قطع المياه 6 ساعات ببعض مناطق الجيزة لتحويل خط رئيسي    فلسطين.. جيش الاحتلال ينفذ حملة دهم واسعة في بلدة المغير شمال شرق رام الله    سيف الإسلام القذافي يعلن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا    جوتيريش:نصف مليون شخص بغزة محاصرون في مجاعة    ضبط 50 محلًا بدون ترخيص وتنفيذ 40 حكمًا قضائيًا بحملة أمنية بالفيوم    لمحبي الآكلات الجديدة.. حضري «الفاصوليا البيضاء» على الطريقة التونسية (الخطوات والمكونات)    إنقاذ حياة مريض بعمل شق حنجري بمستشفى الجامعي بالمنوفية    جامعة أسوان تهنئ البروفيسور مجدي يعقوب لتكريمه من جمعية القلب الأمريكية    الجرام يسجل أقل من 3900 جنيها.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    عصابات الإتجار بالبشر| كشافون لاستدراج الضحايا واحتجازهم بشقق سكنية    بورسعيد.. أجمل شاطئ وأرخص مصيف| كيف كانت الحياة في المدينة الباسلة عام 1960؟    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    الأمم المتحدة تعلن المجاعة رسميًا.. ماذا يحدث في غزة؟    محمد النمكي: الطرق والغاز جعلت العبور مدينة صناعية جاذبة للاستثمار| فيديو    أهداف إنشاء صندوق دعم العمالة غير المنتظمة بقانون العمل الجديد    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل.. وهذه أسباب تفضيل البعض للخاصة    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    فيفي عبده تعلن وفاة الراقصة المعتزلة سهير مجدي    تنسيق دبلوم التجارة 2025.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب 3 سنوات «رابط وموعد التسجيل»    أسوان يستضيف بلدية المحلة في الجولة الأولى بدوري المحترفين    سعر السمك البلطي والكابوريا والجمبري في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    «الأستانلس أم التيفال»: هل نوع حلة الطبخ يغير طعم أكلك؟    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    أطعمة تسبب الصداع النصفي لدى النساء ونصائح للسيطرة عليه    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه    مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة    رسميا.. جامعة الأزهر 2025 تفتتح أول كلية للبنات في مطروح وتعلن عن تخصصات جديدة    طارق فهمي: الإعلان الأممي عن تفشي المجاعة في غزة يعكس حجم الكارثة الإنسانية    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    نشرة التوك شو| موجة حارة جديدة.. وشعبة السيارات تكشف سبب انخفاض الأسعار    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    رياضة ½ الليل| إيقاف تدريبات الزمالك.. كشف منشطات بالدوري.. تعديلات بالمباريات.. وتألق الفراعنة بالإمارات    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    غزل المحلة يبدأ استعداداته لمواجهة الأهلي في الدوري.. صور    أول تعليق من النني بعد فوز الجزيرة على الشارقة بالدوري الإماراتي    استقالة وزير الخارجية الهولندي بسبب موقف بلاده من إسرائيل    إسرائيل تشن هجومًا على مخازن تابعة لحزب الله في لبنان    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    ارتفاع الكندوز 39 جنيها، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    وزير الري يشارك في جلسة "القدرة على الصمود في مواجهة التغير المناخي بقطاع المياه"    في ظهوره الأول مع تشيلسي، إستيفاو ويليان يدخل التاريخ في الدوري الإنجليزي (فيديو)    اليوم، دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا    تشيلسي يقسو على وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي (فيديو)    مقتل عنصر من الأمن السورى فى هجوم انتحارى نفذه "داعش" بدير الزور    ظهور مفاجئ ل «منخفض الهند».. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: القاهرة تُسجل 40 مئوية    قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 23 أغسطس 2025    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    ثورة جديدة بتطوير المناهج «2»    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصير شمة يصوغ رؤاه الموسيقية في رسالة ماجستير
نشر في صوت البلد يوم 13 - 09 - 2017

يعد الفنان نصير شمة واحدا من أبرز عازفي العود إن لم يكن أبرزههم وأكثرهم شهرة وحضورا في الوطن العربي والعالم ليحلق في فضاءات الموسيقى بمختلف الوانها محليا وعربيا وعالميا عبر أكثر من محفل ومهرجان وملتقى.
وقدم روائع أعماله على أشهر مسارح العالم سفيرا أصيلا للموسيقى العراقية حتى بات رمزا إنسانيا عالميا يفخر به العراقيون جميعا وكان ابن العراق البار والانسانية جمعاء ومازال يدافع عن حقوقهم ويسعى لخيرهم دون تمييز.
وكانت مشاريعه الانسانية الخيرية داخل وخارج العراق خيرشاهد على هذا العطاء الانساني الخلاق الذي باهى به الجميع وحظي بإعجابهم وتقديره حتى حظي بلقب (سفير منظمة اللاعنف الدولية) وأخيرا (سفير اليونسكو للسلام) موظفا هذه الالقاب ليس لصالحه شخصيا بل لصالح العراقيين والعرب وكل بني البشر ممن يحتاجون الدعم والمساندة وهم يعيشون وسط آتون الحروب والفجائع والويلات .
الموسيقار العالمي نصير شمة في الوقت الذي يقدم فيه حفله الموسيقي الجديد وليس الاخير في ساقية الصاوي في قلب القاهرة يستعد لمناقشة رسالته الموسومة (الاسلوبية موسيقيا) لنيل شهادة الماجستير ليكرس بحثه هذا الاستثنائي والمغاير وغير التقليدي منافحا عن رؤاه وهو الموسيقي البارع الذي خاض في مختلف مجالات الموسيقى ملحنا ومؤلفا وعازفا ومدرسا ليؤكد فروسيته النادرة في البحث الموسيقي الخميس 15 سبتمبر/أيلول في المجلس الاعلى للثقافة في القاهرة أمام لجنة مناقشة تضم نخبة من أبرز أعلام النقد والموسيقي وهم الناقد الكبير الاستاذ الدكتور صلاح فضل والناقد الموسيقي الاستاذ الدكتور زين نصار والاستاذة ايناس عبدالدايم رئيس دار الاوبرا المصرية.
وسيدافع شمة عن طروحاته وآرائه القيمة التي اوردها في رسالته المهمة بدلالاتها واسنتاجاتها ونتائجها، ليعود بعدها الى بغداد الحبيبة ليحيي حفل يوم السلام العالمي في الحادي والعشرين من هذا الشهر في قاعة المسرح الوطني وللسنة السادسة على التوالي وتوقيع عقود اعمار عشرين ساحة من ساحات بغداد المهمة ضمن مشروع (ألق بغداد) بالتعاون والتمويل من لدن رابطة المصارف الخاصة العراقية وبرئاسة السيد وديع الحنظل وباشراف الامانة العامة في رئاسة الوزراء.
مع الموسيقار نصير شمة كان هذا الحوار عن أهم مجريات بحثه الموسوم "الاسلوبية موسيقيا":
قال شمة إن "البحث عن السرّ كان أول إشارة للدخول في البحث عن الأسلوبية موسيقيا، وأظن أن كل ما كتب من نقد وفكر وفلسفة كان يقف وراءه دائما فضول معرفة السرّ، الأسلوبية ليست سرّا، لكن ما يكمن فيها يمكن أن نسميه خزنة كبيرة من الأسرار".
وأشار الى أن "هذا البحث يتلخص بأنه محاولة لأجل تطبيق نظرية الأسلوبية في الأدب على الموسيقى والفنون، لأسباب كثيرة أولها وأهمها أن الفنون والموسيقى خاصة تبرز فيها الأسلوبية بطريقة أكثر تمظهرا ووضوحا من بقية الفنون، وأضيف للموسيقى الرسم، منطلقا من أن حاستي السمع والبصر ربما تكونا من أسرع الحواس عملا في جسد الإنسان".
وتناول شمة علاقة الحواس بنظرية الاسلوبية مؤكدا "قد يرى البعض أن الحواس لا علاقة لها بنظرية الأسلوبية التي هي عنوان هذا المبحث، ولكنني أؤكد أن الأسلوبية وهي نتيجة توصلت لها خلال هذا البحث هي عمل تفاعلي بين العقل والحواس، ولا يمكن أن نقف على مشارف النظرية من دون تحديد موقفنا منها".
