غدًا.. المصريون في الخارج يُصوتون بالمرحلة الثانية بانتخابات النواب 2025    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    قطع المياه عن بعض المناطق فى القاهرة غدا لمدة 9 ساعات    نائب رئيس البورصة: نعمل على جذب تدفقات استثمارية جديدة لسوق المال    20 نوفمبر 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة    كشف بترولي جديد بخليج السويس يضيف 3 آلاف برميل يوميًا    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل لجنة حماية المتعاملين وتسوية المنازعات بمجال التأمين    رئيس كوريا الجنوبية يلقى خطابا فى جامعة القاهرة اليوم    رئيس وزراء السودان يرحب بجهود السعودية وواشنطن لإحلال سلام عادل ومستدام    مصر والبحرين تبحثان تفعيل مذكرة التفاهم لتبادل الخبرات وبناء القدرات بمجالات التنمية    مصر ترحب بقرار "الأمم المتحدة" بشأن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير    نازحو غزة في مهب الريح.. أمطار وعواصف تزيد معاناة المدنيين بعد النزوح    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    الشباب والرياضة تُطلق أضخم مشروع لاكتشاف ورعاية المواهب الكروية بدمياط    مواعيد الخميس 20 نوفمبر 2025.. قرعة الملحق العالمي والأوروبي المؤهل لكأس العالم    «السماوي يتوهج في القارة السمراء».. رابطة الأندية تحتفل بجوائز بيراميدز    تذكرتي تطرح تذاكر مباريات الأهلي والزمالك في البطولات الأفريقية    بيراميدز: لا صفقات تبادلية مع الزمالك.. ورمضان صبحي يعود نهاية الشهر    بسبب الشبورة.. إصابة 18 شخصًا فى تصادم سيارة نقل مع أتوبيس بالشرقية    الداخلية تكشف حقيقة ادعاء سيدة تعرضت للضرب والتحرش    سقوط أخطر بؤرة إجرامية بمطروح والإسكندرية وضبط مخدرات وأسلحة ب75 مليون جنيه    الأرصاد: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة في هذا الموعد    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    أسباب ارتفاع معدلات الطلاق؟.. استشاري الصحة النفسية يوضح    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    أخطر حاجة إن الطفل يعرق.. نصائح ذهبية لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    رئيس الرعاية الصحية يرافق محافظ الأقصر لمتابعة مركزى طب أسرة الدير وأصفون بإسنا.. صور    وزير الصحة يوجه بتشكيل لجنة للإعداد المبكر للنسخة الرابعة من المؤتمر العالمي للسكان    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    البنك المركزي يعقد اجتماعه اليوم لبحث سعر الفائدة على الإيداع والإقراض    حلقة نقاشية حول "سرد قصص الغارمات" على الشاشة في أيام القاهرة لصناعة السينما    هولندا: ندعم محاسبة مرتكبى الانتهاكات في السودان وإدراجهم بلائحة العقوبات    عيد ميلاد السيسي ال 71، لحظات فارقة في تاريخ مصر (فيديو)    النزاهة أولًا.. الرئيس يرسخ الثقة فى البرلمان الجديد    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 فى بداية التعاملات    مواجهات قوية في دوري المحترفين المصري اليوم الخميس    الصحة بقنا تشدد الرقابة.. جولة ليلية تُفاجئ وحدة مدينة العمال    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    رائد الذكاء الاصطناعي يان لوكون يغادر ميتا ليؤسس شركة جديدة    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتجاهات النقد الأدبي عند أبي حيان التوحيدي
نشر في صوت البلد يوم 22 - 03 - 2018

" اتجاهات النقد الأدبي عند أبي حيان التوحيدي : الاتجاه اللغوي والجمالي والموضوعاتي" كتاب جديد للباحث علي عبد الجليل صدرعن دار الآفاق العربية للنشر والتوزيع بالقاهرة ، فقد كان أبو حيَّان التَّوحِيدي – وبِحَقٍّ - عَلَمَاً من أَعْلام القَرْن الرَّابع الهجري ومن كِبَار أُدَبائه ومُفَكِّريه ، هذا القَرْنُ الذي بَلَغَت فيه مَباحِث الدَّرس النَّقدي العَربي الغَاية ، وفي وَسَط هذا الخِضَمِّ الزَّاخر من الدِّراسات الأدبية والنَّقدية المُتَخَصِّصة ظَهَر التوحيدي ، فَأَدْلَى بِدَلْوه وسَاهَم بِفَاعِلية وقُوَّة في هذا الحِراك .
