حجز محاكمة هدير عبدالرازق وطليقها أوتاكا بتهمة بث فيديوهات خادشة ل26 يناير للحكم    ماذا بعد انضمام أوكرانيا لتدريبات الدفاع الجماعي في الناتو؟    رئيس جامعة المنوفية يتفقد امتحانات كلية الحاسبات والمعلومات    محافظ مطروح يهنئ الرئيس السيسى بحلول العام الميلادى الجديد    «إكسترا نيوز»: الشركات القومية أساس نجاح سوق اليوم الواحد وخفض الأسعار    مصر تفوز بعضوية مجلس المنظمة البحرية الدولية 2026/2027    "الوزير" يلتقي وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والزراعة والمياه والصيد البحري والتربية الحيوانية والتجارة والسياحة في جيبوتي    مدبولي يُتابع إجراءات رفع كفاءة أداء الهيئات الاقتصادية    الاحتلال ينفذ عمليات نسف للمباني شرق خان يونس ورفح جنوبي قطاع غزة    زيلينسكي: خطة السلام تضع تصورًا لضمانات أمنية أمريكية لمدة 15 عامًا    مظاهرة حاشدة في مقديشيو تنديدا باعتراف الاحتلال الإسرائيلي بأرض الصومال    صحة غزة: وفاة رضيع نتيجة البرد الشديد ليرتفع عدد شهداء المنخفض الجوي ل3    أمم أفريقيا 2025.. ترتيب مجموعة مصر قبل الجولة الأخيرة لدور المجموعات    ذا بيست - دبي تستضيف حفل جوائز الأفضل في 2026    أحمد سليمان يرد على عبد الرؤوف: لماذا لم تتحدث عن الجفالي ومعالي مثل بنتايك    جيلبرتو يشيد بحسام حسن وصلاح قبل مواجهة أنجولا    طاهر أبوزيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    وزير الخارجية يهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة العام الميلادي الجديد    غدا.. إجراء امتحان عملي في البرمجة والذكاء الاصطناعي لطلاب أولى ثانوي    إحالة ربة منزل للمفتي بعد قتلها زوجها وابن شقيقه في كفر شكر    إنتصار بين التشويق والكوميديا والدراما الشعبية في موسم رمضان 2026    إطلاق وتنفيذ أكثر من 20 مبادرة ثقافية ومجتمعية لدعم القراءة وبناء الوعي    "دورة محمد جبريل".. الثقافة تكشف تفاصيل مؤتمر أدباء مصر في العريش    15 نصًا في القائمة الطويلة لمسابقة التأليف بمهرجان مسرح الجنوب    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في أفريقيا (صور)    عراقيل إسرائيل أمام الانتقال للمرحلة الثانية    محافظ الإسكندرية يوجه برفع درجة الاستعدادات للتعامل مع موجة الطقس غير المستقر    انتشال جثتين من ضحايا حادث غرق 3 أشخاص بترعة المريوطية فى البدرشين    التحقيقات تكشف مفاجآت في واقعة الهروب الجماعي من مصحة الجيزة    ضبط متهم بالتحرش بالطالبات بعد تداول منشور على مواقع التواصل    ضبط 7 رجال و4 سيدات لاستغلالهم 19 طفلا في التسول بالقاهرة    وزارة التضامن الاجتماعى تقر تعديل قيد جمعيتين في محافظتي القليوبية وكفر الشيخ    وزير العمل يفتتح المقر الجديد للنقابة العامة للعاملين بالنقل البري    قرار وزاري لتنظيم ترخيص عمل الأجانب في مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    محافظ قنا ينعى المستشارة سهام صبري رئيس لجنة انتخابية توفيت في حادث سير    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    مديرية الصحة فى كفر الشيخ تُصدر نشرة توعية بطرق الوقاية من الأنفلونزا    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    من المسرح القومي.. خالد محروس يعيد حكاية صلاح جاهين للأجيال الجديدة    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    كمبوديا تؤكد التزامها بالسلام بعد وقف إطلاق النار مع تايلاند    مناورات صينية واسعة تطوّق تايوان    وزير التموين ومحافظ الجيزة يفتتحان سوق اليوم الواحد فى شارع فيصل.. صور    أشرف صبحي يناقش ربط الاتحادات إلكترونيا وتعزيز الحوكمة الرياضية    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    طبيب روسي يحذر: انخفاض ضغط الدم خطر بعد التعافي من الإنفلونزا    متحدث الوزراء: الحكومة تحاول تقديم أفضل الخدمات لمحدودي ومتوسطي الدخل وفق الموارد المتاحة    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    وائل جسار وهاني شاكر يشعلان أبوظبي بليلة طربية نادرة في يناير    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    لا رب لهذه الأسرة    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل «المعلم الكبير» عبد الكريم غلاب
نشر في صوت البلد يوم 17 - 08 - 2017

ورقة أخرى من شجرة الإبداع المغربي تسقط من جديد، يتعلق الأمر بالكاتب والروائي والصحافي والمؤرخ والسياسي عبد الكريم غلاب، الذي توفي أمس (الاثنين) عن 98 عاما مخلفا وراءه إنتاجا أدبيا وفكريا غزيرا.
