قصر القبة هو أكبر القصور الملكية في مصر، ويقع القصر في منطقة سراي القبة، وهو حاليا يمتد من محطة مترو سراي القبة حتى محطة كوبري القبة، ويتميز القصر بحدائقه الغنّاء المليئة بالنباتات والأشجار الأسيوية، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من النباتات التي تم جلبها من مختلف أنحاء العالم.. وقد كانت هذه المنطقة من قبل تتميز بالحقول الزراعية والقرى الريفية التي كانت تمتد على مساحة شاسعة حول القصر، والتي كانت تصل مساحتها إلى 70 فدانا، إلى جانب الأكشاك الخشبية التي كانت مصممة خصيصا لتمضية أوقات العائلة المالكة المقيمة بالقصر آنذاك. ويرجع تاريخ إنشاء قصر القبة إلى إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا، فهو الذي قام ببناء القصر عام 1830، وزرع حوله بستانا كبيرا، ثم آل القصر بعد ذلك إلى ابنه مصطفى باشا الذي باع القصر لابنه القاصر عثمان بك عام 1856. إلى أن جاء إسماعيل باشا وتولى حكم مصر عام 1863، فاشترى القصر ثم أعاد بناءه مرة أخرى عام 1869، وتعتبر حدائق قصر القبة من أجمل حدائق العالم، حيث تكون مع جمال بناء القصر لوحة فنية نادرة.. ثم تولى الخديو توفيق ابن الخديو إسماعيل حكم مصر من بعده، وفي فترة حكم توفيق أصبح القصر (الذي ولد فيه) مقرا رئيسيا لأهم وأرقى الاحتفالات وحفلات الزفاف الملكية الفخمة، وخلال فترة حكم عباس حلمي الثاني صار القصر بحدائقه الواسعة منافسا لقصر عابدين الذي كان مقرا رسميا للحكم في ذلك الوقت.. وعندما تولى فؤاد الأول عرش مصر سنة 1917 أصبح قصر القبة مقرا رسميا للإقامة الملكية، وخلال فترة إقامته أمر بعدة تغييرات على القصر، حيث أمر بإضافة سور بارتفاع 6 أمتار حول القصر، وإقامة بوابة جديدة، وحديقة خارجية وإضافة محطة سكة حديد خاصة بالقطار الملكي، حيث كان الزوار يأتون مباشرة سواء من الإسكندرية أو من محطة مصر المركزية للقطارات في القاهرة.. وقد توفي الملك فؤاد الأول في قصر القبة، وحينها قام الملك فاروق بإلقاء أول خطبة عبر الإذاعة المصرية في 8 مايو سنة 1936 من هذا القصر، وذلك إثر وفاة والده فؤاد الأول. كان القصر يضم مجموعة من المقتنيات الثمينة جدا من عصر الأسرة المالكة، كما ضمت مكتبته 150 ألف مجلد ومخطوطات مهمة، مثل: أوراق محاكمة سليمان الحلبي، ومراسلات محمد علي مع الملوك، وخرائط حدود المياه الإقليمية لمصر، ودستور سنة 1923 بخط الملك فاروق. واحتفظ الملك فاروق بمجموعاته الخاصة في ذلك القصر، حيث ضمت مجموعات نادرة من الطوابع والساعات والمجوهرات، إلى جانب العديد من التحف والمقتنيات الأخرى، ومعظم هذه الأشياء بيعت في مزاد علني في عام 1954، حضره الكثير من المهتمين، بينهم مندوبون عن الملكة إليزابيث الثانية وأمير موناكو. وبعد ثورة 23 يوليو 1952 تم مصادرة القصر مثله مثل جميع القصور الملكية، وأصبح أحد القصور الرئاسية الثلاثة المهمة في مصر، إلى جانب كل من قصر عابدين بالقاهرة وقصر رأس التين بالإسكندرية. وفي وقت ما فكر الخديو إسماعيل في بيع القصر، ولكن لم تتم عملية البيع، وقد كان الرئيس جمال عبد الناصر يستقبل فيه الزوار الرسميين في هذا القصر، وقد استقر جثمانه هناك بعد وفاته انتظارا لجنازته في تاريخ 1 أكتوبر 1970، وما زال القصر يستخدم حتى الآن مقرا لنزول واستضافة رؤساء الدول الأخرى والوفود الرسمية. وإذا ما حاولنا المقارنة بين قصر القبة ورأس التين سنجد أن هناك تشابها كبيرا في التصميم المعماري وبعض اللمسات الفنية بين القصرين، ويتكون القصر من 400 غرفة، أما حديقة القصر فهي مقسمة إلى جزئين، الخارجي تبلغ مساحته نحو 120 فدانا مزروعة بأشجار الفاكهة والموالح المثمرة، والداخلي من الحديقة مساحته نحو 60 فدانا وفيه أشجار عملاقة يزيد عمرها عن 100 عام، إضافة إلى شتلات الزهور التي كانت تستجلب من هولندا إلى الحديقة مباشرة، بناء على رغبة الملكة فريدة التي كانت مولعة بالورد والزهور. وكان الرئيس الراحل أنور السادات مغرما بحديقة قصر القبة، وحريصا على التجول فيها مع زوار مصر الكبار، ويقال إن الرئيس السادات اتخذ قرار الحرب وتحديد ساعة الصفر في حرب أكتوبر 1973 من هذه الحديقة.. وإلى جانب ذلك كله في ثورة 30 يونيو كان القصر رمزا يتجمع عنده معارضو الرئيس مرسي للتظاهر، وسيستمر هذا القصر قيمة تاريخية ومعمارية فريدة نعتز بها على مر العصور..
قصر القبة * دنيا الأدب اضغط على الصورة لمشاهدة الجاليري: