تجهيز 476 لجنة انتخابية ل«الشيوخ».. 12 مرشحا يتنافسون على 5 مقاعد فردي بالمنيا    وزير الإسكان يتفقد مشروع مرافق الأراضى الصناعية بمدينة برج العرب الجديدة    روسيا: تحرير بلدة "ألكساندرو كالينوفو" في دونيتسك والقضاء على 205 مسلحين أوكرانيين    نقابة الموسيقيين تعلن دعمها الكامل للقيادة السياسية وتدين حملات التشويه ضد مصر    عدي الدباغ على أعتاب الظهور بقميص الزمالك.. اللاعب يصل القاهرة غداً    تفاصيل القبض على سوزي الأردنية وحبس أم سجدة.. فيديو    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب ميكروباص بطريق "بلبيس - السلام" بالشرقية    «تيشيرتات في الجو».. عمرو دياب يفاجئ جمهور حفله: اختراع جديد لأحمد عصام (فيديو)    لا تتسرع في الرد والتوقيع.. حظ برج الجوزاء في أغسطس 2025    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت 26 مليونا و742 ألف خدمة طبية مجانية خلال 17 يوما    استجابة ل1190 استغاثة... رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر يوليو 2025    استقبال شعبي ورسمي لبعثة التجديف المشاركة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس    مبابي: حكيمي يحترم النساء حتى وهو في حالة سُكر    "قول للزمان أرجع يا زمان".. الصفاقسي يمهد لصفقة علي معلول ب "13 ثانية"    النقل: استمرار تلقي طلبات تأهيل سائقي الأتوبيسات والنقل الثقيل    المصريون في الرياض يشاركون في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    طعنة غادرة أنهت حياته.. مقتل نجار دفاعًا عن ابنتيه في كفر الشيخ    أمطار على 5 مناطق بينها القاهرة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    الاستعلامات: 86 مؤسسة إعلامية عالمية تشارك في تغطية انتخابات الشيوخ 2025    رئيس عربية النواب: أهل غزة يحملون في قلوبهم كل الحب والتقدير لمصر والرئيس السيسي    60 مليون جنيه.. إجمالي إيرادات فيلم أحمد وأحمد في دور العرض المصرية    رئيس جامعة بنها يعتمد حركة تكليفات جديدة لمديري المراكز والوحدات    "قومي حقوق الإنسان": غرفة عمليات إعلامية لمتابعة انتخابات الشيوخ 2025    وديًا.. العين الإماراتي يفوز على إلتشي الإسباني    «يونيسف»: مؤشر سوء التغذية في غزة تجاوز عتبة المجاعة    المصريون بالسعودية يواصلون التصويت في انتخابات «الشيوخ»    مراسل إكسترا نيوز: الوطنية للانتخابات تتواصل مع سفراء مصر بالخارج لضمان سلاسة التصويت    الثقافة تطلق الدورة الخامسة من مهرجان "صيف بلدنا" برأس البر.. صور    «بيت الزكاة والصدقات»: غدًا صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ عالم أزهري يجيب    انطلاق قمة «ستارت» لختام أنشطة وحدات التضامن الاجتماعي بالجامعات    تعاون بين «الجمارك وتجارية القاهرة».. لتيسير الإجراءات الجمركية    «الصحة» تطلق منصة إلكترونية تفاعلية وتبدأ المرحلة الثانية من التحول الرقمي    مفاجأة.. أكبر جنين بالعالم عمره البيولوجي يتجاوز 30 عامًا    تنسيق المرحلة الثانية للثانوية العامة 2025.. 