هناك رأي يقول إن الإسكندرية تفتقر للشخصيات التي تستحق أن يقام عليها أضرحة، مثل مدن القاهرة ورشيد وفوة، وذلك لأن حكومات الدول الإسلامية في مصر لم تعط اهتماما للإسكندرية؛ لوجود البحر المتوسط فيها، وهو متصل ببحار ومحيطات العالم، ولقربها من العدو في ذلك الوقت، فهجرها أهلها وذهبوا خلف الحكام الجدد في الفسطاط وغيرها من مدن مصر. ولم تعد للإسكندرية أهميتها إلا بعد حفر قناة المحمودية وهجرة الكثير من أهالي المغرب العربي والكثير من سكان قرى مصر إليها. وهذا الإحساس جعل المسئولون عن المدينة يعطوا أهمية لشخصيات ليس لها القدسية والتدين الذي يجعلها صاحبة ضريح. يذكر يوسف فهمي الجزايرلي في كتابة "الإسكندرية في فجر القرن العشرين: يقول أحد سكان غيط العنب القدامى إن سيدي كريم، شخصية وهمية خلفها أصحاب غرز الحشيش الذي يطيب لهم عقد حلقاتهم في هذه الناحية المنعزلة البعيدة عن أعين الرقباء، فإذا اقترب منهم رجال الشرطة، نبههم من يتولون حراستهم عن بعد، فيخفون الحشيش ويقلبون الغرزة إلى حفلة ذكر حول ضريح ولي الله كريم. ورجل مثل البوصيري – مثلا – كل أهميته التي أهلته لأن يكون صاحب مقام، هو كتابته لقصيدته البردة في مدح الرسول. وأعتقد أن معظم الشعراء المسلمين مدحوا الرسول، بصرف النظر عن مدى تدينهم، فقيمة البوصيري كشاعر وليس إماما أو قطبا يستحق أن تقام له كل هذه القدسية الدينية، وكان يجب أن يُكرم البوصيري كشاعر وليس رجل دين يدفن في مسجد، ويزوره العامة ويقدمون إليه النذور. فلماذا لم يقيموا مقاما لكعب بن زهير أو لأحمد شوقي الذي كتب قصائد كثيرة في مدح الرسول. وعن سيدي بشر الذي أقيم له ضريح ومسجد بالإسكندرية، فيقول توفيق الحكيم إنه يعرف الرجل الذي أطلقوا اسمه على شاطئ سيدي بشر، وكان عسكريا بسيطا في البوليس، وإنه ليس وليا، وليست له كرامات، ويتعجب الحكيم أكثر لأنهم أقاموا له مسجدا باسمه. ** اشتهر بعض أصحاب الأضرحة بتخصص في موضوع معين، فسيدي أحمد الرفاعي ومقامه بمنطقة القلعة مختص بمسألة الثعابين، وله أتباع يعملون باستخراج الثعابين من البيوت والمحلات، وينادون على الثعابين ب: أقسمت عليك أيها الثعبان أو الحية بهذه الكافات وما فيها من الكفايات وأسرارها التامة فلا تؤذيني بأنفاسك السامة, وأن تأتي أمامي خاضعا خاشعا وإلا كنت من العاصين لله رب العالمين. فيأتيه الثعبان صاغرا مطيعا. وهناك ضريح لسيدي إبراهيم الفار في شارع درب الحصر، مختص بحماية الأولاد من الموت، فتأتي الأسر بأولادها في الليلة الكبيرة لمولد الشيخ، ويركب الخليفة – شيخ المقام - حصاناً، ويركب الأطفال أحصنة مثله، أو حمير يؤجرونها هناك، ومن لا يجد يسير على قدميه مع الموكب، ويحرص أهالي الأولاد بأن يأتوا بهم في كل عام لحضور الاحتفال ومشاركة الخليفة في ركوب الخيول والحمير؛ هذا إذا أرادوا لأولادهم الاستمرار في الحياة. وسيدي العدوي كان مختصا بعودة التائهين، فيعلن المنادي عن غياب الطفل، يذكر اسمه ومسكنه، ثم يختتم ندائه قائلا "يا عدوي"، مستجيرا به، ليساعده في عودة الغائب. خصائص أصحاب الأضرحة في الإسكندرية: في الإسكندرية أصحاب أضرحة