أثار إعلان فوز الرئيس الأمريكي بجائزة نوبل للسلام لعام 2009 ردود أفعال أمريكية وعالمية واسعة. ففي البداية قوبل النبأ بذهول وصمت في البيت الأبيض رغم مسارعة بعض وسائل الإعلام لانتقاد منح الجائزة لأوباما الذي لم يمض على توليه رئاسة الولاياتالمتحدة سوى أقل من تسعة أشهر. وذكرت شبكة التلفزيون الإخبارية سي إن إن استنادا إلى أحد مستشاري أوباما أن الرئيس الأمريكي استقبل نبأ منحه جائزة نوبل للسلام هذا العام "بتواضع". وتابعت سي إن إن بالقول: "يأتي ذلك في الوقت الذي لم يكن أوباما ضمن قائمة الأوفر حظا للفوز بالجائزة". وشهدت الولاياتالمتحدة موجة من الشك وعدم التصديق في ردود الأفعال التي أعقبت إعلان فوز الرئيس الامريكي باراك أوباما بجائزة نوبل للسلام هذا العام، قبل مرور سنة على تلك الانتخابات التاريخية التي وضعته على مقعد الرئاسة بينما تقاتل قوات بلاده على جبهتين حربيتين. ما كان مستغربا بحق هو منح جائزة نوبل لرئيس أمريكي لا يزال في منصبه. وكان آخر رئيس أمريكي حصل على الجائزة وهو في منصبه هو الرئيس ودرو ويلسون عام 1919 لدوره القيادي في تأسيس عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى، وما صاحبها من أهوال. وفي هذا السياق قابلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية ذات الاتجاه المحافظ منح أوباما جائزة نوبل للسلام ببعض التشكك. وعلقت الصحيفة على خبر منح الجائزة لأوباما على موقعها الإلكتروني يوم الجمعة بالقول: "أوباما يحصل على نوبل للسلام: مقابل ماذا؟".. وعلى الصعيد العالمي أبدت روسيا ترحيبا، مصحوبا بنوع من الدهشة ، بمنح الرئيس الأمريكي باراك أوباما جائزة نوبل للسلام هذا العام. وفي روما هنأ رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني أوباما بفوزه بالجائزة، معتبرا أنه "شيء إيجابي أن تكون الجائزة من نصيب أوباما". كما هنأ قادة إسرائيليون الرئيس الأمريكي على فوزه بالجائزة، معربين عن أملهم في أن يدعم ذلك جهوده الرامية إلى دفع عملية السلام في الشرق الأوسط. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز بعث برقية إلى أوباما، قال فيها: "ليس هناك سوى القليل من القادة الذين نجحوا في تغيير المناخ العام في العالم في مثل هذا الوقت القصير". ومن جانبه، أعرب وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك عن أمله في أن تزيد الجائزة من قوة أوباما على إحلال السلام في الشرق الأوسط والتوصل إلى سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي رام الله، هنأت السلطة الفلسطينية الرئيس الأمريكي موضحة أن ذلك الفوز يعطيه مسئولية إضافية للعمل من أجل السلام في الشرق الأوسط. وأعرب الناطق باسم الحكومة الفلسطينية غسان الخطيب عن أمله أن يكون فوز أوباما بجائزة نوبل للسلام حافزا إضافيا له للعمل بصورة أكثر جدية من أجل السلام في المنطقة. وقال لوكالة الأنباء الألمانية ( د ب أ) إن الجائزة ستشكل مسئولية إضافية على أوباما للعمل من أجل السلام في العالم. أما حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فقالت إنه ما زال هناك الكثير الذي يتعين على الرئيس الأمريكي باراك أوباما تقديمه حتى يستحق جائزة نوبل للسلام. وتمنى إسماعيل هنية أن يكون فوز أوباما بالجائزة له صدى في تغيير السياسة الأمريكية تجاه الشعب الفلسطيني وصراعه مع الاحتلال الاسرائيلي وتجاه ما يجري في مدينة القدس. ورحب محمد البرادعي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمنح جائزة نوبل للسلام هذا العام للرئيس الأمريكي باراك أوباما لأنه أوقد شمعة الأمل من جديد في سلام عالمي واتخذ موقع الصدارة في قضية حظر انتشار السلاح النووي. وقال البرادعي، الذي حصل على الجائزة نفسها لعام 2005: "لا يخطر ببالي شخص آخر كان يستحق هذا التكريم أكثر من أوباما"، واعتبر البرادعي ذلك بمثابة "مصدر إلهام للعالم". من ناحية أخرى، رأى الخبير الألماني في شئون السلام أندرياس هاينيمان جرودر أن منح الرئيس الأمريكي باراك أوباما جائزة نوبل للسلام هذا العام يعتبر سابقا لأوانه. وأشار هاينيمان جرودر الباحث في مركز بون للشئون الدولية إلى أن الرئيس الأمريكي لم ينجح خلال الفترة القصيرة التي مضت من رئاسته أمريكا حتى الآن سوى في تحقيق تحسن في الأجواء الدولية ولم يظهر حتى الآن نجاحا يذكر في النزاع بشأن البرنامج النووي الإيراني أو الكوري الشمالي أو أفغانستان أو الشرق الأوسط وكذلك فيما يتعلق بالعلاقات مع روسيا. أما رئيس لجنة نوبل توربيورن ياجلاند نفسه فقد دافع عن قرار اللجنة منح جائزة نوبل للسلام هذا العام للرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي لم يمض على توليه رئاسة الولاياتالمتحدة سوى أقل من تسعة الأشهر. وردا على سؤال عما إذا كانت اللجنة قد اتخذت "قرارا جريئا" قال توربيورن يوم الجمعة في أوسلو: "كل ما حدث في العالم منذ تولي أوباما حكم أمريكا وكيف تغير المناخ الدولي يعتبر أكثر من كاف للقول إن أوباما أوفى بما جاء في وصية ألفريد نوبل ألا وهو ضرورة منح الجائزة لمن بذل أكثر من أجل التآخي العالمي ونزع السلاح خلال العام السابق، ولمن دعم التعاون والحوار". وأشار ياجلاند لفترة أوباما القصيرة في حكم أمريكا والتي لم تصل إلى تسعة أشهر قائلا: "عندما ننظر لتاريخ جائزة نوبل فسنتبين أننا حاولنا في مناسبات عدة تعزيز وتشجيع ما تقوم به شخصيات بعينها وقت منح الجائزة كما حدث مع (المستشار الألماني الأسبق) فيلي برانت على سبيل المثال والذي حصل على الجائزة عام 1971 عندما شرع في سياسة تخفيف حدة التوتر مع الكتلة الشرقية في أوروبا، تلك السياسة التي كانت في غاية الأهمية بالنسبة لما حدث بعد ذلك بسنوات كثيرة، أو كما حدث عند منح الجائزة لميخائيل جورباتشوف عام 1990 والذي غير العالم تماما".