هبوط أسعار الذهب اليوم فى مصر لعيار 21 بعد تراجع السعر العالمى    توقعات بزيادة 8 ملايين سائح بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. فيديو    أردوغان: اتفاقية يوروفايتر مع بريطانيا تعزز العلاقات الاستراتيجية    الكومي يكشف كواليس جديدة في أزمة عقوبة دونجا    دليلك الكامل لضبط الساعة مع بدء العمل بالتوقيت الشتوي.. خطوة بخطوة قبل الموعد الرسمي    تعرف على موارد هيئة المتحف المصري الكبير وفقًا للقانون    إقبال جماهيري كبير على ليالي مهرجان الموسيقى العربية 33 في الإمارات    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    بدون شرائح اللحم.. اعرفي أسهل طريقة لعمل الشاورما اللحمة المصري    وزيرة التضامن تشهد الاحتفال باليوبيل الماسي للهيئة القبطية الإنجيلية    ألفاريز يقود هجوم أتلتيكو مدريد أمام بيتيس في الدوري الإسباني    حقيقة فيديو متداول ل«ترحيل السوريين من ألمانيا»    عبد المنعم سعيد: حماس دمّرت اتفاق أوسلو.. ومصر تبذل جهودًا كبرى لتوحيد الصف الفلسطيني    تعرف على مواقيت الصلاة الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 في مطروح    هدف عكسي.. أهلي جدة يتقدم على الباطن في الشوط الأول    انطلاق المبادرة الرئاسية تمكين لدعم الطلاب ذوي الإعاقة بالمنيا    مدير «تعليم المنيا»: المعلمين الركيزة الأساسية في بناء الأجيال وصناعة مستقبل الوطن    كل ما تريد معرفته عن التوقيت الشتوي في مصر 2025.. الموعد وطريقة الضبط الدقيقة    مريم سوليكا تكشف قصة اختيارها كأول شابة مصرية ضمن قادة الأمم المتحدة للشباب    الأهالي يودعون صغيرهم سليم بعد سقوطه في بالوعة للصرف الصحي    إزاى تقدم على معاش تكافل وكرامة ؟.. خطوات الاشتراك والمستندات المطلوبة    انطلاق مبادرة «عيون أطفالنا مستقبلنا» في المنيا لفحص إبصار طلاب المرحلة الابتدائية    ابن فريدة سيف النصر يكشف ل اليوم السابع سبب غياب والدته عن جنازة وعزاء شقيقها    خروج جثمان طفل شبرا الخيمة من مستشفى ناصر التخصصى بعد تصريح النيابة بالدفن    لدغتها تصيب بالحمى والقرحة.. مخاطر «ذبابة الرمل السوداء» بعد وفاة طفل في الأردن    الأديب الدبلوماسى أحمد فريد المرسى: أعمالى نوافذ على عوالم مغايرة    المخرج سعد هنداوى يطالب بتكريم عادل إمام ببناء دار عرض تحمل اسمه    استمرار محادثات السلام بين باكستان وأفغانستان لليوم الثالث في ظل توترات حدودية    هل يضاعف حساب الذنوب حال ارتكاب معاصي بعد العمرة أو الحج؟.. فيديو    ضبط 2800 لتر من زيوت السيارات مجهولة المصدر بالخانكة    نواب الأمة    بعد إعلان عرضه.. تفاصيل مشاركة مهرة مدحت بمسلسل كارثة طبيعة بطولة محمد سلام    في ملتقى عالمي بالرياض د.خالد عبد الغفار: العائد الاستثماري في الصحة يحقق أربعة أضعاف    رئيس المركزي للمحاسبات يفتتح أعمال المجلس التنفيذي ال79 للإنتوساي بشرم الشيخ    المشدد 10 سنوات لعامل لاتهامه بهتك عرض صغيرة بالقليوبية    الأهلي يختتم استعداداته لمواجهة بتروجيت وسط تركيز عالٍ وتظلم رسمي ضد الكاف    ملك الأردن: لن نرسل قوات إلى غزة ومستعدون لدعم الشرطة الفلسطينية    شيخ الأزهر للرئيس الإيطالي: ننتظر إعلان روما الاعتراف بدولة فلسطين (صور)    محمد صلاح ضمن قائمة المرشحين لأفضل 11 لاعباً فى العالم من فيفبرو    حكم طلاق المكره والسكران في الإسلام.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل ويوضح رأي الفقهاء    تأجيل محاكمة 89 متهما بقضية "خلية داعش مدينة نصر" لجلسة 11 يناير المقبل    بث مباشر.. الفتح في ضيافة الرياض الليلة الساعة 5.35 في دوري روشن السعودي 2025    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    رسمياً.. يوفنتوس يقيل تودور بعد أسوأ سلسلة نتائج منذ 2009    لجنة فلسطين بالبرلمان العربي تعتمد مجموعة من التوصيات لدعم القضية    مشهد صادم على الطريق.. سائق ميكروباص يدخن "شيشة" وهو يقود في الإسكندرية    أول صورة لضحية حادث تصادم سيارتين ملاكي وتريلا في قنا    رئيس الوزراء يتابع مع محافظ بورسعيد عددًا من المشروعات الاستثمارية الجاري تنفيذها في المحافظة    مراسل القاهرة الإخبارية: الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة ما زالت بالغة الصعوبة    مفتي الجمهورية: الجماعات المتطرفة توظف العاطفة الدينية للشباب لأغراضها الخاصة    فينيسيوس: لانريد الإساءة للاعبين شباب أو للجماهير.. وعلينا أن نستمتع قليلا    المشاط: الإحصاءات تُمثل ركيزة أساسية في صنع القرار ودعم مسيرة التنمية    شيخ الأزهر في القمة العالمية للسلام بروما: لا سلام بالشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية    هل ستتعرض القاهرة الكبري لأمطار خلال الساعات المقبلة ؟ الأرصاد تجيب    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    أسعار اللحوم اليوم الاثنين في شمال سيناء    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احترس.. هذا المقال به جُرعة من الأمل
نشر في بص وطل يوم 21 - 11 - 2010

هل ستتغير مصر ونحن على قيد الحياة؟ يصادفني هذا السؤال دائما من أناس من مختلف الأعمار والطبقات والثقافات يجمعهم معنى وحيد هو اليأس، ودائما يستغرب هؤلاء عندما أقول لهم إن مصر تغيرت بالفعل وتواصل التغير كل يوم ونحن على قيد الحياة، لكن يبقى الأمر هل نريد أن ندرك هذا التغير وهل نريد أن نتفاعل معه، أم نفضّل الركون لراحة اليأس ونعيم "الاستموات"؟
غالبا يسخر مني بعض من أقول لهم هذا الكلام، ويتعاطف معي البعض الآخر على أساس أني "لازم يقول كده عشان يعرف يكمّل"، ودائما أقول للساخرين والمتعاطفين إنني لو لم أكن أشعر بأمل أو جدوى من الكتابة لما كتبت، ومع أنني أدرك أن اليأس شعور إنساني طبيعي خصوصا في بلد كمصر يشجع عليه ويتربح القابضون على مقاليدها من ترويجه وانتشاره، كما أنني لا أعرف مصلحا أو ثائرا أو حالما في مصر لم يصبه اليأس في فترة من فترات حياته.
لكنني أيضا لم أحب مصلحا أو ثائرا أو حالما في مصر إلا ووجدته مستمرا في مقاومة اليأس والإحباط حتى الرمق الأخير من حياته، ولذلك مهما شهدت -وما سأشهد- من إحباطات أو تعثرات أو بلاوي مهببة، فإنني أوقن دائما أن مصر تتغير بالفعل إلى الأفضل، لأنه لا يمكن أن يموت بلد فيه هذا القدر الرهيب من المواهب في الآداب والفنون والعلوم، وهي مواهب لا يدري بها أولئك الذين لا يسعون لقراءة وسماع ومشاهدة الجديد، بل يظلون قابعين في كهوفهم التي يأنسون لها، ثم يسألون لماذا يخيم الظلام دائما.