5 نصائح تساعدك على اختيار الكلية المناسبة    استمرار انطلاق أسواق اليوم الواحد من كل أسبوع بشارع قناة السويس بمدينة المنصورة    انخفاض الطن.. سعر الحديد اليوم السبت 2 أغسطس 2025 (أرض المصنع والسوق)    وزير الرياضة يشهد تتويج منتخب الناشئين والناشئات ببطولة كأس العالم للاسكواش    شكل العام الدراسي الجديد 2026.. مواعيد بداية الدراسة والامتحانات| مستندات    تنظيم قواعد إنهاء عقود الوكالة التجارية بقرار وزاري مخالف للدستور    ترامب: ميدفيديف يتحدث عن نووي خطير.. والغواصات الأمريكية تقترب من روسيا    22 شهيدا في غزة.. بينهم 12 أثناء انتظار المساعدات    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب قبالة سواحل مدينة كوشيرو اليابانية    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    ترامب يخطو الخطوة الأولى في «سلم التصعيد النووي»    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    مشاجرة بين عمال محال تجارية بشرق سوهاج.. والمحافظ يتخذ إجراءات رادعة    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا (فيديو)    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صورة المرأة في شعر عصمت شاهين دوسكي
نشر في صوت البلد يوم 05 - 05 - 2018

دوما لا يصح إلا الصحيح. ابتلت الشعوب العربية والإسلامية بالذات بالفكر الضلالي والأحادي الجانب، حينما نتصفح كتب الماضي والأبيات من الشعر الغزلي وعلى مر الزمن ولحقب زمنيه متسلسلة منذ أن خلق الله البشر، هناك صراع وبحث عن الجمال والمرأة والرقة والإحساس، تتجلى في مجالس الأمراء والسلاطين. هناك دوماً بريق الجواري أي النساء.
وأثناء تصفح حياة الميسورين والأمراء والسلاطين والحكام سنرى. موضوع المرأة هو الطاغي حتى خلال الوشايات والقتل والتآمر غالباً تكون المرأة هي الموضوع بين الطرفين والمكائد، أي أن المرأة مطلوبة في حياة العظماء والأدنى منهم، ولكن المهم من يجرأ التطرق إليه بصورة جماليه وإنسانيه وبدون تحفظ أو خوف أو تملق؟
نرى قلة قليلة من المبدعين من الذين أنصفوا هذا النصف الحيوي من التكامل والتكافؤ في كل أمر لتستقر الأمور لم يجرأ إلا قلة قليلة وحسب ما أمكن من الاطلاع على ما كتبوه بشكل منصف تكون الدكتورة المنصفة نوال السعداوي ومن بعدها الشاعر نزار قباني، ولحق وأبدع شاعرنا المبدع عصمت شاهين الدوسكي وقد نقول قد تجاوزهم وجدانياً وبصورة محببة ومن دون حجاب ليخفي خوالج النفس ولينطلق إلى الخيال والوصف اللا نهائي وبصورة إنسانية لذيذة نحبهم ونرغب بهم ولكن نكابر ولا ننطق بكلمة الحق لتستقيم الأمور، الشاعر عصمت شاهين الدوسكي الذي يلهمنا ويسافر بنا إلى دنيا المحبة والخيال والتسامح والسلام‎بمضمون ما تحتويه قصائده من أمور تخص كل ذواق أصيل.
المشكلة إن المرء قد ترك الأمور الجوهرية التي تخص كيان كل منا وأصبح همنا البحث عن أشياء قد تكون بالمرتبة الخامسة أو أكثر، تمر الأيام واللحظات من دون أن يحس بها وحين يتم التذوق ووصول الفكرة للشخص أكان ذكراً أم أنثى، تكون النعمة زائلة من حيث الاقتدار والصحة ولبقية من العمر للتنعم بها
الشاعر العاشق ينبأ ويجهد وقد نقرأ جزيئات مما يكتب، ونكون في غفلة من أمرنا.
من رؤى قصيدته "نسيت أنكم لا تقرؤون" يتجلى للواقع الذي خلف الجهل والدمار والخراب والمعاناة واليتامى والأرامل والثكالى وأوجد صور المرأة المغتصبة والمعذبة والمهاجرة خلال لظى التشريد والتهجير يناديها كأنه يواسيها بأسلوب سهل ممتع يلمس الروح والقلب والإحساس.