يعدّ الراحل من مؤسسي اتحاد كتاب المغرب، كما كان مديرا لصحيفة «العَلم» الناطقة باسم حزب الاستقلال، وعضوا في مجلس رئاسة هذا الحزب، وعضوا في أكاديمية المملكة المغربية التي منحته مطلع السنة الجارية جائزتها التكريمية تتويجا لمسيرة حافلة بالعطاء في الأدب والثقافة والسياسة والعمل النضالي. وخلال حفل التكريم، اعتبر محمد الكتاني أن في حياة غلاب مسلسل تفاعل إيجابي، بين الذات والموضوع، بين فكره وتطور واقع مجتمعه وبلاده، حتى أن إنتاجه الأدبي والنظري يعد صورة معبرة بأمانة عن منعطفات التاريخ الوطنية قبل الاستقلال وما بعده، في صيرورة بناء الدولة الحديثة. واستعاد الكتاني، مثلما أوردت إحدى الصحف، أهم محطات حياة المحتفى به الذي قاده حب المغامرة والاكتشاف والتعلم من جامعة القرويين إلى القاهرة، حيث كان من مؤسسي مكتب المغرب العربي عام 1947، معتبرا إياه واحدا من رموز النخبة المغربية التي ناضلت مبكرا من أجل استرجاع مقومات الهوية الوطنية، ومكافحة الاستلاب الاستعماري، مع الانفتاح على الحداثة وقيم التقدم. وأضاف أن غلاب، بمذهبه الفكري القائم على رؤية تركيبية للواقع ووعي بالزمن المتطور، ظل مشدودا إلى تحقيق تطلعات مجتمعه، والعمل على إعادة بناء الشخصية المغربية على أساس الديمقراطية ومعادلة الهوية والحداثة.
ونعى عادل بنحمزة، الناطق الرسمي باسم «حزب الاستقلال» القيادي عبد الكريم غلاب بكلمات جاء فيها: الرائعون يرحلون تباعا.. غادرنا إلى دار البقاء صاحب «مع الشعب» الأستاذ الجليل والصحافي اللامع والكاتب والروائي والمؤرخ عضو مجلس الرئاسة في حزب الاستقلال عبد الكريم غلاب صاحب روائع «المعلم علي» و»دفنا الماضي». وترك رحيل غلاب أسى عميقا في نفوس العديد من المثقفين والإعلاميين المغاربة، الذين كتب بعضهم تدوينات استحضروا فيها جوانب من مناقب الراحل وعطاءاته، وهكذا كتب الباحث محمد بنلحسن: «فطحل آخر من فطاحل الأدب والثقافة والسياسة في المغرب يغادرنا إلى دار البقاء، رئيس تحرير جريدة العلم؛ صاحب رواية دفنا الماضي… يأبى إلا ان يلتحق برفيقه في النضال الزعيم الاستقلالي امحمد بوستة». وكتب الناقد محمد أقضاض: «بعميق الحزن والاسى نودع آخر العمالقة في مجالات متعددة: الفكر، الإبداع الأدبي – رواية، تشريع، تاريخ، سياسة وصحافة، عزاؤنا فيه واحد.
صحافيون يستحضرون علاقتهم بالراحل
واعتبر الصحافي أنس مزور الأديب الراحل «أول شخصية من الوجاهة والرمزية الوطنية ممن تشرفت بمحاورتهم، وأنا أعمل بأسبوعية الصحيفة.. وأتذكر كيف أثنى عليّ وزادني ثقة في نفسي، لأشق وأواصل مساري المهني بتلمس المهنية واحترام أخلاق الاشتغال بأخبار الشأن العام والفكر». وفي السياق نفسه، أكد الإعلامي توفيق جزوليت أن الفقيد يعتبر من أبرز الإعلاميين في المغرب، إذ اشتهر بعموده اليومي «مع الشعب» ومقاله الافتتاحي اليومي الذي كان يعكس مواقف حزب الاستقلال المعارض، إضافة إلى «حديث الأربعاء» في الصفحة الأخيرة من «العلم». تمت محاكمته خلال سنوات الرصاص، وكان بحق مناضلا صلبا، ألف كتبا عدة في الأدب والقانون الدستوري والسياسة. وكشف جزوليت أنه قابل الراحل في مناسبات عدة وحاوره بخصوص الأوضاع السياسية في المغرب، إذ كان يتابع وينقل معاناة المغاربة من خلال كتاباته النارية على صفحات جريدة العلم.»
واستحضر الصحافي والشاعر حكيم عنكر «ذكرى طيبة» مع الراحل غلاب، إذ خصّه سنة 1995 بعموده «مع الشعب» عندما كنت معتقلا. كما استحضر الصحافي حسن الهيثمي علاقته بجريدة «العلم» التي كان يديرها عبد الكريم غلاب قائلا: «العلم» كانت أول جريدة اقتنيتها بدرهم واحد من مكتبة الحي؛ وقرأت أغلب صفحاتها.. وتجري الأيام لتكون أول جريدة تحتضن كتاباتي الأولى في صفحات الشباب؛ إلى جانب صفحة على الطريق في الاتحاد الاشتراكي؛ والميثاق الوطني.. ثم تتطور علاقتي بجريدة «العلم» لأشتغل متعاونا صحافيا أجري حوارات وأكتب عن بعض العروض المسرحية والأفلام السينمائية بتشجيع من عبد الجبار السحيمي رحمه الله؛ الذي التقيته في المسرح الوطني محمد الخامس عقب عرض بعنوان «ياك غير أنا» للفنانة ثريا جبران، ليحثني على الكتابة عن هذا العرض الذي حضره أعضاء من حكومة اليوسفي؛ وفي صباح اليوم الموالي كانت المادة جاهزة طبعا لم تكن كتابة نقدية بقدر ما كانت مجرد انطباعات شخصية بخصوص عرض مسرحي تتحدث فيه سيدة عن وفاة غامضة لزوجها الذي يشتغل في حديقة الحيوانات. بعد ذلك سألتقي بزملاء آخرين منهم الصديق بوعلام وعمر الدركولي ونادية بنسلام وجمال الموساوي وعبد الله الشرقاوي ومحمد بشكار ونجيب خداري وسمير زرادي ومحمد علي الحنشي وغيرهم. كان عبد الكريم غلاب، رحمه الله، مدير نشر الجريدة؛ لا يقترب أحد من مكتبه ولا يظهر إلا عندما يكون في طريقه إلى مكتبه أو عند خروجه منه رفقة سائقه الذي يفتح مظلة صغيرة يرافقه بها إلى أن يصل إلى السيارة قبل أن ينطلق به إلى بيته، حيث كان يفرض عبد الكريم غلاب على نفسه برنامجا «عسكريا» في المطالعة والكتابة؛ ومن شدة شغفه بالمطالعة، وعندما داهمته «الشيخوخة الظالمة» كلف أحد الأصدقاء بتخصيص حصة يقرأ له فيها الصحف والكتب.
أن تشتغل في جريدة رغم أنها لسان حزب الاستقلال، إلا أن مدير نشرها عبد الكريم غلاب ورئيس تحريرها عبد الجبار السحيمي، رحمهما الله، ومعظم الصحافيين يشتغلون بعيدا عن الحزبية الضيقة؛ بل إن كثيرا منهم غير منتمين لحزب الاستقلال.
كانت جريدة تضم أدباء وشعراء؛ وتتم فيها العناية باللغة العربية بشكل كبير من خلال قسم للمراجعة اللغوية وكم كنت أحضر بعض النقاشات في النحو بين الفقيد ميمون الأزماني رحمه الله، بلكنته الشمالية مع بعض الصحافيين، وهو يراجع مادته الصحافية؛ وكان يظهر ذلك في ملحق الفكر الإسلامي، الذي كان يشرف عليه قبل تسليم مشعله لناسك في محراب العلم اسمه الصديق بوعلام.
يقولون الصحافة ابنة الأدب؛ ولقد تجسدت هذه المقولة في علاقة عبد الكريم غلاب وجريدة «العلم» التي قدم استقالته منها بسبب خلافه مع قيادة الحزب لنشر مادة «سياسية» بدون إخباره.. بل كاد أن يستقيل من الحزب، لولا تدخل الراحل امحمد بوستة، الذي زاره في بيته وقال له أنت هو الحزب فكيف تستقيل من نفسك؟ وضحك العجوزان رحمهما الله؛ وشرعا في رواية بعض الأحداث على سبيل النوستالجيا. ومما جاء في شهادة للصحافي والأديب لحسن العسبي: «عبد الكريم غلاب، ليس مجرد اسم، بل، هو معنى لمرحلة. وأنه واحد من الأسماء المغربية، الذي تجمعت عنده خلجان عناوين مغربية عدة ومتراكبة. فهو ينتمي للجيل المديني، الذي فتح عينيه على معنى لمغرب ناهض، بعد صدمة الاستعمار، انتصر لخيار تحرري وطني، من موقع الانتماء القومي العروبي للمغرب. فشكلت الهوية المغربية، كسقف عال، معنى كيونيا لديه، تلك التي تراكمت عبر القرون، والتي ظلت تحتاج لمن يوقظها من النوم في جغرافيات النسيان. فكان أن حاول مصالحة الذات المغربية مع حقيقتها التاريخية تلك. لهذا السبب، ليس مستغربا، أن تتجمع في الرجل المسؤولية السياسية وحرفة الكتابة والأدب وامتهان الصحافة. لأن الرجل، شكل عنوانا لمحاولة جيل مغربي كامل، ربح أسباب التخلف، من خلال توسيع هوامش المعنى السلوكي المديني المؤسساتي الحداثي، بدون التفريط في عناوين الخصوصية المغربية، المشكلة لأسس هويتنا».
وكتب عبد الصمد بن شريف: الكاتب والروائي والكاتب القصصي والصحافي عبد الكريم غلاب الذي اشتهر برواية «المعلم علي» و»نظرية التعادلية»، يغادر هذا العالم بعد مشوار حافل بالعطاء والإبداع. وظل حريصا على متابعة الشأن الوطني حتى لما تقدم به العمر. أدار جريدة «العلم» بكل اقتدار ومهنية. ومهما اختلفنا معه، شكل عموده اليومي «دائما مع الشعب» الى جانب الركن الأسبوعي «حديث الأربعاء» مساحة لتسجيل المواقف وبسط العديد من الأفكار وطرح القضايا الأساسية بلغة سلسة وأسلوب متماسك. قابلته أكثر من مرة، خاصة عندما أنجزت حلقتين من البرنامج الوثائقي «وجوه سياسية مغربية» عن الراحلين الدبلوماسي والسياسي أحمد بلافريج والزعيم عبد الخالق الطريس.
إبداعات ذات أثر
ومن جهة أخرى، أبرز مثقفون مغاربة مدى تأثير كتابات عبد الكلام غلاب فيهم، وهكذا كتب الباحث محمد العدوني: «المعلم علي» أول ما قرأت من الرواية المغربية في بداية الثمانينيات، وأنا تلميذ في السنة الثانية أو الثالثة إعدادي حينها. قبل عام وأنا مع صديقي – واسمه علي – عند أحد الكتبيين وجدت الرواية وأخذتها وكانت من ضمن بعض الكتب التي أرسلتها لجمعية كانت تشرف على تجهيز مكتبة في إحدى الإعداديات في العالم القروي في مدينة الأم تازة. سأعود في ما بعد لقراءة «دفنا الماضي»، ولأسباب أجهلها سيظل اسم الأستاذ المجاهد عبد الكريم غلاب مرتبطا بالمعلم علي أكثر من أي شيء آخر. اليوم نودع هذا الهرم، لكن الأكيد أن عبد الكريم غلاب لن يكون يوما ضمن الماضي الذي ندفنه، فهو سيظل حيا بإنجازاته وأعماله وبرمزيته التي يصعب أن نجد لها بديلا.
وجاء في تدوينة الناشر عبد الهادي بنيسف: «علمت من هذا الفضاء (فيسبوك) أن الأستاذ الأديب عبد الكريم غلاب غادرنا لدار البقاء. رجل عاش من أجل الوطن ومن أجل إعلاء راية الثقافة المغربية وراية الوطن. كنت أقرأ له باستمرار وخصوصا عموده «مع الشعب» وعمود آخر كان بعنوان «حديث الأربعاء».
وكتب الأديب سامي علي: رحم الله صاحب «دفنا الماضي» و»لم ندفن الماضي». رحم الله عبد الكريم غلاب الذي بشرت أعماله الروائية بمجتمع مغربي آخر ممكن، تسوده قيم جديدة، تنبذ الفوارق الطبقية، وتدعو إلى العدل والحب والمساواة. مغرب يتخلص من ربقة الأعراف البالية، مغرب النخاسة التي سادت الزمن الواقعي للمغرب قبيل الاستقلال وبعده، على لسان «عبد الرحمن» الناطق الرسمي برؤية «دفنا الماضي».. مات عبد الكريم وفي رصيده الروائي شيء من شمس الحرية والاستقلال والكرامة.
وكتب الباحث العدراوي المفضل: واحد من رجالاتنا الذين علمونا التنشئة على الوطنية وحب الوطن… اسمه مرتبط بالشوامخ من بناة كرامة هذا الوطن واستقلاله… عندما تتذكره لا بد ان يرتبط اسمه في ذهنك بالزعماء يوم كان لهذا الوطن زعماؤه، وبالساسة يوم كان لنا ساسة، وبالاسماء الفاعلة في الثقافة والصحافة ونشاطات المجتمع المدني. كيف انسى عموده اليومي في جريدة كانت من خيرة الصحف في المغرب العربي، يوم كان لنا حزب عتيد وكان لهذا الحزب لسان يعبر عن مواقف سجلت على صفحات التاريخ بمداد العز والفخر.
وغمرت مشاعر الأسى أيضا تدوينة المختار باقا الذي وصف الراحل بالمناضل الصنديد، الذي واجه الاستعمار الفرنسي في الميدان وبالقلم، وخبر دهاليزه وسجونه، ورافق الزعيم الراحل علال الفاسي في مجموعة كثيرة من المواقف الوطنية، وعمل إلى جانبه في مكتب المغرب العربي في مصر، وساهم بشكل كبير في إنزال البطل عبد الكريم الخطابي من الباخرة إلى الأراضي المصرية. وقد ظل الفقيد رحمه الله، إلى جانب الجماهير الشعبية مدافعا عن قضاياها وآمالها وآلامها، من خلال مؤلفاته الفكرية والتاريخية والقانونية والدستورية، ومن خلال إبداعاته القصصية والروائية، ومن خلال جريدة العلم»، التي ظل مديرها لمدة تناهز نصف قرن، خاصة من خلال عموده الشهير «مع الشعب»، اقتداء بالعمود الشهير أيضا لزعيم التحرير الراحل علال الفاسي «دائما مع الشعب».
