عندما تقرأ المجموعة القصصية "محاولات للإبصار" للوهلة الأولى سوف تشعر أن كاتبها أكثر من كاتب واحد. سوف يدهشك كمّ التناقض والتنوع بين القصص، تبحث في الغلاف عن أكثر من اسم. يصدمك وجود اسم واحد على الغلاف هو اسم كاتبها "وسيم المغربي". أيضا ستصدمك حقيقة أنها المجموعة الأولى لكاتبها. مجموعة "محاولات للإبصار" صادرة حديثا عن دار الدار، تحتوي المجموعة على 32 قصة من بينها قصة محاولات للإبصار. المجموعة مقسمة من الداخل إلى أربعة أقسام هي: تقاطع، وتوازي، وفاي، وما لا نهاية.
كل قسم يحمل رمزا رياضيا يعبر عن علاقة ما، وعليك أن تستشف الخيط الذي يربط بين القصص الموجودة في القسم الواحد وعلاقته بالرمز الذي يحمله القسم.
في الآونة الأخيرة انتشرت الأعمال الأدبية التي تناقش مشاكل المجتمع والإنسان خاصة من بطالة وعنوسة وعنف وتفكك... إلخ. أما في المجموعة القصصية "محاولات للإبصار" جاءت القصص كمحاولة من الكاتب لإبصار العلاقة بين الإنسان والأشياء في الكون من حوله، أي تناولت المجموعة الإنسان المصري من الداخل بكل همومه، بصفاته، بأخلاقه، بصراعاته الداخلية، وغيرها.
تنوعت مواضيع القصص بين تمرد شخصية على صانعها وفرصة ضائعة، بين هروب من الزيف والجهل، بين صراع داخلي وحيرة
جاء التنوع في المجموعة في كل شيء؛ فتنوع الكاتب في الأسلوب واللغة حيث استخدم اللغة القوية الثقيلة في قصة مثل "توبة"، بقوله:
"تتجلى مراسم خشوعك من جديد حين تحاول الغوص في حديث الشيخ.. تصعد مع ما يتلو من آيات حيث مراتب النور.. تخضع لتكفير دنسك بالتندم.. ترتد بك الذكريات؛ حيث أوقات البوار، مناطق التشظي التي تدب بعيشتك صباحا ومساء"
واستخدم اللغة السهلة والبسيطة في قصة مثل "وكان اسمه (حازم)"، بقوله:
"أنت (حازم عبد الله) تعرف أن لك في حياتي مساحة كبيرة؛ ففارس أحلامي لم يأت بعد ليخطفني فوق حصانه الأبيض.. تعرف أيضا أن ما من أصدقاء لي سواك".
بعض قصص المجموعة وصل حجمها إلى العشر صفحات مثل قصة "تساوي صفر"، وقصص أخرى لم يتجاوز حجمها الأربعة أسطر.
وتركزت القصص القصيرة جدا في القسم الرابع والأخير الذي يحمل علامة ما لا نهاية.
ورغم الصغر الشديد لقصص القسم الأخير إلا أن درجة صعوبتها عالية وتخاطب أكثر من مستوى للتلقي. وتنوعت موضوعاتها بين ثقل يجثم على أنفاسك ويأس، بين عجز ورزق، وبين ساعة تريد الرجوع للماضي ولعبة لن تقدر على التحكم في نفسها.
أما نهايات القصص فجاءت متناسبة بشكل غير مباشر مع الرمز الذي يحمله كل قسم.