صدر حديثاً عن دار "Serpent's Tail" في بريطانيا كتاب بعنوان: Secret affairs: Britain's Collusion with Radical Islam (العلاقات السرية: تواطؤ بريطانيا مع الإسلام الأصولي)، لمؤلفه Mark Curtis (مارك كرتس)، الذي يقدّم فيه رؤية مغايرة لعلاقة المملكة المتحدة بالإسلام الأصولي؛ حيث يذهب "كرتس" إلى أن المملكة المتحدة قد دعمت الميليشيات الإسلامية لتحقيق أهدافها. يرجع هذا التحالف إلى ثلاثة قرون مضت؛ عندما تحالفت بريطانيا مع الإمبراطورية العثمانية، لضرب الإمبراطورية الروسية؛ إلا أنه في الحرب العالمية الأولى، تحالفت "الإمبراطورية العثمانية مع ألمانيا؛ فما لبثت بريطانيا أن تحالفت مع الجماعات الإسلامية؛ بحسب ما جاء في جريدة "مورننج ستار". يستعرض الكتاب صُوَراً حديثة من هذا التحالف؛ ففي العشرينيات من القرن الماضي، دعمت بريطانيا وجود "الإخوان المسلمين" في مصر؛ وذلك بعد تأميم قناة السويس في الخمسينيات من القرن الماضي.. استخدمت بريطانيا جماعة الإخوان المسلمين للإطاحة بجمال عبد الناصر، وفي إيران أدى تأميم شركة البترول الإيرانية-البريطانية، إلى الإطاحة بحكومة "محمد مصدّق" آخر رئيس وزراء منتخب؛ الأمر الذي مهّد لصعود "الخوميني" إلى ساحة إيران السياسية بعد ذلك.. وفي إندونيسيا، قامت الولاياتالمتحدة وبريطانيا بالإطاحة ب"أحمد سوكارنو" من خلال جماعة "دار الإسلام"، التي قام الموالون لها بقتل الاشتراكيين والمنضمّين إلى اتحادات العمال؛ بحسب ما جاء في عرض الكتاب في جريدة "الإندبندنت".
وعلى العكس مما هو متوقع، يكشف الكتاب عن تحالف بين السعودية -باعتبارها المصدر الأول للفكر الوهابي- وبريطانيا؛ إذ اكتشفت بريطانيا "ابن سعود" في العشرينيات من القرن الماضي؛ حيث قام الأخير بقتل ما يزيد على أربعين ألفاً من القبائل في السعودية، وقطع أطراف ما يزيد على ثلاثمائة وخمسين ألفاً آخرين، كما أدى إلى ازدهار النهج الرجعي، الذي يُعرف باسم "الوهابية"، الذي تقوم عليه الأيدلوجيا المعاصرة ل"الجهاد"؛ بحسب ما جاء في عرض جريدة "مورننج ستار". يذكر الكاتب أيضاً أن بريطانيا استخدمت ميليشيات إسلامية لمناهضة انتشار التأثير السوفييتي في "تركيا"، و"أفغانستان"، و"كوسوفو"؛ ويذكر "كرتس" أسماء "الأبطال" الأفغان الذين حاربوا القوات السوفييتية بدعم من بريطانيا والولاياتالمتحدةالأمريكية؛ لكي يقوموا بعدها بإنشاء جماعة "طالبان" التي أصبحت عدوة لهما.
الجدير بالذكر أن جريدة المصري اليوم، قد أجرت حواراً مع الكاتب، بتاريخ 23 سبتمبر 2010، شكّك فيه في وجود حرب على الإرهاب قائلاً: "لا يوجد حرب على الإرهاب؛ لكنها حرب على أهداف محددة من جانب واشنطنولندن، وهذا يعني أن أساسات الإرهاب وبنيته التحتية لم يمسّها أحد". على هذه الحقائق، يبني "كرتس" وجهة نظره بأن بريطانيا لا يمكن أن تكون الضحية غير المذنبة؛ فتفجيرات لندن عام 2005 جاءت كنتيجة لسياسة بريطانيا في دعمها "لبنية تحتية إرهابية"، و"إن كانت عمليات التعاون -أو التواطؤ- قد تغيّرت في السنوات الأخيرة"؛ بحسب ما ذكر الكاتب في ذات الحوار.