ياسمين عبد العزيز: ندمت إني كنت جدعة أوي واتعاملت بقلبي.. ومش كل الناس تستاهل    زلزال بقوة 6.7 درجة يهز شمال شرق اليابان وتحذير من تسونامي    موعد انتهاء الشبورة الكثيفة على الطرق    القومي للمرأة يصدر تقرير المرحلة الأولى لغرفة متابعة انتخابات النواب 2025    تبرع هولندي بقيمة 200 مليون جنيه لدعم مستشفى «شفا الأطفال» بجامعة سوهاج    زيلينسكي يقترح استفتاء شعبياً حول الأراضي الشرقية في أوكرانيا    وفد جامعة سوهاج يبحث تعزيز الشراكة التدريبية مع الأكاديمية الوطنية للتدريب    جوتيريش يدين الغارات الإسرائيلية على غزة ويؤكد عدم قانونية المستوطنات في الضفة الغربية    ترامب محبط من روسيا أوكرانيا    «ترامب» يتوقع فائزًا واحدًا في عالم الذكاء الاصطناعي.. أمريكا أم الصين؟    مصرع تاجر ماشية وإصابة نجله على أيدى 4 أشخاص بسبب خلافات في البحيرة    أبرزهم قرشي ونظير وعيد والجاحر، الأعلى أصواتا في الحصر العددي بدائرة القوصية بأسيوط    أشرف زكي: عبلة كامل بخير واعتزالها ليس له علاقة بأي مرض    حملة «طفولتها حقها»: تحذيرات إنسانية من الصحة لوقف زواج القاصرات    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    د. أسامة أبوزيد يكتب: الإخلاص .. أساس النجاح    الحصر العددي لدائرة حوش عيسى الملغاة بانتخابات النواب بالبحيرة    الرئيس الأمريكى ترامب: زيلينسكي لا يدعم خطة واشنطن لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    قصف عنيف شمال شرق البريج.. مدفعية الاحتلال تشعل جبهة جديدة في وسط غزة    مؤشرات الحصر العددي بدائرة بولاق، تقدم محمد إسماعيل وعلي خالد وإعادة مرتقبة بين حسام المندوه وعربي زيادة    أعرف حالة الطقس اليوم الجمعة 12-12-2025 في بني سويف    ظهر في حالة أفضل، أحدث ظهور لتامر حسني مع أسماء جلال يخطف الأنظار (فيديو)    ياسمين عبد العزيز: لماذا نؤذي بعضنا؟ الحياة لا تستحق.. أنا مات لي 5 مقربين هذا العام    بعد إعلان خسارة قضيتها.. محامي شيرين عبدالوهاب ينفي علاقة موكلته بعقد محمد الشاعر    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    الفريق أسامة ربيع: لا بديل لقناة السويس.. ونتوقع عودة حركة الملاحة بكامل طبيعتها يوليو المقبل    الصحة: نجاح استئصال ورم خبيث مع الحفاظ على الكلى بمستشفى مبرة المحلة    كواليس لقاء محمد صلاح مع قائد ليفربول السابق في لندن    حمزة عبد الكريم: من الطبيعي أن يكون لاعب الأهلي محط اهتمام الجميع    كأس العرب - هدايا: كنا نتمنى إسعاد الشعب السوري ولكن    قائمة نيجيريا - سداسي ينضم لأول مرة ضمن 28 لاعبا في أمم إفريقيا 2025    كامل الوزير: أقنعتُ عمال «النصر للمسبوكات» بالتنازل عن 25% من حصصهم لحل أزمة ديون الشركة    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    البابا تواضروس: «من الأسرة يخرج القديسون».. وتحذيرات من عصر التفاهة وسيطرة الهواتف على حياة الإنسان    كامل الوزير: الاتفاق على منع تصدير المنتجات الخام.. بدأنا نُصدر السيارات والاقتصاد يتحرك للأفضل    كاري الدجاج السريع، نكهة قوية في 20 دقيقة    الشروط المطلوبة للحصول على معاش الطفل 2026، والفئات المستحقة    واشنطن تصعّد الضغوط على كاراكاس.. تحركات لاعتراض سفن جديدة تحمل النفط الفنزويلي    مرصد الأزهر مخاطبا الفيفا: هل من الحرية أن يُفرض علينا آراء وهوية الآخرين؟    