أ ش أ ألقى أحمد المسلماني -المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية- اليوم (الثلاثاء) محاضرة في جمعية الشبان المسلمين بعنوان "الإسلام والقوى الدولية" عقب لقائه بأحزاب تيار الاستقلال وأحمد الفضالي رئيس الجمعية ومنسق تيار الاستقلال. وقال المسلماني: "إنه في وقت يحاول كثيرون أن يختصروا الوجه السمح للدين العظيم، ويطرحوا معادلة بائسة الإسلام ضد الإسلام أو ضد العالم، نقول للعالم سريعا ينبغي لتلك المعادلة أن تفشل". وطرح المسلماني 10 نقاط لما أطلق عليه "النظرية البائسة لإرباك حركة الوطن"، حيث تمثلت النقطة الأولى في صعود فكر التكفير، موضحا: "تصورت للحظة أن المعضلة تكمن في بعض القوى الإسلامية ثم وجدت أنها تشمل عموم القوى الإسلامية، وتصورت أن الصعود مؤقت أو عارض أو محدد جغرافيا وزمنيا، ولكن هناك قوى في الخارج والداخل تحاول التمكين لفكر التفكير، وتصورت أن الأمر ربما يمس بعض علماء الدين الوسطيين، وامتد الأمر لبعض غير الوسطيين، وإلى مجمل علماء الدين". وتابع: "استمعت لعلماء دين كثر، ومحاولات لإقناع غلاة التكفير أن الإسلام لا يسمح بذلك، وحين التقيت الشيخ محمد حسان -الداعية الإسلامي- حدثني عن معاداة جماعات التكفير التي كفرته هو وعلماء آخرين، وجدت أن فكر التكفير بات خطرا أساسيا". وأشار المسلماني إلى ما أطلق عليه "دعم الخارج وتواطؤ الداخل لفكر التكفير"، قائلا: "لن ينجو العالم الإسلامي لو مضى الدعم الخارجي لفكر التكفير، ومهمتنا الأساسية إسقاط فكر التكفير ومناهضة فكر التكفيريين في كل زمان ومكان، فالبعض الآن يحاول أن يسلح الذين يكفرون مما بات خطرا على الأمن القومي". ولفت النظر إلى أن البعض بات يتحدث عن فصل بين الدين والدولة، والبعض عن الفصل بين الدين والأخلاق، مضيفا: "وجدنا أناسا يقرأون كتاب الله ويتحدثون عن الدين ولكننا وجدنا تواضعا وتهافتا أخلاقيا وجرى الفصل بين الدين والأخلاق، وحان الوقت أن تكون رسالة الدين الأساسية رسالة الخلق الحميد والتسامح والقيم والآداب واحترام الأخلاق، وأن تسقط الصناديق إذا أهملت القيم من أجل الوصول لها". وتحدث المسلماني عن أن أغلبية المسلمين في العالم ليسوا عربا قائلا: "إذا أراد العالم أن يأخذ الإسلام من العالم العربي فإن تأثير الثلث مليار سيطغي على أكثر من مليار مسلم، وأناشدهم مراعاة أن مليار ونصف مليار يعانون، فأكبر 5 دول إسلامية على مستوى العالم ليست عربية، وأكبر دولة إسلامية وهي إندونيسيا ليست عربية، وأكبر أقلية إسلامية في العالم في الهند، وأكبر دولة إسلامية إفريقية هي نيجيريا، فإذا خرجت رسالة الإسلام براجماتية يؤثر ذلك على سمعة ومكانة الدين في كل مكان". وعن النقطة الخاصة بما أسماه "انكشاف الوسطية" قال المسلماني: "سمعنا عن الدعاة الوسطيين وفوجئنا بأن البعض ليس وسطيا، وحين أتيحت له الفرصة لأن يكون قريبا من متاع الدنيا وقصور السلطة ارتمى في أحضان التطرف لأجل مصلحته، فقد قرأت عدة مرات كتاب (إسلامنا المفترى عليه)، وقرأت فصولا رصينة في نبذ التطرف". وأردف: "يؤسفني اليوم مشهد أن الشيخ يوسف القرضاوي ضد الشيخ يوسف القرضاوي، وأن ما كان يتحدث عنه من تاريخنا أصبح يشارك به في مستقبلنا وواقعنا المفترى عليه، والنصف الأخير منه يلغي النصف الأول وأرجو أن يعود إلى صوابه". وحول ما وصفه ب"محنة الدعوة" أوضح المسلماني:"بعض غلاة التشدد يدعون المصلين