عدد رمزي من اللاجئين ودولة منزوعة السلاح.. ماذا أستطيع أن أعطيكم أكثر من هذا؟". "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقول إن القدسالشرقية مجرد حي، مثل تل أبيب، وبالتالي فإن البناء فيها مسألة عادية.. سيقضي ذلك على الرئيس الفلسطيني محمود عباس. المشكلة مع جميع الإدارات الأمريكية أنها أساءت تقدير أهمية القدس بالنسبة للفلسطينيين وللسياسة الداخلية الفلسطينية". "مصداقيتنا على الأرض لم تنخفض إلى هذا الحد قط. المسألة الآن تتعلق بالاستمرارية. هناك حركة حماس والصورة الأكبر في المنطقة". ولا يشير الإسرائيليون في أي مرحلة من المراحل إلى أنهم يمكن أن يقبلوا هذا العرض. بل إن إحدى الوثائق تتحدث عما عرضه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت -فيما يبدو- على عباس. وفي أغسطس 2008 "تضم إسرائيل 6.8% من الضفة الغربية، بما في ذلك أربع كتل استيطانية رئيسية هي جوش عتصيون ومعاليه أدوميم وجفعات زئيف وإرييل، إلى جانب جميع مستوطنات القدسالشرقية (بما فيها هار حوما) مقابل ما يساوي 5.5 في المائة من الأراضي الإسرائيلية". "بالنسبة للاجئين ستعترف إسرائيل "بمعاناة" اللاجئين لكنها لن تتحمل المسئولية عنها.. إسرائيل ستستقبل ألف لاجئ في العام لمدة خمسة أعوام "لأسباب إنسانية"، وستسهم في تعويض اللاجئين بناء على معاناتهم". وفضلا عن قضايا السلام الرئيسية تظهر النصوص أن هناك مسائل أخرى مثل قضية مرتفعات الجولان السورية التي احتلتها إسرائيل عام 1967. وفي 21 مايو 2008 قالت ليفني إن إسرائيل "ستتخلى عن الجولان" في إطار محادثات السلام السرية مع سوريا التي كانت جارية آنذاك. وقالت ليفني إنه كنتيجة لفقد المرتفعات سيحتاج الإسرائيليون إلى بعض الأراضي من الفلسطينيين. ردّ قريع قائلا: "نعم ستجعلوننا ندفع الثمن"، وانتهت محادثات السلام مع سوريا دون التوصل إلى اتفاق.