محظوظين، يهتم بهم الناس وينالون منهم الحظوة والاهتمام، ومنهم: سيدي مِّفرح: ضريحه صغير في أول شارع الفراعنة من ناحية طريق الحرية، لا تقام فيه الصلاة لكنه مضاء طوال الوقت، ومفروش بأغطية نظيفة وغالية الثمن، وخادمه يحرص على الاهتمام به. أكثر زواره من النساء، فالكثير من نساء الإسكندرية تذهبن إليه، ليشكوا الأزواج الذين يسيئون معاملتهن، فتذهب الشاكية المكلومة يوم الجمعة، ومعها شمعة و7 حبات فول، وكبريت وقطعة صفيح، فتشعل الشمعة وتضع الصفيحة فوقها، ثم حبات الفول، وعندما يطقطق الفول تخرج مكنونها، وتشكو آلامها. وقد شاهدتُ بنفسي الكثير من نساء عائلتنا وجاراتنا، إذا غضبت امرأة من أخرى تقول لها: -والله لاكنس عليكِ سيدي مفرح. وقد حكت قريبة لي كانت على خلاف دائم مع حماتها، فذهبت لتكنس عليها سيدي مفرح، وهناك أعطاها خادم المقام مكنسة صغيرة، فمرت بها على الفرش النظيف وهي تدعو على غريمتها، وفوجئت بحماتها خارجة من خلف الضريح، تمسك مكنسة صغيرة وتعيدها لخادم الضريح. فقد ذهبت في نفس الوقت لكي تكنس عليها سيدي مفرح أيضا، وتقابلا وجها لوجه دون أن تتحدثا معا. ويقولون إن سيدي مفرح كان مدفونا مع اثنين من إخوته بجوار أخيهم الأكبر سيدي أحمد المتيم بشارع السلطان حسين أمام حدائق الشلالات، لكن بلدية الإسكندرية نقلت سيدي مفرح إلى مكانه الحالي، والأخين الآخرين إلى منطقة مسجد ال 14 ضريحاً القريبة في منطقة ميدان المساجد بمنطقة بحري. سيدي عبدالرازق الوفائي: ويقع الضريح في أول شارع النبي دانيال من ناحية محطة مصر، والموجود فوق أثر، ويعتقد البعض أن المنطقة الموجودة أسفله تحتوى على قبر الإسكندر الأكبر، نظراً لما تحتويه من آثار رومانية ويونانية قديمة. وقد كانت فيه بئر، يشرب منها الناس ليس رغبة في الارتواء، وإنما لكي يدعو ويتمنوا، فتتم الاستجابة ببركة ماء البئر. وبعد أن تم ردم البئر، استبدلوها، بمجموعة من القلل الفخارية، وكنت مع صديقي (م. ق) قبل أن ينتقل إلى القاهرة، وهو يمر بظروف صعبة، فشرب من ماء القلة ودعا راغبا في الخروج من أزمته، وعند خروجنا، اشتبك قميصه بحديد الباب؛ فقطعه، فنظر لي غاضبا وقال: -أنظر إلى ما حدث نتيجة للدعاء. وكانت النسوة تأتي بأطفالها وتطوف بهم حول الضريح، طالبة من صاحب المقام أن يزيح عن أبنائها النكد والبكاء. سيدي المتولي: يقع في شارع مكمل لطريق الحرية، سمي باسم صاحب الضريح، في مواجهة شركة كهرباء الإسكندرية، وصاحب الضريح مختص بتقديم نذر فتة العدس، فالكثير من أهالي الإسكندرية يقدمون صواني، فيها فتة عدس ويتركونها، خاصة بعد صلاة الجمعة، حيث ينتظر البعض، ويهجمون على الفتة ويلتهمونها. وأصحابها – ومعظمهم من النساء – ينتظرونهم حتى ينتهوا من الأكل ليعودوا بالصواني الفارغة إلى البيت. سيدي أبو الدرداء: أبو الدرداء أكثر حظا من سيدي المتولي، فيقدم إليه الناس صواني فتة اللحم، وتباعدت الآن هذه الصواني، وتقدم معظم النذور برغيف ممتلئ بالأرز واللحم. وسيدي أبو الدرداء من أصحاب الأضرحة المهمين في المدينة، فهو يقف شامخا في منتصف الشارع المسمى باسمه، وتطوف الترام حوله في ذهابها وإيابها، ويدعون بأن مهندس التنظيم عندما مد إبهامه آمرا بخلعه من مكانه ونقله لمكان آخر؛ شلت يده، وللآن لم يستطع أحد اتخاذ قرار خلعه من مكانه. وقد أشرت في روايتي "الهماميل" لقصة مشابهة لسيدي يوسف الجعراني الذي كان يشغل جزءًا من شارع قصر رأس التين، فاستأجرت جماعة التضامن الأخوي البيت المقابل لمقامه، والقى نجيب الهلباوي قنبلة على عربة السلطان حسين كامل وهو ذاهب لصلاة الجمعة بمسجد أبي العباس المرسي، لقبوله حكم البلاد تحت رغبة الإنجليز عام 1914، لكن القنبلة لم تنفجر. والظاهر أن مدير البلدية في نهاية العقد الثالث من القرن العشرين، كان محصنا ولا تؤثر فيه كرامات أصحاب الأضرحة، فقد مد ذراعه، وأشار بسبابته برفع مقام سيدي يوسف الجعراني من مكانه، ولم تشل يده ولم يصب بأذى، وتم دفن رفات سيدي يوسف الجعراني وسيدي محمد الشريف وسيدي أبو وردة في ضريح جماعي بجانب مسجد سيدي أبو العباس المرسي، والغريب أن العامة يطلقون على هذا الضريح "السبع محمدات"، الظاهر أن الاسم الأول لكل من فيه كان محمدا. ويذكرون أيضا كرامة أخرى سيدي أبي الدراء، حيث قيل إنه في عام 1941 اشتدت غارات الألمان على الإسكندرية وكان مبنى المحافظة - القريب جدا من الضريح - هدفاً لهم فألقوا طوربيدا لتدمير المبنى والحي بكامله، لكن أبا الدرداء خرج من ضريحه وأبعد الطوربيد، ليستقر في أرض رخوة، فأنقذ مبني المحافظة والإسكندرية بأكملها. سيدي ونس: مكانه في حي اللبان في منطقة مشهورة بورش الحدادة والمسابك وورق الخشب، في الضريح حمام شعبي، تلجأ إليه الفتيات اللائي تأخر زواجهن، فيستحممن فيه، ويدفعن لعماله نظير ذلك ويدعون أن يستجيب الله لهن ويرزقهن بزوج. ويزعم الكثيرون هناك بأن من تستحم فيه، يرزقها الله بزوج خلال أسبوع واحد. أصحاب أضرحة أخرى أقل حظا لو كان أصحاب الأضرحة الذين ذكرتهم قد نالوا الاهتمام والحظوة لدى أهالي الإسكندرية؛ فهناك أصحاب أضرحة لا يهتم بهم أحد، ويعدون من الغلابة المظلومين، ومنهم: سيدي الزُهري: مقامه أمام إستاد الإسكندرية الرياضي وهو عبارة عن حجرة صغيرة تقف وحيدة وكأنها شجرة وسط الصحراء، مكان ضيق لا يصلح للصلاة، مهجور طوال الوقت، مغلق معظم الوقت، وفي الستينيات وبداية السبعينيات، نشطت الدعارة في هذه المنطقة، قريبا جدا من هذا الضريح. والكثير من جيلي يعرفون تفاحة التي كانت تمارس عملها قريبا جدا من هذا الضريح. سيدي حقوق: ضريح صغير جدا في بيت ضخم قديم خلف سنترال محطة مصر، نساه الناس ولم يعد يهتم به أحد. سيدي منصور: في شارع سد متفرع من شارع صفر بك بحي بحري. يقع الضريح في الشارع دون مبنى وفي مكان مظلم. سيدي اسكندر: موقعه في حي اللبان قريب جدا من شارع الفراهدة، ومقام بجواره مسجد صغير، كانوا يطلقون عليه "زاوية ذى القرنين" فقد وصل خيال البعض بأن سيدي اسكندر هذا، ما هو إلا الإسكندر الأكبر مؤسس مدينة الإسكندرية، وأن العامة ظنوه شيخا مسلما، فسبقوا اسمه بكلمة "سيدي". وقد تهدمت الزاوية وتساوت بالأرض وأن الأهالي قد جمعوا من بعضهم البعض نقودا وأعادوا بناءها من جديد. ويزعم البعض أن سيدي اسكندر هذا هو ابن عم أبو العباس المرسي. هناك