أعلن الزعيم الليبي معمر القذافي -في خطاب وجهه أمس (السبت) إلى الشعب التونسي- أنه "متألم" لسقوط نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، معتبرا أن بن علي "ما زال رئيسا شرعيا" لتونس. واعتبر القذافي أن ما يحدث في تونس "خسارة كبيرة لها بفقدانها لزين العابدين"، مشيرا إلى أن ما حصل "لا يستحقّ كل هذه التضحيات". وقال "لقد خسرتم خسارة كبيرة، خسرتم تونس وخسرتم زين العابدين". وأشار القذافي إلى أن التغيير الذي حصل في تونس "كان يمكن أن يتم بطريقة سلمية ومتحضرة" ومن خلال "الاستفتاء"، كما اعتبر أن الرئيس السابق زين العابدين بن علي "أفضل" شخص يحكم تونس. ووجّه القذافي سؤالاً إلى الشعب التونسي: "ألم يقل لكم زين العابدين إنه بعد ثلاث سنوات لا يحب أن يبقى رئيسا؟"، وأضاف: "تونس يحسبها الناس دولة سياحة ودولة متحضرة، وأن السياح يكونون مطمئنين، وإذا بها دولة ملثّمين وعصابات الليل وهراوات وسكاكين وقتل وحرائق". ووصف القذافي الوضع الاقتصادي إبان فترة حكم الرئيس المخلوع بأنه كان "ممتازا جدا"، متسائلا: "لماذا تخربونه وتحوّلون تونس الخضراء إلى سوداء بالحرائق والنهب والعصابات الملثّمة؟". وحسب القذافي، فإن الشعب التونسي كان ضحية لما وصفها بأكاذيب تم بثّها عبر الإنترنت، متحدثا بشكل خاص عن موقع ويكيليكس ومواقع التواصل الاجتماعي، التي لعبت دورا مهما في التظاهرات التي قادت إلى الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي، على الرغم من الرقابة المفروضة من جانب السلطات التونسية على الإنترنت.
وفي سياق متصل تشهد تونس تطوّرات سياسية متسارعة، في أعقاب إسقاط الشعب التونسي لنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. فقد وافق الرئيس التونسي المؤقّت محمد فؤاد المبزع على تشكيل حكومة ائتلاف وطنية، وقال: "تقضي مصلحة البلاد العليا تشكيل حكومة وحدة وطنية، وعلى الوزير الأول اقتراحها"، ويتولى محمد الغنوشي -الوزير الأول- مشاورات مع زعماء الأحزاب السياسية حاليا؛ لبحث ترتيبات المرحلة السياسية المقبلة في البلاد. وقد أدّى المبزع اليمين الدستورية رئيسا مؤقتا للبلاد، وذلك بعد يوم واحد من فرار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي البلاد إلى السعودية، بعد شهر من المظاهرات الاحتجاجية التي شهدت أحداثا دامية. أفراد على صلة بالرئيس المخلوع يطلقون النار عشوائيا على المواطنين وعلى صعيد التطورات الأمنية أعلنت مصادر أمنية في تونس أمس (السبت) أن الجيش التونسي قام باعتقال مئات من عناصر الشرطة البارزين في البلاد، وتواجه تلك العناصر المعتقلة اتهامات بالمسئولية في التصعيد الدموي للمظاهرات الحاشدة التي شهدتها البلاد خلال الأيام الماضية. ويُعتقد أن العديد من عناصر الشرطة المعتقلين شاركوا في عمليات سطو وتخريب. وفي تطور آخر، ذكرت وكالة رويترز للأنباء أن مراسليها شاهدوا مجموعات من رجال يرتدون ملابس مدنية يقودون سيارات عبر شوارع العاصمة التونسية بسرعة كبيرة وهم يطلقون الرصاص بشكل عشوائي على مبانٍ وأناس. ولم يتضح بعدُ مَن هُم، ولكن مصدرا عسكريا رفيعا -طلب عدم نشر اسمه- أبلغ رويترز أن أفرادا على صلة بالرئيس التونسي المخلوع -زين العابدين بن علي- ينشرون انعدام الاستقرار في البلاد. وينتشر جنود ودبابات في وسط تونس العاصمة، في محاولة لإعادة الأمن بعد ليلة من الفوضى والنهب. ونقل موقع الجزيرة نت عن مصادر في مدينة بنقردان، الواقعة على الحدود مع ليبيا أن مواطنين ألقوا القبض على مدير الأمن الرئاسي السابق الجنرال علي السرياطي، الذي يُعتقد أنه ضالع في تنظيم العناصر الأمنية المسلّحة، التي تشير تقارير متواترة إلى أنها تعمل على إحداث بلبلة.