بعيداً عن النووي واليورانيوم أو بمعنى أصحّ بعيداً عن السياسة.. ما رأيك في أن نذهب في رحلة قصيرة إلى إيران؟ فاليوم نريد أن نتوغل قليلاً في قلب المجتمع الإيراني، وأهم المعالم السياحية الإيرانية، ومن بوابة بناء الحياة الجديدة ندخل لنكتشف ما هي أهم المعالم السياحية الإيرانية التي لا يعرف الكثيرون عنها شيئا. أصفهان نصف جهان سنبدأ بالحديث عن أهم مزار سياحي في إيران وهو مدينة أصفهان –أكبر المدن الإيرانية- التي يقال عنها: "لم يزر إيران من لم يزر أصفهان"؛ ذلك سببه أن من يزور أصفهان سيعجب ويدهش حينما يطّلع على معالمها والمناظر الطبيعية الخلابة بها، وهناك مَثَل فارسي يقول: "أصفهان نصف جهان"، أي أن مدينة أصفهان هي نصف الدنيا أو نصف العالم، بالرغم من وصفها جغرافيا بإحدى المدن الآسيوية التي تقع في إيران! وتقع أصفهان في الجزء الأوسط الغربي من إيران بين مدينتي طهران وشيراز، على نهر زاينده المفعم بالحيوية؛ حيث تنساب مياهه عبر مرتفعات جبال بختياري، وانتشار الحدائق والمتنزهات الخلابة الواقعة على ضفتيه؛ مثل متنزه "ملت" وحديقة بوستان التي تعدّ جميعها مواقع سياحية جذابة. جاء وصف أصفهان بأنها نصف العالم؛ ربما لأنها تتمتع بجمال أخاذ، وربما لأن كل من ذهب إليها من جميع أنحاء العالم وجد فيها جانبا أو ملمحا من ملامح حضارته أيضا، ومن هذا المنطلق سأعرض لك ما تتمتع به مدينة أصفهان من جمال.
جسر سي وسه بل ساحة نقش جهان تعرف أيضا بساحة الشاه أو ساحة الإمام، وتقع وسط مدينة أصفهان، وتعتبر ثاني أكبر ساحة في العالم (بعد ساحة تيانانمين في بكين). وهي محاطة بأبنية أثرية من الحقبة الصفوية، ومن أشهر معالم هذه الساحة مسجد الشاه (والذي أبدل اسمه ليصبح مسجد الإمام)، ومسجد الشيخ لطف الله، وقصر عالي قابو، وبازار أصفهان الكبير، وتعد هذه الساحة شاهداً حياً على الغنى الثقافي والاجتماعي الذي تمتّعت به إيران خلال العهد الصفوي. جسر سي وسه بل يعدّ أحد أبرز المعالم السياحية الأثرية في مدينة أصفهان، وهو عبارة عن جسر مؤلف من 33 قنطرة وشيد فوق نهر زاينده، وينتشر فوقه عازفو المزامير الإيرانية القديمة، والرسامون الماهرون، وتتناثر الأكشاك والعربات المتنقلة لبيع الذرة المشوية والفيشار والمشروبات الباردة. جسر خاجو وحديقة باغَ كُلها يتميز الجسر بطبيعة رائعة حيث إنه يقع على نهر زاينده، أما حديقة باغَ كُلها أو حديقة الزهور، فتحمل في كل زواياها جميع أنواع الزهور الطبيعية الجميلة بأشكالها وألوانها المختلفة، وتتدفق المياه الجارية في أنهر صغيرة تتخلل الحديقة.
قصر جهلستون قصر أو مبنى عالي قابو يتجلى سحر "عالي قابو" وجماله الحقيقي في غرفه وصالاته، أكثر مما يتجلى في مظهرها الخارجي، حيث توجد الزخارف والنقوش والرسوم المنحوتة على الجدران والأسقف، وقد تم طلاء الجدران بماء الذهب. ويُعتبر هذا المبنى المدخل الرئيسي لجميع القصور التي بنيت في ساحة ميدان نقش جهان في العهد الصفوي.. "عالي قابو" كلمة مركّبة من كلمتين، وتعني الباب العالي، ويتألف البناء من خمسة طوابق، وكل طابق به مجموعة من النقوش والزخارف الخاصة به التي تميزه عن غيره من الطوابق الأخرى. قصر جهلستون وهو قصر الأربعين عمودا، وكانت فيما مضى مغطاة بالزجاج الملون والمرايا التي تنعكس على ضوء بركة مائية لترسم منظرا بديعاً، ويقع على جانبي القصر قاعة ومجموعة من الغرف، كما يضم القصر آثاراً قديمة ورسومات قيّمة ذات طابع فارسي أصيل، وبه حديقة واسعة يتوسطها القصر. والقصر عبارة عن قلعة وبه قاعات للاستقبالات الرسمية للملك الصفوي السابع شاه عباس الثاني، ومن أجملها قاعتا الثمانية عشر عموداً، والمرايا.