واسْتَوْعَب التَّوحيدي ثقافة عَصْره ، وما كان يَمُوجُ به من تَيَّارات واتِّجاهات فِكْرِية وفَلْسَفية وأَدَبية ونَقْدِية ، وأُتِيحَ له بِما امْتَلَكَه من قُدْرة بَيَانِية وذَوْق أَدبي ، أنْ يُعَبِّر عن ثقافة هذا العَصْر ويَنْطِق بِلِسَانِها ، وكان من ثَمَرة ذلك طَرْحُه للكثير من قضايا النَّقد ، وعلى الرُّغم من تَفَرُّق هذه الآراء والنَّظرات في مَواضع مُخْتَلفة من كُتُبه إلا أنَّها تَنْتَظِم انْتِظاماً واضحاً في شَكْل اتِّجاهات نَقْدِيَّة رَئِيسَة وهي ( الاتِّجاه اللُّغوي ، والاتِّجاه الجَمَالي ، والاتِّجاه المَوْضُوعاتي ) ، فَعَبَّرت هذه الاتجاهات عن حَقِيقة الفِكْر النَّقْدي لَدَيه من نَاحِية ، وعَبَّرت في الوقت ذاته عن الاتِّجاهات العَامة للنَّقد الأَدَبي القَديم في عَصْره وما سَبَقه أو لَحِقَه بِقَلِيل .
والكتاب يتكون من مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول ، أمَّا التَّمهيد، فقد جاء تَحت عنوان: (أبو حيَّان التَّوحيدي السِّيرة والعَصْر، ومُقَوِّمات فِكْرِه وثَقَافَته) وتَنَاوَل فيه الباحث ما يَتَعَلَّق باسْمِه ولَقَبِه، وأَصْلَه ومَوْلِده وَوَفاته، وما يَتَعَلَّق بأَهَم سِمات عَصْره، ومَنْ اتَّصَل بهم مِن الوُزراء،وتَنَاوُل ما يَتَعَلَّق بِنَشْأة التَّوحيدي العِلْمية والتَّعْليمية من خِلال التَّعرف على شِيوخِه وأَسَاتِذته، ومَنْ تَواصَلَ معهم التَّوحيدي من عُلماء عَصْره ، ثم اسْتَتَبَع ذلك الحديث عن أَهَم مَصادر كُتُبه ورسائله التي أَلَّفها ،ثم الحديث بِتَفْصِيل عن كُتُب التَّوحيدي ومُؤلفاته الكَثِيرة والمُتَنَوِّعة .
وتَنَاول الباحث تلك المُقَوِّمات العَامَّة التي رَسَمَت مَلامح شَخْصِية التَّوحيدي الثَّقافية والفِكْرية والأَدَبية ومَدَى تَأْثِيرها على نَقْدِه الأدبي، وَرَصَدَ الباحث ثَمَانية من هذه المُقَوِّمات، وهي: شُيُوخه الذين تَلَقَّى عنهم العِلم، والعُلَماء الذين تَأَثَّر بهم، وإِطار الثَّقافة الشَّعْبِية التي أَتَاحَتها المَساجِد وحَلَقات العِلْم والمجالس، ثُم مَوْسوعية ثَقَافته وشُمُولية مَعارِفه، ثُم الحديث عن الفَلْسفة والإِلْمام بِعْلِم الكَلام، ثم مِهْنَة الوِرَاقَة ونَسْخ وكِتابة الكُتُب التي امْتَهَنَها، وكانَ يُسَمِّيها التَّوحيدي (مِهْنَة الشُّؤْم) ، ثُم سَفَره وتَنَقُّله وتِرْحَاله بَيْن بَغْداد والرِّي وشِيرَاز وغَيْرها من المُدُن، ثم عَلاقَته بالصُّوفِيَّة، وأخيراً البَحْث في إِلْمَامه بِثَقافات أَجْنَبية (ثَقَافُتُه غَير العَرَبية).
