منافذ أمان تضخ لحوم بأسعار مخفضة في كافة محافظات الجمهورية (صور)    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    وظائف جديدة بمرتبات تصل ل 15 ألف جنيه.. التخصصات والشروط    موعد عودة الوزارات للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025. .. اعرف التفاصيل    خريطة الأسعار اليوم: استقرار الحديد والبيض وارتفاع الذهب    ارتفاع البطاطس والبصل .. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه .. اعرف التفاصيل    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    التأمينات الاجتماعية تواصل صرف معاشات شهر يونيو 2025    بعد إبحار 7 أيام.. السفينة "مادلين" على بُعد أميال من غزة    الجيش الروسي يعلن إسقاط رابع مسيرة كانت تتجه نحو موسكو    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    لواء بجيش الاحتلال : حماس هزمت إسرائيل وعملية "عربات جدعون" تسفر يوميا عن مقتل وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين    أول ظهور ل تريزيجيه.. تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة باتشوكا المكسيكي    مكالمة الخطيب وتهديد بالاعتزال.. تريزيجيه يكشف كواليس عودته للأهلي    مهرجانات رياضية وفعاليات احتفالية..مراكز شباب مطروح تفتح أبوابها للمواطنين    رومانو: عرض نهائي من تشيلسي إلى ميلان لضم مانيان    تدخل قطري.. حقيقة اتفاق الزمالك مع زين الدين بلعيد    ضبط أكثر من 7 أطنان دقيق في حملات تموينية موسعة خلال 24 ساعة    مصرع عامل وإصابة 8 من أسرته في حادث بسوهاج    العثور على جثة رضيعة داخل كيس أسود في قنا    حدائق الدقهلية تستقبل زوارها لليوم الثالث علي التوالي في عيد الاضحي المبارك    إجابات أسئلة النماذج الاسترشادية للصف الثالث الثانوي 2025 مادة الجغرافيا (فيديو)    الداخلية: ضبط عنصرين جنائيين لغسلهما 50 مليون جنيه من متحصلات الاتجار بالمواد المخدرة    افتتاح مركز زوار قلعة قايتباي بالإسكندرية بعد الانتهاء من تجهيزه - صور    تعرف على الفيلم الأقل جماهيرية بين أفلام عيد الأضحى السبت    فريق كورال قصر ثقافة أحمد بهاء الدين بأسيوط يشارك فى احتفالات عيد الاضحى    الدفاع المدني بغزة: الاحتلال دمر 99% من المعدات والقصف متواصل على خان يونس    بالصور ..عروض البيت الفني للمسرح " كامل العدد " في موسم العيد    بعد عيد الأضحي 2025.. موعد أول إجازة رسمية مقبلة (تفاصيل)    أمين الفتوى: أكل "لحم الجِمَال" لا يَنْقُض الوضوء    "الرعاية الصحية": استمرار صرف أدوية الأمراض المزمنة وجلسات الغسيل الكلوي خلال العيد    انفجار في العين.. ننشر التقرير الطبي لمدير حماية الأراضي المعتدى عليه خلال حملة بسوهاج    تسخين اللحم بهذه الطريقة يعرض حياتك للخطر.. احترس    أمين «الأعلى للآثار» يتفقد أعمال الحفائر الأثرية بعدد من المواقع الأثرية بالأقصر    تحرير 135 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    «البدوي»: دعم الرئيس السيسي للعمال حجر الأساس في خروج مصر من قوائم الملاحظات    الصحة: فحص 7 ملايين و909 آلاف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف السمع    الدكتور محمد الخشت: 11 شرطا لتحول القادة المتطرفين إلى قيادات مدنية    محافظة الشرقية: إزالة سور ومباني بالطوب الأبيض في مركز الحسينية    بيان عاجل من «الزراعيين» بعد التعدي على مسؤول حماية الأراضي في سوهاج (تفاصيل)    متحدث مستشفى شهداء الأقصى: كميات الوقود بمستشفيات غزة تكفى فقط ليومين    مجلة جامعة القاهرة لعلوم الأبحاث التطبيقية «JAR» تحتل المركز السادس عالميًا (تفاصيل)    مجلة الأبحاث التطبيقية لجامعة القاهرة تتقدم إلى المركز السادس عالميا    مقتل شاب في مشاجرة بالأسلحة البيضاء بالمحلة    رونالدو ينفي اللعب في كأس العالم للأندية    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    غزة.. السودان.. ليبيا.. سوريا.. المعاناة مستمرة عيدهم فى الشتات!    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    أسعار الأسماك اليوم الأحد 8 يونيو في سوق العبور للجملة    مسؤولون أمريكيون: واشنطن ترى أن رد موسكو على استهداف المطارات لم يأت بعدا    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    زيزو: إدارة الكرة في الزمالك اعتقدت أن الأمر مادي.. وأنا فقط أطالب بحقي وحق والدي    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملحمة قرطاجة.. قصة أُمَّة قتلت نفسها!