"سيدتي عذرا، لا تسألي
ابقي مهاجرة
نسيت إنهم لا يصغ
لا يتغيرون
نسيت أنهم لا يقرؤون"
تعتبر قصيدة "نسيت أنكم لا تقرؤون" من القصائد التي جمعت صورة المرأة في الأزمات والوطن الجريح ومضامينها تقدم حلولا فكرية للتغير للأسمى والارتقاء بعنفوان الإنسان بدلا من تدهوره في ظل الجهل والفساد وإقحامه عمدا في الحروب والأزمات التي لا زمن واضح ولا حل ولا بديل لها.
عوًدنا شاعر المرأة والوطن عصمت الدوسكي منصفاً بقلمه وبكل الصور الواقعية ما يكتبه من زوايا معينه ليكشف للعالم المتناقضات التي تدهور الحب والجمال والفكر والإبداع. أشعاره وكتاباته المتنوعة خلقت جوا من التفاعل الايجابي في الأوساط الثقافية في محافظة دهوك بالذات وبقية المحافظات، وربما تجاوز حدود الدول العربية والعالمية، وغزا مناطق بعيده بإبداعه الشعري وما يطرحه من أفكار متجددة ومن صور إنسانيه تهم المرء وتنفس عن احتقاناته وتترك له فسحة من الأمل ليعود إلى نفسه ويتذكر الماضي والحاضر.
مع ظهور الشاعر عصمت شاهين الدوسكي اعتبره متمما لما بدء به الشاعر الكبير الراحل نزار قباني، حيث أخذ على عاتقه أن يكون العطر لكل جميل، والمسك لكل رائحة نشمها، ورونقاً يشع في نفوسنا بعد أن اجتاحت المجتمعات الشرق أوسطية الكثير من صور النفاق والتخلف والإجرام بحق المرأة ومحاولة إحياء عصر الجواري وأسواق النخاسة بعد أن أنعم الله على البشر بالعقل والبصيرة.
حيث كان - ولا يزال - تواجد أمير العشاق الشاعر عصمت الدوسكي بيننا، وفي هذه الفترة العصيبة صحوة رومانسية وصورة ثورية تجسد المحبة والجمال والسلام، ففي قصيدة "لا أكتب لك" من خلال العنوان نحس أنه ضد المرأة، لكن بعد قراءة النص بصورة تأويلية فكرية عميقة نراه يجسد بحالة نفسية صورة امرأة داخل امرأة، وهذا ليس بالسهل على الشاعر أن يبحر مع امرأة داخل امرأة.
"لا أكتب لك
بل لامرأة فيك كالبحار
تمتد أمواجها المتمردة العاشقة
وتحطم الأسوار
شواطئها أقدار مجهولة
في ذاتها تبحث عن الأقدار
تسافر من غربة لغربة
ما زالت تبحث عن الأسفار
قد يكون لقاؤنا حلما، ملحمة
أسطورة أشعار
عذرا يا سيدتي المسافرة
لا أقيد إحساسي
فهو حرٌ من زمن الأحرار".
رغم أن الشاعر عصمت الدوسكي يعيش في عزلة بعد قصف بيته في الموصل وتركه أطلالا وركاما ولجوئه إلى دهوك لا يزال بلا عمل، في حالة من الضنك والعيش مع أسرته كأنه منفي بلا نفي بين جدران أربعة، أسأل الجميع يا ترى أين حقوق المثقفين والكتاب والشعراء؟ لماذا هذا التهميش؟ لماذا لا يأخذون دورهم في التغير والتطور والتقدم والإبداع ؟ لماذا عدم الاهتمام بهم وزيادة معاناتهم الأسرية والاجتماعية؟ خاصة الكاتب يجب توفير الأجواء المناسبة له للكتابة والإبداع على أقل تقدير، كيف نحلم بالتطور والتغير نحو السمو والارتقاء ونحن نقتل الحرف والكلمة ونهمش الحب والجمال ولا نبالي بالرقي والإبداع؟ كيف نواكب التطور الفكري والاجتماعي ونحن نهمش المفكرين والشعراء والعلماء؟ أين العدل في هذا، في حق الأرض والإنسانية عامة؟ ورغم هذا الصراع الفكري والحرمان والضنك المعيشي يبحر بنا الشاعر الدوسكي إلى موقع الخلوة التي يتمناها أي عاقل أن يتنعم بإحساس وخيال خلاق وتبصر للجمال والدلال واخذ استراحة الفرسان في زمن طغت الأشياء المادية وضغط وشدة الحياة العصرية على تحركاتنا وانفعالاتنا وحتى نفسيتنا انه الصراع غير المنتهي.
