أسبوع جديد بانتظارنا عزيزي القارئ، حيث سيعود الاقتصاد الأمريكي في الأسبوع المقبل لإصدار بيانات وأخبار اقتصادية من العيار الثقيل، الأمر الذي سيساعدنا على الخروج بنظرة مستقبلية لما آلت إليه الأوضاع في الاقتصاد الأمريكي، وبالأخص في ظل اقتراب الولاياتالمتحدة والعالم أجمع من نهاية العام الحالي، فهل سيكون الاقتصاد الأمريكي بحاجة لإقرار جولة ثالثة من التخفيف الكمي؟! وحدها الأيام والبيانات الاقتصادية كفيلة بالرد على ذلك التساؤل. ولا بد لنا من الإشارة إلى أن قطاع المنازل الأمريكي لن يبخل علينا بالبيانات في الأسبوع المقبل، حيث سيصدر عن الاقتصاد الأمريكي في الأسبوع المقبل مؤشرات مبيعات المنازل الجديدة، ستاندرد آند بورز لأسعار المنازل، مبيعات المنازل قيد الانتظار، ناهيك عن مؤشر الإنفاق على البناء، حيث من المتوقع أن تظهر تلك المؤشرات استمرار تخبط قطاع المنازل وبحثه عن استقراره المفقود، وسط استمرار ضعف أدائه بحسب البنك الفدرالي الأمريكي. أما مبيعات المنازل الجديدة فمن المتوقع أن تشهد انخفاضاً خلال تشرين الأول/أكتوبر، على الرغم من ارتفاع مستويات إنفاق المستهلكين على البناء خلال الفترة ذاتها، في حين تشير التوقعات إلى أن مبيعات المنازل قيد الانتظار ارتفعت بنسبة 1.2 بالمئة خلال الشهر عينه، الأمر الذي يؤكد على أن أداء قطاع المنازل لا يزال يتسم بالتذبذب والتأرجح والتباين، علماً بأن القطاع لا زال يعاني جراء ارتفاع مستويات البطالة، تشديد شروط الائتمان، وارتفاع قيم حبس الرهونات العقارية. وسيكون قطاع الصناعة الأمريكي حاضراً في بيانات الأسبوع القادم، حيث من المنتظر أن نشهد صدور بيانات مؤشر معهد التزويد الصناعي والخاصة بشهر تشرين الثاني/نوفمبر، حيث تشير التوقعات إلى أن المؤشر سيظهر تحسن أنشطة القطاع، كما وسيشير مؤشر شيكاغو لمدراء المشتريات على الأمر ذاته، مما يؤكد على أن قطاع الصناعة الأمريكي يشهد تحسناً في الفترة الحالية عقب الركود الذي ألمّ به في الأشهر القليلة الماضية وسط تحسن مستويات ومعدلات الطلب، إلا أن ذلك لا ينفي كونها لا تزال ضعيفة بالمجمل. وعلى الرغم من كل ما تقدم، فإن أنظار المستثمرين ستبقى مركزة على آخر أيام الأسبوع المقبل، مع بيانات قطاع العمالة الأمريكي وبالتحديد مع تقرير الوظائف الأمريكي، إلا أننا سنشهد صدور مؤشر ADP للتغير في وظائف القطاع الخاص قبيل ذلك، حيث تشير التوقعات إلى أن المؤشر سيشير إلى أن القطاع خلق حوالي 130 ألف وظيفة جديدة خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر. يوم الجمعة، أهم أيام الأسبوع المقبل، سيكون مسرحاً لإعلان الاقتصاد الأمريكي عن ما آلت إليه الأمور في قطاع العمل الأمريكي، حيث تشير التوقعات إلى أن الاقتصاد الأمريكي قد خلق 120 ألف وظيفة خلال تشرين الثاني/نوفمبر، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 80 ألف وظيفة مضافة خلال تشرين الأول/أكتوبر، إلا أن معدلات البطالة تبقى التحدي الأبرز أمام مستقبل التعافي والانتعاش في الاقتصاد الأمريكي، مع الإشارة إلى أن التوقعات تؤكد على أن معدلات البطالة بقيت خلال تشرين الثاني/نوفمبر عند 9.0%، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 9.0 بالمئة. ولا يزال البنك الفدرالي الأمريكي يتوقع بأن معدلات البطالة في الولاياتالمتحدةالأمريكية ستتراوح بين 9.0 و 9.1 بالمئة بحلول نهاية العام الجاري 2011، مع العلم بأن تلك المعدلات تعد مرتفعة، مع الإشارة إلى أن معدلات البطالة المرتفعة إلى جانب تشديد شروط الائتمان تواصل إثقال كاهل الأنشطة الاقتصادية على وجه العموم في الاقتصاد الأمريكي، وما لم نرى انخفاض معدلات البطالة في الولاياتالمتحدة الأمريكي بوتيرة ملحوظة، فإن الاقتصاد الأمريكي لن يكون قادراً على النمو على المدى الطويل بشكل أو بآخر. في ذلك الوقت، فإن تركيز المستثمرين في الأسبوع المقبل سينقسم بين شطري الأطلسي، فمن جهة سيركز جمهور المستثمرين على الأخبار والبيانات الاقتصادية الأمريكية وآخر مشاكل الدين العام هناك، ومن جهة سيواصلون التركيز على آخر مستجدات الأوضاع في أوروبا، عقب فقدان الأسواق للكثير من الزخم في الأسبوع الماضي بسبب المخاوف الأوروبية التي عصفت بالأسواق المالية. وتواصل أزمة الديون الأوروبية السيطرة على مشاعر المستثمرين بشكل عام، في ظل بروز دلائل جديدة على أن الأزمة الأوروبية تزداد سوءاً، الأمر الذي دفع العديد من المؤسسات المالية حول العالم إلى توقع تعرض منطقة اليورو لموجة ركود جديدة في العام المقبل، علماً بأن الأسواق انخفضت بشكل كبير في تداولات الأسبوع الماضي كما أسلفنا، لذلك فمن المتوقع أن نشهد قريباً موجة تصحيحية صاعدة، حيث سيرى جمهور المستثمرين بأن الأسواق انخفضت لمستويات تجذبهم نحو شراء الأدوات المالية، وبالتالي سترتفع الأسواق، إلا أن تلك الموجة لن تدم طويلاً، وبالأخص في ظل استمرار مخاوف أزمة الديون الأوروبية، والتي ستواصل إثقال كاهل الأسواق المالية. وبالتالي فلا بد لنا من توقع أسبوعاً مليئ بالتقلبات مرة أخرى، وفي جميع الأسواق المالية بما فيها أسواق العملات، أسواق الأسهم، إلى جانب أسواق السلع الأساسية، مع الإشارة إلى أن ارتفاع الدولار الأمريكي كان عنواناً في الأسبوع الماضي، وكما أسلفنا فإن آخر مستجدات الأوضاع في أوروبا سيكون اللاعب الأكبر في الأسواق المالية في الأسبوع المقبل، هذا إلى جانب البيانات الأمريكية التي ستصدر في الأسبوع المقبل، لذلك فإن الدولار الأمريكي وأسواق الأسهم الأمريكية ستتحرك وفقاً لذلك...