مسار حافل
ولد عبد الكريم غلاب في مدينة فاس في المغرب سنة 1919. دخل في طفولته مدرسة الكتاب لحفظ القرآن ثم مدرسة سيدي بناني في فاس، وانتقل بعد ذلك إلى جامعة القرويين في فاس أيضا، حيث أكمل علومه المتوسطة والثانوية. التحق بكلية الآداب في جامعة القاهرة في مصر ونال إجازة جامعية في الآداب. وعمل في مطلع حياته في المدارس المصرية والمغربية، ثم عمل في الصحافة الأدبية. عيّن في وزارة الخارجية المغربية في أواسط القرن الماضي، وأصبح وزيراً في الحكومة المغربية عام 1981. كان قياديا بارزا وحكيما في حزب الاستقلال. شغل مراكز مهمة في اتحاد الصحافيين العرب ورئيس اتحاد كتاب المغرب وأصبح عضواً في أكاديمية المملكة المغربية والمؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسة (بيت الحكمة).
وكان الراحل قد فاز بجائزة المغرب للكتاب في الآداب ثلاث مرات عن رواياته، «دفنا الماضي» سنة 1968 و»المعلم علي» سنة 1974 و»شروخ في المرايا» سنة 1994.
من مؤلفات عبد الكريم غلاب صاحب نظرية «التعادلية «
- سبعة أبواب (1965)
– دفنا الماضي (1966) : حازت جائزة الكتاب للمغرب سنة 1968 (ترجمت إلى الفرنسية)
– المعلم علي (1971) : حازت جائزة الكتاب للمغرب سنة 1974 ( من بين أفضل 105 رواية عربية)
– صباح ويزحف الليل (1984)
- وعاد الزورق إلى النبع (1989)
– شروخ في المرايا (1994) حازت جائزة الكتاب للمغرب سنة 1994
– سفر التكوين (1996) : (رواية سيرة ذاتية)، ترجمت إلى الكتلانية ثم إلى الإسبانية
– الشيخوخة الظالمة (1999)
القاهرة تبوح بأسرارها (2000) (رواية سيرة ذاتية)
– ما بعد الخلية: دار نشر المعرفة، الرباط (2003)
- لم ندفن الماضي: دار نشر المعرفة، الرباط (2006)
- شرقية في باريس: دار مرسم، الرباط (2006)
- الأرض ذهب : دار نشر المعرفة، الرباط ( 2009)
ورقة أخرى من شجرة الإبداع المغربي تسقط من جديد، يتعلق الأمر بالكاتب والروائي والصحافي والمؤرخ والسياسي عبد الكريم غلاب، الذي توفي أمس (الاثنين) عن 98 عاما مخلفا وراءه إنتاجا أدبيا وفكريا غزيرا.
يعدّ الراحل من مؤسسي اتحاد كتاب المغرب، كما كان مديرا لصحيفة «العَلم» الناطقة باسم حزب الاستقلال، وعضوا في مجلس رئاسة هذا الحزب، وعضوا في أكاديمية المملكة المغربية التي منحته مطلع السنة الجارية جائزتها التكريمية تتويجا لمسيرة حافلة بالعطاء في الأدب والثقافة والسياسة والعمل النضالي. وخلال حفل التكريم، اعتبر محمد الكتاني أن في حياة غلاب مسلسل تفاعل إيجابي، بين الذات والموضوع، بين فكره وتطور واقع مجتمعه وبلاده، حتى أن إنتاجه الأدبي والنظري يعد صورة معبرة بأمانة عن منعطفات التاريخ الوطنية قبل الاستقلال وما بعده، في صيرورة بناء الدولة الحديثة. واستعاد الكتاني، مثلما أوردت إحدى الصحف، أهم محطات حياة المحتفى به الذي قاده حب المغامرة والاكتشاف والتعلم من جامعة القرويين إلى القاهرة، حيث كان من مؤسسي مكتب المغرب العربي عام 1947، معتبرا إياه واحدا من رموز النخبة المغربية التي ناضلت مبكرا من أجل استرجاع مقومات الهوية الوطنية، ومكافحة الاستلاب الاستعماري، مع الانفتاح على الحداثة وقيم التقدم. وأضاف أن غلاب، بمذهبه الفكري القائم على رؤية تركيبية للواقع ووعي بالزمن المتطور، ظل مشدودا إلى تحقيق تطلعات مجتمعه، والعمل على إعادة بناء الشخصية المغربية على أساس الديمقراطية ومعادلة الهوية والحداثة.
ونعى عادل بنحمزة، الناطق الرسمي باسم «حزب الاستقلال» القيادي عبد الكريم غلاب بكلمات جاء فيها: الرائعون يرحلون تباعا.. غادرنا إلى دار البقاء صاحب «مع الشعب» الأستاذ الجليل والصحافي اللامع والكاتب والروائي والمؤرخ عضو مجلس الرئاسة في حزب الاستقلال عبد الكريم غلاب صاحب روائع «المعلم علي» و»دفنا الماضي». وترك رحيل غلاب أسى عميقا في نفوس العديد من المثقفين والإعلاميين المغاربة، الذين كتب بعضهم تدوينات استحضروا فيها جوانب من مناقب الراحل وعطاءاته، وهكذا كتب الباحث محمد بنلحسن: «فطحل آخر من فطاحل الأدب والثقافة والسياسة في المغرب يغادرنا إلى دار البقاء، رئيس تحرير جريدة العلم؛ صاحب رواية دفنا الماضي… يأبى إلا ان يلتحق برفيقه في النضال الزعيم الاستقلالي امحمد بوستة». وكتب الناقد محمد أقضاض: «بعميق الحزن والاسى نودع آخر العمالقة في مجالات متعددة: الفكر، الإبداع الأدبي – رواية، تشريع، تاريخ، سياسة وصحافة، عزاؤنا فيه واحد.
صحافيون يستحضرون علاقتهم بالراحل
واعتبر الصحافي أنس مزور الأديب الراحل «أول شخصية من الوجاهة والرمزية الوطنية ممن تشرفت بمحاورتهم، وأنا أعمل بأسبوعية الصحيفة.. وأتذكر كيف أثنى عليّ وزادني ثقة في نفسي، لأشق وأواصل مساري المهني بتلمس المهنية واحترام أخلاق الاشتغال بأخبار الشأن العام والفكر». وفي السياق نفسه، أكد الإعلامي توفيق جزوليت أن الفقيد يعتبر من أبرز الإعلاميين في المغرب، إذ اشتهر بعموده اليومي «مع الشعب» ومقاله الافتتاحي اليومي الذي كان يعكس مواقف حزب الاستقلال المعارض، إضافة إلى «حديث الأربعاء» في الصفحة الأخيرة من «العلم». تمت محاكمته خلال سنوات الرصاص، وكان بحق مناضلا صلبا، ألف كتبا عدة في الأدب والقانون الدستوري والسياسة. وكشف جزوليت أنه قابل الراحل في مناسبات عدة وحاوره بخصوص الأوضاع السياسية في المغرب، إذ كان يتابع وينقل معاناة المغاربة من خلال كتاباته النارية على صفحات جريدة العلم.»
واستحضر الصحافي والشاعر حكيم عنكر «ذكرى طيبة» مع الراحل غلاب، إذ خصّه سنة 1995 بعموده «مع الشعب» عندما كنت معتقلا. كما استحضر الصحافي حسن الهيثمي علاقته بجريدة «العلم» التي كان يديرها عبد الكريم غلاب قائلا: «العلم» كانت أول جريدة اقتنيتها بدرهم واحد من مكتبة الحي؛ وقرأت أغلب صفحاتها.. وتجري الأيام لتكون أول جريدة تحتضن كتاباتي الأولى في صفحات الشباب؛ إلى جانب صفحة على الطريق في الاتحاد الاشتراكي؛ والميثاق الوطني.. ثم تتطور علاقتي بجريدة «العلم» لأشتغل متعاونا صحافيا أجري حوارات وأكتب عن بعض العروض المسرحية والأفلام السينمائية بتشجيع من عبد الجبار السحيمي رحمه الله؛ الذي التقيته في المسرح الوطني محمد الخامس عقب عرض بعنوان «ياك غير أنا» للفنانة ثريا جبران، ليحثني على الكتابة عن هذا العرض الذي حضره أعضاء من حكومة اليوسفي؛ وفي صباح اليوم الموالي كانت المادة جاهزة طبعا لم تكن كتابة نقدية بقدر ما كانت مجرد انطباعات شخصية بخصوص عرض مسرحي تتحدث فيه سيدة عن وفاة غامضة لزوجها الذي يشتغل في حديقة الحيوانات. بعد ذلك سألتقي بزملاء آخرين منهم الصديق بوعلام وعمر الدركولي ونادية بنسلام وجمال الموساوي وعبد الله الشرقاوي ومحمد بشكار ونجيب خداري وسمير زرادي ومحمد علي الحنشي وغيرهم. كان عبد الكريم غلاب، رحمه الله، مدير نشر الجريدة؛ لا يقترب أحد من مكتبه ولا يظهر إلا عندما يكون في طريقه إلى مكتبه أو عند خروجه منه رفقة سائقه الذي يفتح مظلة صغيرة يرافقه بها إلى أن يصل إلى السيارة قبل أن ينطلق به إلى بيته، حيث كان يفرض عبد الكريم غلاب على نفسه برنامجا «عسكريا» في المطالعة والكتابة؛ ومن شدة شغفه بالمطالعة، وعندما داهمته «الشيخوخة الظالمة» كلف أحد الأصدقاء بتخصيص حصة يقرأ له فيها الصحف والكتب.
أن تشتغل في جريدة رغم أنها لسان حزب الاستقلال، إلا أن مدير نشرها عبد الكريم غلاب ورئيس تحريرها عبد الجبار السحيمي، رحمهما الله، ومعظم الصحافيين يشتغلون بعيدا عن الحزبية الضيقة؛ بل إن كثيرا منهم غير منتمين لحزب الاستقلال.