ولكن مدمر لذات النفس وبعد أن تمر السنين يجد المرء نفسه وحيدا محبطاً بلا مشاعر بلا أمل بلا تنعم، تذوي وقت الطاقة واللذة كما انعم الله بها على العباد.
إن ما يشير إليه الشاعر عصمت شاهين الدوسكي تنبيه لنا وربما لكل قلب وشخص سليم. للأمور المادية الواهنة، ليست هي كل الأمور في حياتنا بل يجب إعطاء للروح الحقيقية مجالا أوسع والأحاسيس والعلاقات العامة حيّزا ما لتذوق ما أبدع به الرحمن للطرفين في هذا الكون ووعيه تجاه صورة المرأة ودورها المهم في المجتمع والحياة وكذلك الرجل دوره في تكملة دورة الإنسانية، من منا لم تهزه كلمة إعجاب أو عبارة تتعلق بمحاسن ما كالشعر والعيون والخدود والقامة والكرم وأوصاف أخرى متعددة.
دوماً يتألق الدوسكي بين الحلم والواقع، الخيال واللا خيال بجرأة شعرية فكرية بما يذكره ويبصره. نحن بعجالة من أمرنا لا نرى ولا نحيا إلا بها ويبقى الشوق في نفوسنا.
ففي قصيدة "دعي سحر النظرات" يدخل عوالم الوصف والرمز ليقول :
"في عينيك يتجلى حرماني
وعلى خديك أرنو لمكاني
وألملم شعرك خيمة
أكون عاريا، حراَ
لا أتعب، في شفتيك هذياني"
يا ترى لما لا يذوب وينتهي بجنون حينما تفعل كل الشجون لوعة واشتياقا ونارا، كلماته تذيب جليد السنين، يعيد لإحساسه حرارة ما فات من سنين، يعودنا برفق ولين وحب بفنون قلمه الذي غزا قلوب العذارى وما فاتهم ذلك الإحساس الخلاق من وحي قلمه السحري نبض وحرف تسطره ليخرج إلينا شعرا وإحساسا نعانقه ونتوه في تأمله.
هناك كنوز مفقودة ولكن هناك منقبين دوماً، عن حلقات لم تر النور وأناس لم يعرفوا وآخرين مهمشين، آن الأوان للاهتمام بالمثقفين والأدباء ممن بقوا خارج دائرة الضوء، كفى ترك الساحة للمنافقين وميليشيا الثقافة المقيدة ومن يبحثون عن الحظوة و التملق والعزف في قرب مخرومة للتواصل مع الشياطين وأعداء التطور، المفكرين والأدباء والعلماء والفنانين شموع لإنارة كل ركن مظلم في ربيع الأرض والإنسان.
فحينما يولد يوم جديد تتجدد الأحلام وتعاد الذكريات ويغوص المرء بالتخيلات، فكم ذكرى تفرح أو تبكي أو يتمنى المرء بالمسرات أن تتجدد من جديد، أصبحت الأمور لبعض الناس لباسا جديدا أو بذخا بالأكل والغناء والتمايل على أنغام المزامير، ولكن هناك من بلا سند أو بيت يجمعهم يحميهم وهناك من تسبب بكل هذه الآلام. يخطب ويزمجر ويهدد على أنه أصبح الفاتح لأمجاد لا تمجد وتشرف من قام بها في وقتها فقد أراق الدماء الطاهرة لنزوة أو خيال مريض وزال كمداس تقطع من كثرة اللبس وحذف في مزابل التاريخ، إن الله ليس بحاجة إلى شياطين يتحدثون باسمه كونه أعظم منهم جميع ، وستكون الآخرة السيئة لهم مثل هولاكو وهتلر وموسيليني وفاسدين آخرين من بني الشيطان اللعين حيث فقدوا الشرف والذكرى الخالدة. يتجلى معنى التضاد في قصيدة "نوروز وآذار حينما يذكر بأسلوبه الراقي":
"آه وآه .. نوروز
تعب الكلام من الكلام
تعبت الجراح من الأوهام
والشكوى لرب العالمين
أما أنت يا آذار
شتان بين آذار والنار
لكن بينهما نجد مفلسين
الرحمة على الغرباء
والراحلين والبؤساء
والرحمة على الماء والطين".
هيهات لمن شرب من نبع العشق أن يرتوي، ربما حرمان وفراق ودموع وآهات تلاحق المرأة. في أنصاف الليالي وتقلب على الفراش وتخيل مواقف متنوعة قد تكون مضحكة أو مؤلمة كانت ولكن الذكريات والكلمات المميزة تفرض نفسها حينما يجد الجد ويدخل الأمير بساحة المنازلة ، تهرب الحروف والكلمات من التفكير لكون لا زلت محلقا في سمائه وعطر كلماته أي نعمة هبطت من السماء وحليت بين الديار كشموخ الجبل مقابل كل الغرباء عن المرأة والوطن والحب والجمال، عندما تحطم كل أغلال الجهل والفساد بصورك الشعرية وعندما تكسر قيود المرأة الحقيقة التي تكون نبع الحضارة الإنسانية وديمومتها تطمئن ونطمئن وتعود هي كما هي وترجع الأشواق وتحلى الأمسيات المفعمة بالأمان والسلام. رغم الوجع في قصيدة "وجع امرأة" إلا إنه وجع أنثوي ناضج بالحب والحياة:
"وجعك أيقظ خفية وجعي ..
فهل تدرك سالت أدمعي ..؟
شوقي لهيب أحرق جفني
وبح ندائي فهل تسمعين ..؟
من كأس خمري أسقيك
وإن كان في شفتيك مصرعي".
أية كلمات خطت ونقشت على القلب ونطقت بها الشفاه وعبرت عنها إيماءات العيون في جلسات سرقت من خلالها نضرات وإيحاءات عشق وممنوعات لا زالت تسري في تخاريف دهاليز عقول لا ترى النور وتود العيش بالظلام.هكذا تعددت صورة المرأة في قصائد عصمت شاهين الدوسكي ليخلق ملحمة شعرية خالدة ترسم للزمن والأجيال تاريخ حضارة متجددة رغم كل الآلام والأزمات.
دوما لا يصح إلا الصحيح. ابتلت الشعوب العربية والإسلامية بالذات بالفكر الضلالي والأحادي الجانب، حينما نتصفح كتب الماضي والأبيات من الشعر الغزلي وعلى مر الزمن ولحقب زمنيه متسلسلة منذ أن خلق الله البشر، هناك صراع وبحث عن الجمال والمرأة والرقة والإحساس، تتجلى في مجالس الأمراء والسلاطين. هناك دوماً بريق الجواري أي النساء.
وأثناء تصفح حياة الميسورين والأمراء والسلاطين والحكام سنرى. موضوع المرأة هو الطاغي حتى خلال الوشايات والقتل والتآمر غالباً تكون المرأة هي الموضوع بين الطرفين والمكائد، أي أن المرأة مطلوبة في حياة العظماء والأدنى منهم، ولكن المهم من يجرأ التطرق إليه بصورة جماليه وإنسانيه وبدون تحفظ أو خوف أو تملق؟
نرى قلة قليلة من المبدعين من الذين أنصفوا هذا النصف الحيوي من التكامل والتكافؤ في كل أمر لتستقر الأمور لم يجرأ إلا قلة قليلة وحسب ما أمكن من الاطلاع على ما كتبوه بشكل منصف تكون الدكتورة المنصفة نوال السعداوي ومن بعدها الشاعر نزار قباني، ولحق وأبدع شاعرنا المبدع عصمت شاهين الدوسكي وقد نقول قد تجاوزهم وجدانياً وبصورة محببة ومن دون حجاب ليخفي خوالج النفس ولينطلق إلى الخيال والوصف اللا نهائي وبصورة إنسانية لذيذة نحبهم ونرغب بهم ولكن نكابر ولا ننطق بكلمة الحق لتستقيم الأمور، الشاعر عصمت شاهين الدوسكي الذي يلهمنا ويسافر بنا إلى دنيا المحبة والخيال والتسامح والسلام‎بمضمون ما تحتويه قصائده من أمور تخص كل ذواق أصيل.
المشكلة إن المرء قد ترك الأمور الجوهرية التي تخص كيان كل منا وأصبح همنا البحث عن أشياء قد تكون بالمرتبة الخامسة أو أكثر، تمر الأيام واللحظات من دون أن يحس بها وحين يتم التذوق ووصول الفكرة للشخص أكان ذكراً أم أنثى، تكون النعمة زائلة من حيث الاقتدار والصحة ولبقية من العمر للتنعم بها
الشاعر العاشق ينبأ ويجهد وقد نقرأ جزيئات مما يكتب، ونكون في غفلة من أمرنا.
من رؤى قصيدته "نسيت أنكم لا تقرؤون" يتجلى للواقع الذي خلف الجهل والدمار والخراب والمعاناة واليتامى والأرامل والثكالى وأوجد صور المرأة المغتصبة والمعذبة والمهاجرة خلال لظى التشريد والتهجير يناديها كأنه يواسيها بأسلوب سهل ممتع يلمس الروح والقلب والإحساس.
"سيدتي عذرا، لا تسألي
ابقي مهاجرة
نسيت إنهم لا يصغ
لا يتغيرون
نسيت أنهم لا يقرؤون"
تعتبر قصيدة "نسيت أنكم لا تقرؤون" من القصائد التي جمعت صورة المرأة في الأزمات والوطن الجريح ومضامينها تقدم حلولا فكرية للتغير للأسمى والارتقاء بعنفوان الإنسان بدلا من تدهوره في ظل الجهل والفساد وإقحامه عمدا في الحروب والأزمات التي لا زمن واضح ولا حل ولا بديل لها.
عوًدنا شاعر المرأة والوطن عصمت الدوسكي منصفاً بقلمه وبكل الصور الواقعية ما يكتبه من زوايا معينه ليكشف للعالم المتناقضات التي تدهور الحب والجمال والفكر والإبداع. أشعاره وكتاباته المتنوعة خلقت جوا من التفاعل الايجابي في الأوساط الثقافية في محافظة دهوك بالذات وبقية المحافظات، وربما تجاوز حدود الدول العربية والعالمية، وغزا مناطق بعيده بإبداعه الشعري وما يطرحه من أفكار متجددة ومن صور إنسانيه تهم المرء وتنفس عن احتقاناته وتترك له فسحة من الأمل ليعود إلى نفسه ويتذكر الماضي والحاضر.
مع ظهور الشاعر عصمت شاهين الدوسكي اعتبره متمما لما بدء به الشاعر الكبير الراحل نزار قباني، حيث أخذ على عاتقه أن يكون العطر لكل جميل، والمسك لكل رائحة نشمها، ورونقاً يشع في نفوسنا بعد أن اجتاحت المجتمعات الشرق أوسطية الكثير من صور النفاق والتخلف والإجرام بحق المرأة ومحاولة إحياء عصر الجواري وأسواق النخاسة بعد أن أنعم الله على البشر بالعقل والبصيرة.
حيث كان - ولا يزال - تواجد أمير العشاق الشاعر عصمت الدوسكي بيننا، وفي هذه الفترة العصيبة صحوة رومانسية وصورة ثورية تجسد المحبة والجمال والسلام، ففي قصيدة "لا أكتب لك" من خلال العنوان نحس أنه ضد المرأة، لكن بعد قراءة النص بصورة تأويلية فكرية عميقة نراه يجسد بحالة نفسية صورة امرأة داخل امرأة، وهذا ليس بالسهل على الشاعر أن يبحر مع امرأة داخل امرأة.