وأمَّا الفَصْل الأَوَّل بِعنوان: (الاتِّجاه اللُّغوي في النَّقد الأَدبي عِند التَّوحيدي)، فَخَصَّصَه الباحث للحَديث عن أَوَّل اتِّجاهات النَّقد الأَدبية البَارزة والحَاضِرة بِقُوَّة في فِكْر التَّوحِيدي النَّقْدي وهو الاتِّجاه اللُّغوي، وكانت البِداية مع تَحْدِيد مَفْهوم الاتِّجاه اللُّغوي في النَّقد، والتَّعرف على أَهَميته ، وتَاريخ ونَشْأة هذا النَّقد وبِدايَاته قَبْل القَرْن الرَّابع الهِجْري الذي عَاشَ فيه التَّوحيدي، وصِلَةُ التَّوحيدي بالنَّقد اللُّغوي وباللُّغة عامَّة، وتناول بَعْض قَضايا النَّقد اللُّغوي التي طَرَحها التوحيدي في مُؤَلَّفاته ، ثم الحَديث عن مُسْتَوَيات النَّقد اللُّغوي كما طَرَحَها التَّوحيدي، حيث جَرَى تَحْلِيل هَذه المُسْتَوَيَات اللُّغوية كما جَاءَت فِي كُتُب التَّوحِيدي ومُؤَلَّفاته المُخْتَلفة.
بِدايةً مِن المُسْتَوى الصَّوْتي الخَاص بالحُرُوف والأَصْوات، ثم المُسْتَوى المُعْجَمي بِمَا فِيه من حَدِيث عن جُهُود التَّوحيدي في مَجال العَمل المُعْجَمي الخاص بالمُفْرَدات، أو المُصْطَلَحات، أو التَّعْبِيرات والمَقُولات، ثُمَّ المُسْتَوى الصَّرْفِي البِنَائِي ، ومَا يَتَعَلَّق بِه من بَحْثٍ في قَضايا الصِّيغ والاشْتِقَاق وغَيْرها مما يَتَعَلَّق بِبِناء الكَلمة، ثم المُسْتَوَى الدِّلالِي الذي طَرَحَ فيه الباحث ما يَتَعَلَّق باهْتِمام التَّوحيدي بالمُتَرَادِفات في اللُّغة، ثم الفُرُوق الدِّلالية بَيْن الكَلِمات المُتَقَاربة في المَعْنى، ثُم اخْتِلاف مَعْنى الكَلِمة حَسَب السِّياق أو رِوايات النُّصُوص..
وتَنَاوَلَ البَاحِث المُسْتَوى النَّحْوِي التَّرْكِيبي ، بِداية مِن تَعْرِيف التَّوحيدي للنَّحو، وتَأْكِيده على ارْتِباطه بالوَاقع اللُّغوي العَرَبي، ثم طَرْح قَضِية المُسْتَوى النَّحْوي بَيْن المِعْيارية والسَّلِيقة اللُّغوية، وكذلك عَلاقة الفِكْر الفَلْسَفي والمَنْطِقي بالفِكْر اللُّغوي النَّحْوي، وذلك قَبْل الدُّخُول في تَفَاصِيل مَظَاهر المُسْتَوى النَّحْوي التَّرْكيبي كَمَا وَرَدَت في مُؤَلَّفات التَّوحيدي، والتي كان مِن أَهَمِّها: تَوَخِّي الصَّواب والخَطَأ، والحَديث عن الإِعْراب ودَوْرِه في إِبْراز المَعْنى، ثم وَضْع الحُرُوف في مَواضِعها المُقْتَضِية لَها (دِلالات الحُروف والأَدَوات النَّحوية)، ثم تَأْلِيف الكَلام بالتَّقْديم والتَّأْخير، أو الحَذْف والذِّكر، أو الفَصْل والوَصْل، أو التَّعْريف والتَّنْكير ، وأخِيراً المُسْتَوى العَرُوضِي ، حيث تَحَدَّث الباحث فيه أَوَّلاً عن الوَزْن والعَرُوض بَيْن الذَّوق والطَّبع والقَواعِد المِعْيارية لَدَى التَّوحيدي، ثم مَظاهر المُسْتَوى العَرُوضِي
