أرجو حل هذه المشكلة دون التطرّق إلى نزع الحب من قلوبنا.. أنا متزوج من فتاة معدومة الرومانسية، حاولت معها كثيراً، ولكن هي في وادٍ آخر؛ ومع أني أعلم أنها تحبني.. تستحي أن تقبّلني!!
بعد محاولات لم تُجْدِ، وقعتُ في حب زوجة أخيها، وهي أيضاً كانت تحبني من فترة طويلة، ولم تصرح لي إلا بعد أن اعترفتُ لها بحبي، وهي مثال الاحترام والالتزام الديني.. حاربت لتنسى حبها، ولم يُجدِ شيئاً.
لا يمرّ يوم إلا ونتحدث تليفونياً، وكل حلمنا أن نصبح زوجين.. أرجو مساعدتنا في الحل، والشفقة بنا، وعدم الظلم في الحكم علينا.
r
أطمئنك بأننا أولاً لا نقوم بالحكم على أصحاب المشكلات؛ فلسنا قضاة لكي نحاكم أحداً؛ ولكننا نسعى لنقوم بدور الأطباء الذين يتعاطفون إيجابياً مع المرضى ويحترمون ألمهم، ويسعون ليكونوا وسائل للشفاء؛ حتى لا يتطور المرض فيقضي على صاحبه، أو يضطر للبتر -حماك ربي وأنقذك.
وقد توقفتُ طويلاً عند قولك بأن "زوجتك معدومة الرومانسية ولكنها تحبك وتخجل منك".. وما دمت تعرف أنها تحبك؛ فالأمر يحتاج لبعض الوقت ولكثير من الذكاء لإذابة خجلها، وهو لا يبرر إطلاقاً بحثك عن ما أسميته بالحب خارج الزواج.
وقد اخترت أنت زوجة أخيها بإرادتك، ولا تقُل لي "الحب ليس اختياراً"؛ فهذا خطأ شائع؛ فنحن نختار كل تصرفاتنا وفقاً للأفكار التي نضعها في عقولنا؛ فقد بدأ الأمر باتخاذك قرار عدم الاكتفاء بزوجتك، وتبرير ذلك لنفسك بانعدام رومانسيتها، ثم بحثت حولك؛ فأعجبَتْك زوجة أخيها، ثم سمحت لهذا الإعجاب بالتطوّر ورُحت تقارن بينها وبين زوجتك؛ في الوقت الذي كانت فيه هي أيضاً تبحث عن رجل؛ فتلاقيتما.
ولأن عين السخط تُبرز المساوئ، رُحت تبالغ في مزايا الأخرى وتضخّم عيوب زوجتك "معدومة الرومانسية"، وأطلقت على الأخرى أنها مثال الاحترام والالتزام الديني.
واسمح لي أن ألفت انتباهك لضرورة أن تُراجع نظرتك للاحترام والالتزام الديني.. مع ملاحظة أنه لا يوجد ما يُسمى بالالتزام الديني؛ فجميعنا نسعى للاقتراب من الالتزام الدين، ومن يدّعي غير ذلك يخدع نفسه، وفي الحديث الشريف "ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي؛ ولكن ما وَقَر في القلب وصدّقه العمل".
أما الاحترام؛ فلا شك أنه يتعارض تماماً مع اعتراف امرأة متزوجة بالحب لرجل آخر غير زوجها ومتزوج، ولا تقل لي "هذا أمر خارج عن إرادتكما"؛ فلو كان كذلك لتصارحتما أمام الناس؛ ولكنكما تتعمدان الاختباء عن أعين الناس، لتتبادلا المكالمات المحرّمة، وتجعلا الخالق عزّ وجل أهون الناظرين إليكما؛ فعن أي التزام ديني تتحدث؟!
الآن أمامك ثلاثة خيارات: - إما مواصلة الطريق المحرم ومواصلة الانزلاق للفاحشة التي حذّرنا الخالق من مقدماتها {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}؛ فلن يستمرّ الأمر في مكالمات -محرمة بالطبع- وستتضاعف الاحتياجات ويعلو صوت الغرائز، وتنام الضمائر أكثر وأكثر.
ولأن الخالق يُمهل ولا يُهمل؛ فستتعرضان للفضائح بأسرع ما يمكن؛ مع ملاحظة أن هذه العلاقات لا يمكن إخفاؤها طويلاً.
- والخيار الثاني هو تطليق زوجتك وإعطاؤها حقوقها كاملة، والإحسان إليها مادياً ونفسياً، وعدم ذكرها بأي سوء.. وأن تحصل هي على الطلاق من زوجها، وبعد انتهاء فترة العدة بوقت معقول تتزوجان؛ للتقليل من القيل والقال، الذي سيحدث بالتأكيد.
- أما الخيار الثالث؛ فهو قطع هذه العلاقة المحرمة نهائياً والاكتفاء بزوجتك المحترمة، وتشجيعها على التجاوب العاطفي والحسي معك تدريجياً، وتغيير نظرتك إليها بأنها معدومة الرومانسية، واستبدالها بأنها خجولة جداً، وبأن بإمكانك تغيير هذه الصفة تدريجياً.
اختر ما تثق أنك لن تندم عليه على المدى البعيد، وليس ما تراه حلاً سريعاً لاندفاعك العاطفي.. وابتعد لفترة كافية عن زوجة أخيها؛ حتى تستطيع اتخاذ القرار الصحيح دون ضغوط.. واغتسل بنيّة التوبة، وصلِّ ركعتي توبة، وكرّر ذلك كثيراً، وأكثِر من الأعمال الصالحة، وازرع بداخلك كراهية الخيانة الزوجية، وتذكّر أنك تخون نفسك وربك قبل أن تخون زوجتك وأخاها أيضاً، وأنه لا شيء يبرر الاستمرار في الخيانة، وأن العمر قد يضيع منك في لحظة وأنت مُصرّ على المعصية، وعندئذ لن تستطيع تبرير الخيانة بأن زوجتك عديمة الرومانسية.
متّعك ربي بالعمر الطاهر والطويل، وبالاختيار الذكي لحياة نظيفة ندعو لك بها، ونتمنى ألا تخذل نفسك، وأن تعوّض نفسك عن هذه الخسائر الدينية الفادحة قبل فوات الأوان.