العثور على جثة مجهولة لشخص بشاطئ المعدية في البحيرة    رحيل الشاعر والروائى الفلسطينى ماجد أبو غوش بعد صراع مع المرض    طلاب الأدبي في غزة ينهون امتحانات الثانوية الأزهرية.. والتصحيح في المشيخة بالقاهرة    وائل رياض يشكر حسام وإبراهيم حسن ويؤكد: دعمهما رفع معنويات الأولاد    كالاس تعلق على فضيحة احتيال كبرى هزت الاتحاد الأوروبي    طريقة عمل كيكة السينابون في خطوات بسيطة    أولياء أمور مدرسة الإسكندرية للغات ALS: حادث KG1 كشف انهيار الأمان داخل المدرسة    قفزة في سعر الذهب بأكثر من 65 جنيها بعد خفض الفائدة.. اعرف التفاصيل    محافظ الجيزة يتفقد موقع حادث انهيار عقار سكنى في إمبابة.. صور    ياسمين عبد العزيز: ندمت إني كنت جدعة مع ناس مايستاهلوش    فصل التيار الكهربائي عن 11 منطقة وقرية بكفر الشيخ السبت المقبل    أيهما الزي الشرعي الخمار أم النقاب؟.. أمين الفتوى يجيب    محمد رمضان ل جيهان عبد الله: «كلمة ثقة في الله سر نجاحي»    وزير الصحة يتفقد مقر المرصد الإعلامي ويوجه باستخدام الأدوات التكنولوجية في رصد الشائعات والرد عليها    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    بث مباشر الآن.. مواجهة الحسم بين فلسطين والسعودية في ربع نهائي كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    أسعار الفضة تلامس مستوى قياسيا جديدا بعد خفض الفائدة الأمريكية    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أحمد خالد توفيق يكتب: حزر.. فزر (الأخيرة)
نشر في بص وطل يوم 12 - 09 - 2013

لماذا فكرتِ في هذا يا مي؟ لماذا كنتِ أذكى من اللازم؟ هناك لحظات من الأفضل فيها للمرء أن يكون كفيفا أو أصم أو غبيا.. الفهم خطر ومخيف.. ألا ترين هذا؟ أسعد الناس حظا هم من ماتوا وهم لا يعرفون أنهم يموتون..
كانت جالسة في ذات الوضع.. تفرك كفيها كأنها لم تسمع إجابة الرجل..
كانت تبحث عن رد فعل مناسب..
بدا كذلك أن الحضور جميعا قد أصابهم الخرس.. الحل الذي توصلت له بهذه السرعة قد صدم الجميع.
كانت الصورة الآن قد صارت واضحة.. برنامج مزيف.. حيلة وكلام عن جائزة قيمة.. ناردين قد سلمتها لهم لأنها تعرف ظروفها، ولا شك أن كل واحد من الثلاثة قد جاء مخدوعا بدوره.. الحلقات التي رأتها على الكمبيوتر في بيتها مزورة وبريئة لخداع السذج..
"غسان يوسف ولقاء أصدقاء نوفا".. غ.. ي.. ل.. ا.. ن..
وهذا يعني أن غسان وكل إدارة البرنامج يعرفون من هو الرجل المتواري وراء الستار.. ناردين تعرف.. المخرج يعرف..
وما معنى هذا؟ وما الغرض منه؟
جاءت الإجابة عندما صاح غسان في مرح وهو يواجه الكاميرا:
- مي هي التي استطاعت أن تخمن وهكذا فازت بالجائزة. بالفعل إن من يتوارى وراء الستار هو غول..
نهضت السيدة قوية الشخصية ونهض مدير الحسابات البدين، لم يستطيعا الفهم حتى هذه اللحظة.. حتى لفظة "غول" نفسها لم يستطيعا فهمها.
الغول يعمل ليلا.. عمله له علاقة بالموتى.. يعيش مع أسرة من الغيلان.. يحب مذاق اللحم جدا.. كل هذا صحيح..
كان الفهم متأخرا جدا لأن الجمهور غادر المقاعد لينقضّ على المنصة التي يجلس عليها المتسابقون.. وتصاعدت زمجرة كزمجرة الدببة الغاضبة.. دوى الصراخ.. سوف أعفيك من التفاصيل فنحن في زمن دموي، فلن أفيدك إذا وصفت المشهد بدقة.. فقط نذكر أن الكاميرا كانت تسجل كل شيء..
فقط كانت مي تصرخ بلا توقف وهي تتراجع غير مصدقة.. لم يمسها أحد كأنهم نسوها..
