فإذا انتقلنا إلى الفنون التشخيصية: المسرح والسينما كان الأمر أسهل وأوضح، فإننا نعرف يقيناً أن الإسلام قضى على الديانات الجاهلية، وحجب كل الأخبار عنها، فلا ندرى كيف كانوا يؤدون مناسكهم غير النذر القليل الذى لا يشفى غليلاً، فشاع بين الباحثين بأن العرب لم يعرفوا التمثيل فى الجاهلية. أما فى الإسلام فمثل الشيعة فى العاشر من شهر محرم قصة استشهاد الحسين، لست أعرف متى بدأ هذا الاحتفال، ولكنه مازال باقياً إلى اليوم. وعرفت الأقطار السنية فنوناً شعبية تحتوى على شىء ساذج من التمثيل تحت اسم طيف الخيال، والأراجوز، وصندوق الدنيا، والسفيرة عزيزة وربما غيرها. ولقيت هذه الألوان رواجاً كبيراً فى مصر والشام خاصة فى عهد المماليك والعثمانيين وبقيت إلى أن قضت عليها أو كادت السينما الحديثة. ونعرف لحسن الحظ اسم أحد مؤلفيها ومخرجيها، وهو طبيب العيون محمد بن دانيال الخزاعى (647 710)، ووصل إلينا ثلاث من القصص التى كان يعرضها، ويسميها البابات، وتبين أن الغالب عليها النمط الاجتماعى، ومن ثم لا نخطئ كثيراً إذا صرحنا بأن العرب لم يعرفوا التمثيل وينتج عن هذا أن ليس له موقف منه، معارض أو مؤيد، فيكون لنا الحق فى الالتجاء إلى القاعدة المعروفة (الأصل فى الأشياء الإباحة). أما فنا المسرح والسينما الحديثان فقد أخذناهما من المجتمع الأوروبى، وأحسب أن ليس فيهما ما يصدم الإسلام فى شىء، وفى هذه الحالة لا يوجد حكم عام عليها، وإنما الحكم يمكن أن يكون على أفراد من القصص والممثلين والممثلات فيكون شأنهما شأن أى نشاط اجتماعى. وإذن لا توجد عداوة بين الإسلام والفنون التشكيلية أيضاً، النتيجة الحتمية من كل هذا أن الحياة سارتة فى طرق أبعدتها عن حياة الأسلاف العرب الذين عاشوا فى جماعات قليلة العدد بالنسبة إلى عالم اليوم الذى يكاد ينفجر من الازدحام، وعاشوا فى شبه عزلة إذا قيست بعالم اليوم الذى بلغ من التواصل الفورى بعيد المدى ما جعل المفكرين يسمونه (القرية الكوكبية). فمن يرفعون راية العداوة بين الإسلام والفنون إما أنهم يغطون فى نوم عميق أنساهم كل شىء، أو أنهم فاقدون الحس الاجتماعى فلا يشعرون بما اعترى الحياة من تطور، أو أنهم أغمضوا العيون عن عمد ويريدون ألا يرى الناس حولهم حقائق الحياة. أخى قبل أن تدلى بصوتك فى الانتخابات أوصيك: - ألا تستهتر بصوتك، فسيكون له أثر لا تدرى مقدار أهيمته وطول مداه. - أن تفكر فى أبنائك.. رجال المستقبل ونسائه.. مع تفكيرك فى نفسك أو قبل، فهم الذين سيقضون كل أعمارهم فيما تقترح أو تقترع من حياة. - ألا تصدق كل ما تسمع من أقوال، وكل ما تشاهد من مظاهر وأفعال، فإنك لا تدرى ما وراءها. - أن تحسن الشعور بعبء الأمانة التى تمنحك مصر، لتحسن أداءها. - أن يكون عقلك لا شىء غيره هاديك فى التصويت بعد أن تطيل التفكير والموازنة. - أن يكون خير مصر هو الهدف النهائى. ---------- د. حسين نصار