من بين الأمور والقضايا التي فرضت نفسها بقوة على وسائل الإعلام الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، ما قام به الموقع الإلكتروني "بيراتي" من نشر وكشف أسماء ضباط وجنود إسرائيليين من مجرمي الحرب. في البداية، كشف الموقع الإلكتروني "بيراتي"، الذي لم تعرف هويته حتى الآن، وإن كانت هناك ترجيحات بأنه أمريكي، حقائق جديدة عن مجرمي الحرب الإسرائيليين، بنشر أسماء وصور ومعلومات كاملة عن أكثر من مائتي ضابط ومسئول وجندي إسرائيلي، ارتكبوا واشتركوا في ارتكاب جرائم حرب بحق العرب من بينهم الفلسطينيون واللبنانيون، لترتفع أسهم ومؤشرات احتمالات الملاحقة القضائية لمجرمي الحرب الإسرائيليين، بعد الكشف عن تلك المعلومات الجديدة.
قالت صحيفة "معاريف" العبرية يوم الجمعة الماضي الموافق التاسع عشر من الشهر الجاري أن الكشف عن أسماء وصور ومعلومات شخصية عن أكثر من مائتي ضابط وجندي إسرائيلي ارتكبوا جرائم حرب، يعني إضافة حلقة جديدة في مسلسل جبهة نزع الشرعية عن إسرائيل، وضرورة اتّباع سياسة الملاحقة القضائية لهم، خاصة أنهم جميعهم قد اشتركوا مؤخرا في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، والتي أطلق عليها اسم "الرصاص المصبوب"، رغم أنه حتى الآن لم يكشف النقاب عن مؤسس ومدير ومحرري هذا الموقع الإلكتروني (بيراتي) الذي كشف عن تلك الحقائق المهمة والخطيرة.
ذكر المعلّق العسكري للصحيفة "إريك بندار" النقاب عن أن ثمة قلقا ورعبا كبيرين يسودان سدة الحكم في إسرائيل والقيادات السياسية والعسكرية، وخاصة قادة الجيش الإسرائيلي، بعد الكشف عن قائمة مطوّلة تضم أكثر من مائتي ضابط وجندي إسرائيلي ارتكبوا مجازر ومذابح بحق الفلسطينيين في حرب غزة الأخيرة، وهي القائمة التي تشمل تفاصيل مهمة، مثل الاسم والرتبة وبطاقة الهوية وتاريخ الميلاد وعنوان المنزل، وما شابه ذلك من معلومات دقيقة مهمة.
من بين تلك القائمة المهمة رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية الجنرال "جابي أشكنازي"، والجنرال "يوآف جلانت"، قائد المنطقة الجنوبية، والقائد القادم لهيئة الأركان، وكذا نائب رئيس هيئة الأركان الجنرال "دان هرئيل"، ورئيس المخابرات العسكرية "أمان" الجنرال "عاموس يادلين"، وقائد سلاح البحرية الإسرائيلي الجنرال "إليعازر ميروم"، والجنرال "جود روزنفلت"، قائد لواء جولاني، مع الإشارة إلى أن الأخير تلقّى أكثر من رسالة تهديد على الموقع الإلكتروني نفسه (بيراتي) باغتياله، ما فرض سياسة الأمر الواقع على الكثير ممن شملتهم القائمة بعدم خروجهم من إسرائيل إلى الخارج؛ تنفيذا لهذه السياسة التي أسكنت ممن ضمتهم القائمة ثكناتهم العسكرية ومنازلهم فحسب، دون التمتع بحرية التنقل داخليا وخارجيا، بل ربما يصل الأمر إلى ملاحقتهم قضائيا.
ونقلت الصحيفة على لسان أحد الضباط ممن شملتهم القائمة أنه من المحتمل أن يكون محررو ومعدو الموقع قد اخترقوا موقعا إلكترونيا حكوميا إسرائيليا، أو تابعوا مواقع إخبارية إسرائيلية، ومن ثم استقوا منها هذه المعلومات المهمة والخطيرة، والذي قال أيضا إنه لا يجب الاستهانة بمثل تلك المعلومات، ومن ثم يدفعنا الأمر إلى البحث عن شرعية إسرائيل أمام العالم، ومحاولتها إثبات يهوديتها والاعتراف بها دولة يهودية.
ما يؤكد ذلك أن ثمة تحقيقا فُتح على عجل يوم الجمعة الماضية فور نشر الموقع لتلك المعلومات الخطيرة، حيث أشارت "معاريف" إلى أن قيادة الجيش الإسرائيلي أمرت بفتح تحقيق عاجل في مدى تسريب تلك المعلومات من عدمه من مواقع إلكترونية حكومية أو من أي جهة، فضلا عن توجّه أعضاء من الكنيست بدعوى عاجلة للمستشار القضائي للحكومة "يهودا فنشتاين"؛ لمحاكمة المقصرين عن أي تسريبات إعلامية لأسماء الضباط والجنود!