كان غسان ضمن المهاجمين المنقضين على المتسابقين، وكانت ناردين ضمنهم.. وواجه غسان الكاميرا والدم يقطر من جانبي فمه وصاح:
- الآن ندعوك يا مي.. أنتِ صرتِ واحدة منا.. ندعوك للانضمام إلى الحفل! نحن نعرف أن برنامج "غسان يوسف ولقاء أصدقاء نوفا" هو البرنامج المفضل لدى الغيلان، ولهذا لا يراه سوى قلة من المحظوظين لأن القناة مشفّرة.. في كل مرة ندعو ثلاثة متسابقين فإذا استطاع أحدهم التخمين في الوقت المناسب نجا وصار منا. إذا فشل ظفرنا بالجميع..
ثم أشار إلى مي الواقفة في الركن فاتجهت الأضواء نحوها:
- مي.. أنت منا!
شاركينا يا مي.. تعالي هنا وتذوقي اللحم..
لكن مي كانت تقف جوار كشاف عملاق.. بلا تفكير ركلته بقدمها فسقط أرضا وانفجر الزجاج.. يجب أن أفر.. يجب.. لكن أين وأنا في قبضتهم؟
ركضت وسط الديكورات.. هناك حبال على الأرض وأسلاك في كل مكان. تتعثر وتنهض.. وتبكي.. حبال غليظة.. تقع عينها على شاشة كبيرة فتدرك أن كل المشاهد يتم تصويرها.. الغيلان في بيوتها تراقب عذابها في سادية بالغة ومسرورة جدا.. هناك حبل غليظ أمامها.. تعرف من السينما حينما تدور الأحداث في كواليس مسرح أن فك هذا الحبل يؤدي إلى تهاوي جزء من...
بالفعل.. جزء من الديكور قد سقط وسمعت صوت صرخات، بينما هي تركض عبر تلك الممرات المظلمة اللعينة. يبدو أن مصير القرمة والشاطور مدّخر للمتسابق الذي يفر لهذه الممرات.. أليس كذلك؟
اطلبي صبري يا بلهاء.. اطلبيه.. لا تعرف كيف سيجد مكانها ولا ما يستطيع عمله، لكنها قدّرت أن بوسعه أن يتصل بالشرطة قبل... قبل ماذا؟! مصيرها يتحدد خلال ثلاث دقائق.. الأمر لا يختلف عن المحكوم عليه بالإعدام وظهره للحائط ينتظر الرصاصة..
شعرت بجسم يثب عليها.. سقطت أرضا شاعرة أنها تحت كلب مسعور يحاول الوصول لعنقها.. ناردين! لقد خرجت لها من مكان ما في الظلام وهي تحاول أن تبلغ عنقها.. لشد ما تغيرت! يمكن لمن لا يعرف معنى لفظة غول أن يرى ناردين الآن..
- لا تقاومي يا حمقاء.. لن تستطيعي الفرار أبدا.. كل المطلوب منك هو أن تأكلي معنا!
غرست مخالبها في وجه ناردين وصرخت:
- أنت خدعتِني.. أنت قدتني هنا وكنت تعلمين!
- لأنني فزت في البرنامج منذ عامين! نلت الجائزة.. وصرت كذلك منهم!
القذرة قوية جدا.. لا جدال في ذلك. مدت يدها تتحسس الأرض وهي نائمة على ظهرها عاجزة عن الحركة. هنا لمست يدها ما بدا لها كأنها مطرقة ثقيلة تركها أحد عمال النجارة.. لم تتردد ورفعت المطرقة ثم هوت بها.. هوت بها على الرأس الذي يقترب من عنقها..
أطلقت الفتاة صرخة حادة ثم تهاوت على الأرض..
لم تستطع مي مقاومة العنف الذي استبد بها، فهوت على رأس ناردين بضربة ثانية. ثم نهضت وراحت تركض وسط الممرات المظلمة. تسمع صوت غسان يتردد من شاشة ما:
- عودي يا مي.. أنت صرت واحدة منا.
أطلقت سبة.. ثم واصلت الركض.. هناك باب..
ضوء النهار.. حديقة صغيرة.. ثم الصحراء.. هل تجرؤ على أن تعتبر نفسها نجت؟
الأجمل أن هناك سيارة تتحرك من بعيد على الطريق الممهد وسط الرمال. هذه معجزة فعلا.. ركضت لتقف في طريقها بالضبط. توقف السائق بفرملة حادة فصاحت:
- أي مكان بعيدا عن هنا.