مشيرا الى ان "هذا البحث ليس حصيلة قراءة معرفية وحسب، ولا ينفصل أبدا كموضوع علمي عن خبرتي الخاصة كمؤلف وعازف ومدرس للموسيقى، هو حصيلة تجربة كاملة أيضا لا تفصل بين ما هو عقلي وما هو روحي أو بتعبير آخر مرتبط بالشعور".
وأوضح شمة "حاولت في هذا البحث أن أتجه الى العلمية بقدر استطاعتي، ولكنني بعد فترة وجيزة من بداية عملي توصلت الى أن واحدة من الجماليات التي تكمن في النقد أن لا تكون العملية النقدية مجرد عملية حسابية خارجية، بل أن أكثر ما يجعل وجودها ملفتا هو عدم جمودها أو ارتكانها الى قواعد ثابتة الا العريض منها. أي أن القاعدة أساس أما ما حولها فيمكن أن يتحرك ويتطور".
وأضاف "كما حاولت أن أتخذ من المركزية والأطراف مجالا لحركة بحثي، وفي هذا الإطار، بحثت في المركزية التي وجدتها في الغالب أرضا مستقرة تخاف التجديد والانزياح الى حد ما، في حين أن الأطراف تأتي دائما بالانزياحات الكبيرة، وانتبهت الى أن هذا يسري لا على الموسيقى وحسب، ولا على الفنون وحدها على اختلافها إنما أيضا على السياسات. كما ينطبق تماما على الأطفال الذين يستطيعون بعفوية أن يشكلوا تيارا جديدا وأسلوبية مغايرة لأنهم ببساطة يقومون بهذا من غير انتباه كبير وبجرأة العفوية التي لا تعنى كثيرا باختلافها عن المركز. وتناولت أيضا علاقة الهوية بالأسلوبية، والتي ترتبط مباشرة بشكل أكثر وضوحا بالأطراف كونها دائما مطالبة بإثبات وجودها وانتمائها في حين أن المركزية تستلهم وجودها بقوة من ثباتها داخل هويتها وبالتالي إسلوبيتها".
وبيَن شمة أن هذا البحث "ركز أيضا على الفوارق بين الأسلوب والأسلوبية في الموسيقى، ودرس بعض النماذج وفق هذا المنظار، وفي جانب منه استعان البحث بنماذج غير موسيقية بل أنها لا تمت أحيانا الى الموسيقى بصلة، كنظرية نيوتن والجاذبية الأرضية مرتكزا على أن كل نظرية في الكون تستطيع أن تتناغم مع ما حولها لتصنع جسدا جديدا وحياة مستقلة".
وتابع "عنيت في هذا البحث أيضا في الإجابة على بعض الأسئلة التي كانت تتولد أثناء البحث، وحاولت الفصل نتيجتها على سبيل المثال بين الأسلوبية والتكرار أو الأسلوبية والنمطية، محاولا تحديد الفوارق بينها، وتناول البحث أيضا الفوارق بين الأسلوبيات الشخصية منها والمجتمعية أيضا، وعن تشكل الهوية الجمعية ومن ثم الهوية الفردية داخل الهوية الأكبر والتي تشكل البذرة الأولى لنمو الأسلوب ومنه الى الأسلوبية".
واستطرد الموسقار نصير شمة في حديثه بالاشارة الى أن بحثه "تطرق أيضا الى الأسلوبية بوصفها نتاجا اجتماعيا سياسيا وليس فنيا وحسب، وفي هذا استند البحث الى نماذج متفرقة من ثقافات مختلفة كالجاز الذي كان نتاجا محض اجتماعي أو الأغنية السياسية الساخرة منها كتيار إسلوبي أو تلك التي طبعت مراحل وطنية من حياة مجتمعات، كما تطرق أيضا الى المراحل السياسية الفاصلة بوصفها محطات شكلت في كثير من الأحيان انزياحات في تناول الهوية والانتماء، والتي تمظهرت أيضا بشكل إسلوبي، كمافي تيار ما بعد الاستعمار على سبيل المثال لا الحصر".
وأكد شمة أن البحث "تطرق أيضا الى بعض النماذج الفنية التي صنعت إسلوبية شكلت تيارا كبيرا، كالرحبانية وفيروز الذين قاموا بتأسيس تيار كامل في الموسيقى جرف الكثيرين الى بريق دائرته ولكنه ظل يقف متميزا وبهوية إسلوبية لم يستطع حتى أكثر مقلديها جدارة أن يتمايز داخلها بصنع أسلوبيته الخاصة".