نشر في بص وطل يوم 09 - 08 - 2010

عندما قرأتُ اسم "قرطاجة" للمرة الأولى كان ذلك في كتاب "أعجب الرحلات في التاريخ" للأستاذ أنيس منصور, في فصل تحدّث فيه عن رحلة حملة "هانيبال" ضد روما، أما المرة الثانية فكانت في أحد أعداد سلسلة فانتازيا للدكتور أحمد خالد توفيق بعنوان "أيام مع هانيبال", وفي المرتين تكوّن عندي انطباع أن قرطاجة كانت مدينة عظيمة لا تستحق المصير المظلم الذي لاقته على يد الرومان الذين دمّروها وأحرقوها "حتى الأرض"، ونثروا الملح في تربتها لتصبح غير صالحة للزراعة أو البناء, وهذا بعد أن أذاقوها الذل بعد هزيمتها أمامهم في معركة "زاما" قبل ميلاد السيد المسيح بنحو قرنين من الزمان.
ولكن عندما قرأتُ ثلاثية "ملحمة قرطاجة" للفرنسي "باتريك جيرار", اهتزّ عندي رثائي للمدينة التونسية البائدة, وإن بقيَت عندي المدينة العالمية العظيمة التي لإفريقيا أن تفخر بها، وتمنيت ألا يكون ما حدث بالفعل على نفس شاكلة ما جاء بالرواية.
فالمدينة التي أسسها التجّار الفينيقيون على الساحل الشمالي لتونس القديمة, وجمعت بين سكانها مختلف الشعوب والأعراق, كانت نموذجًا لمأساة أُمَّة طعنت نفسها بخنجرها.. وإليكم القصة...
"لا يمكن لروماني أن يغسل يديه في المتوسط بدون إذن مكتوب من قرطاجة".. هكذا كانت المقولة -على ما فيها من مبالغة- تُظهِر قوة سيطرة القرطاجيين على البحر المتوسط, الأمر الذي لم تكن روما لترضى عنه, وبالفعل بدأت تلك الأخيرة تتحرّش بسادة البحر، وتدبّر لتقليم أظافرهم وطردهم من نطاق نفوذهم.. ويحكي لنا "جيرار" في أجزاء ثلاثيته بعناوين: "هاميلقار - هنيبعل - حسدوربال" -أسماء القادة الثلاث للكفاح القرطاجي ضد طغيان روما- كيف دار ذلك الصراع الرهيب.

المأساة الثانية هي أن قرطاجة لم يكن لديها جيش وطني, بل كانت تعتمد على كتائب من المرتزقة من إسبانيا وغالة (فرنسا) واليونان ومصر وإفريقيا, وتكتفي بأن تكون القيادة للضباط القرطاجيين, مما كان ينذر في أي وقت بالتعرّض للخيانة أو التمرّد ممن لا يحملون سببًا للولاء لقرطاجة غير المال.
أما الكارثة العظمى فكانت في أن حزب المسالمين المذكور كان دائمًا يسعى للتخلّص من القادة البارزين بأن يعاقبهم بالصلب على أبواب المدينة, على أبسط هزيمة يتلقونها, حتى لو كان سجلهم السابق حافلاً بأعظم الإنجازات, وهذا خوف من أن ترتفع شعبية هؤلاء القادة المغدور بهم, فتطغى على شعبية السادة السياسيين الذين كانوا يبتغون دائمًا رضا روما عنهم!
في ظلّ تلك الظروف السوداء تدور أحداث "ملحمة قرطاجة".
****
الرواية قطعة حقيقة من الفن
في الجزء الأول (هاميلقار) نتعرّف على ذلك القائد القرطاجي الفذ؛ حيث تبدأ الأحداث بحالة استرجاعه ذكريات نشأته وتطوّر مساره العسكري والسياسي منذ الطفولة وحتى لحظة بدء الأحداث خلال محاصرته إحدى المدن الإسبانية, خلال حملة قرطاجة للسيطرة على جنوب أوروبا. من البداية يجعلنا الكاتب نتعلّق بذلك الرجل ونتعاطف مع وطنيته الموروثة من أبيه "أدونيبعل" عميد "آل برقا" وواحد من آخر الرجال المحترمين في مجلس الحكم سالف الذكر, وننفعل مع مختلف مراحل معاركه على الجبهتين: الأوروبية ضد أعداء قرطاجة من الخارج, وداخل المدينة نفسها مع أعدائها من الخونة والمتخاذلين من الداخل, ويتصاعد انفعال القارئ بتتابع الأحداث حتى تصل قصة "هاميلقار" إلى محطة نهايته, لتبدأ قصة كفاح ابنه "هنيبعل" الذي تسلّم الراية من أبيه مواصلاً النضال.
أما في "هنيبعل" -ثاني أجزاء الثلاثية والذي يحمل اسم بطله- فنحن نقترب أكثر من ذلك الرجل الأسطوري الذي ألهبت مغامرته الحربية في أوروبا مخيلة الأدباء وأثارت حيرة المؤرخين. ونرى قطعة من الفن في المواجهات بين ذلك العقل الفذ وعقل آخر لا يقلّ شأنًا لخصمه الروماني "سيبيو الإفريقي", ويصوغ الكاتب ببراعة تلك العلاقة العبقرية بين الرجلين, والتي تجمع الاحترام والحب مع العداء والخصومة في آن واحد..
وجميعنا -تقريبًا- نعرف كيف كانت نهاية "هنيبعل", إلا أن "جيرار" يحوّل تلك النهاية من مجرد سطر عابر في كتب التاريخ إلى ملحمة مستقلّة بذاتها تستحق الاحترام.
بقي الجزء الأخير "حسدروبال"، وهو أيضًا يحمل اسم بطله القائد القرطاجي الأخير, الذي يمت بصلة قرابة ل"آل برقا" المناضلين.
هذا الجزء هو الأكثر كآبة وإيلامًا في الرواية, فهو ينقل لنا بدقة قاسية كيف احتضرت قرطاجة ببطء -بعد هزيمتها في معركة زاما- على يد روما المتجبّرة, حتى شعر سادتها -متأخرين للأسف- بأنهم طالما فرّطوا في حق وطنهم فقرروا أن يخوضوا معركة أخيرة لأجله, لكنها للأسف انتهت بالهزيمة والدمار, شأن كل المعارك المتأخرة عن وقتها.
الرواية قطعة حقيقة من الفن تمتد لنحو 900 صفحة, والكاتب -المولود في 1950- يستغل عمله الأصلي كمؤرخ وباحث تاريخي ليخرج لنا عملاً متقنًا ينقلنا نقلاً إلى أجواء قرطاجة القديمة..
ولا أجد ما أُنهي به عرضي لتلك الرواية الرائعة سوى واحدة من أجمل ما جاء بها من عبارات: "من يعلم؟ قرطاجة الجديدة ستولد, ولن يكون هذا إلا تحقيقًا للعدالة؛ لأن اسم مدينتنا لا يمكن أن يختفي من ذاكرة البشر. وأفضلهم من سيعلنون أنهم ورثتنا والمكمّلون لنا".
الترجمة صادرة عن دار"ورد"
ترجمة "هميلقار" هالة صلاح الدين لولو
ترجمة "هنيبعل" و"حسدروبال" ميشيل خوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.