رأي يقول إن الإسكندرية تفتقر للشخصيات التي تستحق أن يقام عليها أضرحة، مثل مدن القاهرة ورشيد وفوة، وذلك لأن حكومات الدول الإسلامية في مصر لم تعط اهتماما للإسكندرية؛ لوجود البحر المتوسط فيها، وهو متصل ببحار ومحيطات العالم، ولقربها من العدو في ذلك الوقت، فهجرها أهلها وذهبوا خلف الحكام الجدد في الفسطاط وغيرها من مدن مصر. ولم تعد للإسكندرية أهميتها إلا بعد حفر قناة المحمودية وهجرة الكثير من أهالي المغرب العربي والكثير من سكان قرى مصر إليها. وهذا الإحساس جعل المسئولون عن المدينة يعطوا أهمية لشخصيات ليس لها القدسية والتدين الذي يجعلها صاحبة ضريح. يذكر يوسف فهمي الجزايرلي في كتابة "الإسكندرية في فجر القرن العشرين: يقول أحد سكان غيط العنب القدامى إن سيدي كريم، شخصية وهمية خلفها أصحاب غرز الحشيش الذي يطيب لهم عقد حلقاتهم في هذه الناحية المنعزلة البعيدة عن أعين الرقباء، فإذا اقترب منهم رجال الشرطة، نبههم من يتولون حراستهم عن بعد، فيخفون الحشيش ويقلبون الغرزة إلى حفلة ذكر حول ضريح ولي الله كريم. ورجل مثل البوصيري – مثلا – كل أهميته التي أهلته لأن يكون صاحب مقام، هو كتابته لقصيدته البردة في مدح الرسول. وأعتقد أن معظم الشعراء المسلمين مدحوا الرسول، بصرف النظر عن مدى تدينهم، فقيمة البوصيري كشاعر وليس إماما أو قطبا يستحق أن تقام له كل هذه القدسية الدينية، وكان يجب أن يُكرم البوصيري كشاعر وليس رجل دين يدفن في مسجد، ويزوره العامة ويقدمون إليه النذور. فلماذا لم يقيموا مقاما لكعب بن زهير أو لأحمد شوقي الذي كتب قصائد كثيرة في مدح الرسول. وعن سيدي بشر الذي أقيم له ضريح ومسجد بالإسكندرية، فيقول توفيق الحكيم إنه يعرف الرجل الذي أطلقوا اسمه على شاطئ سيدي بشر، وكان عسكريا بسيطا في البوليس، وإنه ليس وليا، وليست له كرامات، ويتعجب الحكيم أكثر لأنهم أقاموا له مسجدا باسمه. ** اشتهر بعض أصحاب الأضرحة بتخصص في موضوع معين، فسيدي أحمد الرفاعي ومقامه بمنطقة القلعة مختص بمسألة الثعابين، وله أتباع يعملون باستخراج الثعابين من البيوت والمحلات، وينادون على الثعابين ب: أقسمت عليك أيها الثعبان أو الحية بهذه الكافات وما فيها من الكفايات وأسرارها التامة فلا تؤذيني بأنفاسك السامة, وأن تأتي أمامي خاضعا خاشعا وإلا كنت من العاصين لله رب العالمين. فيأتيه الثعبان صاغرا مطيعا. وهناك ضريح لسيدي إبراهيم الفار في شارع درب الحصر، مختص بحماية الأولاد من الموت، فتأتي الأسر بأولادها في الليلة الكبيرة لمولد الشيخ، ويركب الخليفة – شيخ المقام - حصاناً، ويركب الأطفال أحصنة مثله، أو حمير يؤجرونها هناك، ومن لا يجد يسير على قدميه مع الموكب، ويحرص أهالي الأولاد بأن يأتوا بهم في كل عام لحضور الاحتفال ومشاركة الخليفة في ركوب الخيول والحمير؛ هذا إذا أرادوا لأولادهم الاستمرار في الحياة. وسيدي العدوي كان مختصا بعودة التائهين، فيعلن المنادي عن غياب الطفل، يذكر اسمه ومسكنه، ثم يختتم ندائه قائلا "يا عدوي"، مستجيرا به، ليساعده في عودة الغائب. خصائص أصحاب الأضرحة في الإسكندرية: في الإسكندرية أصحاب أضرحة