في ظلّ الصراع المحموم في الحياة، كيف يمكن أن ننتصر دون أن نتخلى عن منظومة القيم والمبادئ والأخلاق؟ استضافت مكتبة "أ" الكاتب كريم الشاذلي لتوقيع ومناقشة كتابه "ما لم يخبرني به أبي عن الحياة"، وكانت مفاجأة الندوة استضافة لاعب الجودو العالمي "محمد رشوان"؛ للحديث عن الأخلاق الرياضية، واستضافت الندوة أيضاً مركز الدكتور مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب بأسوان. في بداية الندوة تحدّث الأستاذ "عماد عادلي" -المسئول الثقافي لمكتبة "أ"- عن كتاب "ما لم يخبرني به أبي عن الحياة", وكيف استطاع هذا الكتاب أن يسلّط الضوء على بعض القيم المهمة في الحياة، والتي أغفلها الكثيرون منا بسبب الزمن. "محمد رشوان" والأخلاق الرياضية تحدّث لاعب الجودو العالمي "محمد رشوان" عن قصته مع لعبة الجودو، وكيف أنه قرّر التضحية بذهبية "أولمبياد لوس أنجلوس" عام 1984 حتى لا يخون مبادئه. فعندما كان الكابتن "محمد رشوان" يُنازل اللاعب الياباني "يايو هيرو ياماشيتا" في مباراة النهائي, وكان يعلم أنه مصاب في قدمه اليمنى؛ قرّر عدم استغلال تلك القَدَم المصابة ليضربه عليها، وتجاهل نصائح مدرّبه بفعل هذا الأمر الذي يضمن له الفوز، وقرّر اللعب بشرف، وهو الأمر الذي جعله يخسر المباراة, ويحصل على الميدالية الفضية, التي لم تكن نهاية هذه الدورة. بعد ذلك وأثناء عقد المؤتمر الصحفي الذي يلي تسليم الجوائز، وجّه أحد الصحفيين اليابانيين سؤالاً للكابتن "محمد" حول مدى علمه بإصابة اللاعب الياباني في قدمه؛ فأجاب الكابتن أنه كان يعلم بالإصابة؛ ولكن أخلاقه منعته من استغلال القدم المصابة؛ الأمر الذي حوّل الكابتن "محمد" إلى نجم من نجوم الأخلاق الرياضية، وتمّ تكريمه في أغلب دول العالم بسبب هذا الأمر, وعلى الرغم من مرور كل هذه السنوات ما زال الكابتن "محمد رشوان" يُكرّم حتى الآن في العديد من دول العالم؛ وخاصة في اليابان، التي يسافر لها كل فترة بدعوة من الحكومة اليابانية؛ لكي يُحاضر أطفال المدارس, ويحكي لهم قصته؛ ليرسّخ داخلهم أهمية التحلّي بالأخلاق الحميدة. مؤسسة مجدي يعقوب ونُموّ الحلم بعد ذلك تحدّثت "زينا توكّل" -المنسّقة الإعلامية ل"مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض القلب" بأسوان- عن العمل التطوعي، ومدى أثره في المجتمع, كما تحدّثت عن مجدي يعقوب الإنسان الذي لم ينسَ بلده ووطنه؛ على الرغم من كل ما حققه من نجاح في الخارج, ومدى شغفه بأهل بلده، ولهذا افتتح مشروع مستشفى القلب بأسوان؛ لإجراء العمليات بشكل مجاني للأطفال والمرضى كل عام.. ليس هذا فقط؛ بل لتدريب الأطباء والممرضين على الأساليب المتطوّرة في جراحات القلب حول العالم. وأوضحت "زينا" أن اختيار مجدي يعقوب لمدينة أسوان كان لتوجيه يد العون للفقراء في صعيد مصر، الذي لا يحصل على دعم كبير من المجتمع, وفي النهاية وجّهت "زينا" دعوة للجميع