في بطولة كأس العالم للشباب الرائعة، والتي لاقت استحسان ومباهج الجميع حول العالم؛ حتى أن "الفيفا" لم يخفِ شعوره بالانبهار والتنظيم المصري، بالإضافة إلى الاهتمامات السياسية الكبيرة بالبطولة، والملاعب الرائعة على الطراز الأوروبي زينت البطولة بأجمل وأوجه صور الروعة؛ مما يبرز الصورة المصرية الرائعة في العالم. لكن هذا كله ضاع والفرحة انتهت بخروج منتخب مصر للشباب من دور الستة عشر على يد كوستاريكا. الجماهير التي كانت تضيء الملعب وتزيّنه لن نرى منها إلا القليل؛ فقد صدمت الجماهير المصرية صدمة كبيرة قصمت ظهر الشعب الذي كان ينتظر الفرحة والسعادة من المنتخب ليهوّن على العامل المصري المطحون التعب الذي يلقاه في عمله، ويخفف علينا جميعا متاعب ومشاغل الدنيا. لم يكن أشد المتشائمين أو حتى المتفائلين يتوقع هذه النهاية الكارثية لمنتخب ما سمعنا عنه قبل البطولة، كان يوحي لنا بأنه منتخب من الوحوش ومدرب يعتبر من الصفوة في عالم التدريب. فقد كلف هذا المنتخب خزائن الاتحاد المصري لكرة القدم؛ بل خزائن الدولة الكثير والكثير؛ إذ وصلت التكلفة ل 20 مليون جنيه، وواجه جميع مدارس الكرة في العالم كله من المدرسة اللاتينية وحتى فرق الدوري المصري. ولكننا فوجئنا بفريق أليف ومدرب لا يعرف شيئاً في الكرة سوى أنها تُلعب بالقدم، ولاعبين تفرغوا للخروج إلى شاشات التليفزيونات وإعلانات الحاجة الساقعة لكي نعرفهم ونذهب لتشجيعهم. فسوكوب ارتكب أخطاء فادحة على مدار البطولة أودت بحياة الحلم، وذهب إلى طي النسيان، وظهر أنه متواضع فنيا وبدنيا وخططيا، وإليكم بعض أخطائه: أولا: لعب التشيكي سوكوب كل مباراة بتشكيل جديد لا نعرف لماذا؛ حيث دفع في بادئ الأمر بصلاح سليمان وحجازي في قلب الدفاع، ثم عاد في المباراة الثانية، ودفع بسعد ومعاذ، ثم عاد ولعب بتوبة، ثم حسام حسن، وبدأ بمجدي، ثم دفع بشكري وغيرهم الكثير، وكأنه منتخب غريب عليه لم يتعامل معه من قبل ولم يلعب معه قبل هذه البطولة؛ فقد لعب المنتخب أكثر من 80 مباراة ودية؛ بالإضافة إلى بطولة أمم إفريقيا للشباب برواندا؛ ألم يعرف مدربنا المبجل من هم ال11 لاعبا الذين سيلعب بهم بطولة تُنظم على أرضنا ووسط جماهيرنا. ثانيا: ظهر سوكوب على مدار البطولة من أضعف مدربي المونديال فنيا؛ حيث جاءت معظم تغييراته متأخرة وغير مجدية، ولم تضف أي جديد سوى القليل، ومن ناحية أخرى فقد صبر على لاعبين لم يقدموا شيئاً مثل محمد طلعت الذي بدا تائها أو غريبا على الملعب. ومع ذلك لم يساعده إما بنزول لاعب آخر مكانه، أو وجود مهاجم ثان بجواره، وظهر علي العربي كثغرة واضحة على الناحية اليمنى، وأصاب عرفات نصف البلد بالشلل أثناء مباراة باراجواي.
