السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا بنت متغربة قاعدة مع والدي المريض، عندي 28 سنة عرفت زميل ليّ في العمل كان بيتقرب مني بكلامه ونظراته واهتمامه، كان باين إنه معجب بيّ، أنا اتشديت له، صارحته إني معجبة بيه؛ لأنه شجعني، وبعدها قال لي إنه كان مرتبط بواحدة 4 سنين تقريبا هو اللي كان مربيها (ولمَّح لي إنها كانت زي مراته) كل أهل الحي عارفين بالارتباط حتى أهلها، بس مش رسمي، لماذا لا أعرف.. يمكن عشان كانت لسه بتدرس وقال لي إنها اتخطبت بعد سنة من غيابه لواحد تاني، مع إنه عرّف أمها إنه عايزها قبل ما يسافر. إلى هنا أنا كنت متعاطفة معاه بس بعدين لا؛ لأنه لما كان بيسافر زيارات لمصر ما كانش بيسأل عليّ إلا بمكالمتين كده في الأول مع إننا كان بيننا استلطاف كبير، يمكن لأنه لسه طالع من أزمة عاطفية، أنا سألته إنت بتنسى واحدة بواحدة، قال لي لا، وكان باين في عينيه إنه معجب بيّ، ومرتاح لي، وطلب مني إني أصبر عليه شوية. أنا صبرت وصبري طال، داخلة على سنتين لأنه دخل في أزمة مادية لما سألته تاني بطريقة مش مباشرة قال لي أنا مافيش حاجة متظبطة معايا أهلي طالبين فلوس ومديون (لأصحابه وليّ) والشرطة حاجزة جواز السفر؛ لأنه متورط في قضية (أجر شقة والمستثمر صاحب الشقة نصّاب سافر بعد ما أخد الفلوس والشقة ما طلعتش بتاعته) أنا بحبك ولو عايزة تصبري اصبري.. أنا مش هاربط حد معايا تاني حرام عليّ. أنا كنت على قد ما أقدر باساعده لأنه في إحدى السفريات صرف فلوسه اللي جمعها اشترى شقة وبيساعد الناس قرايبه المحتاجين، وفي أعمال الخير، ما كانش يعرف إن فيه أزمة اقتصادية هتيجي، أنا دلوقتي مش عارفة أعمل إيه، أنا باعزّه أوي وهو بيحترمني وبيقدرني؛ عشان وقفت جنبه.. أعمل إيه؟ يمكن تقولوا إنه نصاب بس هو مش كده، أنا شغالة في العقارات بس مش نفس مكتبه وعرفت إن فيه ناس محترمة كتير اتورطوا زيه وهو وقّع لي على ورقة بيضاء، وقال لي اكتبي المبلغ اللي أنا مستلفه منك أنا مستنية الرد شكرا وآسفة على الإطالة.
shaimaa
عزيزتي.. من وصفك الدقيق للوضع كله وعقلانيتك في الحديث والتفكير, يمكنني أن أثق بحكمك على أخلاق هذا الشاب وسلامة نيته. إذن فهذا الشِق من المشكلة محلول مسبقًا، حيث إننا متفقان على أنه شخص محترم، ولكنه يعاني بعض المشكلات القاسية ككثير من الناس، وكثرة المشكلات لا تجرح احترام المرء ولا تشكك بصدقه وأمانته. ولكن دعينًا نركز على مسألة هامة، هي أنكِ وصفتِ مشاعرك نحوه بأنها "معزّة" و"احترام" أي أنكِ لستِ غارقة في حبه أو متعلقة به بشكل كبير. لماذا تهم تلك النقطة؟ لأن عمق المشاعر هنا يؤثر على الاستعداد لتحمل العبء المادي والمعنوي المتمثل في المشكلات الحياتية التي تحيط بهذا الشاب. فعلى حسب شدة تعلقك به يكون استعدادك للتحمل إلى جواره، خاصة وأنكِ مغتربة ومكافحة ومسئولة عن أب صاحب مرض. فلو كنتِ قلتِ إنكِ "تحبينه بشدة" أو "لا تتخيلين حياتك بدونه" لأصبحتُ أكثر جرأة على نصحك بالارتباط به والصبر معه، مع مراعاة الاعتبارات العملية بالطبع، ومحاولة التوفيق بين أحكام كل من العقل والقلب. أما وأنتِ تصفين شعورك نحوه ب"المَعَّزة" فحسب، والإشفاق عليه مما يعاني، فأنا أنصحكِ بتحكيم عقلك فحسب، ومراجعة كل المعلومات التي تعرفينها عنه وعن مشكلاته وعن نمط حياته في ضوء ما تعانينه بدورك من مشكلات، وما على كتفيكِ من التزامات، وفي النهاية فلتحسبيها بالعقل لتجيبي عن هذا السؤال: "هل يمكن أن ترتبطي بهذا الشاب، وأن تتحملي المعاناة إلى جواره حتى يتخلص من مشكلاته العميقة، وذلك دون أن تضيعي حياتك أو تقصري في التزاماتك نحو والدك ونفسك؟". فلو كانت الإجابة بالإيجاب فتوكلي على الله وامضي قُدُمًا في ارتباطك بفتاكِ، وأن لم تكن، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وليسترح ضميرك لأنكِ لم تتخلي عنه، بل حسبتِ الأمر بالعقل ولم تكن الحسابات في صالحه، ولتطمئني لحكم عقلك وتستقري وتثبتي عليه. صدقيني ليس ذلك من القسوة عليه في شيء، فالله تعالى خلق لنا عقلاً وقلبًا، وجعل كلا منهما معادلاً للآخر، ولكن أحيانًا نحتاج أن نرجّح أحكام هذا على ذاك، وفق ما تجري الأمور. هداكِ الله ووفقكِ. تحياتي