السلام عليكم.. أنا سني 24 سنة، طالبة بكلية الخدمة الاجتماعية.. على المستوى الأسري والدي متوفى من 14 سنة، وعلاقتي بأمي تكاد تكون سيئة، هي شديدة جداً ومع ذلك بالتمس ليها العذر كتير؛ لكن بيفيض بيّ من أسلوبها القاسي. أمي ربتني أنا وأخي بمفردها, أخي يكبرني بعامين؛ حنيّن جداً ومتسلط جداً، كل شيء عنده بشروط، يحبني لو خاصمت اللي هو مخاصمه، وصالحت اللي هو مصالحه، ودي أبسط الأمثلة.
على المستوى العائلي علاقتي بيهم جيدة جداً, وأصدقائي بيحبوني بجنون, والمدرسين معجبين بعقلي، وعملت لفترة، وكنت ناجحة جداً؛ لدرجة إني وصلت لأعلى منصب في عملي.
لكن صراعات أمي الدائمة معايا تاعبة أعصابي أوي.. على طول بتزعّق على كل حاجة، مش مدياني فرصة أغلط، دايماً بتتهمني إني غلط، ومش عارفة مصلحتي؛ مع العلم إننا لما بنكون متصالحين بتمدح في عقلي وأسلوبي، ولو فيه مشكلة أنا اتدخلت فيها بمفردي بتشهد بحسن تصرفي.
ممكن تكون مشكلتي إن أمي بتطيع أخويا؛ لدرجة إنه لو قال لها تخاصمني يبقى تخاصمني، ولدرجة إني لما كنت في ثانوي قال لها: يا أنا يا هي، قالت له: إنت.. وأنا ساعتها رُحت عند أخويا اللي من أبويا.
من حوالي أربع سنين أنا ارتبطت بابن عمي، وماما قالت مافيش خطوبة قبل انتهاء الدراسة؛ مع العلم إني مافكرتش فيه إلا بعد استشارتها, ولما كنا نتخانق، كانت تعامله وحش برغم انه اتقدم لي رسمي.. وبعد سنتين من ارتباطي بيه ضغطِتْ عليّ إني أسيبه، وقالت ليّ: يا أنا يا هو؟ واخترتها هي، وكانت حِجتها إني بحبه، واللي تحب واحد يبهدلها.
أنا مش بانام، نومي كله بكاء وصراخ؛ حتى لو كانت الأمور مستقرة في البيت.. أنا لا أنام تقريباً، متوترة دائماً, مش عايزة أرتبط حتى لا يحدث لي ما كان يحدث.. أشعر أحياناً أني أنهار، نفسي أحقق ولو جزء من أحلامي.
كتير باحس إني مش عايزة أصحى؛ بس مش قادرة أنام، عذاب في النوم وعذاب في الاستيقاظ، أي حاجة أنا محتاجة ليها محتاجة أكذب عشان أوصل لها.
أنا في فترة من حياتي -بالإضافة لعدم النوم- كنت بانزف من الزعل, بالإضافة لشعور كل فترة بييجي لي؛ هو إني باكون لا نايمة ولا مستيقظة يعني مريّحة جسمي، وباحاول أنام، وما يحدث هو إني باتكتّف؛ يعني مش قادرة حتى أحرّك لساني وصوتي بيتحاش؛ بس باكون كأني خرجت من جسدي وأصبحت مجرد روح ترى ما يحدث لجسدها.. وباستمرّ لمدة دقائق في هذه الحالة, وبعد كده باحس إن جبل بيتنزع من فوق جسدي.
وهذا ملخص حياتي.. أفيدوني لو أمكن.
هائمة
صديقتي العزيزة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. مشفقة أنا عليك بالطبع من العيش مع شخصين بهذه الدرجة من التسلّط وحب السيطرة؛ لكنهما أمك وشقيقك، أو شقيقك الذي يؤثر على أمك، ولا غنى لك عنهما إذن فلنتعامل معهما، ولكي نتعامل معهما فلنعرف معنى "شخصية متسلطة"، ونفهم طبيعة العلاقة بين أمك وشقيقك؛ حتى نتمكن من التعامل معها بسلام.
الشخصية المتسلطة باختصار هي: شخصية ضعيفة، تفتقر إلى المرونة والمهارة في التواصل مع الآخرين لنقص الثقة بالنفس، ومن ثم تلجأ هذه الشخصية للعنف وبسط النفوذ؛ حتى لا يكون هناك مجال لأن يفعل الآخرون ما لا يعرفه أو يخشاه الشخص المسيطر؛ لأنه هو نفسه شديد الخوف والقلق.. وما ذكرته عن موقف والدتك من ابن عمك الذي أحببته يؤكد ذلك؛ فهذا هو ما تؤمن به هي؛ أن "الحب بهدلة"؛ فحينما رأت حبك، أثار ذلك مخاوفها الناتجة عن مفهومها عن الحب، ونظراً لضعفها؛ خاصة مع ما مرّت به من ظروف قاسية من وفاة والدك مبكراً وتحمّلها مسئولية تربيتكما بمفردها؛ كل ذلك قد يؤثر في قدرتها على التعامل مع مشاعر الخوف والقلق؛ فبدلاً من أن تعالج خوفها تزيل أسبابه.
أما العلاقة بينها وبين شقيقك؛ فهي محكومة بنمط لا شعوري من التواصل؛ فهي تتخذه قائداً للأسرة في كثير من الأحيان؛ لكن لا عجب أن هذا الدور قد يتبادلانه أحياناً، أو أن أمك إذا أرادت شيئاً قد توحي لشقيقك لا شعورياً بآلية التنفيذ؛ أي: هي المدبّر وهو القائم بالتنفيذ.. وكل هذه الأنماط اللاشعورية من التواصل تحدث في الأسر التي تعاني القلق؛ خاصة حينما تفقد الأسرة مبكراً رمز الحماية والقوة وهو الأب.
عزيزتي إذا فهمْتِ ذلك جيداً فتعلّمي ألا تثيري أي موضوع معهما بكثير من التفاصيل؛ بل احرصي على أن توجزي ولا تذكري مخاوفك، ولا تفرّطي في إظهار مشاعر الحب لحبيب أو صديقة أمامهما؛ "لأنك كده معناه إنك هتفلتي من تحت سيطرتهم" وهذا يهدد شعورهم بالأمان.
أما بالنسبة لموضوع النوم وما وصفته من عدم القدرة على النوم؛ فلنحاول بعض التعليمات البسيطة، وأهمها: - أن تشغلي يومك، وحبذا لو عُدت لعملك. - لا تخلدي للنوم أثناء النهار؛ أي لا تذهبي للفراش؛ إلا وأنت مُنهكة ويغلبك النعاس. - اجعلي لك طقوساً تُساعد على النوم كالحمام الدافئ، أو شرب كوب من الحليب الدافئ، أو الينسون أو النعناع. - خفّضي الإضاءة شيئاً فشيئاً في غرفتك. - استمعي لموسيقى هادئة.
وإذا لم ينجح ذلك؛ فعليك بزيارة الطبيب النفسي لوصف بعض الأدوية التي قد تساعدك على النوم؛ خاصة من مضادات الاكتئاب، التي قد تُفيد معك؛ نظراً لما وصفتِه من حالة عدم النوم وعدم اليقظة، التي تشير إلى زيادة مدة نوع النوم المصحوب بحركة العين السريعة، أو النوم الذي يصاحبه الأحلام، وهي فترة من المفترض ألا تزيد نسبتها على 20% في نوم الأشخاص العاديين؛ لكنها قد تزيد في حالات القلق والاكتئاب، وتتحسن كثيراً بتناول مضادات الاكتئاب.