وأمَّا الفَصْل الثَّاني فكان بعنوان: (الاتِّجاه الجَمَالي في النَّقد الأَدَبي عند أبِي حيَّان التَّوحيدي) واسْتَهَلَّه البَاحث بِطَرْح مُقَاربةٍ لِلفِكرِ الجَمالي عِند التَّوحيدي بَيْن المُمَارسة والتَّنْظير، وقد تَمَّ تَقْسِيم الفَصْل إلى قِسْمَين، خَصَّصَ القِسم الأَوَّل مِنه للجَانب التَّطْبيقي: وهو دِراسة في جَمَالِيات أُسْلوب التَّوحيدي في الكِتابة الفَنِّية، وتَمَّ الحَديث فِيها عن مُقَوِّمات ثَقَافة وفِكْر التَّوحيدي التي أَثَّرت عَلى أُسْلُوبه ، ثُمَّ جَاء القِسْم الثَّاني واخْتَصَّه الباحث بِرَصْد الجَانب التَّنْظِيري لِعِلْم الجَمال عند التَّوحيدي، وبَدَأَه الباحث بِطَرْح قَضِية مِحْوَرية حَوْل مَدَى تَأَثُّر الفِكْر الجَمالي عند التَّوحيدي بالفَلْسَفة عُمُوماً واليُونَانية على وَجْه الخُصُوص، ثم تَعَقَّب مَظَاهر الفِكْر الجَمالي عند التَّوحيدي، وَرَصَدَها في شَكْل نِقاط رَئِيسة مُسْتَنْبَطة مِن خِلال كِتاباته المُتَعَدِّدة والمُتَنَوِّعة .
وأمَّا الفَصْل الثَّالث فهو بعنوان (الاتِّجاه المَوْضُوعَاتِي في النَّقد الأَدبي عند التَّوحيدي)، وقد قَسَّم الباحث هذا الفَصْل إلى قِسْمَين، تَنَاوَل في القِسْم الأَوَّل: مَفْهُوم النَّقد المَوْضُوعاتي ومَظَاهره في النَّقد الحَديث ولَدَى التَّوحيدي ، وحَاوَل في المَبْحَث الأَوَّل مِنه تَحْدِيد مَفْهُوم المَوْضُوعَاتية والنَّقد المَوْضُوعاتي، بِداية مِن سَرْد تَعْرِيفات النَّقد المَوْضُوعاتي، والتَّعرف على مُصْطَلَحات مَفْهُوم الاتِّجاه المَوْضُوعاتي في النَّقد العَربي الحَديث ، ثُمَّ تَطَرَّق الباحث إلى أَهَم المَرْجِعِيَّات الفِكْرية والمَعْرِفية للاتَّجاه المَوْضُوعاتي في النَّقد، وتَنَاوَل الباحث في المَبْحَث الثَّاني مَفاهيم ومَظَاهر الاتِّجاه المَوْضُوعاتي في النَّقد الحَديث ومُقَارَبَتها بما طَرَحَه التَّوحيدي.
ثُم جَاء القِسْم الثَّاني من الفَصْل الأَخِير لِيَتَنَاوَل الدِّراسة التَّطْبِيقِيَّة لِمَفَاهيم المَوْضُوعاتية في مُؤَلَّفات التَّوحيدي، والتَّطَرُّق إلى طَبِيعة مَوْضُوعات كُتُبِه بين التَّنَوع والتَّخَصُّص ، وأمَّا الخَاتمة فَخَصَّصَها الباحث لِطَرْحِ أَهَمِّ مَا تَوَصَّلَت إليه الدِّراسة مِن نَتَائِج، وبَعْض المُقْتَرَحات والتَّوْصِيات، ثُمَّ أَنْهَى الدِّراسة بِثَبَتِ المَصَادر والمَراجِع، إِضَافة إلى فِهْرس الدِّراسة التَّفْصِيلي والشَّامل لِكُلِّ مَا وَرَدَ فيها.