إلى الصلاة، ويحدثون شعبا متدينا عن الإسلام في وقت العالم فيه مليار ملحد، ومليارين يدينون بديانات غير سماوية، وإذا كانوا مخلصين فليتوجهوا إلى هؤلاء، ومع احترام الإسلام لكل المذاهب، لكن الذين يتشدقون بالدعوة في مجتمع علم العالم المبادئ عليهم أن يتوجهوا لنصف سكان العالم من يحتاجون للتبشير بالإيمان". وأشار المسلماني -في محاضرته- إلى أنه يرى أن النموذج الإسلامي في العالم كله بات في خطر، وأنه يجب إعادة تقديم الإسلام والدين والتسامح والوسطية والحداثة على نحو ينقذ النموذج الإسلامي في العالم، وتحدث عن النماذج الإسلامية في تركيا وماليزيا وإيرانوباكستان، قائلا: "إذا أخذت تصريحات رجب طيب أردوغان -رئيس الوزراء التركي- على محمل حسن النية فهو يعمل من أجل أهله وعشيرته وحزبه وليس لمليار ونصف مسلم". وتابع: "أنصحه أن يعمل لمصلحة المسلمين وليس لمصلحة الانتخابات القادمة، وبسبب موقفه المعادي لثورة 30 يونيو وللأزهر، أدعوه أن يعتذر عما مضى وأن يعيد النظر في خطابه ليكون متصالحا معنا ومع الآخرين". وفيما يخص النموذج المتميز لماليزيا أوضح أن "بعض دول الغرب تحاول دعم التطرف هناك لإسقاط أجمل نموذج إسلامي في العالم، أما النموذج الإيراني لا نعرف مع رئيسه الجديد إلى أين يسير، نجاد كان يهاجم إسرائيل في عام 2005 وفي أعقاب التصريحات أصبحت تحصل على مساعدات ضخمة من الغرب، وأوضح أنه على النموذج الإسلامي أن يكون متصالحا مع العالم الإسلامي". وحول باكستان قال المسلماني: "المسلمون فرحوا بأن باكستان باتت أول دولة نووية إسلامية في العالم، ولكننا نتمنى أن تصبح نموذجا رائعا في الدين والدنيا، وربما تكون باكستان على وشك أن تكون دولة فاشلة في وجود 50% أمية، وبطالة، مع مفاعلات نووية مستهدفة". وأضاف أن "هذه النماذج تفرض علينا أن نكون نموذجا قائدا، وما لم نكن كذلك سيؤدي ذلك لتخبط في جميع الدول الإسلامية". واختتم المسلماني بطرح رؤية للعالم عام 2030 قائلا: "عدد سكان العالم سيكون 8 ونصف مليار نسمة، وسيكون هناك تصاعد في الطلب على الغذاء على نحو كبير وقد تدخل دول في حزام الجوع، فالعالم فقد الإطار الأخلاقي الذي كان يتحلى به، والمصلحة باتت الحاكم الأساسي لما يجري". ورأى المسلماني أن "العالم الآن يعمل وفق منظور المصلحة أولا، ولم يتحرك المجتمع الدولي إلا بدافع المصلحة، وانكسرت الأخلاق في العلاقات الدولية، فيما يفكر الغرب في إحداث توازن على أساس سلبي، بتقوية تركيا في مواجهة إيران، وتقوية إيران في مواجهة السعودية، وتقوية قوى إقليمية على حساب مصر، وأن تنزف الدول داخليا، ولا مستقبل للحمقى ومن يبحثون عن مصالحهم الشخصية، فقد بات العالم صعبا ومعقدا وكنا نتحدث عن الشمال والجنوب، والآن يتحدثون عن شمال أوروبا الغني وجنوب أوروبا الفقير، ويتحدثون عن أن 146 مليون أوروبي لن ينعموا بالمستقبل الاقتصادي والاجتماعي المناسب". وتابع: "نشهد أيضا تباطؤا للنمو في الصين واهتمام العالم بأنجولا ونيجيريا لأنهما دولتين نفطيتين، وأصبح العالم قاسيا ومن يخطئ يحاسب حسابا قاسيا، والمؤمن كيس فطن، والغبي خائن، ولا يمكن أن نسلم المستقبل لمن لا يدركون من أنفسهم شيئا، ومن يبحثون فقط عن مقاعد برلمانية ورئاسية في الاتحادية، ومن يؤمن فقط بهذا الوطن والوحدة الوطنية لهذا الوطن، ومن يحفظ هذا الوطن ثغرة ثغرة، وليس من لا يؤمن بأن لكل مصري الحق في عيشة كريمة".