ولم يقدم أية حلول تكتيكية تخدم الفريق على مدار المباراة؛ فقد لعب منتخب باراجواي أمامه ب10 لاعبين لأكثر من ساعة كاملة، ولم يستطع فعل شيء؛ بل وأحرجه الضيوف بصورة كبيرة حتى جاءت الهزيمة في النهاية طبيعية. ثالثا: وضح أن المدرب سوكوب ضعيف على المستوى البدني؛ حيث تساقط أكثر من لاعب على مدار البطولة مثل صلاح سليمان وأحمد حجازي وطلعت وتوبة، ولم يستطع لاعبونا مجاراة لاعبي الباراجواي وكوستاريكا وإيطاليا على مستوى السرعة والالتحامات والاختراقات من العمق. رابعا: الشخصية الضعيفة للمدرب التشيكي، ووضح ذلك جليا في مباراة إيطاليا عندما أهانه أحمد فتحي "بوجي" بألفاظ خارجة، وكاد أن يبصق عليه لولا زملاؤه في الفريق وهو لاعب احتياطي من قبل البطولة وأثناءها، فلماذا الثورة والغيظ. وذكرني هذا بما فعله أحمد حسام "ميدو" مع شحاتة في كأس الأمم الإفريقية بمصر 2006 عندما قال له: ليه كل مرة تبدلني كده. ودخلا في نزاع أعتقد أنه محترم بالمقارنة بما فعله لاعب مازال طفلا وهو "بوجي"؛ ولكن عقاب المدرب مع أحمد حسام كان قاسيا حيث حرمه من نهائي الأمم وهو في شدة الاحتياج إليه، وكان على النقيض تماما موقف سوكوب عندما "سامح" في حقه، وتم فرض مكافأة مالية، وكان رد الجميل من اللاعب أنه أعلن أنه لا يريد أن يلعب مباراة كوستاريكا. خامسا: السماح -سداح مداح- لكل من هب ودب في الدخول لمعسكر المنتخب أثناء البطولة، وكأننا في بطولة ترفيهية مثل دخول "سيد أبو حفيظة" للمعسكر والتمثيل مع لاعبي الفريق؛ فلم أرَ على مدار حياتي لاعباً يُمثّل أثناء بطولة؛ مع احترامي الكامل لأبو حفيظة وبرامجه الرائعة؛ لكن ذلك أثّر على على تركيز اللاعبين "الصغار" في خبراتهم وتعاملهم مع أضواء الشهرة والإعلام؛ إنها سقطة كبيرة يجب الاعتراف بها. فقد أخطأ سوكوب كثيرا، وهو المسئول الأكبر عما حدث. أما اللاعبون فقد لعب بعضهم بفردية والبعض باستهتار، وفرط البعض منهم في كرامته عندما قدم إعلانا تافها يقول للناس "اعرفوني أنا ألعب كرة"، وأقول لهم: إن الجماهير عرفتكم عندما لعبتم برجولة في أول مباراة أمام ترينداد ثم توباجو، وصفقت لكم الجماهير، وجاءت من أرجاء الجمهورية ولم تأتِ بهم إعلانات "الحاجة الساقعة" والكلام الفاضي. من يلعب يصبح نجما يُشار إليه بالبنان، ويركن سيارته في أي مكان. وفي النهاية فإننا لا نرى الدنيا قاتمة من منفذ الأحزان؛ فلو نظرنا إلى الجانب المضيء؛ فإننا نجد أنفسنا أمام لاعبين أفذاذ، على رأسهم شهاب أحمد، وهشام محمد، وعفروتو، وحجازي، ومصطفى جلال، وأحمد شكري، وإسلام رمضان. وأتمنى من اتحاد الكرة أن يختار مدرباً مصرياً ووطنياً، ليحمل المسئولية على عاتقه في التصفيات المؤهلة لأوليمبياد 2012 بعد تصعيد هذا المنتخب من منتخب الشباب إلى المنتخب الأوليمبي، ولا يترك مصيرنا وقلوبنا في يد شخص لا يمكن أن يُطلق عليه مدرب.