السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أولاً: أُحبّ أشكركم، وأدعو الله أن يسعد قلوبكم، ويفرّج همومكم كما تقفون مع المهمومين. ثانياً: أنا قصتي مرتبطة بالصداقة، ونفسيتي تعبانة جداً؛ بسبب الموضوع ده؛ أنا كان ليّ صديقة، وبقالنا 7 سنين أصدقاء، ومن 3 سنين اتعرَّفِت هي على ولد أخلاقه سيئة جداً؛ إنسان سيئ؛ فكان صعبان عليّ أشوفها بتعمل حاجة غلط ومانصحهاش؛ لأني بحبّها أكتر مِن نفسي.
المهم نصحتها كتير جداً، وماسمعِتش الكلام، وراحت للولد ده، وحكت له إني بانصحها تبعد عنه، راح قال لها: يا أنا يا صاحبتك دي؟ وبكل سهولة باعتني واتخلّت عني.. اتصدمت فيها وقلت مش مهم، جيت على نفسي وكرامتي وكلمتها وصالحتها، وهي كانت الغلطانة، وبعد ما اتصالحنا بشهر كلمتها عشان أقابلها، وهو كان معها ردّ عليّ وقال لي: هي مش عايزة تعرفك تاني، اخرجي من حياتها.. وقفل في وشي.
ومن وقتها وأنا حزينة على صاحبتي اللي ضاعت، وعلى صداقتنا اللي انهارت بكل سهولة لأني لسه بحبها جداً، وكرامتي وجعاني أوي إني أكلمها تاني، وبرغم كل ده ماحاولِتش هي حتى تكلّمني تاني خالص؛ كأنها فعلاً مش عايزة تعرفني تاني؛ فهل يا ترى فيه حل أرتاح بيه من الهم ده؟
آسفة إني طوّلت عليكم، والمشكلة ممكن تكون تافهة بالنسبة لأي حد غير صاحبها؛ لأن الصديق صعب إن الواحد ينساه بسهولة.
s
صديقتي العزيزة الرائعة.. قصتك لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون تافهة؛ ففيها أجمل معنى للصداقة الحقيقية وصدق المشاعر النبيلة تجاه صديقتك، وهو شيء نادر جداً الآن؛ فإن وجدت الصداقة؛ فمن الصعب أن تكون صالحة ونقية إلا ما رحم ربي.
لذا فاسمحي لي أن أُحيّيك على وفائك الرائع، وعلى تصميمك على الإمساك بصديقتك قبل الانهيار في هاوية لا نعلم مداها ولا عواقبها، وهذه الرحمة التي خُلقت في قلبك والتي وضعها الله فيك، ربما لتكون وسيلة حماية لصديقتك، واختباراً لكِ؛ حتى يرى الله تصرّفك في هذا الموقف.
وصديقتك من الواضح أنها منغمسة حتى النخاع في انبهارها بهذا الشاب، وهي في هذه الحالة بالتأكيد لن تتقبّل أي كلام يُوجّه إليها لتبتعد عنه، ولا ترى الآن مَن هو أفضل منه، ولا ترى أن هناك داعياً لابتعادها عنه، ومن الواضح أيضاً -مع الأسف- أنه تمكّن من السيطرة عليها كلياً؛ فأصبح هو من يردّ عليك، ومن يتصرّف لها في أمورها؛ وبالطبع فصديقتك الآن ليست في حالتها الطبيعية على الإطلاق، وهذا سيتّضح لك عندما تفيق، وأرجو ألا تكون إفاقتها بعد فوات الأوان، وعلى هذه الحالة فإن أي نصيحة تُوجّه معها أجسام مضادة تقاومها بها.
ولذا فإنه طبقاً لمعدنك الأصيل النادر؛ فإنك بالتأكيد لن تتركيها؛ لأنها فعلاً في مشكلة لا تعيها، وهذا هو فعلاً ما يريده منك الله في موقف كهذا؛ فإنك لا تتصوّرين مدى الخير الذي ستكرمين به إذا كانت هدايتها على يدك؛ ولكن هذا الأمر يتطلّب منك بعض الصبر والحكمة؛ فقد تكون طريقتك المباشرة في النصيحة قد جعلتك تنتظرين نتيجة مباشرة؛ وكأنك إذا قلت لها "اتركي هذا الشاب"؛ ستقول: سمعاً وطاعاً وتتركه!
لا يا عزيزتي، الأمر معقّد، ويتطلّب منك أن تقتربي منها مرة أخرى تدريجياً دون أن تذكري لها عن هذا الموضوع شيئاً؛ خاصة إذا لم تكن لديك مَلَكة الدبلوماسية في الحوار أو طريقة الجذب غير المباشرة، وعندما تطمئن من جهتك وتتفاعل معك مرة أخرى بإمكانك التأثير فيها؛ حتى دون أن تقصدي بأخلاقك وآرائك وتصرفاتك، ودون أن يُشعرها ذلك أنك الناصحة الرشيدة، وهي الفتاة المخطئة التي يجب أن تخجل من نفسها.
حاولي أن تُركّزي على الرسائل الإيجابية، وأشعريها كم هي غالية، وأن عليها ألا تُهين نفسها؛ ولكن لا تقوليها بشكل مباشر.. فكّري أولاً إذا كانت ستتقبلها أم لا، ولو كنت أنت في نفس ظروفها ستتقبلين ذلك أم لا؛ حتى لا تحمل كلامك بشكل عدائي وتتحفّظ منك.. عليك أولاً كسب ودّها حتى يكون تأثيرك فيها بالحب واللطف، لا أن ينبع من مصدر خوفك عليها، وبالتالي يظهر لها بشكل مباشر فلا تستمع إليه.
الحب يا عزيزتي هو أقوى سلاح يمكن أن تؤثّري به، واستخدامه الصحيح يكون بالتعبير عنه بشكل صحيح كما أخبرتك، استمري في السؤال عنها حتى إن لم تستطيعي بعد كل ذلك كسب ودّها؛ فربما أتت إليك الفرصة في أي وقت للتقرّب منها مرة أخرى، وعليك بالدعاء لها بنور البصيرة والنجاة من هذه القصة، اجعليها تُحبّك كثيراً، وسترين كم أن ذلك سيعطي نتيجة أكبر في التأثير.. ولا تتعجّلي أبداً النتيجة حتى لا تفقديها.