للمشاركة بشكل أو بآخر في هذا المشروع الخيري الكبير، الذي يتكلّف العديد من الأموال نظراً لدقة العملية؛ حيث تتكلف العملية الواحدة أكثر من ستين ألف جنيه. الحبّ تضحية وبعد ذلك تحدّث الأستاذ كريم الشاذلي عن أن العلاقات في مجتمعنا العربي مشوّشة إلى حد كبير؛ نظراً لما يُصدّره لنا الإعلام من قصص الحب الأسطورية التي لا تنتهي؛ على الرغم من أنه من الطبيعي حدوث مشاكل وشدّ وجذب بين المتزوجين؛ فطبيعية الحياة تُحتّم وجود مثل هذه الأشياء. وأشار "الشاذلي" إلى أن الحب تضحية في المقام الأول، وأنه كي يتسمرّ يجب أن يضحّي كلا الشريكين بقدر متساوٍ؛ حتى لا يُدمن فرد من الأفراد التضحية، وينسى الآخر هذا الأمر, وضرب مثالاً ببعض الزوجات اللاتي تُدمنّ التضحية بدافع الأمومة وغيرها؛ الأمر الذي يجعلها تشعر لفترة بأنها مُستَهلكة وغير قادرة على التضحية والعطاء مرة أخرى؛ على الرغم من أنها لو نظرت ستُفاجأ بأنها سبب كل ذلك. فنّ الشكوى ثم تحدّث "كريم" عن الشكوى، وكيف أصحبت منتشرة بصورة كبيرة داخل مجتمعنا؛ فالجميع يشتكي طوال اليوم من كل شيء؛ الأمر الذي فرض جوًّا من الكآبة العامة، وجعل الجميع يشعر بأن الدنيا يتقاسمها اللصوص؛ على الرغم من أننا إن نظرنا إلى حياتنا سنكتشف أن الله قد يسّر لنا الكثير من الأمور، ومنع عنا أشياء ليعوّضها بأشياء أخرى؛ ولكن إدمان الشكوى جعل الرجل يشتكي زوجته لسائق التاكسي وغيره، من دون التفكير حول مدى جدوى ذلك الأمر من الأساس؛ فالكثيرون يشتكون ليس طمعاً في العون أو النصيحة؛ ولكن لإشباع هَوَس الشكوى لديهم؛ لأنهم لو كانوا يبحثون عن الإجابة حقاً لَسَعَوْا إلى الشخصيات المناسبة لتقديم العون لهم. حقوق الملكية الفكرية وفي النهاية تحدّث "الشاذلي" عن دور الأخلاق في حياتنا، وكيف أننا أصبحنا نعاني كارثة كبيرة بسبب غيابها، ووجّه "كريم" دعوة للشباب بالرجوع إلى الأخلاق، وعدم التعامل معها من منطلق أنها "أكليشيهات" قديمة، وضرب "الشاذلي" مثالاً عن التمسك بالأخلاق؛ فقال: "إن رجلاً أعرابياً وجد أثناء سيره في الطريق رجلاً يصارع الموت فأنقذه، وطلب منه أن يمتطي جواده حتى المدينة, وبالفعل امتطى الرجل الجواد؛ ولكنه بمجرد صعوده عليه ترك الأعرابي وفرّ بطريق المدينة؛ فناداه الأعرابي وطلب منه التوقّف، وعندما وقف الرجل سأله مستنكراً: ماذا تريد؟ فقال له الأعرابي: إذا رجعت إلى المدينة فلا تُحدّث العامة بما حدث بيننا؛ فضحك الرجل مندهشاً، وسأله: لماذا؟ فأجاب الأعرابي: حتى لا تضيع المروءة بين الناس". وعبّر عن أسفه مما يحدث في سوق نشر الكتب في الفترة الأخيرة؛ حيث تتعرض كتبه للقرصنة، وتُباع على الأرصفة بشكل عشوائي, دون إذن منه، وشدّد على ضرورة مراعاة الملكية الفكرية للكتّاب؛ نظراً لما يبذله طوال الوقت من جهد وعرق من أجل إصدار كتاب ذي قيمة.
كتاب كريم الشاذلي * تنمية ذاتية اضغط على الصورة لمشاهدة الجاليري: