البداية على "الفيس بوك"، عندما رأيت الجروب الخاص بورشة "الحكاية وما فيها"، وحفل تخرّج أول دفعاتها، ودعوة للتقدم بالأعمال من أجل اختيار أعضاء الدفعة الثانية، للكتابة شغف يعرِفه كل من يجد نفسه في التعبير بها. الكتابة فنّ مثل الرسم والموسيقى وكل الفنون الإبداعية الأخرى؛ ولكن الكتابة كأي شيء في الحياة يحتاج إلى اهتمام وممارسة ليتطور وينمو، وهذا هو هدف الورشة الأساسي. الرهان على عدد من الموهوبين، ممن يمتلكون الموهبة وأدواتها، والبدء في تدريبهم وصقل مهاراتهم وفتح آفاق الخيال أمامهم؛ فربما يظهر منهم من يملك مشروعاً أدبياً حقيقياً وموهبة ورغبة أصيلة في التحقق كروائي أو قصاص؛ هو ما دفع الكاتب محمد عبد النبي والناقد الأدبي أحمد عبد الحميد لإنشاء هذه الورشة. فكما يقول محمد عبد النبي عن الورشة: "إنها تمنح الموهوبين منهم أول الخيط الذي يتيح لهم امتلاك الأدوات والتقنيات المبدئية خلال الورشة، والتي عليهم نسيانها فيما بعد لاكتشاف طرقهم الخاصة". وقد قدمت الورشة سبع مواهب جديدة في دفعتها الأولى، وأقيم حفل تخرجهم بالفعل بحضور نخبة من كبار الأدباء والنقاد. ولكنني دون أن أفهم هذا الهدف أو غيره من أهداف الورشة، ومدفوعة بشغفي الشديد وحبي للكتابة؛ قررت إرسال أحد نصوصي القصصية إلى الورشة لأكون واحداً من المختارين للدفعة الثانية. ورغم أنه وصل لمحمد العديد من طلبات الاشتراك والأعمال القصصية الجيّدة -كما يقول- إلا أنه قد وقع الاختيار على 7 أشخاص فقط أيضاً. وكانت سعادتي غامرة عندما عرفت أنني واحدة منهم، وبدأت لقاءات الورشة بعد ظهر كل يوم جمعة منذ شهر ونصف في مكتبة البلد، وبعد ثلاث لقاءات انتقلت إلى مقر دار "وعد" للنشر والتوزيع. وبدأ العمل في دراسة نماذج وأشكال القصّ وتمارين لتفتيح الخيال وإشارات عبر الجروب على "الفيس بوك"، وواجبات وتكليفات ومشروع تخرّج، وأعضاء الورشة ما بين مهندس مدني يخلق عوالمه في الموقع مع العمال وبين البلدوزرات، وبين صحفي أصبحت الكتابة روتينه اليومي حتى ملّها، وبين محامي يكتب بلغة تقريرية تشبه محاضر الشرطة. وبدأت تختلط العوالم ببعضها البعض، وتنمو الحكاية وتتشعب.. ومع قراءة النصوص، ومع التحدي الأهم وهو: هل ستوقفنا ضغوط الحياة والتزاماتها عن الاهتمام بحبنا الأصيل للكتابة وشغفنا به؟ تعلو صرختنا في كل لقاء "لا"
سنستمر، سنحاول أن نجد بين مشاغل البيت والأولاد والعمل، مكاناً لكتابة الواجب، ورحلة في عالم مختلف، وثلاث ساعات نسرقهم من الزمن كل أسبوع لنجتمع معاً، نقرأ ونكتب ونخلق عوالم جديدة، تؤثر فينا وتغيرنا للأفضل.