" اتجاهات النقد الأدبي عند أبي حيان التوحيدي : الاتجاه اللغوي والجمالي والموضوعاتي" كتاب جديد للباحث علي عبد الجليل صدرعن دار الآفاق العربية للنشر والتوزيع بالقاهرة ، فقد كان أبو حيَّان التَّوحِيدي – وبِحَقٍّ - عَلَمَاً من أَعْلام القَرْن الرَّابع الهجري ومن كِبَار أُدَبائه ومُفَكِّريه ، هذا القَرْنُ الذي بَلَغَت فيه مَباحِث الدَّرس النَّقدي العَربي الغَاية ، وفي وَسَط هذا الخِضَمِّ الزَّاخر من الدِّراسات الأدبية والنَّقدية المُتَخَصِّصة ظَهَر التوحيدي ، فَأَدْلَى بِدَلْوه وسَاهَم بِفَاعِلية وقُوَّة في هذا الحِراك .
واسْتَوْعَب التَّوحيدي ثقافة عَصْره ، وما كان يَمُوجُ به من تَيَّارات واتِّجاهات فِكْرِية وفَلْسَفية وأَدَبية ونَقْدِية ، وأُتِيحَ له بِما امْتَلَكَه من قُدْرة بَيَانِية وذَوْق أَدبي ، أنْ يُعَبِّر عن ثقافة هذا العَصْر ويَنْطِق بِلِسَانِها ، وكان من ثَمَرة ذلك طَرْحُه للكثير من قضايا النَّقد ، وعلى الرُّغم من تَفَرُّق هذه الآراء والنَّظرات في مَواضع مُخْتَلفة من كُتُبه إلا أنَّها تَنْتَظِم انْتِظاماً واضحاً في شَكْل اتِّجاهات نَقْدِيَّة رَئِيسَة وهي ( الاتِّجاه اللُّغوي ، والاتِّجاه الجَمَالي ، والاتِّجاه المَوْضُوعاتي ) ، فَعَبَّرت هذه الاتجاهات عن حَقِيقة الفِكْر النَّقْدي لَدَيه من نَاحِية ، وعَبَّرت في الوقت ذاته عن الاتِّجاهات العَامة للنَّقد الأَدَبي القَديم في عَصْره وما سَبَقه أو لَحِقَه بِقَلِيل .
والكتاب يتكون من مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول ، أمَّا التَّمهيد، فقد جاء تَحت عنوان: (أبو حيَّان التَّوحيدي السِّيرة والعَصْر، ومُقَوِّمات فِكْرِه وثَقَافَته) وتَنَاوَل فيه الباحث ما يَتَعَلَّق باسْمِه ولَقَبِه، وأَصْلَه ومَوْلِده وَوَفاته، وما يَتَعَلَّق بأَهَم سِمات عَصْره، ومَنْ اتَّصَل بهم مِن الوُزراء،وتَنَاوُل ما يَتَعَلَّق بِنَشْأة التَّوحيدي العِلْمية والتَّعْليمية من خِلال التَّعرف على شِيوخِه وأَسَاتِذته، ومَنْ تَواصَلَ معهم التَّوحيدي من عُلماء عَصْره ، ثم اسْتَتَبَع ذلك الحديث عن أَهَم مَصادر كُتُبه ورسائله التي أَلَّفها ،ثم الحديث بِتَفْصِيل عن كُتُب التَّوحيدي ومُؤلفاته الكَثِيرة والمُتَنَوِّعة .
وتَنَاول الباحث تلك المُقَوِّمات العَامَّة التي رَسَمَت مَلامح شَخْصِية التَّوحيدي الثَّقافية والفِكْرية والأَدَبية ومَدَى تَأْثِيرها على نَقْدِه الأدبي، وَرَصَدَ الباحث ثَمَانية من هذه المُقَوِّمات، وهي: شُيُوخه الذين تَلَقَّى عنهم العِلم، والعُلَماء الذين تَأَثَّر بهم، وإِطار الثَّقافة الشَّعْبِية التي أَتَاحَتها المَساجِد وحَلَقات العِلْم والمجالس، ثُم مَوْسوعية ثَقَافته وشُمُولية مَعارِفه، ثُم الحديث عن الفَلْسفة والإِلْمام بِعْلِم الكَلام، ثم مِهْنَة الوِرَاقَة ونَسْخ وكِتابة الكُتُب التي امْتَهَنَها، وكانَ يُسَمِّيها التَّوحيدي (مِهْنَة الشُّؤْم) ، ثُم سَفَره وتَنَقُّله وتِرْحَاله بَيْن بَغْداد والرِّي وشِيرَاز وغَيْرها من المُدُن، ثم عَلاقَته بالصُّوفِيَّة، وأخيراً البَحْث في إِلْمَامه بِثَقافات أَجْنَبية (ثَقَافُتُه غَير العَرَبية).
وأمَّا الفَصْل الأَوَّل بِعنوان: (الاتِّجاه اللُّغوي في النَّقد الأَدبي عِند التَّوحيدي)، فَخَصَّصَه الباحث للحَديث عن أَوَّل اتِّجاهات النَّقد الأَدبية البَارزة والحَاضِرة بِقُوَّة في فِكْر التَّوحِيدي النَّقْدي وهو الاتِّجاه اللُّغوي، وكانت البِداية مع تَحْدِيد مَفْهوم الاتِّجاه اللُّغوي في النَّقد، والتَّعرف على أَهَميته ، وتَاريخ ونَشْأة هذا النَّقد وبِدايَاته قَبْل القَرْن الرَّابع الهِجْري الذي عَاشَ فيه التَّوحيدي، وصِلَةُ التَّوحيدي بالنَّقد اللُّغوي وباللُّغة عامَّة، وتناول بَعْض قَضايا النَّقد اللُّغوي التي طَرَحها التوحيدي في مُؤَلَّفاته ، ثم الحَديث عن مُسْتَوَيات النَّقد اللُّغوي كما طَرَحَها التَّوحيدي، حيث جَرَى تَحْلِيل هَذه المُسْتَوَيَات اللُّغوية كما جَاءَت فِي كُتُب التَّوحِيدي ومُؤَلَّفاته المُخْتَلفة.
بِدايةً مِن المُسْتَوى الصَّوْتي الخَاص بالحُرُوف والأَصْوات، ثم المُسْتَوى المُعْجَمي بِمَا فِيه من حَدِيث عن جُهُود التَّوحيدي في مَجال العَمل المُعْجَمي الخاص بالمُفْرَدات، أو المُصْطَلَحات، أو التَّعْبِيرات والمَقُولات، ثُمَّ المُسْتَوى الصَّرْفِي البِنَائِي ، ومَا يَتَعَلَّق بِه من بَحْثٍ في قَضايا الصِّيغ والاشْتِقَاق وغَيْرها مما يَتَعَلَّق بِبِناء الكَلمة، ثم المُسْتَوَى الدِّلالِي الذي طَرَحَ فيه الباحث ما يَتَعَلَّق باهْتِمام التَّوحيدي بالمُتَرَادِفات في اللُّغة، ثم الفُرُوق الدِّلالية بَيْن الكَلِمات المُتَقَاربة في المَعْنى، ثُم اخْتِلاف مَعْنى الكَلِمة حَسَب السِّياق أو رِوايات النُّصُوص..
وتَنَاوَلَ البَاحِث المُسْتَوى النَّحْوِي التَّرْكِيبي ، بِداية مِن تَعْرِيف التَّوحيدي للنَّحو، وتَأْكِيده على ارْتِباطه بالوَاقع اللُّغوي العَرَبي، ثم طَرْح قَضِية المُسْتَوى النَّحْوي بَيْن المِعْيارية والسَّلِيقة اللُّغوية، وكذلك عَلاقة الفِكْر الفَلْسَفي والمَنْطِقي بالفِكْر اللُّغوي النَّحْوي، وذلك قَبْل الدُّخُول في تَفَاصِيل مَظَاهر المُسْتَوى النَّحْوي التَّرْكيبي كَمَا وَرَدَت في مُؤَلَّفات التَّوحيدي، والتي كان مِن أَهَمِّها: تَوَخِّي الصَّواب والخَطَأ، والحَديث عن الإِعْراب ودَوْرِه في إِبْراز المَعْنى، ثم وَضْع الحُرُوف في مَواضِعها المُقْتَضِية لَها (دِلالات الحُروف والأَدَوات النَّحوية)، ثم تَأْلِيف الكَلام بالتَّقْديم والتَّأْخير، أو الحَذْف والذِّكر، أو الفَصْل والوَصْل، أو التَّعْريف والتَّنْكير ، وأخِيراً المُسْتَوى العَرُوضِي ، حيث تَحَدَّث الباحث فيه أَوَّلاً عن الوَزْن والعَرُوض بَيْن الذَّوق والطَّبع والقَواعِد المِعْيارية لَدَى التَّوحيدي، ثم مَظاهر المُسْتَوى العَرُوضِي