"لا أكتب لك
بل لامرأة فيك كالبحار
تمتد أمواجها المتمردة العاشقة
وتحطم الأسوار
شواطئها أقدار مجهولة
في ذاتها تبحث عن الأقدار
تسافر من غربة لغربة
ما زالت تبحث عن الأسفار
قد يكون لقاؤنا حلما، ملحمة
أسطورة أشعار
عذرا يا سيدتي المسافرة
لا أقيد إحساسي
فهو حرٌ من زمن الأحرار".
رغم أن الشاعر عصمت الدوسكي يعيش في عزلة بعد قصف بيته في الموصل وتركه أطلالا وركاما ولجوئه إلى دهوك لا يزال بلا عمل، في حالة من الضنك والعيش مع أسرته كأنه منفي بلا نفي بين جدران أربعة، أسأل الجميع يا ترى أين حقوق المثقفين والكتاب والشعراء؟ لماذا هذا التهميش؟ لماذا لا يأخذون دورهم في التغير والتطور والتقدم والإبداع ؟ لماذا عدم الاهتمام بهم وزيادة معاناتهم الأسرية والاجتماعية؟ خاصة الكاتب يجب توفير الأجواء المناسبة له للكتابة والإبداع على أقل تقدير، كيف نحلم بالتطور والتغير نحو السمو والارتقاء ونحن نقتل الحرف والكلمة ونهمش الحب والجمال ولا نبالي بالرقي والإبداع؟ كيف نواكب التطور الفكري والاجتماعي ونحن نهمش المفكرين والشعراء والعلماء؟ أين العدل في هذا، في حق الأرض والإنسانية عامة؟ ورغم هذا الصراع الفكري والحرمان والضنك المعيشي يبحر بنا الشاعر الدوسكي إلى موقع الخلوة التي يتمناها أي عاقل أن يتنعم بإحساس وخيال خلاق وتبصر للجمال والدلال واخذ استراحة الفرسان في زمن طغت الأشياء المادية وضغط وشدة الحياة العصرية على تحركاتنا وانفعالاتنا وحتى نفسيتنا انه الصراع غير المنتهي.
ولكن مدمر لذات النفس وبعد أن تمر السنين يجد المرء نفسه وحيدا محبطاً بلا مشاعر بلا أمل بلا تنعم، تذوي وقت الطاقة واللذة كما انعم الله بها على العباد.
إن ما يشير إليه الشاعر عصمت شاهين الدوسكي تنبيه لنا وربما لكل قلب وشخص سليم. للأمور المادية الواهنة، ليست هي كل الأمور في حياتنا بل يجب إعطاء للروح الحقيقية مجالا أوسع والأحاسيس والعلاقات العامة حيّزا ما لتذوق ما أبدع به الرحمن للطرفين في هذا الكون ووعيه تجاه صورة المرأة ودورها المهم في المجتمع والحياة وكذلك الرجل دوره في تكملة دورة الإنسانية، من منا لم تهزه كلمة إعجاب أو عبارة تتعلق بمحاسن ما كالشعر والعيون والخدود والقامة والكرم وأوصاف أخرى متعددة.
دوماً يتألق الدوسكي بين الحلم والواقع، الخيال واللا خيال بجرأة شعرية فكرية بما يذكره ويبصره. نحن بعجالة من أمرنا لا نرى ولا نحيا إلا بها ويبقى الشوق في نفوسنا.
ففي قصيدة "دعي سحر النظرات" يدخل عوالم الوصف والرمز ليقول :
"في عينيك يتجلى حرماني
وعلى خديك أرنو لمكاني
وألملم شعرك خيمة
أكون عاريا، حراَ
لا أتعب، في شفتيك هذياني"
يا ترى لما لا يذوب وينتهي بجنون حينما تفعل كل الشجون لوعة واشتياقا ونارا، كلماته تذيب جليد السنين، يعيد لإحساسه حرارة ما فات من سنين، يعودنا برفق ولين وحب بفنون قلمه الذي غزا قلوب العذارى وما فاتهم ذلك الإحساس الخلاق من وحي قلمه السحري نبض وحرف تسطره ليخرج إلينا شعرا وإحساسا نعانقه ونتوه في تأمله.