طب والله العظيم ثلاثا لا أذكر أنني كتبت يوما على كثرة ما كتبت في مجال كنت أتخيل أنه جديد وغير مطروق إلا وجاءتني رسائل من مواطنين مصريين أغلبهم شباب، وبعضهم لا يزال يقاوم داخل مصر وبعضهم انتشر في الأرض لطلب العلم والرزق، لأعرف من تلك الرسائل أنهم حققوا درجات علمية أو خبرات عملية في كل مجال كتبت عنه. لذلك ومن خلال هذه الخبرة الشخصية أؤمن بأنه رغم كل ما تمّت ممارسته من تخريب وتجهيل وتدمير للشخصية المصرية طيلة سنوات القهر والاستبداد، فإن العنصر البشري في مصر لا يزال قادرا على صنع التغيير.
وإذا سألتني متى وكيف وبأمارة إيه؟ وأنت تظن أن أسئلتك ستدفعني لليأس فدعني أقل لك من جديد إنني لا يمكن أن أيأس وأنا أرى هذا الكم المدهش من الشباب الذي يتفاعل مع دعوات التغيير، ليس تفضلا منه بل لإدراكه أن مصلحته ورزقه وأمانه ومستقبله يرتبط ارتباطا عضويا بالتغيير، وهؤلاء الشباب وحدهم هم الذين سيغيرون واقع مصر، أو في أسوأ الأحوال سيجبرون من يختطفونها على تحسين أوضاع المخطوفين تمهيدا لتحريرهم في يوم من الأيام يتوقف موعده على رغبة المخطوفين في التحرر السريع.
لماذا أفتح لك سيرة الأمل والتفاؤل التي "تموّع النِفس" على الصبح؟ لأنني مؤخرا كتبت مقالين بعنوان (نكاح الأفكار) تحدّثت فيهما عن منتدى تقيمه مؤسسة اسمها TED لتداول الأفكار الجديدة التي يمكن أن تغير شيئا في العالم، سواء كانت أفكارا جنينية في طور التشكل، أو أفكارا قابلة للتنفيذ الفوري وتحويلها إلى منتجات يتداولها الناس، كنت أتصور من خلال الرسائل والاتصالات التي جاءتني أنني جئت بالتايهة وقدمت للقراء شيئا لا "يُسدّكه عكْل" على رأي "ستنا شويكار"، لكن عددا من الرسائل التي جاءتني كشفت لي أنني أنا المتخلّف عن مسايرة حركة الواقع في مصر؛ لأنني أنا أيضا مثل القارئ ضحية لواقع الجزر المنعزلة التي يعيش عليها أناس يحاولون أن يقدّموا شيئا ينقذنا من الغرق في بحر الظلمات العظيم المحيط بنا.
ولو وجدتْ تلك الجزر المنعزلة من يقوم بربط أصحابها ببعضهم لقدمنا شيئا لبلادنا غير اليأس، مع مراعاة أنني لم أكن أبدا ولن أكون من أنصار نظرية "بدلا من أن تلعن الظلام أشعل شمعة"، لأنني أؤمن بوجوب لعن الظلام الذي رفع أسعار الشموع وتسبب في تدهور صناعة الكبريت.
الرسالة الأولى جاءتني من الأستاذة "يامن العوامري" -مديرة مشروع بأحد المراكز التنموية- والذي فشلت في ترجمة اسمه بدقة، تقول فيها: "أردت أن أخبرك بأن TED ومجتمعها وجدت طريقها إلى مصر من خلال مجموعة من الشباب الطموح، الذين أطلقوا بالفعل المنتدى الأول في مايو الماضي، ويعدون الآن للمنتدى الثاني، ويمكن أن تزور موقعهم لمزيد من المعلومات على الموقع الآتي: http://www.tedxcairo.com.
بعدها جاءتني رسالة من الأستاذ "أحمد الجوهري" جاء فيها: "أحببت أن أخبرك أن هناك مجموعة من الشباب حديثي التخرج من كلية الهندسة جامعة عين شمس قامت بإعداد وإطلاق منتدى TED في مايو 2010 ويعدون الآن للدورة الثانية منه خلال أشهر، وأنا نفسي جزء من فريق العمل الذي أطلق الحدث الأول، ويمكن أن تجد تفاصيل وافية عن المناقشات التي تمّت فيه والأفكار التي تمّ تقديمها بالفعل على موقع المنتدى (الذي نشرته سلفا) وعلى الجروب الخاص به في فيس بوك، بل تشاهدها على يوتيوب بالصوت والصورة، أخيرا أريد أن أشكرك على الإشارة إلى هذا الموضوع في مقالك بصفتك شخصا تقوم دائما بنشر الأفكار الجديدة واللامعة، وأعترف بأنك دائما كنت تلهمني بكتابتك، وبالمناسبة ستجد على الموقع قسما خاصا للقصص الجديدة التي يروي أصحابها كيف أثرت فيهم الخطابات التي قدّمها متحدثونا على الجمهور، وهل كانت ملهمة فعلا، ولك أن تعلم أنني كنت فعلا من الأشخاص الذين ألهموا الحضور كما قيل، وأنا سعيد بذلك، يمكن أن تراجع هذه القصص على الرابط التالي: http://www.tedxcairo.com/stories/mboard.php . وأتمنى أن تنضم إلينا كمتحدث في المنتدى القادم الذي سنقوم به".
الأستاذ "أحمد عيسى" من الإسكندرية قال إنه كان مع أصدقاء له من الإسكندرية يريدون عمل مؤتمر آخر في المكتبة بالتعاون مع TED "بس لظروف امتحاناتنا اللي لسه ماخلصتش ماقدرناش، بس هنحاول نعمله قريبا إن شاء الله"، ما أثلج صدري ليس فقط أن هناك مؤتمرا كهذا يمكن أن يقام في الإسكندرية، بل إن من يعدّ لإقامته طالب في مرحلة دراسية ما حتى لو كانت مرحلة دراسات عليا، فهذا أمر يشرح القلب المخنوق.
أما الأستاذ "أحمد جاد" فقد أشار في رسالته إلى واحد من كتابي المفضلين هو الأستاذ معتز بالله عبد الفتاح الذي أشارك الأستاذ "أحمد" وكثيرين في الحرص على قراءة مقاله اليومي الممتع والمهم في صحيفة "الشروق"، وكان الأستاذ "معتز" قد كتب أكثر من مقال عن ضرورة تشكيل بنك للأفكار في مصر، يتم فيه تداول الأفكار المصرية "لعلنا نحفظ قريحتنا الجمعية من الضياع".
ثم شكرني لأنني دللته على موقع TED الذي استمع فيه إلى عدة محاضرات مهمة منها محاضرة "جوزيف ناي" صاحب مصطلح القوة الناعمة، ومحاضرة مهمة أخرى للسيدة "جيسيكا جاكلي" عن بنوك الفقراء.. "لا أريد أن أستبق المشاعر التي ستغمرك بعد الاستماع إليها، لكن لا يسعني إلا أن أدعو للمسلم العظيم محمد يونس مؤسس جرامين بنك (بنك الفقراء) الذي حصل بسببه على جائزة نوبل للسلام، وألهم أمريكية مسيحية مخلصة هي ملقية المحاضرة؛ لكي تنشئ موقعا فريدا هو kiva.org وقد أصبح بمثابة فيس بوك خاص ببنوك الفقراء في العالم. ويمكن مشاهدتها هنا:
http://www.ted.com/talks/jessica_jackley_poverty_money_and_love.html
الأستاذ "باسم راشد" تحدّث بالإنجليزية في رسالته عن بعض الأفكار التكنولوجية التي أشرت إليها في مقالي قائلا: "أحب أن أؤكد أن هذه المشروعات تتطلب معيارين اثنين هما: تحويل ومعالجة الصورة وخلق البيئة. خلق البيئة أمر سهل وقد بدأ منذ أن بدأت ألعاب الكمبيوتر تدخل كل بيت في العالم. لكن الجزء الأصعب هو معالجة الصور، وهي عملية تكنولوجية نادرة الاستخدام، ليس في مصر بل في العالم، وأنا فخور بأن أقول إننا في الجامعة الألمانية في القاهرة لدينا خبرة جيدة في معالجة الصور، وقطعنا خطوات عديدة في هذا الجانب".