كانت جريدة تضم أدباء وشعراء؛ وتتم فيها العناية باللغة العربية بشكل كبير من خلال قسم للمراجعة اللغوية وكم كنت أحضر بعض النقاشات في النحو بين الفقيد ميمون الأزماني رحمه الله، بلكنته الشمالية مع بعض الصحافيين، وهو يراجع مادته الصحافية؛ وكان يظهر ذلك في ملحق الفكر الإسلامي، الذي كان يشرف عليه قبل تسليم مشعله لناسك في محراب العلم اسمه الصديق بوعلام.
يقولون الصحافة ابنة الأدب؛ ولقد تجسدت هذه المقولة في علاقة عبد الكريم غلاب وجريدة «العلم» التي قدم استقالته منها بسبب خلافه مع قيادة الحزب لنشر مادة «سياسية» بدون إخباره.. بل كاد أن يستقيل من الحزب، لولا تدخل الراحل امحمد بوستة، الذي زاره في بيته وقال له أنت هو الحزب فكيف تستقيل من نفسك؟ وضحك العجوزان رحمهما الله؛ وشرعا في رواية بعض الأحداث على سبيل النوستالجيا. ومما جاء في شهادة للصحافي والأديب لحسن العسبي: «عبد الكريم غلاب، ليس مجرد اسم، بل، هو معنى لمرحلة. وأنه واحد من الأسماء المغربية، الذي تجمعت عنده خلجان عناوين مغربية عدة ومتراكبة. فهو ينتمي للجيل المديني، الذي فتح عينيه على معنى لمغرب ناهض، بعد صدمة الاستعمار، انتصر لخيار تحرري وطني، من موقع الانتماء القومي العروبي للمغرب. فشكلت الهوية المغربية، كسقف عال، معنى كيونيا لديه، تلك التي تراكمت عبر القرون، والتي ظلت تحتاج لمن يوقظها من النوم في جغرافيات النسيان. فكان أن حاول مصالحة الذات المغربية مع حقيقتها التاريخية تلك. لهذا السبب، ليس مستغربا، أن تتجمع في الرجل المسؤولية السياسية وحرفة الكتابة والأدب وامتهان الصحافة. لأن الرجل، شكل عنوانا لمحاولة جيل مغربي كامل، ربح أسباب التخلف، من خلال توسيع هوامش المعنى السلوكي المديني المؤسساتي الحداثي، بدون التفريط في عناوين الخصوصية المغربية، المشكلة لأسس هويتنا».
وكتب عبد الصمد بن شريف: الكاتب والروائي والكاتب القصصي والصحافي عبد الكريم غلاب الذي اشتهر برواية «المعلم علي» و»نظرية التعادلية»، يغادر هذا العالم بعد مشوار حافل بالعطاء والإبداع. وظل حريصا على متابعة الشأن الوطني حتى لما تقدم به العمر. أدار جريدة «العلم» بكل اقتدار ومهنية. ومهما اختلفنا معه، شكل عموده اليومي «دائما مع الشعب» الى جانب الركن الأسبوعي «حديث الأربعاء» مساحة لتسجيل المواقف وبسط العديد من الأفكار وطرح القضايا الأساسية بلغة سلسة وأسلوب متماسك. قابلته أكثر من مرة، خاصة عندما أنجزت حلقتين من البرنامج الوثائقي «وجوه سياسية مغربية» عن الراحلين الدبلوماسي والسياسي أحمد بلافريج والزعيم عبد الخالق الطريس.
إبداعات ذات أثر
ومن جهة أخرى، أبرز مثقفون مغاربة مدى تأثير كتابات عبد الكلام غلاب فيهم، وهكذا كتب الباحث محمد العدوني: «المعلم علي» أول ما قرأت من الرواية المغربية في بداية الثمانينيات، وأنا تلميذ في السنة الثانية أو الثالثة إعدادي حينها. قبل عام وأنا مع صديقي – واسمه علي – عند أحد الكتبيين وجدت الرواية وأخذتها وكانت من ضمن بعض الكتب التي أرسلتها لجمعية كانت تشرف على تجهيز مكتبة في إحدى الإعداديات في العالم القروي في مدينة الأم تازة. سأعود في ما بعد لقراءة «دفنا الماضي»، ولأسباب أجهلها سيظل اسم الأستاذ المجاهد عبد الكريم غلاب مرتبطا بالمعلم علي أكثر من أي شيء آخر. اليوم نودع هذا الهرم، لكن الأكيد أن عبد الكريم غلاب لن يكون يوما ضمن الماضي الذي ندفنه، فهو سيظل حيا بإنجازاته وأعماله وبرمزيته التي يصعب أن نجد لها بديلا.
وجاء في تدوينة الناشر عبد الهادي بنيسف: «علمت من هذا الفضاء (فيسبوك) أن الأستاذ الأديب عبد الكريم غلاب غادرنا لدار البقاء. رجل عاش من أجل الوطن ومن أجل إعلاء راية الثقافة المغربية وراية الوطن. كنت أقرأ له باستمرار وخصوصا عموده «مع الشعب» وعمود آخر كان بعنوان «حديث الأربعاء».
