يخطئ من يتصوّر أن المصريين يريدونها ثورة.. ويخطئ من يتصوّر أننا نريد أن نخربها ونقعد على تلّها! نحن فقط نريد التغيير وهذا حق.. ونريد تداول السلطة وهذا حق أيضاً.. لا شباب 6 إبريل يريدون حرق مصر.. ولا الأحزاب تريد حرق مصر.. ولا الذين ينتحرون يريدون حرق مصر.. المنتحرون حرقوا أنفسهم، ولم يحرقوا مصر.. أشعلوا النار في أنفسهم، ولم يشعلوا النار في مصر! قطع لسان من يريد شراً بالبلاد.. وقطعت يد كل من يريدها فوضى.. لكننا جميعاً ضد الاستقرار الذي يقولون عنه.. ونحن جميعاً ضد الاستقرار الذي يتمسكون به.. الاستقرار الذي أورثنا الجمود والتخلّف.. وأصبحنا عبرة بين الأمم.. الدنيا كلها تتحدث عن أن الدور على مصر.. "ليبراسيون" قالت إن مصر واحدة من 6 دول مرشحة للثورة.. و"الأوبزرفر" تساءلت: هل تسير مصر على خطى تونس؟! لا نحن نريد ثورة، ولا نحن نريد "نيلة".. نحن نغار على بلادنا.. نحبها رغم ما تفعله فينا.. نغنّي لها ونعشقها.. لا نحرقها ونحرق أنفسنا.. ونولع في أرواحنا بجاز.. لم يشفق علينا أحد.. قالوا طلاب شهرة.. وسخروا منا وقالوا: مرضى نفسيين.. مع أن حالة واحدة كانت تكفي حتى يرحل النظام.. فهل تحوّل المصريون إلى مرضى نفسيين؟ السؤال: لماذا؟! ينصح العالم الكبير الدكتور أحمد عكاشة صانع القرار السياسي بأن يسعى لإرضاء الناس.. وأن يسعى إلى تحقيق جودة الحياة.. فهذا حق أصيل للمواطن، وواجب كبير على الحاكم؛ إسعاد الناس يجب أن يكون الهمّ الأول لصانع القرار.. فمعنى أن ينتحر الناس أن هناك حاجة غلط.. سياسياً واقتصادياً.. وإن كان الدكتور عكاشة يؤكد أن النمو الاقتصادي لا يُسعد المواطن دائماً! التغيير هو الذي يُسعد المواطن، ويفتح باب الأمل.. هذه هي الحقيقة.. المشاركة علاج الاكتئاب والإحباط.. وتداول السلطة يدعو المواطن لاستخدام حقه، عبر صناديق الاقتراع.. لا يدمّر شيئاً ولا يحرق شيئاً.. ولا يجعل الدولة مرتعدة من تظاهر بعض الشباب، حين يطالب بالتغيير.. فلا أحد يختلف على ضرورة التغيير.. عليّ الدين هلال قال: المصريون يسعون للتغيير، لكنه يتحدث عن تغيير المحليات!!! يبقى السؤال: هل التغيير الذي نريده هو تغيير وزير؟ هل التغيير الذي نسعى إليه هو تغيير وزاري محدود، أو حركة محافظين؟ لا.. التغيير هذه المرة لا بد أن يكون شاملاً.. يفصل الأحزاب عن الدولة.. ويحدد مدة الرئاسة.. ويغيّر الدستور المهلهل.. ويلغي قانون الطوارئ.. ويبعث الحياة في أوصال الدولة المصرية.. يحول الملعب السياسي "البائس" إلى ملعب كرة قدم، تدبّ فيه الحياة! التغيير لا يعني حرق البلاد.. ولا ضرب الاستقرار.. أبداً.. لكنه لا بد أن يحدث بسرعة، قبل أن يجرفنا التيار.. وليس كثيراً أن يتحول الملعب السياسي إلى ملعب كرة قدم.. لماذا؟ لأن ملعب كرة القدم تتحقق فيه ميزتان: الشفافية والمساءلة.. كل شيء أمامك تماماً، من أول الكوتش إلى اللاعبين إلى الحكم.. وربما كان هذا هو التفسير لهروب الناس من السياسة إلى الرياضة! عندما يحدث التغيير سوف يتجدد الأمل.. ويشعر الناس بالسعادة؛ لأنهم شركاء لا خدم.. وعندها فقط قد تتوقف ظاهرة الانتحار، التي نشأت عن حالة إحباط.. وليس بسبب مرض نفسي، أو اختلال عقلي.. هذا هو خلاصة رأي الدكتور عكاشة.. فلا تنزعجوا من مظاهرات التغيير.. إنهم يغارون على مصر، ويحلمون بها.. كيف تكون مصر غداً؟! نُشِر بالمصري اليوم بتاريخ: 24/ 1/ 2011