هناك كنوز مفقودة ولكن هناك منقبين دوماً، عن حلقات لم تر النور وأناس لم يعرفوا وآخرين مهمشين، آن الأوان للاهتمام بالمثقفين والأدباء ممن بقوا خارج دائرة الضوء، كفى ترك الساحة للمنافقين وميليشيا الثقافة المقيدة ومن يبحثون عن الحظوة و التملق والعزف في قرب مخرومة للتواصل مع الشياطين وأعداء التطور، المفكرين والأدباء والعلماء والفنانين شموع لإنارة كل ركن مظلم في ربيع الأرض والإنسان.
فحينما يولد يوم جديد تتجدد الأحلام وتعاد الذكريات ويغوص المرء بالتخيلات، فكم ذكرى تفرح أو تبكي أو يتمنى المرء بالمسرات أن تتجدد من جديد، أصبحت الأمور لبعض الناس لباسا جديدا أو بذخا بالأكل والغناء والتمايل على أنغام المزامير، ولكن هناك من بلا سند أو بيت يجمعهم يحميهم وهناك من تسبب بكل هذه الآلام. يخطب ويزمجر ويهدد على أنه أصبح الفاتح لأمجاد لا تمجد وتشرف من قام بها في وقتها فقد أراق الدماء الطاهرة لنزوة أو خيال مريض وزال كمداس تقطع من كثرة اللبس وحذف في مزابل التاريخ، إن الله ليس بحاجة إلى شياطين يتحدثون باسمه كونه أعظم منهم جميع ، وستكون الآخرة السيئة لهم مثل هولاكو وهتلر وموسيليني وفاسدين آخرين من بني الشيطان اللعين حيث فقدوا الشرف والذكرى الخالدة. يتجلى معنى التضاد في قصيدة "نوروز وآذار حينما يذكر بأسلوبه الراقي":
"آه وآه .. نوروز
تعب الكلام من الكلام
تعبت الجراح من الأوهام
والشكوى لرب العالمين
أما أنت يا آذار
شتان بين آذار والنار
لكن بينهما نجد مفلسين
الرحمة على الغرباء
والراحلين والبؤساء
والرحمة على الماء والطين".
هيهات لمن شرب من نبع العشق أن يرتوي، ربما حرمان وفراق ودموع وآهات تلاحق المرأة. في أنصاف الليالي وتقلب على الفراش وتخيل مواقف متنوعة قد تكون مضحكة أو مؤلمة كانت ولكن الذكريات والكلمات المميزة تفرض نفسها حينما يجد الجد ويدخل الأمير بساحة المنازلة ، تهرب الحروف والكلمات من التفكير لكون لا زلت محلقا في سمائه وعطر كلماته أي نعمة هبطت من السماء وحليت بين الديار كشموخ الجبل مقابل كل الغرباء عن المرأة والوطن والحب والجمال، عندما تحطم كل أغلال الجهل والفساد بصورك الشعرية وعندما تكسر قيود المرأة الحقيقة التي تكون نبع الحضارة الإنسانية وديمومتها تطمئن ونطمئن وتعود هي كما هي وترجع الأشواق وتحلى الأمسيات المفعمة بالأمان والسلام. رغم الوجع في قصيدة "وجع امرأة" إلا إنه وجع أنثوي ناضج بالحب والحياة:
"وجعك أيقظ خفية وجعي ..
فهل تدرك سالت أدمعي ..؟
شوقي لهيب أحرق جفني
وبح ندائي فهل تسمعين ..؟
من كأس خمري أسقيك
وإن كان في شفتيك مصرعي".
أية كلمات خطت ونقشت على القلب ونطقت بها الشفاه وعبرت عنها إيماءات العيون في جلسات سرقت من خلالها نضرات وإيحاءات عشق وممنوعات لا زالت تسري في تخاريف دهاليز عقول لا ترى النور وتود العيش بالظلام.هكذا تعددت صورة المرأة في قصائد عصمت شاهين الدوسكي ليخلق ملحمة شعرية خالدة ترسم للزمن والأجيال تاريخ حضارة متجددة رغم كل الآلام والأزمات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.