محظوظين، يهتم بهم الناس وينالون منهم الحظوة والاهتمام، ومنهم: سيدي مِّفرح: ضريحه صغير في أول شارع الفراعنة من ناحية طريق الحرية، لا تقام فيه الصلاة لكنه مضاء طوال الوقت، ومفروش بأغطية نظيفة وغالية الثمن، وخادمه يحرص على الاهتمام به. أكثر زواره من النساء، فالكثير من نساء الإسكندرية تذهبن إليه، ليشكوا الأزواج الذين يسيئون معاملتهن، فتذهب الشاكية المكلومة يوم الجمعة، ومعها شمعة و7 حبات فول، وكبريت وقطعة صفيح، فتشعل الشمعة وتضع الصفيحة فوقها، ثم حبات الفول، وعندما يطقطق الفول تخرج مكنونها، وتشكو آلامها. وقد شاهدتُ بنفسي الكثير من نساء عائلتنا وجاراتنا، إذا غضبت امرأة من أخرى تقول لها: -والله لاكنس عليكِ سيدي مفرح. وقد حكت قريبة لي كانت على خلاف دائم مع حماتها، فذهبت لتكنس عليها سيدي مفرح، وهناك أعطاها خادم المقام مكنسة صغيرة، فمرت بها على الفرش النظيف وهي تدعو على غريمتها، وفوجئت بحماتها خارجة من خلف الضريح، تمسك مكنسة صغيرة وتعيدها لخادم الضريح. فقد ذهبت في نفس الوقت لكي تكنس عليها سيدي مفرح أيضا، وتقابلا وجها لوجه دون أن تتحدثا معا. ويقولون إن سيدي مفرح كان مدفونا مع اثنين من إخوته بجوار أخيهم الأكبر سيدي أحمد المتيم بشارع السلطان حسين أمام حدائق الشلالات، لكن بلدية الإسكندرية نقلت سيدي مفرح إلى مكانه الحالي، والأخين الآخرين إلى منطقة مسجد ال 14 ضريحاً القريبة في منطقة ميدان المساجد بمنطقة بحري. سيدي عبدالرازق الوفائي: ويقع الضريح في أول شارع النبي دانيال من ناحية محطة مصر، والموجود فوق أثر، ويعتقد البعض أن المنطقة الموجودة أسفله تحتوى على قبر الإسكندر الأكبر، نظراً لما تحتويه من آثار رومانية ويونانية قديمة. وقد كانت فيه بئر، يشرب منها الناس ليس رغبة في الارتواء، وإنما لكي يدعو ويتمنوا، فتتم الاستجابة ببركة ماء البئر. وبعد أن تم ردم البئر، استبدلوها، بمجموعة من القلل الفخارية، وكنت مع صديقي (م. ق) قبل أن ينتقل إلى القاهرة، وهو يمر بظروف صعبة، فشرب من ماء القلة ودعا راغبا في الخروج من أزمته، وعند خروجنا، اشتبك قميصه بحديد الباب؛ فقطعه، فنظر لي غاضبا وقال: -أنظر إلى ما حدث نتيجة للدعاء. وكانت النسوة تأتي بأطفالها وتطوف بهم حول الضريح، طالبة من صاحب المقام أن يزيح عن أبنائها النكد والبكاء. سيدي المتولي: يقع في شارع مكمل لطريق الحرية، سمي باسم صاحب الضريح، في مواجهة شركة كهرباء الإسكندرية، وصاحب الضريح مختص بتقديم نذر فتة العدس، فالكثير من أهالي الإسكندرية يقدمون صواني، فيها فتة عدس ويتركونها، خاصة بعد صلاة الجمعة، حيث ينتظر البعض، ويهجمون على الفتة ويلتهمونها. وأصحابها – ومعظمهم من النساء – ينتظرونهم حتى ينتهوا من الأكل ليعودوا بالصواني الفارغة إلى البيت. سيدي أبو الدرداء: أبو الدرداء أكثر حظا من سيدي المتولي، فيقدم إليه الناس صواني فتة اللحم، وتباعدت الآن هذه الصواني، وتقدم معظم النذور برغيف ممتلئ بالأرز واللحم. وسيدي أبو الدرداء من أصحاب الأضرحة المهمين في المدينة، فهو يقف شامخا في منتصف الشارع المسمى باسمه، وتطوف الترام حوله في ذهابها وإيابها، ويدعون بأن مهندس التنظيم عندما مد إبهامه آمرا بخلعه من مكانه ونقله لمكان آخر؛ شلت يده، وللآن لم يستطع أحد اتخاذ قرار خلعه من مكانه. وقد أشرت في روايتي "الهماميل" لقصة مشابهة لسيدي يوسف الجعراني الذي كان يشغل جزءًا من شارع قصر رأس التين، فاستأجرت جماعة التضامن الأخوي البيت المقابل لمقامه، والقى نجيب الهلباوي قنبلة على عربة السلطان حسين كامل وهو ذاهب لصلاة الجمعة بمسجد أبي العباس المرسي، لقبوله حكم البلاد تحت رغبة الإنجليز عام 1914، لكن القنبلة لم تنفجر. والظاهر أن مدير البلدية في نهاية العقد الثالث من القرن العشرين، كان محصنا ولا تؤثر فيه كرامات أصحاب الأضرحة، فقد مد ذراعه، وأشار بسبابته برفع مقام سيدي يوسف الجعراني من مكانه، ولم تشل يده ولم يصب بأذى، وتم دفن رفات سيدي يوسف الجعراني وسيدي محمد الشريف وسيدي أبو وردة في ضريح جماعي بجانب مسجد سيدي أبو العباس المرسي، والغريب أن العامة يطلقون على هذا الضريح "السبع محمدات"، الظاهر أن الاسم الأول لكل من فيه كان محمدا. ويذكرون أيضا كرامة أخرى سيدي أبي الدراء، حيث قيل إنه في عام 1941 اشتدت غارات الألمان على الإسكندرية وكان مبنى المحافظة - القريب جدا من الضريح - هدفاً لهم فألقوا طوربيدا لتدمير المبنى والحي بكامله، لكن أبا الدرداء خرج من ضريحه وأبعد الطوربيد، ليستقر في أرض رخوة، فأنقذ مبني المحافظة والإسكندرية بأكملها. سيدي ونس: مكانه في حي اللبان في منطقة مشهورة بورش الحدادة والمسابك وورق الخشب، في الضريح حمام شعبي، تلجأ إليه الفتيات اللائي تأخر زواجهن، فيستحممن فيه، ويدفعن لعماله نظير ذلك ويدعون أن يستجيب الله لهن ويرزقهن بزوج. ويزعم الكثيرون هناك بأن من تستحم فيه، يرزقها الله بزوج خلال أسبوع واحد. أصحاب أضرحة أخرى أقل حظا لو كان أصحاب الأضرحة الذين ذكرتهم قد نالوا الاهتمام والحظوة لدى أهالي الإسكندرية؛ فهناك أصحاب أضرحة لا يهتم بهم أحد، ويعدون من الغلابة المظلومين، ومنهم: سيدي الزُهري: مقامه أمام إستاد الإسكندرية الرياضي وهو عبارة عن حجرة صغيرة تقف وحيدة وكأنها شجرة وسط الصحراء، مكان ضيق لا يصلح للصلاة، مهجور طوال الوقت، مغلق معظم الوقت، وفي الستينيات وبداية السبعينيات، نشطت الدعارة في هذه المنطقة، قريبا جدا من هذا الضريح. والكثير من جيلي يعرفون تفاحة التي كانت تمارس عملها قريبا جدا من هذا الضريح. سيدي حقوق: ضريح صغير جدا في بيت ضخم قديم خلف سنترال محطة مصر، نساه الناس ولم يعد يهتم به أحد. سيدي منصور: في شارع سد متفرع من شارع صفر بك بحي بحري. يقع الضريح في الشارع دون مبنى وفي مكان مظلم. سيدي اسكندر: موقعه في حي اللبان قريب جدا من شارع الفراهدة، ومقام بجواره مسجد صغير، كانوا يطلقون عليه "زاوية ذى القرنين" فقد وصل خيال البعض بأن سيدي اسكندر هذا، ما هو إلا الإسكندر الأكبر مؤسس مدينة الإسكندرية، وأن العامة ظنوه شيخا مسلما، فسبقوا اسمه بكلمة "سيدي". وقد تهدمت الزاوية وتساوت بالأرض وأن الأهالي قد جمعوا من بعضهم البعض نقودا وأعادوا بناءها من جديد. ويزعم البعض أن سيدي اسكندر هذا هو ابن عم أبو العباس المرسي.