أنا بنت وعندي 23 سنة، خريجة خدمة اجتماعية، وفتحت حضانة في الدور الأول من بيتنا من شهور، والحمد لله ربنا أكرمني فيها جدا، وفي وقت سريع اتعرَفِت، والناس جابت بعضها، وحُب الأطفال وتعلّقهم بيّ بيزيد. ولمّا العدد زاد عن 50 طفل بقيت بافكر في حد يساعدني علشان مستوى الأطفال وقدرتي، ولأن الأطفال أشقياء. المهم كان فيه واحدة جارتي قدامي سكنت من فترة قصيرة، اتعرّفت عليها لما جابت ابنها عندي، حبيت ابنها أوي، واتعاملت معاها كويس أوي، وحتى ماكانتش بتدفع ساعات مصاريف الحضانة، فمن حبّي كنت باعدّي وقلت ماجاتش على مصاريف طفل واحد. المهم كنت ساعات باخد منها نصف أجر، وطبعا هي خدت على كده، حتى بقت بتدفع نص شهر، وكان ابنها أي حاجة عايزها ياخدها؛ شيكولاتة أو بسكويت، أي حاجة مجانا، فكان عندي عشم كبير فيها وثقة. وطلبت منها تشتغل معايا، وقلت لها هيبقي ليكي فصل، قالت لي هعلّمهم الكتابة بس، استغربت منها، وغير كده قعدت تعدّل عليّ! قلت لها قولي لجوزك، قعدت أسبوعين، وكل لما أسالها تقول لي بيفكّر، قلت لها ماشي، المهم سكتت خالص، وقلت مش هاكلمها تاني، قلت لها هتيجي من 9 ص إلى 1 ظهرا، وأنا بافتح أصلا من 8 إلى 2، قلت لها علشان إحنا جيران ونعتبر أهل. سهلت لها كل حاجة، وقلت لها هزوّدك كل ما العدد يزيد، وابنك ييجي مجاني، كل ده حبّا فيها وثقة، قلت لها المرتب 150، وأنا سألت أغلب الحضانات عندنا بتبقى كده، وأنا قلت لها هزوّدك ومافيش لا مواصلات ولا حاجة. فأنا حاليا باكلف الحضانة، فقالت لي أنا جوزي قال لي 150 زي قلّته.. 200 ماشي؟ قلت لها ما أنا هزوّدك، لقيتها بلهفة بتقول لي امتى؟ قلت لها لمّا العدد يزيد شوية، وأنا ماعرفش هتشتغل كويس ولا لأ، لسه هاشوف طريقتها. غير إنها عايزة تتحكّم فيّ وفي طريقتي، المهم قلت لها صعب أوي أديكي 200 في الأول، بعد كده ماشي، قالت لي جوزي هيرفض قلت لها لأ، ومافيش مشكلة لو رفض أنا مش هازعل ومافيش إحراج، ومشيت حسيت من كلامها إنها طمعت، وقعدت تحسب الأطفال، وهي أصلا اللي طلبت مني من زمان تشتغل معايا، وأنا قلت طيبة، بس شكيت فيها وطريقتها، أنا أكرمتها جامد، ورعيت ظروفها، بس مش عارفة ليه عملت كده؟! sh_sh
مرحبا بك صديقة "بص وطل".. وفّقك الله ورزقك حب كل مَن حولك كدليل على حبه لك وعلى نيتك الطيبة. عزيزتي.. أذكّرك بحديث رسول الرحمة: "واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان"، فما بالنا بإنسانة لم تُراعي طيبة قلبك وحنانك وسنّك الصغيرة، وكونك فتاة ما شاء الله تسعين لبناء حياتك. عزيزتي.. بداية ألغي فكرة التعاون مع هذه السيدة تماما حتى وإن جاءتك ووافقت على المبلغ الذي حددتِه، ليس لأنها طالبت ب200 بدلا من 150، لكن لأنها لم تُراعي الله في البداية، واستغلت طيبة قلبك وحبّك لابنها في التغاضي عن حقوقك. عزيزتي قال الرسول: "أعطي الأجير حقّه قبل أن يجفّ عرقه"، وأنتِ وإن كنتِ صاحبة الحضانة؛ فالمهم مدى تقيّدك بالقواعد السليمة في الرعاية والنظافة والقدرة على متابعة الأطفال في الحضانة، والصداقة لا تجتمع مع الطمع واستغلال الظروف وعدم التربية السليمة. صغيرتي.. مجال العمل لا يتنافى مع الأخلاق الطيبة وتقدير ظروف الآخرين ومراعاة ظروفهم، لكنه يتنافى مع ضعف الشخصية وفقد الخصوصية، ومحاولة التدخل في شئون الآخرين، حينما تجدين هذه الشخصية فرجاءً صارحيها باعتراضك على هذا الأسلوب، وبأن المشاعر الطيبة مطلوبة، ولكن بالشكل الذي لا يتسبّب في مشكلات وأعباء وضغوط عصبية للطرفين. تعوّدي أن العقلانية مطلوبة جدا في العمل، وأنها لا تتنافى تماما مع المشاعر الطيبة، وأن احترامنا لذاتنا يبدأ من احترامنا لحقوق الآخرين، وأن الله لا يرضيه التفريط في حقوقنا بقدر ما يرضيه الحفاظ عليها مع مراعاة ظروف الآخرين.