منذ أن عادت سيناء إلى مصر كاملة قبل 28 عاماً، شهدت شبه الجزيرة الغالية على قلوب المصريين جميعاً ستة أحداث شديدة الأهمية والحساسية والخطورة، صحيح أن هناك حركة تعمير ضئيلة طالت سيناء وتركزت تحديداً في المنتجعات السياحية، وهي كلها تحركات لها نتائج متنوعة، إلا أن هذه الأحداث الخمسة -التي ويا للغرابة معظمها كان تفجيرات!- تبقى هي الأهم لسيناء في مرحلة ما بعد التحرير.. استرداد طابا.. 19 مارس 1989 في يوم 25 أبريل 1982 تم رفع العلم المصري على مدينة رفح في شمال سيناء وشرم الشيخ في جنوبسيناء، وتم الاحتفال بتحرير سيناء وعودتها إلى مصر كاملة لكن مع الانسحاب اختلقت إسرائيل مشكلة طابا التي استغرقت سبع سنوات من العمل الدبلوماسي حتى عادت هي الأخرى عام 1989. عادت طابا إلى مصر بعد اللجوء للتحكيم وفقاً لاتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، وأثبتت الخرائط التاريخية التي قدمتها مصر استقرار الحدود منذ 5 آلاف عام، وهذه الحدود نفسها هي التي أقرتها الدولة العثمانية وبريطانيا عام 1906. وبعد العديد من الجهود الدبلوماسية وبعد أن قدمت مصر جميع الوثائق التي أثبتت أن طابا مصرية، ومن بينها وثائق إسرائيلية، أصدر القاضي السويدي "جونار لاجرجين" رئيس هيئة التحكيم الدولي في جنيف حكمه التاريخي والذي نص على أن طابا مصرية ليتم رفع العلم المصري فوق طابا في 19 مارس 1989 وتعود شبه جزيرة سيناء بالكامل إلى مصر. تفجيرات طابا.. 7 أكتوبر 2004 انفجرت ثلاث سيارات ملغمة في فندق هيلتون طابا، ومخيمي أرض القمر، والبادية، بجزيرة "شيطاني" في نويبع. ووقعت الانفجارات في تزامن منظم، بدأت بانفجار طابا في العاشرة مساء، ثم وقع الانفجار الثاني في العاشرة والنصف، والثالث بعد ثلاث دقائق. وأسفر الانفجار عن تدمير عشرة طوابق من فندق هيلتون بالإضافة إلى مصرع نحو 7 مصريين و24 إسرائيلياً وإصابة 135 آخرين في التفجيرات الإرهابية. وأصدرت وزارة الداخلية بياناً قالت فيه إن العقل المدبر وراء الهجمات، هو الفلسطيني "إياد سعيد صلاح"، وقد قُتل في التفجير بالإضافة إلى "سليمان أحمد صالح فليفيل"، وهو مصري الجنسية، الذي قُتِل أيضاً في الهجوم. بعد هذه التفجيرات بدأت آراء جديدة في الظهور تخص الجهة التي تقف وراء الهجمات، في البداية كانت الاتهامات تشير إلى تنظيم القاعدة إلا أنه بدءا من تفجيرات طابا، ثم شرم الشيخ ودهب ظهرت نظرية أخرى تشير إلى أنه ربما يقف وراء هذه الهجمات مجموعة من البدو المصريين الذي يعتنقون الفكر الجهادي دون أن تكون هناك صلة مباشرة للقاعدة بالتفجيرات. تفجيرات شرم الشيخ.. 23 يوليو 2005 هذه كانت العملية الإرهابية الأسوأ في السنوات الأخيرة بعد حادث الأقصر المروع عام 1997، كما أن تزامنها مع ذكرى الاحتفال بثورة يوليو مثل تحدياً أمنياً كبيراً، التفجيرات وقعت بأسلوب يتشابه كثيراً مع تفجيرات طابا التي وقعت قبل أقل من عام، ثلاثة تفجيرات متقاربة التوقيت في ثلاثة أماكن ليست بعيدة كثيراً عن بعضها البعض "السوق القديمة"، "موقف السيارات"، وفندق "غزالة جاردنز"، الحادث خلف وراءه 80 قتيلاً من المصريين والأجانب كما أصيب 200 آخرين، قوة التفجيرات واستفزازها دفعت الرئيس "مبارك" إلى زيارة مكان التفجيرات في أعقابها، وحتى يومنا هذا لم يتم التأكد من الجهة التي وقفت وراء الحادث الذي حمل بصمة القاعدة، رغم أن "تنظيم القاعدة في بلاد الشام" أعلن مسئوليته عن الحادث فإنه لم يتم التأكد من ذلك، وكانت التفجيرات سبباً جديداً بعد تفجيرات طابا في قيام أجهزة الأمن باعتقال عدد كبير من المشتبه فيهم من أبناء سيناء، وهو ما فجّر مواجهات عنيفة بعد ذلك بين أجهزة الأمن وأهالي المنطقة.
تفجيرات دهب أودت بحياة 23 شخصاً، معظمهم مصريين تفجيرات دهب.. 24 أبريل 2006 التفجير الثالث والأخير الذي حل بسيناء في أقل من عام ونصف فقط، هذه المرة قتل 23 منهم 20 مصرياً، وهذه المرة أيضاً تزامنت التفجيرات مع مناسبة أو احتفال وطني -قبل يوم واحد فقط من عيد تحرير سيناء- لكن انفجارات دهب اختلفت عن تفجيرات طابا وشرم الشيخ في أنها نفذت بعبوات ناسفة وليست هجمات بسيارات مفخخة، وهو الأمر الذي تم التأكد منه بعدما قيل إنها تمت في أول الأمر عن طريق عناصر انتحارية. أجهزة الأمن المصرية أكدت وقتها أن العبوات المستخدمة في التفجيرات كانت محلية الصنع، وهو ما كثّف من عمليات القبض على مشتبه فيهم من بدو سيناء، للدرجة التي دفعت البعض للقول بأن هناك من ساعد أو ربما نفذ هذه التفجيرات من أهالي سيناء انتقاماً من التعامل الأمني العنيف في أعقاب تفجيرات "طابا"و"شرم الشيخ"، لكن تحذيرات أطلقتها إسرائيل لرعاياها قبل الحادث بيوم واحد وتشير إلى وجود تنظيم إرهابي يخطط لتفجيرات في دهب تحديداً، جعل البعض يميل للاعتقاد بوجود خلايا منظمة إرهابية عالمية مسئولة عن الحادث.. وكالعادة كانت القاعدة هي المشتبه الرئيسي رقم واحد.
اقتحام السور الحدودي 23 يناير 2008 التفجيرات هذه المرة جاءت على يد الفلسطينيين، لكنها لم تخلف وراءها ضحايا، وإنما كانت بغرض فتح ثغرة في السور الحدودي الفاصل بين مدينتي رفح المصرية وغزة الفلسطينية بعد حصار اقتصادي شديد فرضته إسرائيل على أهالي غزة لمدة اقتربت من الستة أشهر، شحّ فيها الغذاء والوقود والدواء، وبات الغزاويون يواجهون خطر الموت بالبطيء. لجأ رجال حماس الذين نفذوا عملية اقتحام السور إلى استخدام السيدات في الصفوف الأولى بشكل يمثل درعاً يحول دون أي هجوم متوقع من القوات المصرية رداً على اقتحام حدودها، وهو أمر تعاملت معه مصر بقدر كبير من الحكمة والهدوء، وسمح الرئيس "مبارك" للفلسطينيين بالدخول إلى رفح المصرية للتزود بما يريدون من احتياجاتهم الأساسية بشرط عدم التوغل في الأراضي المصرية أكثر من ذلك والعودة مباشرة إلى بلادهم فور انتهاء غرضهم، بقيت الأمور هكذا لما يقرب من أسبوع تقريباً وتدفق ما يقرب من نصف مليون فلسطيني إلى مصر، أنفقوا خلالها ملايين كثيرة من الجنيهات، وتم ضبط بعض العناصر التي حاولت التسلل إلى داخل البلاد، قبل أن يتم إغلاق الحدود من جديد، والتلويح بأن مصر لن تسمح بتكرار ما حدث مرة أخرى مهما كانت الظروف. الجدار المصري العازل ديسمبر 2009 في ديسمبر 2009 قامت صحيفة "هاآرتس" بعرض تقرير تعلن به أن مصر بدأت في تشييد جدار حديدي ضخم على طول حدودها مع قطاع غزة في محاولة للقضاء على عمليات التهريب التي تتم عبر الأنفاق الممتدة على طول الشريط الحدودي الفاصل بين أراضيها والأراضي الفلسطينية جنوبغزة.. وهنا ثار الكثير من اللغط حول صحة الخبر من عدمه، إلا أن وزير الخارجية "أحمد أبو الغيط" حسم الموقف بتصريحه بتأكيد الخبر، وأن أي إجراءات لصيانة الأمن القومي وتأمين الحدود مهما كان شكل هذه الإجراءات سواء أعمال إنشائية أو هندسية أو معدات جس أو معدات للاستماع فوق الأرض أو تحتها هي شأن مصري يتعلق بالأمن القومي، أي أنه يدخل ضمن المسئوليات الدولية لمصر وأسرارها. وهنا نشأت الكثير من الآراء المختلفة حول الجدار؛ فهناك المعارضون لبنائه؛ لأنه مشاركة في حصار الفلسطينين بغزة، وهناك المتفقون معه؛ لأنه حماية لحدود مصر. وكما اختلفت ردود الفعل بالداخل اختلفت أيضاً بالخارج، ففي الوقت الذي صرح به الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" أن بناء الجدار شأن داخلي يتعلق بالسيادة المصرية، ووقفت كل من الأردن والسعودية وبعض الدول الغربية مع حق مصر في حماية حدودها، دعت بعض حركات المقاومة الفلسطينية إلى مظاهرة شعبية لتعبر عن رفضها لبناء الجدار، ودعوا الحكومة المصرية ألا تكون شريكا في حصار القطاع، كما اعترض المفوض العام للأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين على بناء الجدار؛ لأنه سيزيد من صعوبة الحياة لسكان غزة، خاصة وأن أكثر من 60% من الاقتصاد الفلسطيني في غزة قائم على الأنفاق التي يتم استخدامها في تهريب السلع من مصر إلى القطاع.
والجدار مصنوع من الفولاذ القوي الذي صنع في الولاياتالمتحدة خصيصاً وقد تم اختبار مقاومته للقنابل، ووصف بأنه أكثر متانة من "خط بارليف"، وهو جدار تحت الأرض في الأساس ولا يظهر فوقها، حيث إن الغرض منه هو منع الأنفاق تحت الأرض التي يتم عن طريقها تمرير البضائع المختلفة من سيناء إلى غزة.