أما الدكتور "نبيل محمد شلبي" فقد تحدّث عن مشروع اسمه "نبع الأفكار" تم إطلاقه يوم 1 نوفمبر الجاري "لكي يرتوي منه الباحثون عن الأفكار الجديدة والجيدة لمشروعات صغيرة"، والمشروع مقتبس من كتابه "ابدأ مشروعك ولا تتردد"، والذي يبدو أنه حقق إقبالا؛ لأنه طبع خمس طبعات، وستجد إن أحببت المشروع على فيس بوك لو بحثت عنه.
أما الأستاذ "أحمد عزت" فقد قال في رسالة له: "من خلال عملنا في التنمية كمؤسسة أهلية تستهدف دعم ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، نجد أن أكبر الصعوبات التي نواجهها هي تغيير النهج الفكري للشباب"، ثم قال لي إن المؤسسة التي يعمل بها قامت خلال الأيام الماضية بتجربة شبيهة لما تم في TED ولكن بشكل مختلف قليلا يستهدف تغيير فكر الشباب، عن طريق التقائهم مع "أشخاص عاديين يتحدثون عن تجربتهم" دون محاضرات أو تلقين للحديث في الجوانب الآتية "الإخفاق، التأثير، الإنصاف، المشاركة، الحظ، السرعة، الثقة"، وكلها جوانب تكتسب بعدا خاصا عندما نسمع عنها من خلال تجارب قام بها أناس عاديون، قائلا إن مؤسسته تأمل من خلال هذه الفعالية في أن تزرع "في الشباب هذه القيم الأرضية التي اضمحلّت نتيجة لتوارث الاستبداد، ورسوخه في وجدان الجيل السابق لشباب اليوم". أتمنى أن يرسل الأستاذ "أحمد" في المستقبل إلى "المصري اليوم" دعوة لتغطية الفعالية المقبلة التي ستقوم بها المؤسسة ليتسنّى لمن يرغب الحضور والمشاركة.
الأستاذ "إبراهيم التهامي" الذي لم ينوّرني بمعلومات حول طبيعة دراسته أو خبرته أراد أن يشرح لي فكرة الاختراع الذي توصلت إليه المخترعة "تان لي" وهو عبارة عن سماعة أذن يمكنها قراءة موجات العقل وترجمتها إلى تصرفات فعلية، بحيث يمكننا مثلا إسدال الستائر بمجرد التفكير في ذلك، وقبل أن تقول وإيه الفكاكة دي ما أقوم أقفل الستارة بنفسي، دعني أذكرك بأن هذا الاختراع سيقدم خدمات عظيمة لمن يتحدّون الإعاقة البدنية، بحيث يمكنهم حتى تشغيل كرسي متحرك عن طريق استخدام تعبيرات الوجه، فضلا عن العديد من الأعمال اليدوية التي لا يمكنهم القيام بها.
كنت في مقالي قد تساءلت عن فكرة عمل هذه السماعة، والأستاذ "إبراهيم" يشرح لي أنها "معتمدة على فكرة سلسلة الكلام speech chain أو الخطوات التي يمر بها الكلام بداية من كونه أفكارًا في مخ المتحدث إلى أن تصل إلى مخ المستمع. تبدأ الحكاية بأن يقوم المتحدث بتنظيم أفكاره ويقرر ما يريد أن يقول ثم يضع ما يريد أن يقوله في شكل لغوي. توضع الرسالة في شكل لغوي عن طريق اختيار الكلمات والتعبيرات المناسبة للتعبير عن المعنى. هذه العملية مرتبطة بنشاط معين في مخ المتحدث الذي يقوم بتحويل هذه الأفكار أو تلك الرسالة إلى نبضات يرسلها عبر الأعصاب الحركية إلى عضلات أعضاء النطق مثل اللسان والشفتين والأوتار الصوتية.
