أسماء مصطفى البيانولا، خيال الظل، والأراجوز، فنون الشارع المصري التي -مع الأسف- اندثرت بشكلها الأصلي، لكن ما تزال موجودة بشكل مختلف حيث تحييها بعض الفرق المهتمة بإحياء التراث المصري الأصيل، الفرق اليوم أنه يتم تقديمها على مسارح بحضور جمهور خاص.. تعال بنا نتعرف على فن الأراجوز المصري في محاولة للسباحة بالخيال في الماضي الجميل. أصل كلمة أراجوز.. اختلفت الآراء حول أصل كلمة أراجوز، فهناك رأي يُرجع كلمة أراجوز إلى اللغة الفرعونية "أورو جوز" أي صانع الحكايات، وآخر يرجعها إلى كلمة "القرة قوز" باللغة التركية، التي تعني العين السوداء، وآخرون يقولون إنها تحريف لقراقوش نسبة إلى بهاء الدين قراقوش أحد حكام مصر في العهد العثماني.. لكن تظل كل هذه أقاويل وآراء غير مؤكدة. متى ظهر فن الأراجوز؟ هناك معلومة شائعة تقول إن الأراجوز ازدهر في مصر في أواخر العصر المملوكي (1250-1517) لكن لا أحد يستطيع تحديد بداية ظهور فن الأراجوز تحديدا. المؤرخ والرحالة التركي أوليا جيلي ذكر في كتابه "سياحتنامة مصر" أن الناس في مصر كانوا يلاطفون المرضى بدمي خشبية للتخفيف عنهم، وكان المرضى يبدأون في التحسن بشكل ملحوظ ثم ظهر كوسيلة للتسلية في شوارع البلاد في العصر المملوكي. ما أهم الموضوعات التي يعرضها الأراجوز؟ الأراجوز لم يكن مجرد وسيلة للتسلية والمرح، لكنه كان منبرا مباشرا لنقد الأوضاع الاجتماعية وعرض أهم القضايا التي تدور في بال الناس في ذلك الوقت، كان المصري يجد حياته اليومية متجسدة في عرض كوميدي ظريف أبطاله عرائس خشبية، مما كان يهون عليه معاناته، وأيضا يساعده على تقبل مواجهة أخطائه عن طريق نقدها بشكل لطيف. فقرة الأراجوز تسمى "نمرة"، كانت تحديدا 19 نمرة، أو بمعنى آخر 19 "تيمة" ثابتة، لكن مع تغير الزمان والمكان يغير فنان الأراجوز (الأراجوزاتي) "السيناريو" للعرض. فمثلا نمرة "الأراجوز ومراته" هي أشهر الموضوعات وأحبها للجماهير، فالعلاقة الأسرية من أكثر العلاقات ظهورا في المجتمع المصري. ثم نمرة "زواج بالنبوت"، التي تدور حول رغبة الأراجوز في الزواج ومحاولة والد العروس خداعه والمزايدة في طلباته. ونمرة "الست اللي بتولد" وتدور حول ولادة "فلفل" الطفل الذي يطلب الزواج فور ولادته، ونمرة "الأستاذ" وفيها يحاول المُعلم تعليم الأراجوز وفرض السيطرة عليه وهو ما يرفضه الأراجوز وتنتهي الفقرة باستخدام الأراجوز عصا الأستاذ لمعاقبة الأستاذ على محاولاته. نمرة "البربري" وهو الرجل الأسمر ذو اللهجة الجنوبية المميزة، تدور النمرة حول طلب البربري العمل ونومه فور حصوله عليه! فيظل الأراجوز طوال الفقرة يحاول إيقاظه وإفاقته ليقوم بعمله. نمرة "كلب السرايا" التي تدور بين الأراجوز وكلب، ونمرة "فنان بالعافية" التي تدور حول شخص عديم الموهبة يدّعي الفن ويقوم بأداء تمثيل وغناء غاية في البشاعة، ونمرة "الأراجوز في الجيش" تدور حول تأدية الأراجوز للخدمة العسكرية وطريقة استقباله للتعليمات وأدائه للتدريبات العسكرية، تشبه هذه النمرة نمرة "حرب بورسعيد" التي تدور حول بطولات الأراجوز الفدائي. بعض النمر أيضا ركزت على فئات سيئة في المجتمع، كالنصابين واللصوص والأشخاص العدوانين، مثل نمرة "الحانوتي النصاب"، و"حرامي الشنطة"، ونمرة "حمودة وأخوه"، ونمرة "جر شكل"، ونمرة "الفتوة الغلباوي". أيضا تناول الأراجوز فكرة تعامل المصري مع الأجانب في بعض العروض من خلال أداء حوارات للأراجوز مع الإنجليز مثلا، أيضا جسد الأراجوز الاحتلال من خلال نمرة "حرب اليهود". من أين يأتي صوت الأراجوز؟ يصدر صوت الأراجوز من آلة صغيرة يستخدمها المؤدي أو لاعب الأراجوز تسمى "الأمانة"، وهي عبارة عن قطعتين من الأستانلس توضع في نهاية الزور على أول مكان يخرج منه الهواء، وصعوبتها أنها توضع في مكان خطر بالفم. ولا بد أن يتميز المؤدي بعدد من الصفات المهمة وهي سرعة البديهة والقدرة على الارتجال والتحكم في صوته بلهجاته ونبراته المختلفة، وهناك العديد من المؤدين ولاعبي الأراجوز ما زالوا يعملون بهذا الفن وحريصون عليه رغم صعوبته. وأنت عزيزي القارئ.. هل تحب عروض الأراجوز؟ وهل حضرت ذات مرة نوعا من هذه العروض؟ وما أكثر ما أثار فضولك؟
شاهد عرض من مسرحية أراجوز دوت كوم إضغط لمشاهدة الفيديو: