أسماء مصطفى البيانولا، خيال الظل، والأراجوز، فنون الشارع المصري التي -مع الأسف- اندثرت بشكلها الأصلي، لكن ما تزال موجودة بشكل مختلف حيث تُحييها بعض الفرق المهتمة بإحياء التراث المصري الأصيل، الفرق اليوم أنه يتم تقديمها على مسارح بحضور جمهور خاص.. تعالَ بنا نتعرف على فن خيال الظل في محاولة للسباحة بالخيال في الماضي الجميل. شخوص الخيال، خيال الستار، طيف الخيال، كلها أسماء للفن الشعبي القديم "خيال الظل" الذي اشتهر في مصر وبعض بلاد الشام منذ زمن بعيد وتحديدا في العصر المملوكي. ظهر فن خيال الظل في الأساس في بلاد الصين والهند، ثم انتقل إلى البلاد العربية عن طريق بلاد فارس، في رحلات التجارة التي كانت فرصا جيدة للتبادل الثقافي أيضا. حتى أنك ستلاحظ تأثر شكل الشخوص المتحركة بالثقافة الصينية والهندية، حيث يميل التصميم للأشكال الحادة، كالحذاء المدبب والقبعات الهرمية الشكل، والملابس غير العربية. ظهر خيال الظل في العالم العربي للمرة الأولى في مصر في العصر العباسي، أي في القرن الحادي عشر. في العصر الأيوبي والمملوكي كان يطلق على تمثيليات خيال الظل اسم "بابة" وجمعها "بابات"، وكانت تُعد آنذاك من أهم وسائل الترفيه المتاحة لجميع فئات الشعب، حيث كانت تُعرض في المقاهي والأماكن العامة إلى جانب أنها كانت تعرض في مسارح خاصة ليحضرها أبناء الطبقة العليا من الشعب والأمراء والولاة، أيضا كانت تمثيليات خيال الظل، مثلها مثل عروض الأراجوز، تعرض في حفلات الختان والزواج وأعياد الميلاد، وغيرها من المناسبات الاجتماعية التي يجتمع فيها الناس للاحتفال. كانت تمثيليات خيال الظل تناقش موضوعات سياسية واجتماعية بشكل ساخر وبطريقة فكاهية. ما هو خيال الظل؟ عبارة عن مسرح ظِلّي، يمثل بأشكال تنعكس على ستارة بيضاء مشدودة أمام ضوء قوي مثبّت خلف الستارة، ومعظم شخوص خيال الظل سواء بشرية أو حيوانية تكون مصنوعة من جلود الحيوانات، خصوصا جلد الجمل، ولاعب التمثيلية أو كما يسمى "الخيالي" هو الذي يحرّك الشخوص ويجعلها تتحادث وتتراقص وتقوم بحركات معظمها مفصلية، مع تطور الزمن أصبح "الخيالي" يضيف إضاءات بألوان مختلفة مبهجة لإضفاء المزيد من الخيال والتقريب بينه وبين المشاهد. من أشهر من قدّم خيال الظل؟ كما ذكرنا من قبل أن خيال الظل في الأصل كان فنا صينيا أو من أقصى الشرق، لكن بعد أن انتقل إلى مصر والعالم العربي أضاف العرب إليه النكهة المميزة، وجعلوا خيال الظل يتحدث في مواضيع تهمهم نابعة من ثقافتهم الأصيلة. يعد محمد بن دانيال بن يوسف أشهر مؤلف تمثيليات خيال ظل في العالم العربي، ابن دانيال هو فنان عراقي النشأة قدم من الموصل إلى القاهرة في عهد السلطان الظاهر بيبرس في عام 1267 فرارا من المغول. وبقيت ثلاث مخطوطات من أعماله أو "البابات" التي كتبها إلى الآن في مصر، وهي "طيف الخيال" وهي محفوظة بدار الكتب المصرية بالقاهرة، و"عجيب غريب"، و"المتيم والضائع اليتيم"، كما بقيت بعض الدمي (شخوص الخيال) من بينها واحدة من العصر المملوكي محفوظة بالقسم الإسلامي في متحف برلين بألمانيا. وكان من ضمن دمي ابن دانيال دمية تدعى "عقود النظام فيمن ولي مصر من الحكام". كما كانت له شخصيات أخرى ذات أسماء طريفة مثل "عجيب الدين الواعظ"، "عسلية المعاجيني"، "عواد الشرماط"، "مبارك الفيال"، "أبو القطط"، "زغبر الكلبي"، "ناتو السوداني" و"أبو العجب صاحب الجدي". من حسن الحظ أن خيال الظل من الفنون التي لم تندثر حتى الآن في مصر وبلاد الشام، وجيل الثمانينيات في مصر يتذكر المسلسل التليفزيوني "خيال الظل" الذي كان يتابعه أطفال هذا الجيل وقت الظهيرة، أو بعد رجوعهم المنزل من المدرسة، لكن الآن تقتصر مسرحيات خيال الظل على بعض فرق إحياء التراث التي تعمل بجد حفاظا على هذا الفن العظيم، بعضهم يعرض تمثيليات خيال الظل القديمة إلى جانب تمثيليات حديثة تعبّر عن واقعنا الحالي. وأنت عزيزي القارئ.. هل كنت تتابع حلقات خيال الظل؟ هل فكرت يوما في حضور عروض خيال الظل؟
شاهد عرض من عروض خيال الظل إضغط لمشاهدة الفيديو: شاهد عرض من عروض خيال الظل إضغط لمشاهدة الفيديو: شاهد عرض من عروض خيال الظل إضغط لمشاهدة الفيديو: