يعتبر فن الأراجوز من الفنون الترفيهية الشعبية المصرية وينتشر في المناطق الريفية والشعبية خاصة في المواسم والأعياد والموالد بمصر .. والأراجوز كلمة تعود إلي اللغة الفرعونية والتي تطورت وأصبحت اللغة القبطية فيما بعد وكلمة "إروجوس" كلمة قبطية تعني حرفيا من يصنع كلاما معينا ومنها اشتقت كلمة أراجوز العامية الشائعة . . وهناك رأي يقول أن أصل الكلمة تركي (القره قوز أو الأرا أوز) ولكن هذا الفن كان موجوداً قبل الغزو العثماني لمصر ( 1517 ) وقد أزدهر في أواخر العصر المملوكي (1250- 1517) وهذا الفن أستخدم أساسا للتعبير عن مشاكل اجتماعية وفي بعض الأحيان كان يعبر عن حس وطني سياسي للشعب المصري في عهود تميزت بالديكتاتورية والاستبداد فكان الأراجوز هو حامل رسائل الشعب إلي حكامه الظالمين وجميع قصص هذا الفن هي قصص هادفة وتسمي (البابة) ولها سمه المبالغة والطرافة وتحمل خفة الدم التي أشتهر بها المصريون وقد أستطاع الفنان محمود شكوكو (1912 - 1985) أن ينقل هذا الفن من المناطق الشعبية ليعرض علي المسارح . أيضا هناك فن خيال الظل ويعرف أيضاً ب " شخوص الخيال"، و" ظل الخيال "، و" طيف الخيال "، و" خيال الستار "، و" ذي الخيال " وهو فن شعبي انتقل إلي العالم الإسلامي من الصين أو الهند عن طريق بلاد فارس واشتهر به العصر المملوكي علي وجه الخصوص.. ويعد ابن دانيال الذي قدم من الموصل إلي القاهرة في عهد السلطان الظاهر بيبرس في عام 1267م فراراً من المغول هو أشهر من كتب " البابات " وطور مسرح خيال الظل وبقيت ثلاث مخطوطات من نصوص البابات التي كتبها ابن دانيال وهي " طيف الخيال " وهي محفوظة بدار الكتب المصرية بالقاهرة و" عجيب غريب " و" المتيم والضائع اليتيم " .. كما بقيت بعض الدمي من بينها واحدة من العصر المملوكي محفوظة بالقسم الإسلامي في متحف برلين. هذه المقدمة لابد منها لكي نعاود الاهتمام بهذا الفن الشعبي الذي أندثر بفعل الإهمال .. لذلك لم أتردد في دعوة المخرج ناصر عبد التواب لمشاهدة عرض " سكة السرايا الصفرا" الذي يجمع بين الآراجوز وخيال الظل في نص من تأليف الراحل بهاء الميرغني الذي ذهب ضحية حريق بني سويف الشهير في سبتمبر 2005 وأصبح من شهداء المسرح المصري .. العرض بسيط من إنتاج فرقة السامر وهو نتاج ورشة تدريب علي تصميم العرائس وتحريكها وتوظيف وتصميم خيال الظل حيث يعتبر المخرج واحدا من المهتمين بهذا الفن في معظم أعماله . قيمة هذا العرض البسيط انه يتحدث عن ماض ما يزال حاضرا بيننا رغم مرور السنين والأيام .. هيمنة السلطة علي الناس .. ومحاولة إسكاتهم والتفتيش في نواياهم وأحلامهم .. تلك الحكاية الشعبية القديمة التي يعبر فيها الناس عن رأيهم في السلطة من خلال الأراجوز وخيال الظل .. يعمل ناصر علي مستويين في النص .. الأول حكاية العريس جاد ويمثله محمد النبوي ووفاء عبد السميع وفاطمة ومحمد صبري والثاني يمثله خالد محروس "الممثل" ومعه محمد عبد الفتاح "الآراجوز" وإسلام عباس "أبو العروسة"ونيفين سراج الدين " العروسة". أدي الفنان خالد محروس بطل العرض عدة شخصيات بتألق وفهم واع لطبيعة الشخصيات منها الشاويش وموظف الحكومة وطبيب في مستشفي المجانين وقد أمتع المتفرجين بأداء رائع مع زملائه .. العرض يستحق التحية والتقدير للمحاولة الجادة نحو مسرح مصري شعبي خالص .