في البداية أشكر جميع العاملين على الموقع الجميل ده؛ لأني بصراحة أصبحت من الشغوفين بقراءة كل فروعه بصفة يومية. في البداية أوضح أني مقيم بدولة عربية للعمل بها والحمد لله في وظيفة مرموقة، كما أن الله رزقني بزوجة صالحة أحبها أكاد أقول إنها خالية من أي عيب، ورزقني الله منها بثلاثة أبناء؛ بنتين وولد، والحمد لله على ما رزقني، أموري كلها مستقرة وعلاقتي بأهلي وزوجتي ممتازة، كما أن علاقة أهلي بزوجتي فوق الممتازة والحمد لله.
المشكلة في أهل زوجتي سواء أبوها أو أمها وباختصار تكمن المشكلة في أنهم لديهم من الشحّ والبخل ما يكفيهم، ويكفي غيرهم؛ فهم لا يسألون عن بنتهم التي هي زوجتي رغبة منهم في عدم تكلفتهم، وهذا الأمر يؤرّقني كثيرا ولو استفضت في الحديث لذكرت من المواقف التي لا يعقلها بشر، مثل أنهم يكادون لا يزورونها إلا في بعض المناسبات، ويؤدي ذلك إلى إحراج زوجتي أمام أهلي؛ بسبب شحّهم، بالمقارنة إلى كرمنا نحن، كما أنها حين تزورهم برفقة أولادي لا يسألون عنهم ولا يلبّون لأطفالها أي احتياج من احتياجات الأطفال، مثل الحلوى وغيرها، رغم أن زيارتها لهم تكون بعد عدة شهور، كما أن زوجتي حين تزور أهلها في الأعياد لا يفكرون في إعطاء أي طفل أي عيدية، والأكثر والأدهى من ذلك أنهم لا يزورون ابنتهم حتى في أثناء وضعها، ولو زاروها تكون زيارتهم كالضيوف معتمدين كل الاعتماد على أهلي في كل الأمور.
باختصار مشكلتي في أهل زوجتي، وتلك المشكلة تؤرقني جدا، وقد تسببت في بعض المشكلات مع زوجتي؛ بسبب بعض المواقف التي تحدث منهم، وبصراحة ضاق صدري ولم أعد أستطيع الصبر على مواقفهم، وأرغب في قطع العلاقة بهم نهائيا، وأخاف أن أظلم زوجتي؛ فهم أهلها مهما حدث منهم، كما أنني لم أستطع نسيانهم أو نسيان مواقفهم، فماذا أفعل أفيدوني أفادكم الله مع الرجاء بأن أهل زوجتي يكادون يكونون هم السبب الوحيد الذي ينغّص عليّ وعلى زوجتي حياتنا.
www
لا يكلّ الشيطان من الدفع بنا لنسيان نعمة الله علينا وجرّنا إلى المعاصي، تلك النعمة التي نذكرها بأفواهنا ولكن تنساها قلوبنا، لقد رزقك الله بزوجة رائعة كما تقول تكاد تخلو من العيوب.. ألا يستحق أهل هذه الزوجة الشكر والعرفان على تربيتهم السليمة لها، حتى أصبحت زوجة صالحة ترعاك وترعى أولادك وتحسن معاملة أهلك؟!!
إننا دائما نطلب المزيد ولا نكتفي بما أعطاه الله لنا, وفي بحثنا عن المزيد نوقع أنفسنا في مشكلات تعكّر صفو حياتنا، حتى لو كان هذا المزيد تافها من قبيل قطعة حلوى لطفل أو شيء نحن أصلا في غنى عنه.
لقد منحك الله الوظيفة المرموقة والمال، فماذا أعطيت أنت لأهل زوجتك برّا بهذه الزوجة ورغبة في المزيد من إسعادها؟ لقد دفعك الشيطان إلى البحث عن المشكلات، وشغلك بالتفكير في بخل أهلها وتذكيرها من وقت لآخر بهذا العيب في أسرتها فتعكّر عليها، وعلى نفسك صفو الحياة وتدفعها دفعا لكراهية أهلها والتفكير في قطيعتهم... فيصفّق لك الشيطان، ويرقص طربا على نجاحه في هذه الضربة ثلاثية الأبعاد، فأخذت ذنب الغيبة وذنب مضايقة الزوجة وذنب مضايقة نفسك.. ألا تعلم أنه لا يدخل الجنة قاطع رحم؟ فما بالك بقطيعة الوالدين؟
إن كثيرا من الأسر تسعى للسيطرة على الأسرة الصغيرة والاستحواذ عليها بوسائل مختلفة من هذه الوسائل إغداق المال والمسارعة بتلبية ما تحتاج إليه الأسرة الجديدة، وقد قام أهلك بهذه المهمة على أكمل وجه، وتمّت السيطرة عليكم من هذا المدخل، ولذلك فضّل أهل زوجتك ترك المجال لأهلك يصولون ويجولون فيه حتى لا تحدث مشكلات ما دام المركب يسير، وابنتهم راضية وأنت راضٍ، فانسحبوا من حياتها تاركين لكما ولأهلك الحرية في حياتكم الجديدة، فوجدوا الاتهام بالبخل والتقصير يلاحقهم.
إن الحقوق المالية للبنت على أهلها تكاد تنتهي بزواجها، وتنقل المسئولية للزوج. يقول صلى الله عليه وسلم: "من رزقه الله بنتا ورباها فأحسن تربيتها، وغذاها فأحسن تغذيتها، ثم انتقى لها زوجا صالحا إلا وكانت له جنة (أي وقاية) له من النار يوم القيامة".
وهذه الزوجة بهذه الصفات التي تذكرها ستدخل أبويها الجنة؛ لأنهما أحسنا تربيتها، وأصبحت زوجة وأمّا رائعة، وأنت بتفكيرك هذا ستدخلها النار في الآخرة والغمّ والنكد في الدنيا؛ لأنك تمنعها من البر بوالديها وتشوّه صورتهما أمامها، وتدفع بها إلى عصيانك عندما تتهمهم أنت بالبخل، وتضطر هي إلى مخالفتك والدفاع عنهم، ذلك الدفاع المشروع الذي يحميك من الوقوع في والغيبة والنميمة، ويحمي أهلها من محاولاتك الدائمة لتشويه صورتهم، مما يقلل من شأنها هي أساسا لو سكتت على محاربتك لهم.
وبذلك تكون مشكلات أسرتك الصغيرة من صنع يديك، فعليك بطرد هذه الهواجس، وأن تبادر أنت ب"العطاء" وجنّب نفسك مشكلات الانشغال "بالأخذ".. وقاك الله أنت والجميع شر غواية الشيطان.