وكتب الأديب سامي علي: رحم الله صاحب «دفنا الماضي» و»لم ندفن الماضي». رحم الله عبد الكريم غلاب الذي بشرت أعماله الروائية بمجتمع مغربي آخر ممكن، تسوده قيم جديدة، تنبذ الفوارق الطبقية، وتدعو إلى العدل والحب والمساواة. مغرب يتخلص من ربقة الأعراف البالية، مغرب النخاسة التي سادت الزمن الواقعي للمغرب قبيل الاستقلال وبعده، على لسان «عبد الرحمن» الناطق الرسمي برؤية «دفنا الماضي».. مات عبد الكريم وفي رصيده الروائي شيء من شمس الحرية والاستقلال والكرامة.
وكتب الباحث العدراوي المفضل: واحد من رجالاتنا الذين علمونا التنشئة على الوطنية وحب الوطن… اسمه مرتبط بالشوامخ من بناة كرامة هذا الوطن واستقلاله… عندما تتذكره لا بد ان يرتبط اسمه في ذهنك بالزعماء يوم كان لهذا الوطن زعماؤه، وبالساسة يوم كان لنا ساسة، وبالاسماء الفاعلة في الثقافة والصحافة ونشاطات المجتمع المدني. كيف انسى عموده اليومي في جريدة كانت من خيرة الصحف في المغرب العربي، يوم كان لنا حزب عتيد وكان لهذا الحزب لسان يعبر عن مواقف سجلت على صفحات التاريخ بمداد العز والفخر.
وغمرت مشاعر الأسى أيضا تدوينة المختار باقا الذي وصف الراحل بالمناضل الصنديد، الذي واجه الاستعمار الفرنسي في الميدان وبالقلم، وخبر دهاليزه وسجونه، ورافق الزعيم الراحل علال الفاسي في مجموعة كثيرة من المواقف الوطنية، وعمل إلى جانبه في مكتب المغرب العربي في مصر، وساهم بشكل كبير في إنزال البطل عبد الكريم الخطابي من الباخرة إلى الأراضي المصرية. وقد ظل الفقيد رحمه الله، إلى جانب الجماهير الشعبية مدافعا عن قضاياها وآمالها وآلامها، من خلال مؤلفاته الفكرية والتاريخية والقانونية والدستورية، ومن خلال إبداعاته القصصية والروائية، ومن خلال جريدة العلم»، التي ظل مديرها لمدة تناهز نصف قرن، خاصة من خلال عموده الشهير «مع الشعب»، اقتداء بالعمود الشهير أيضا لزعيم التحرير الراحل علال الفاسي «دائما مع الشعب».
مسار حافل
ولد عبد الكريم غلاب في مدينة فاس في المغرب سنة 1919. دخل في طفولته مدرسة الكتاب لحفظ القرآن ثم مدرسة سيدي بناني في فاس، وانتقل بعد ذلك إلى جامعة القرويين في فاس أيضا، حيث أكمل علومه المتوسطة والثانوية. التحق بكلية الآداب في جامعة القاهرة في مصر ونال إجازة جامعية في الآداب. وعمل في مطلع حياته في المدارس المصرية والمغربية، ثم عمل في الصحافة الأدبية. عيّن في وزارة الخارجية المغربية في أواسط القرن الماضي، وأصبح وزيراً في الحكومة المغربية عام 1981. كان قياديا بارزا وحكيما في حزب الاستقلال. شغل مراكز مهمة في اتحاد الصحافيين العرب ورئيس اتحاد كتاب المغرب وأصبح عضواً في أكاديمية المملكة المغربية والمؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسة (بيت الحكمة).
وكان الراحل قد فاز بجائزة المغرب للكتاب في الآداب ثلاث مرات عن رواياته، «دفنا الماضي» سنة 1968 و»المعلم علي» سنة 1974 و»شروخ في المرايا» سنة 1994.
من مؤلفات عبد الكريم غلاب صاحب نظرية «التعادلية «
- سبعة أبواب (1965)
– دفنا الماضي (1966) : حازت جائزة الكتاب للمغرب سنة 1968 (ترجمت إلى الفرنسية)
– المعلم علي (1971) : حازت جائزة الكتاب للمغرب سنة 1974 ( من بين أفضل 105 رواية عربية)
– صباح ويزحف الليل (1984)
- وعاد الزورق إلى النبع (1989)
– شروخ في المرايا (1994) حازت جائزة الكتاب للمغرب سنة 1994
– سفر التكوين (1996) : (رواية سيرة ذاتية)، ترجمت إلى الكتلانية ثم إلى الإسبانية
– الشيخوخة الظالمة (1999)
القاهرة تبوح بأسرارها (2000) (رواية سيرة ذاتية)
– ما بعد الخلية: دار نشر المعرفة، الرباط (2003)
- لم ندفن الماضي: دار نشر المعرفة، الرباط (2006)
- شرقية في باريس: دار مرسم، الرباط (2006)
- الأرض ذهب : دار نشر المعرفة، الرباط ( 2009)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.