منار جنبان والمنار الهزاز بازار أصفهان وهو سوق أصفهان القديم الذي يعود تاريخه إلى ما قبل العصر الصفوي، وقد قام الشاه طهماسب الصفوي بتوسيعه وإلحاق بعض الأسواق الجديدة به، ويتألف البازار من عدة ممرات ضيقة وملتوية؛ من أشهرها سوق البزارين والصفارين والصاغة والسجاد وغيرها، وهو يعتبر من أبرز المعالم السياحية والاقتصادية في إيران. ويعتبر هذا السوق مركزاً لبيع وشراء البضائع والصناعات اليدوية الأصفهانية، التي تمثل أشهر منتجات الحرف اليدوية عالمياً، وتبرز قيمة هذه المنتجات اليدوية في مهارة الرسم والنقش والحفر على الأخشاب والمعادن، وصناعة الأواني، والتحف الذهبية والفضية والنحاسية والصناعات الجلدية، إضافة إلى وجود أجود أنواع السجاد اليدوي الفارسي الأصيل المعروف على مستوى العالم. منار جنبان والمنار الهزاز تعني المنارات الحائرة وتمتاز بسر خاص كما يقول الأصفهانيون، وهي مصممة بفن يثير الإعجاب، فبمجرد تحريك إحداهما تهتز المنارة الثانية معها، ولكن ليس بشكل واضح، لذا تم تعليق جرس على الأخرى ليتبين اهتزازها للناظرين. هكذا انتهت زيارتنا لهذه لمدينة أصفهان التي تعد من أهم وأروع مدن إيران.. والآن ننتقل إلى عرض سريع لأهم ما تتميز به مدن إيران الأخرى من المزارات السياحية.
برج آزادي طهران.. إحدى أكبر المدن في العالم وهي العاصمة الإيرانية التي أصبحت اليوم من أكبر المدن وأكثرها سكاناً في العالم؛ حيث يبلغ تعداد السكان بها أكثر من 14 مليون نسمة، وكانت في عهد الشاه طهماسب عاصمة لدولته؛ مما أكسبها مزيداً من الاهتمام نحو بناء المباني والقلاع المختلفة، وبعد عدة عقود أصبحت طهران أكبر مدن إيران؛ بل إنها أصبحت إحدى أكبر المدن في العالم أيضاً. جبل دماوند ومتحف المجوهرات الملكية وبرج آزادي من أهم معالم طهران السياحية الطبيعية جبل دماوند، الذي يقع وسط سلسلة جبال البرز، ويتميز بأن قمته -التي تغطيها الثلوج بصفة دائمة- من أرفع القمم في غربي آسيا وأوروبا، ويزيد من جماله الينابيع الكثيرة على سفوحه التي تصبّ جميعها في نهر هراز، والعجيب أن الجبل يتألف من سبعين فوهة بركانية، وتنتشر على سفوحه قرى كثيرة متناثرة. أما عن أهم مزارات طهران الأثرية؛ فهي متحف المجوهرات الملكية الذي يحتوي على 2000 قطعة من المجوهرات والمصوغات القديمة، وقصر متحف نياوران، وهو عبارة عن مجمع قصور قديمة، وهناك متاحف أخرى كثيرة مثل: متحف رضا عباسي، ومتحف السجاد الإيراني، ومتحف الفنون الإيرانية الأصيلة، ومتحف سبز، ومتحف الشعب أو القصر الأبيض، وغيرها. ومن أروع المعالم الرئيسة في طهران برج آزادي الذي أصبح شعاراً للجمهورية الإيرانية، وهو يقع على مدخل العاصمة الإيرانية ويحيط بالبرج ميدان آزادي، وهو مغطى بشكل كامل بالرخام، ويوجد في أعلاه متحف، وعند افتتاحه سُمّي شهياد آريامهر، وبعد الثورة الإسلامية في إيران 1979 غُيّر الاسم إلى برج آزادي؛ أي: برج الحرية. والآن نذهب في زيارة سريعة إلى مدينة خراسان:
مرقد الإمام الرضا ثامن الأئمة عند الشيعة خراسان بلد الصيد من يهوى الصيد سيجد في إقليم خراسان ما يحب؛ حيث إنه يمتاز بوجود أنواع مختلفة من حيوانات الصيد؛ إذ تكثر بالمناطق التي لم تصل إليها قدم إنسان. تعدّ خراسان مهد اللغة الفارسية، كما أن لها تاريخاً حافلاً بالحروب والدمار؛ حتى ذاع صيتها في عهد الدولة الأموية وحتى حقبة الاستعمار. ومن أهم مزاراتها السياحية: مرقد الإمام الرضا، ثامن الأئمة عند الشيعة، ومسجد اثنان وسبعون، ومتحف الأستانة الرضوية، متحف قرآن، متحف باغ ملك آباد، وحديقة ملة، والجبل الحجري المجهّز ببركة للسباحة وكل وسائل الترفيه والضيافة، كما تشتهر خراسان بالصناعات اليدوية، والسجاد، وصناعات الجلود، والأحجار الكريمة.
مدينة شوشتر شوشتر.. المدينة التي تجري من تحتها الأنهار تقع مدينة شوشتر في محافظة خوزستان، يذهب إليها الإيرانيون في أيام الإجازات من أجل السباحة في أنهارها التي تجري من تحتها، التي تبدو لوحة فنية جميلة؛ إذ إن بها نظام ري في غاية الغرابة، بناه الإنسان منذ أكثر من 3000 عام. ويعد هذا النظام المائي المدهش من أروع إبداعات العقل البشري؛ خاصة حين نتخيل أنه منذ تمّ بناؤه من آلاف السنين وحتى اليوم، لا يزال يعمل بكفاءة مدهشة، وأكثر ما يميزها من الناحية الجمالية الطريقة التي تصبّ بها قنوات الري في النهر؛ لأنها تشكّل شلالات تنساب من المنحدرات الصخرية على ضفاف النهر لترسم لوحة فنية رائعة الجمال.
هكذا انتهينا من جولة سريعة في أهم مدن إيران السياحية؛ لنتعرف على أهم مزاراتها الجذابة.