وأمَّا الفَصْل الثَّاني فكان بعنوان: (الاتِّجاه الجَمَالي في النَّقد الأَدَبي عند أبِي حيَّان التَّوحيدي) واسْتَهَلَّه البَاحث بِطَرْح مُقَاربةٍ لِلفِكرِ الجَمالي عِند التَّوحيدي بَيْن المُمَارسة والتَّنْظير، وقد تَمَّ تَقْسِيم الفَصْل إلى قِسْمَين، خَصَّصَ القِسم الأَوَّل مِنه للجَانب التَّطْبيقي: وهو دِراسة في جَمَالِيات أُسْلوب التَّوحيدي في الكِتابة الفَنِّية، وتَمَّ الحَديث فِيها عن مُقَوِّمات ثَقَافة وفِكْر التَّوحيدي التي أَثَّرت عَلى أُسْلُوبه ، ثُمَّ جَاء القِسْم الثَّاني واخْتَصَّه الباحث بِرَصْد الجَانب التَّنْظِيري لِعِلْم الجَمال عند التَّوحيدي، وبَدَأَه الباحث بِطَرْح قَضِية مِحْوَرية حَوْل مَدَى تَأَثُّر الفِكْر الجَمالي عند التَّوحيدي بالفَلْسَفة عُمُوماً واليُونَانية على وَجْه الخُصُوص، ثم تَعَقَّب مَظَاهر الفِكْر الجَمالي عند التَّوحيدي، وَرَصَدَها في شَكْل نِقاط رَئِيسة مُسْتَنْبَطة مِن خِلال كِتاباته المُتَعَدِّدة والمُتَنَوِّعة .
وأمَّا الفَصْل الثَّالث فهو بعنوان (الاتِّجاه المَوْضُوعَاتِي في النَّقد الأَدبي عند التَّوحيدي)، وقد قَسَّم الباحث هذا الفَصْل إلى قِسْمَين، تَنَاوَل في القِسْم الأَوَّل: مَفْهُوم النَّقد المَوْضُوعاتي ومَظَاهره في النَّقد الحَديث ولَدَى التَّوحيدي ، وحَاوَل في المَبْحَث الأَوَّل مِنه تَحْدِيد مَفْهُوم المَوْضُوعَاتية والنَّقد المَوْضُوعاتي، بِداية مِن سَرْد تَعْرِيفات النَّقد المَوْضُوعاتي، والتَّعرف على مُصْطَلَحات مَفْهُوم الاتِّجاه المَوْضُوعاتي في النَّقد العَربي الحَديث ، ثُمَّ تَطَرَّق الباحث إلى أَهَم المَرْجِعِيَّات الفِكْرية والمَعْرِفية للاتَّجاه المَوْضُوعاتي في النَّقد، وتَنَاوَل الباحث في المَبْحَث الثَّاني مَفاهيم ومَظَاهر الاتِّجاه المَوْضُوعاتي في النَّقد الحَديث ومُقَارَبَتها بما طَرَحَه التَّوحيدي.
ثُم جَاء القِسْم الثَّاني من الفَصْل الأَخِير لِيَتَنَاوَل الدِّراسة التَّطْبِيقِيَّة لِمَفَاهيم المَوْضُوعاتية في مُؤَلَّفات التَّوحيدي، والتَّطَرُّق إلى طَبِيعة مَوْضُوعات كُتُبِه بين التَّنَوع والتَّخَصُّص ، وأمَّا الخَاتمة فَخَصَّصَها الباحث لِطَرْحِ أَهَمِّ مَا تَوَصَّلَت إليه الدِّراسة مِن نَتَائِج، وبَعْض المُقْتَرَحات والتَّوْصِيات، ثُمَّ أَنْهَى الدِّراسة بِثَبَتِ المَصَادر والمَراجِع، إِضَافة إلى فِهْرس الدِّراسة التَّفْصِيلي والشَّامل لِكُلِّ مَا وَرَدَ فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.