"كل شخص منا يسأل نفسه من أنا حتى أكون عبقريا ورائعا وموهوبا وخارقا؟ في الحقيقة من أنت حتى لا تكون كذلك؟ أنت مخلوق كرّمه الله.. لم يخلقك الله لتقزم نفسك، بحيث لا يشعر الآخرون بالقلق من وجودك". أظنك تتفق مع كلمات ماريان ويليامسون، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: لماذا لم تُظهر ما تمتلكه من عبقرية حتى الآن؟ لماذا لم تُخرج ما عندك من موهبة؟ لماذا لم تُثبت للجميع كم أنت رائع؟ وقد لا تمتلك إجابة عن هذا التساؤل، أو إنك تمتلك إجابات مشوشة لا تشفي صدرك. وغالبا فأنت تعرف الإجابة الصحيحة لكنك تغضّ الطرف عنها، ولكني سأوجهك بها، أو لنقل سأذكّرك بها إذا كنت تنسى الإجابة التي تبحث عنها أيها الصديق.. إنك لم تقم بخطوتك الأولى في مشوار نجاحك حتى الآن. وكأني أرى أحد الأصدقاء يقول: هذا ليس صحيحا فقد حاولت ولكن! اعرف أيها الصديق أنك قد تحرّكت من قبل، ولكن هل كانت حركتك كافية لنقول إنها تصلح لتكون خطوة بداية حقيقية نحو تحقيق الأحلام؟ الخطوات المشتتة ولعلي أسمع صديقا آخر يقول: أنت لا تعرفني جيدا فأنا دائم الحركة، فلا تتسرع بالحكم عليّ، وأجيب هذا الصديق بأني لا أنوي ظلمك ولا أحاول ذلك، وأصدّق أنك لست بكسول، ولكن هل كل نشاطك السابق كان مركّزا على هدف واضح ومحدد، أم إنه كان مشتتا في اتجاهات مختلفة؟ هل ما قمت به إلى الآن يمكن اعتباره خطوة حقيقية في طريق النجاح؟ تلك الخطوة التي أخبرنا الأولون بأن مشوار الألف ميل يبدأ بها.. وهي نفس الخطوة التي رأينا المعاصرين يستهلون بها طريقهم إلى القمة.. هذه الخطوة التي خطاها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم -معنويا- وهو يبدأ دعوته إلى الإسلام، ثم خطاها -بقدميه- في رحلته للهجرة. وهي الخطوة التي بدأها خالد بن الوليد في رحلة جهاده لنشر الإسلام. وهي نفس الخطوة التي تمثلت في أول مشهد كتبه شكسبير لمسرحياته. الخطوة التي بدأها إديسون بتجاربه العلمية التي لم يتردد في أن يبدأها، على الرغم من طرده من المدرسة. أعلم أن البداية دائما صعبة.. لكنها ضرورية؛ فبدون بداية لن تصل إلى شيء. وخطوتك يا صديقي لا بد أن تقابلها الكثير من الصعوبات.. ولكن عليك معرفة أنك لست وحدك الذي تقابل هذه العقبات.. همسة أو صرخة كل سير العظماء وجلّ قصص النجباء تهمس في آذاننا -وربما تصرخ في وجوهنا- قائلة: ابدأ.. ابدأ بسرعة، ولا تؤخر البداية ليوم آخر. تقول لنا: تحمّل مصاعب البداية واخطُ خطوتك وما بعدها ستقلّ صعوبته. فالصاروخ الذي يخترق الغلاف الجوي إلى الفضاء يستهلك أكبر قدر من الوقود في مرحلة انطلاقه من الأرض، وليس عند عبوره الغلاف الجوي، ولا عندما يسبح في الفضاء الخارجي، فحاول وجاهد لتخطو هذه الخطوة.. فإذا نجحت في ذلك -بإذن الله- كان ما بعدها أيسر منها.. وتذكّر أنه إذا كان هناك عظماء شيّدوا لنا التاريخ.. ومبدعون أثّروا في الحاضر.. فالمستقبل في انتظار من يصنعه.. إن الفرصة ما زالت أمامك لتتقدم نحو القمة، ولكن كفاك كلاما دون عمل.. كفى ضجيجا بلا طحن.. وحتى كفاك قراءة ودراسة دون تطبيق وممارسة. هل ستواصل التأخير متعللا بالتروي والهدوء وسلامة التأني، أم ستتحرك مستعينا بالله لتضع اللبنة الأولى في مشوار نجاحك من اليوم؟ وستبدأ طريق النجاح الطويل بخطوة هي.. الخطوة الأولى…