ولأن هذا البحث ارتكز في جانب كبير منه على النظريات التي وضعها مفكرون ونقاد وفلاسفة بناء على أرضيات محض لغوية كلامية، فقد "حاولت مرارا وفي أكثر من موضع" في بحثه "إيجاد الأواصر المشتركة بين اللغة التي تنبني من كلام واللغة التي تنبني من نغم منطلقا من فكرة أن اللغة بغض النظر عن تشكيلها تستطيع أن تجد الطرق التي تتلاقى بها".
ويشير الى الى أن البحث ركز أيضا "على اسلوبية الفرد داخل المجموعة، واتخذ من فرق الأوركسترا مثالا على ذلك، وعلى تمايز عازف معين داخل اوركسترا كبيرة تجعل إسلوبيته تبرز بشكل واضح مع أنه يؤدي النوتة المكتوبة أمامه التي يؤديها مختلف أعضاء الأوركسترا في اللحظة نفسها".
كما انتبه الباحث نصير شمة "الى العلاقة بين الفكر والفلسفة والثقافة بشكل عام وبين الإسلوبية عند الفرد ومدى تناغم هذه المفاهيم مع بعضها بحيث تؤلف تيارا اسلوبيا ينبني على ركيزة غنية من المعرفة، وميّز بين الإسلوبية التي ترتكز على العفوية وبين تلك التي تكون حصيلة واعية لتراكم معرفي".
أخيرا فإننا نتمنى ونتوقع، كما هو حال كل المعنيين بالموسيقى والبحث الموسيقي لموسيقارنا البارع نصير شمة نيل شهادة الماجستير بدرجة الامتياز مع مرتبة الشرف لانه يستحقها عن جدارة واستحقاق أظهرها بحثه الرصين والمهم الذي ربما يعد الاول من نوعه على صعيد البحث الموسيقي وشموليته الفكرية والابداعية والثقافية الواضحة شكلا ومضمونا.
يعد الفنان نصير شمة واحدا من أبرز عازفي العود إن لم يكن أبرزههم وأكثرهم شهرة وحضورا في الوطن العربي والعالم ليحلق في فضاءات الموسيقى بمختلف الوانها محليا وعربيا وعالميا عبر أكثر من محفل ومهرجان وملتقى.
وقدم روائع أعماله على أشهر مسارح العالم سفيرا أصيلا للموسيقى العراقية حتى بات رمزا إنسانيا عالميا يفخر به العراقيون جميعا وكان ابن العراق البار والانسانية جمعاء ومازال يدافع عن حقوقهم ويسعى لخيرهم دون تمييز.
وكانت مشاريعه الانسانية الخيرية داخل وخارج العراق خيرشاهد على هذا العطاء الانساني الخلاق الذي باهى به الجميع وحظي بإعجابهم وتقديره حتى حظي بلقب (سفير منظمة اللاعنف الدولية) وأخيرا (سفير اليونسكو للسلام) موظفا هذه الالقاب ليس لصالحه شخصيا بل لصالح العراقيين والعرب وكل بني البشر ممن يحتاجون الدعم والمساندة وهم يعيشون وسط آتون الحروب والفجائع والويلات .
الموسيقار العالمي نصير شمة في الوقت الذي يقدم فيه حفله الموسيقي الجديد وليس الاخير في ساقية الصاوي في قلب القاهرة يستعد لمناقشة رسالته الموسومة (الاسلوبية موسيقيا) لنيل شهادة الماجستير ليكرس بحثه هذا الاستثنائي والمغاير وغير التقليدي منافحا عن رؤاه وهو الموسيقي البارع الذي خاض في مختلف مجالات الموسيقى ملحنا ومؤلفا وعازفا ومدرسا ليؤكد فروسيته النادرة في البحث الموسيقي الخميس 15 سبتمبر/أيلول في المجلس الاعلى للثقافة في القاهرة أمام لجنة مناقشة تضم نخبة من أبرز أعلام النقد والموسيقي وهم الناقد الكبير الاستاذ الدكتور صلاح فضل والناقد الموسيقي الاستاذ الدكتور زين نصار والاستاذة ايناس عبدالدايم رئيس دار الاوبرا المصرية.
وسيدافع شمة عن طروحاته وآرائه القيمة التي اوردها في رسالته المهمة بدلالاتها واسنتاجاتها ونتائجها، ليعود بعدها الى بغداد الحبيبة ليحيي حفل يوم السلام العالمي في الحادي والعشرين من هذا الشهر في قاعة المسرح الوطني وللسنة السادسة على التوالي وتوقيع عقود اعمار عشرين ساحة من ساحات بغداد المهمة ضمن مشروع (ألق بغداد) بالتعاون والتمويل من لدن رابطة المصارف الخاصة العراقية وبرئاسة السيد وديع الحنظل وباشراف الامانة العامة في رئاسة الوزراء.
مع الموسيقار نصير شمة كان هذا الحوار عن أهم مجريات بحثه الموسوم "الاسلوبية موسيقيا":
قال شمة إن "البحث عن السرّ كان أول إشارة للدخول في البحث عن الأسلوبية موسيقيا، وأظن أن كل ما كتب من نقد وفكر وفلسفة كان يقف وراءه دائما فضول معرفة السرّ، الأسلوبية ليست سرّا، لكن ما يكمن فيها يمكن أن نسميه خزنة كبيرة من الأسرار".
وأشار الى أن "هذا البحث يتلخص بأنه محاولة لأجل تطبيق نظرية الأسلوبية في الأدب على الموسيقى والفنون، لأسباب كثيرة أولها وأهمها أن الفنون والموسيقى خاصة تبرز فيها الأسلوبية بطريقة أكثر تمظهرا ووضوحا من بقية الفنون، وأضيف للموسيقى الرسم، منطلقا من أن حاستي السمع والبصر ربما تكونا من أسرع الحواس عملا في جسد الإنسان".
وتناول شمة علاقة الحواس بنظرية الاسلوبية مؤكدا "قد يرى البعض أن الحواس لا علاقة لها بنظرية الأسلوبية التي هي عنوان هذا المبحث، ولكنني أؤكد أن الأسلوبية وهي نتيجة توصلت لها خلال هذا البحث هي عمل تفاعلي بين العقل والحواس، ولا يمكن أن نقف على مشارف النظرية من دون تحديد موقفنا منها".
مشيرا الى ان "هذا البحث ليس حصيلة قراءة معرفية وحسب، ولا ينفصل أبدا كموضوع علمي عن خبرتي الخاصة كمؤلف وعازف ومدرس للموسيقى، هو حصيلة تجربة كاملة أيضا لا تفصل بين ما هو عقلي وما هو روحي أو بتعبير آخر مرتبط بالشعور".
وأوضح شمة "حاولت في هذا البحث أن أتجه الى العلمية بقدر استطاعتي، ولكنني بعد فترة وجيزة من بداية عملي توصلت الى أن واحدة من الجماليات التي تكمن في النقد أن لا تكون العملية النقدية مجرد عملية حسابية خارجية، بل أن أكثر ما يجعل وجودها ملفتا هو عدم جمودها أو ارتكانها الى قواعد ثابتة الا العريض منها. أي أن القاعدة أساس أما ما حولها فيمكن أن يتحرك ويتطور".
وأضاف "كما حاولت أن أتخذ من المركزية والأطراف مجالا لحركة بحثي، وفي هذا الإطار، بحثت في المركزية التي وجدتها في الغالب أرضا مستقرة تخاف التجديد والانزياح الى حد ما، في حين أن الأطراف تأتي دائما بالانزياحات الكبيرة، وانتبهت الى أن هذا يسري لا على الموسيقى وحسب، ولا على الفنون وحدها على اختلافها إنما أيضا على السياسات. كما ينطبق تماما على الأطفال الذين يستطيعون بعفوية أن يشكلوا تيارا جديدا وأسلوبية مغايرة لأنهم ببساطة يقومون بهذا من غير انتباه كبير وبجرأة العفوية التي لا تعنى كثيرا باختلافها عن المركز. وتناولت أيضا علاقة الهوية بالأسلوبية، والتي ترتبط مباشرة بشكل أكثر وضوحا بالأطراف كونها دائما مطالبة بإثبات وجودها وانتمائها في حين أن المركزية تستلهم وجودها بقوة من ثباتها داخل هويتها وبالتالي إسلوبيتها".
وبيَن شمة أن هذا البحث "ركز أيضا على الفوارق بين الأسلوب والأسلوبية في الموسيقى، ودرس بعض النماذج وفق هذا المنظار، وفي جانب منه استعان البحث بنماذج غير موسيقية بل أنها لا تمت أحيانا الى الموسيقى بصلة، كنظرية نيوتن والجاذبية الأرضية مرتكزا على أن كل نظرية في الكون تستطيع أن تتناغم مع ما حولها لتصنع جسدا جديدا وحياة مستقلة".
وتابع "عنيت في هذا البحث أيضا في الإجابة على بعض الأسئلة التي كانت تتولد أثناء البحث، وحاولت الفصل نتيجتها على سبيل المثال بين الأسلوبية والتكرار أو الأسلوبية والنمطية، محاولا تحديد الفوارق بينها، وتناول البحث أيضا الفوارق بين الأسلوبيات الشخصية منها والمجتمعية أيضا، وعن تشكل الهوية الجمعية ومن ثم الهوية الفردية داخل الهوية الأكبر والتي تشكل البذرة الأولى لنمو الأسلوب ومنه الى الأسلوبية".
واستطرد الموسقار نصير شمة في حديثه بالاشارة الى أن بحثه "تطرق أيضا الى الأسلوبية بوصفها نتاجا اجتماعيا سياسيا وليس فنيا وحسب، وفي هذا استند البحث الى نماذج متفرقة من ثقافات مختلفة كالجاز الذي كان نتاجا محض اجتماعي أو الأغنية السياسية الساخرة منها كتيار إسلوبي أو تلك التي طبعت مراحل وطنية من حياة مجتمعات، كما تطرق أيضا الى المراحل السياسية الفاصلة بوصفها محطات شكلت في كثير من الأحيان انزياحات في تناول الهوية والانتماء، والتي تمظهرت أيضا بشكل إسلوبي، كمافي تيار ما بعد الاستعمار على سبيل المثال لا الحصر".
وأكد شمة أن البحث "تطرق أيضا الى بعض النماذج الفنية التي صنعت إسلوبية شكلت تيارا كبيرا، كالرحبانية وفيروز الذين قاموا بتأسيس تيار كامل في الموسيقى جرف الكثيرين الى بريق دائرته ولكنه ظل يقف متميزا وبهوية إسلوبية لم يستطع حتى أكثر مقلديها جدارة أن يتمايز داخلها بصنع أسلوبيته الخاصة".
ولأن هذا البحث ارتكز في جانب كبير منه على النظريات التي وضعها مفكرون ونقاد وفلاسفة بناء على أرضيات محض لغوية كلامية، فقد "حاولت مرارا وفي أكثر من موضع" في بحثه "إيجاد الأواصر المشتركة بين اللغة التي تنبني من كلام واللغة التي تنبني من نغم منطلقا من فكرة أن اللغة بغض النظر عن تشكيلها تستطيع أن تجد الطرق التي تتلاقى بها".
ويشير الى الى أن البحث ركز أيضا "على اسلوبية الفرد داخل المجموعة، واتخذ من فرق الأوركسترا مثالا على ذلك، وعلى تمايز عازف معين داخل اوركسترا كبيرة تجعل إسلوبيته تبرز بشكل واضح مع أنه يؤدي النوتة المكتوبة أمامه التي يؤديها مختلف أعضاء الأوركسترا في اللحظة نفسها".
كما انتبه الباحث نصير شمة "الى العلاقة بين الفكر والفلسفة والثقافة بشكل عام وبين الإسلوبية عند الفرد ومدى تناغم هذه المفاهيم مع بعضها بحيث تؤلف تيارا اسلوبيا ينبني على ركيزة غنية من المعرفة، وميّز بين الإسلوبية التي ترتكز على العفوية وبين تلك التي تكون حصيلة واعية لتراكم معرفي".
أخيرا فإننا نتمنى ونتوقع، كما هو حال كل المعنيين بالموسيقى والبحث الموسيقي لموسيقارنا البارع نصير شمة نيل شهادة الماجستير بدرجة الامتياز مع مرتبة الشرف لانه يستحقها عن جدارة واستحقاق أظهرها بحثه الرصين والمهم الذي ربما يعد الاول من نوعه على صعيد البحث الموسيقي وشموليته الفكرية والابداعية والثقافية الواضحة شكلا ومضمونا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.