تقوم النبضات العصبية بتحريك عضلات أعضاء النطق والتي بدورها تحدث تغييرات معينة في ضغط الهواء المحيط وهو ما نسميه بالموجات الصوتية. تنتج الحركة التي تقوم بها أعضاء النطق موجات صوتية تنتقل عبر الهواء بين المتحدث والمستمع. هذه التغييرات التي تحدث في الضغط عند أذن المستمع تنشّط أعضاء السمع عند المستمع والتي تقوم بدورها بإنتاج نبضات عصبية تنتقل عبر الأعصاب السمعية إلى مخ المستمع. وفي مخ المستمع تحدث مجموعة من الأنشطة العصبية تُعدل طبقا للنبضات العصبية القادمة من الأذن.
وهذا ما يجعلنا ندرك رسالة المتحدث. يعني هذا أن الرسالة تأخذ أشكالاً متعددة بناء على الوسيط الذي تمر فيه، فهي في شكل نبضات كهربية وعصبية في مخ وأعصاب المتحدث تنتهي عند المتحدث بإنتاج موجات صوتية، وتكتمل السلسلة عند المستمع بأن يقوم بعكس الخطوات التي فعلها المتحدث. فإذا كسرنا السلسلة في أي حلقة من حلقاتها ووضعنا وسيطا مختلفا يحول النبضات إلى شكل آخر غير حركة أعضاء النطق فإن الرسالة تُنقل بشكل آخر.
فعلى سبيل المثال لو أن هناك جهازا يخلق وسيطا يمكن أن يستقبل النبضات العصبية من مخ وأعصاب الشخص المتحدث بشكل معين ويحولها إلى رسالة في شكل آخر مثل أوامر أو كلمات تكتب على الكمبيوتر مثلا دون أن نتكلم أو أن يكون الشخص غير قادر على الكلام نتيجة لعجز في أعضاء نطقه، ولكن ليس هناك مشكلة في باقي السلسلة فإن هذه على ما أعتقد نفس فكرة عمل السماعة التي تحدثت عنها.
الأدهى من ذلك أن هناك تجارب متقدمة جدا لنقل تلك النبضات عبر وسيط إلى جهاز كمبيوتر يكتب ما نفكر فيه دون أن نتحدث، وأعتقد أن هذه الفكرة ستنال إعجاب مسئولي أمن الدولة في بلادنا البهية! حيث إنهم لن يضطروا إلى تعذيب أي شخص؛ للحصول على معلومات منهم دون أن "يشعروا بالذنب" أثناء التعذيب.
منذ عدة سنوات وأنا في المرحلة الثانوية وقبل أن أعرف هذا الذي يسمى سلسلة الكلام كنت أفكر في فكرة تجعلني أتمكن من نقل كل ما هو واجب عليّ أن أحشو رأسي به من معلومات غير مفيدة حتى أضعها في ورقة الإجابة، وكنت أتخيل جهازا يتصل برأسي وبالكمبيوتر، ونقوم بعمل عملية نسخ لكل المناهج ببساطة ونلصقها في المخ، ثم نمحوها بعد الامتحان مباشرة، وواضح أن هذا سيكون متاحا في أسواق الثانوية العامة المصرية في القريب العاجل، ولا الحاجة إلى محاربة الكتب الخارجية والدروس الخصوصية؛ لأن الطلاب بأنفسهم سيكونون في غير حاجة إلى ذلك".
انتهت رسالة الأستاذ "إبراهيم التهامي" المفيدة والممتعة، ولا أدري إذا كنت بعد نشر كل هذه الرسائل تشاركني الأمل في مستقبل مصر أم لا.. أنت حر في قرارك، لكن أنا عن نفسي سأغني مع فيروز وزياد الرحباني: "فيه أمل.. إيه في أمل.. أوقات بيطلع من ملل.. وأوقات بيرجع من شي حنين.. لحظات تا يخفف زعل.. وبيذكِّرني فيك لون شبابيك.. بس ما بينسيني شو حصل". وكم هو عبقري المعنى الذي التقطه زياد الرحباني العظيم، "من قال إن الأمل يجب أن ينسينا أبدا ما حصل".
نشر بجريدة المصري اليوم
بتاريخ 2010/11/21


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.