حسب تقاليد أفلام الرعب لا بد أن يكون هذا السائق منهم، لكنها وجدته عجوزا طيبا مذعورا فعلا.. فتحت الباب ووثبت جواره وهي تلهث كالغرقى ولم تترك له فرصة الاعتراض. إذ ابتعدت السيارة نظرت للخلف. رأت ناردين تركض خلف السيارة والدم ينزف من رأسها وقد لوث ثيابها فبدت كالكابوس.
ما زالت حية؟! كيف؟!
بعد ساعة من اللهاث والتوتر تركها السائق في مكان من الزمالك.. لا تعرف المكان بالضبط.. لكنها الزمالك على الأقل. وقفت بين المحلات المضاءة والناس ترمق منظرها المبعثر في دهشة.. طلبت صبري خطيبها.. تعال هنا وخذني يا أحمق..
بعد ساعة جاء صبري بسيارة صديق له. لم يفهم ما حدث لها وبدا مذعورا مندهشا.. كان هناك مكتب قريب للصيانة هو أقرب لورشة صغيرة، يعمل فيه ليلا أحيانا. أخذها معه إلى هناك. وإذ جلب لها بعض المرطبات وساعدها على أن تهدأ قليلا، كانت قد شرحت له قصتها بالكامل.. لم يصدق حرفا لكنه وافقها حتى تهدأ..
مدت مي يدها نحو المثقاب الضخم لتثقب به قلبه (رسوم: فواز)
قالت له:
- لم أفهم كيف عاشت ناردين هذه..
قال وهو يصب لها المياه الغازية:
- هذا سهل.. الغول لا يموت إلا بضربة واحدة.. حسب الأساطير الضربة الثانية تعيده للحياة من جديد! لهذا على المرء أن يقتصد في عدوانيته.
ثم نهض ليعد لها بعض الشاي..
جلست ساهمة بعض الوقت تتأمل المعدات والآلات الدقيقة المبعثرة فوق المنضدة.. تبدو مجنونة تماما بشعرها المنكوش والنظرة المتوحشة في العينين.. منذ ساعتين كانت متسابقة رقيقة تحلم بالفوز.. الآن هي هاربة من الغيلان وكادت تقتل أحدهم..
وجدت أمامها جهاز التحكم عن بُعد الخاص بالتليفزيون الصغير المعلق على "كابولي" للجدار. ضغطت على زر التشغيل.. هنا أضيئت الشاشة. لم تكن هذه قناة عادية.. رأت شعار "نوفا" في ركن الشاشة وظهر وجه غسان الكريه.. كان يقول:
- عودي لنا يا مي.. إن جائزتك تنتظرك..
ارتجفت..
هذه القناة ليست متاحة للجميع. معنى وجودها هنا على التليفزيون الخاص بصبري في مكتبه هو أن...
مَن علّمه موضوع الغول الذي لا يموت إلا بضربة واحدة؟! هل هي مؤامرة كبرى؟! ربما كان صبري على علاقة بناردين منذ البداية وقد تلاعبا بها.. لقد كان صبري هنا في المكتب يراقب المسابقة ويضحك في وحشية..
لا تعرف..
وجدت على المنضدة ذلك المثقاب الضخم الذي يملكه صبري.. مدت يدها وتأكدت من أنه موصل بالكهرباء. سوف تثقب قلبه مرة واحدة ولن ينجو.. فقط عندما يعود للغرفة سوف تكون حاسمة وتنهي الأمر.
حانت منها نظرة إلى التليفزيون فرأت صورتها ملتقطة من أعلى، ممسكة بالمثقاب.. شرسة منكوشة الشعر مجنونة النظرات مبعثرة الثياب.. لم تعد تمت لمي الأولى على الإطلاق ولو رآها طفل لظل يصرخ حتى يموت. هناك كاميرا في هذه الغرفة.. لا شك في هذا.. دائرة تليفزيونية مغلقة تنقل صورتها المذعورة للغيلان المشتركة التي تجلس أمام الشاشات تلتهم اللحم وتشاهد هذه التسلية الحية.. لا شك أنها قد أوشكت أن تكون غولا.. لقد تم كل شيء بسرعة.
لكنها سوف تثقب قلبه بمجرد أن يدخل الغرفة..
ومن التليفزيون سمعت صوت غسان يردد:
- أنت ستصيرين منا يا مي.. بل أنت منا بالفعل.. هل تسمعين؟ أنت منا!

تمت
الحلقات السابقة:
د. أحمد خالد توفيق يكتب: حزر.. فزر (1)
د. أحمد خالد توفيق يكتب: حزر.. فزر (2)
د. أحمد خالد توفيق يكتب: حزر.. فزر (3)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.