الفن بالنسبة له ليس مجرد تواجد والسلام ولا حتى مهنة يُحقق منها مكاسب مادية، وإنما هو ما زال يتعامل معه بمنطق الهادي، لا يهمه أن يصرف عليه حتى آخر مليم في جيبه في سبيل أن يكتب اسمه على عمل جديد، الزمن يزيد اختياراته نضجاً والأيام تُكسب موهبته خبرة فتجعلها أكثر وضوحاً، النجاح من وجهة نظره لا يتحقق من قفزة واحدة وإنما بخطوات بطيئة ولكنها ثابتة.. ولأن العمل الجيد هو ما يبحث عنه فقد تمسّك بحلمه المجنون في مجنون ليلى.. هذا باختصار شديد هو "خالد أبو النجا". إيه حكايتك مع المجنون؟ يضحك.. إيه رأيك يا رب يكون عجبك وعجب الناس كلها، أنا بجد مبسوط جدا بالدور ده وكان نفسي فيه من زمان، يعني تقدري تقولي كده كان نفسي أتجنن من زمان وهذا الدور حقق لي حلمي. ولماذا المجنون تحديداً؟ أولاً الفكرة والتركيبة كلها على بعض جديدة بالنسبة لي.. وثانياً لأن معظم الأعمال التي تناولت شخصية المريض النفسي أو المجنون غالباً ما كانت تتناولها بشكل كوميدي أو غير علمي بحيث يظهر المريض النفسي وكأنه "عبيط" أو ساذج لا يفهم شيئاً في الدنيا، وهذا كله غير صحيح؛ لأن المريض النفسي يُدرك كل ما يدور حوله إلا أن استقباله للأشياء هو الذي يختلف. معنى ذلك أن المجنون هو الذي عاد بك للتليفزيون مرة أخرى؟ بالتأكيد... لكن الحقيقة ليس دور المجنون فقط -وإن كان من أهم الأشياء التي جذبتني للمسلسل- وإنما العمل كله، فالبطلة ليلى علوي وهذا وحده يكفي لضمان عملي على أعلى مستوى ومعظم نجوم المسلسل هم أصلاً نجوم سينما، فبالإضافة إلى أن التصوير كله تم بشكل سينمائي يعني استخدمنا كاميرا واحدة مثل ما يحدث في السينما وكنا لا نصوّر أكثر من 10 أو 15 مشهداً في اليوم، مع أن المتعارف عليه في الفيديو يتم تصوير 30 مشهداً يومياً، مما أدى إلى ظهور الصورة نفسها بشكل جديد، يعني في النهاية كنت أشعر أني أصوّر فيلم سينما طويل. شخصية المريض النفسي تحتاج لدراسة.. فكيف حضّرت لها؟ في الحقيقة أن مؤلف العمل الدكتور محمد رفعت ساعدني كثيرا في أن أفهم أدق تفاصيل الشخصية، لدرجة أنه كان يعطينا جميعا محاضرات لمدة ثلاثة أسابيع قبل بدء التصوير عن الأمراض النفسية والمرضى النفسيين وطبيعة سلوكهم وتصرفاتهم وحتى طرق تفكيرهم وأساليب علاجهم، كما أن لي صديقا يعمل طبيبا نفسيا كثير ما كنت ألجأ له؛ ليساعدني في الوقوف على تفاصيل المرض النفسي الذي أعاني منه في المسلسل والتطورات التي يمكن أن تطرأ عليه، وكنت أدخل على الإنترنت وكل معلومة جديدة أصل إليها كنت أسأل فيها الدكتور محمد رفعت. ولكن الموضوع أيضاً ظهر بشكل كوميدي؟ لا لم تكن كوميديا صريحة وإنما كانت كوميديا الموقف وهذا شيء طبيعي؛ لأننا في النهاية نتعامل مع شخص غير سوي، وبالتالي فمن الطبيعي أن تأتي تصرفاته غير طبيعية بل وكوميدية أحيانا؛ لأنه أصلا تعرّض في البداية لعلاج خطأ مما أدى به لنتائج عكسية. لماذا شعرنا أن المسلسل أقرب إلى كونه فيلماً سينمائياً وليس عملاً تليفزيونياً؟ لأنه كان مكتوباً بالفعل من البداية على أنه فيلم سينمائي أو بمعنى أصح كانت فكرته مكتوبة لفيلم، وكان الدكتور محمد رفعت يُجهز لها من أيام فيلم "كشف حساب"، وعندما تحوّلت الفكرة لمسلسل تليفزيوني قرر ألا تكون أكثر من 15 حلقة؛ لأن النص لا يحتمل أكثر من ذلك وحتى لا يكون به مط أو تطويل ممكن أن يؤدي إلى الملل. وماذا عن بالعكس صحيح؟ بالعكس صحيح سيناريو فيلم جديد للأستاذ محمد حفظي وقد أعجبني جدا من أول ما قرأته، وسنبدأ تصويره بعد العيد مباشرة إن شاء الله، ولكننا حتى الآن لم نستقر على المجموعة التي ستشارك في العمل. الناس مش فاهمة إيه حكاية فيلم "هليوبوليس" بالضبط؟ فيلم "هليوبوليس" فيلم روائي قصير عرضه عليّ المخرج شريف مندور وعندما قرأته أعجبت جدا بالسيناريو فقررت المشاركة في إنتاجه، وليس هذا فقط وإنما مثلت فيه أيضاً مع يسرا اللوزي، وبالمناسبة أحب أن أوجّه لها تحية عبر موقع "بص وطل"؛ لأن دورها في مسلسل "خاص جدا" أكثر من رائع، والمهم أن التجربة كانت جيدة جداً لدرجة أنني مستعد لتكرارها في أي وقت إذا وجدت نصاً أعجبني.
ما رأيك أصلاً في الأفلام القصيرة؟ شيء رائع.. وهي من التجارب المهمة جداً في السينما العالمية، والحقيقة أننا أيضاً بدأنا نخطو فيها خطوات جيدة بدليل النجاح الكبير الذي حققه فيلم إبراهيم البطوطي "عين شمس"، والجوائز التي حصل عليها من كل المهرجانات التي عُرض فيها، فضلاً عن أن هذه الأفلام تساهم أيضاً في صناعة السينما حيث يخرج منها كتّاب ومخرجون وممثلون شباب لديهم أفكار جيدة وجريئة في نفس الوقت وهذا ما تحتاجه السينما الآن. هذه المشروعات السينمائية ليست مربحة... فما الذي دفعك إليها؟ أنا أصلاً لا أبحث عن الفلوس في الفن، وإنما أهم شيء عندي إني أعمل حاجة بحبها، وعلى فكرة كل من يشترك في الأفلام الروائية القصيرة يُقلل من أجره كثيراً حتى يخرج الفيلم إلى النور؛ لأن هذه الأفلام عادة ما ترصد لها ميزانية محدودة جداً؛ لأن الهدف منها في الأساس ليس تجارياً لكن مشكلتها الأساسية أنها لا تجد دور العرض التي تُعرض فيها حتى القنوات التليفزيونية المتخصصة في السينما لا تهتم بها. ماذا عن انطباع الناس في مهرجان "فينيسيا" عن فيلم "واحد - صفر"؟ الحمد لله أكثر من رائع.. لدرجة أني لم أكن أتخيل أن يُستقبل الفيلم بهذا الشكل، والحقيقة إني علشان أكون موجود مع الفيلم في المهرجان ضحيت بشيء مهم جدا بالنسبة لي، وهو أن أكون في النصف الثاني من رمضان والعيد خارج مصر وذلك لأول مرة في حياتي فأنا طول عمري حريص على ألا أقضي رمضان خارج مصر، إلا أني من أجل هذا الفيلم ضحيت بهذه العادة، ولكن الحقيقة أننا قضينا هناك أياماً جميلة، وكنا جميعا حريصين على أن نتجمع بعد الإفطار لنقضي أو نعيش الجو الرمضاني معا وكأننا في مصر بالضبط. هل تذهب لمُشاهدة أفلامك في السينما؟ ليس دائما... ولكن أحيانا أذهب لحفلات التاسعة وحفلات الميد نايت وأحرص على أن أحجز مقعدا في آخر صف في السينما لأسمع تعليقات الناس غالبا أكتبها حتى أستفيد منها بعد ذلك؛ لأن الجمهور أهم ناقد من وجهة نظري لذلك دائما ما أحاول أن أتواصل معهم عبر الفيس بوك. على ذكر الفيس بوك هناك أكثر من جروب وبروفيل باسمك؟ نعم أنا عرفت ذلك ودخلت عليهم بالفعل، ولكن أنا ليس لي سوى جروب واحد فقط باسم خالد أبو النجا سواء بالعربي أو الإنجليزي ومن السهل جداً تمييزه؛ لأني أغيّر الصورة الرئيسية الخاصة به كل يوم تقريباً وأضع عليه صورا وفيديوهات وأشياءً خاصة جدا وعادة أصورها من موبايلي، وبالتالي لا يمكن أن تكون موجودة في أي جروب ثاني. لسه ما فيش أخبار جديدة عن الجواز؟ لا والله لسه... والحقيقة إن شكلي كده مُضرب عن الجواز؛ يمكن لأني صادفت مشاكل كثيرة جدا في حياة إخوتي وأسرتي وربما تكون عقدتني من الجواز بس النصيب في الآخر هو اللي بيحكم. شكل اختياراتك سواء في الفن أو في الحياة... هل يتغيّر من وقت لآخر؟ هذا شيء طبيعي فأنا كل يوم بيعدي عليّ باتعلم منه شيئا جديدا وبانضج وأكبر أكثر، فطبيعي إذن أن شكل اختياراتي سيكون أكثر نضجا ولم يعد مجرد تواجد والسلام. خالد أبو النجا: كان نفسي أتجنن من زمان! * كلام في الفن اضغط على الصورة لمشاهدة الجاليري: