مشكلتي أن فتاة أحبتني حباً شديداً.. في البداية اعتقدت أنها لم تحبني، ولكن هذا تحدٍّ بينها وبين أصدقائها لتجذبني لها، المهم أني أخطأت وأشعرتها بأني أبادلها نفس الحب؛ لكي تظل معي وتعطيني ما يروق لي، ومع مرور الأيام زالت الخطوط الحمراء بيننا، وتقابلنا في مكان مغلق بعيداً عن أعين الناس، وتعاملنا كالزوجين، ولكن من الخارج، وبعد فترة أكثر من شهرين اتصلت بي، وقالت لي إنها حامل منذ آخر مرة تقابلنا فيها (بالرغم من أن التعامل كان من الخارج). المهم أني سألت شيخاً في إمكانية الحمل بهذه الطريقة، وأكد لي أنه ممكن، فسارعت بطلب يدها من أهلها؛ حتى لا يشعر أحد بشيء، وتزوجتها وبعد عدد من الشهور وضعت ابننا، ولكني طوال الوقت أشعر بأنه ليس ابني (بالرغم من أني متأكد أنها لم تفعل ذلك مع أحد غيري، وكان ذلك بدافع حبها لي)، إلا أن الشك ما زال يلازمني إلى الآن وأنا الآن أعيش بالخارج، وأتمنى أن أتأكد من بنوة هذا الطفل. m أتدري يا صديقي، لقد أجبت على نفسك؛ لأنك شاب محترم رغم ضعفك، وأمين رغم وساوس الشيطان التي تحيط بك.. أخطأت وتبت وأصلحت بزواجك منها، وبعد أن وقعت في بئر الخطيئة خرجت تائباً متطهراً، أسأل الله أن يتقبل توبتك، ويعفو عنك، ويريح قلبك. فهل يتركك الشيطان تنعم بالطهر بعد الدنس، وبالتوبة بعد الخطيئة، وبالراحة بعد التعب.. تذكّر أخي الكريم أن الشيطان قال لرب العزة: {لأقعدن لهم صراطك المستقيم}.. فتنبه واستعذ بالله واترك الشك بيقينك في أن الله لن يخذلك.. وتذكر يا صديقي أنك بينك وبين نفسك تقذفها بالزنا، وإلا فما معنى أن يكون الطفل ليس ابنك.. إذن فهو ابن لغيرك.. وقد حدد الشرع مسارين لهذه المأساة: أولهما في مختصره أن تقسم الزوجة بأنه ابنك، وأن لعنة الله عليها إن كانت من الكاذبين.. أما الثاني فمع تقدم العلوم يمكن اللجوء للبصمة الوراثية، وهذه لها ضوابط وشروط.. يلتزم بها الطرفان، غير أن ذلك فيه هتك لستر الزوجة والولد.. وشرخ في العلاقة، وجرح يصعب شفاؤه مع الزمن.. أنت قلت بلسانك قبل قلمك: (بالرغم من أني متأكد أنها لم تفعل ذلك مع أحد غيري، وكان ذلك بدافع حبها لي)، فإذا كنت متأكدا لهذه الدرجة في ذلك فهذا يعني أنه ابنك. وهذا اليقين هو ما يأباه الشيطان للمؤمنين، وهذا الشك الذي يحيطك هو العذاب الأكبر لك ولها ولولدك هذا.. وأحب أن أذكرك أنك أخطأت معها، وجزء من العقاب على الخطأ هو الشك.. ولكنه أيضا لعبة الشيطان إذا استسلمنا له.. خذ هذا الطفل بين ذراعيك يا أخي الحبيب، قل له في سره، واهمس في أذنيه.. أنت هبة الله لي، واسأل الله أن يجعله ولداً صالحاً، ويعوضك به خيراً في الدارين.. أبعِدْ هذه الوساوس، فما بحثك عنها وتفتيشك فيها سوى لعبة من ألاعيب الشيطان، وبعض من أفكاره ليذهب عنك البهجة والسعادة.. هو ابنك، وهي زوجتك، وهذا هو فضل الله عليك، فلا تحوّل حياتك بأفكارك هذه من الجنة إلى النار، ومن الراحة والسكينة إلى العذاب.. إن ما ذكرته وارد فعلا، وكم من الفتيات يحملن بهذه الطريقة، فثبّت قلبك وامحُ وساوسك.. وابدأ صفحة جديدة بينك وبين نفسك، وإياك أن تظلم ولدك بنظرتك له، أو تظلم زوجتك بشكّك فيها.. فما دامت لم تخطئ مع غيرك يقيناً، فمن المهلك بعد ذلك أن تتشكك فيمن وهبه الله لك.. فاهنأ بحياتك.. ولا تجعل للشيطان إلى قلبك سبيلاً. واعلم يا صديقي أيضاً أنه لا سبيل إلى الاطمئنان إلا بذكر الله {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، فأكثر من الذكر والاستغفار واسأل الله أن يشرح صدرك ويبصرك بحقيقة أمرك وما ذلك على الله بعزيز.