يجمع كتاب "دولة الإمام.. متى تخلع مصر عمامة الفقيه؟" مجموعة مقالات نشرت في عامي 2015 و2016 للكاتبة رباب كمال التي أكدت أنه جاء "من وحي ما كبدناه في مصرنا في مواجهة النعرات الطائفية وفي محاولة مضنية لإعلاء قيم المواطنة والتعايش والتعددية تحررًا من دولة الإمام وقوامها ليس فحسب القوانين وإنما ثقافة مجتمعية جعلت من الإمام صنمًا على التفكير والتجديد. تقول الكاتبة "أعيش في مصر، أرض الكنانة، مصر المحتلة من دولة الإمام، دولة عزفت عن مسئوليتها على الأرض وتفرغت للدفاع عن الله في السماء، فأصبحت تتحدث باسمه وتصوغ التشريعات لمحاكمة من يخرج عن النص حسب تأويلات الفقهاء والأئمة الذين يتقاضون رواتبهم في دولة الإمام". وتضيف في الكتاب الصادر عن دار التنوير "مصر احتلتها دولة الإمام، احتلتها ثقافة وقانون حرصا على التفتيش في عقيدة المرء لا صلاحه ودوره المجتمعي، أعيش في مصر التي تتسع لكل الأديان والعقائد والأعراق، لكنها لم تتسع للكاتب المصري علاء حامد، موظف الضرائب الذي كتب رواية ”مسافة في عقل رجل” في مطلع التسعينيات، واتهم بازدراء الأديان، فتشوا في عقيدته وقلمه، اعتبروه مجرمًا كافرًا ملحدًا فسجنوه ثماني سنوات في سجون الإمام، نظافة يده ورفضه قبول الرشاوى في وظيفته لم تشفع له، دولة الإمام شفعت لزميله الماسك بالسبحة كمن يمسك على دينه بيد ويتقاضى الاتاوات والرشاوى باليد الأخرى، فليس مهما أن تكون صالحًا أم فاسدًا في دولة الإمام، المهم أنك تسبح بحمده، تسبح بحمد رب الدولة ودولة الإمام". وترى الكاتبة أنه "في دولة الإمام التي ظنت أنها ظل الله على الأرض، سيطلب القاضي من المطرب الشهير أن ينطق الشهادتين تكفيرًا عن غناء قصيدة كما حدث مع موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب عام 1989، فنال الأخير البراءة ليس لسخافة القضية وإنما نالها بعدما طالبه قاضي القضاه بنطق الشهادتين في محاكم الإمام. في دولة الإمام سيتم تفريق زوج وزوجة لأن الزوج ينادي بتنوير العقول وإعمال العقل في النص الديني، كما فعلوا مع استاذ الفلسفة المصري د. نصر حامد أبوزيد في تسعينيات القرن الماضي، ففرقوه عن زوجته د. ابتهال يونس وشعر يومها المفكر بأن القاضي يتبول في عقله كما قال، لقد جن جنون المفكر، ألا يعلم أنه يتحدث عن قاضي في محكمة الإمام؟! في دولة الإمام سيطالب الشيوخ والاعلاميين بل والرياضيين برجم الأديبة المصرية نوال السعداوي، فهي ترى المرأة صوت الثورة وهم يرونها عورة، ولا حياة لمن تنادي في دولة الإمام". وتتساءل "لماذا تسطحون فكرتنا عن الله في دولة الإمام؟ الله هو العدل، هو الرحمن، هو الرحيم، هو الغفور، هو السلام، هو الحميد، هو الكريم، هو الجليل، هو الشكور، هو الحليم، أليست هذه أسماء الله يا دولة الإمام؟ لماذا تشوهون أنتم الله وتجعلون منه سجانا كلما اختلف أحد معكم في الفكر والتأويل؟ لماذا تختزلون الله في نطق الشهادتين في ساحة المحاكم، فكم من قاتل سفاح نطق الشهادتين وهو ينحر ضحيته، أفهو مؤمن وأنا كافرة في دولة الإمام؟ هل من يدعو إلى تقبل الآخر والتعايش والتفكر وإعمال العقل كافر ماجن عابث؟" وتقول "يرسلون إليّ برسائلهم مهددين أنني لن أفلت منهم ولن أفلت من دولة الإمام وسجونها، يصفونني بالكافرة الداعرة، نعم انا كافرة، آمنت بوطني ومصريتي وترابها ونيلها وصحرائها وسمائها وأرضها، وكفرت بدولة الإمام، كفرت بالقاضي الذي سيسألني عن ديني وعقيدتي وسأشهد أنني مصرية لا سلطان عليكم إلا بمصريتي. فالوطنية ليست حكرًا على رئيس أو نائب عام أو قاضي أو رئيس جهاز أمن الدولة حتى لو كنت أنا المصرية الحرة التي تحيا في دولة الإمام". وترى الكاتبة رباب كمال في مقال بعنوان "بيت العنصرية الزجاجي" أن للعنصرية وجوها كثيرة، وأحد أقبح وجوهها هو اضطهاد الآخر الذي لا ينتمي لذات العقيدة والطائفة، أو التحريض ضده أو منعه من ممارسه شعائره الدينية. وعليه فإن مناهضة العنصرية المتفشية في العالم كالوباء المستعصي، تحتم علينا قبول الآخر مهما كان مختلفًا طالما كان مسالمًا متعايشًا لا يحرض ضد غيره ولا يفرض عقيدته أو مذهبه على رقاب الآخرين. وتؤكد أن مناهضة التطرف يرتكز على الانحياز لبني إنسان بغض النظر عن عرقه أو لونه أو عقيدته. وتضيف "في خضم هذه الأحداث، طالعنا مرصد الإسلاموفوبيا بدار الإفتاء المصرية قبل عدة أيام ببيان عاجل عن اضطهاد المسلمين في ميانمار، والمرصد يحمل تسمية غربية دون تعريب في سابقة هي الأولى من نوعها، بهدف مخاطبة العالم، فهو منوط برصد حالات الاضطهاد والعنصرية ضد المسلمين خاصة في أماكن تواجدهم كأقلية دينية. وألقى المرصد على كاهله حشد الحشود من أجل نصرة هؤلاء المسلمين ضد يد العنصرية الغاشمة التي تضطهدهم بسبب قناعاتهم العقائدية والدينية. وكانت دار الإفتاء قد أدانت في بيان صادر لها بتاريخ 28 أبريل/نيسان 2016 غلق مسجدين في ميانمار بجنوب شرق آسيا على يد السلطات المحلية، وشجب البيان منع الأقلية المسلمة من أداء صلواتها في هذين المسجدين. اعتبرت دار الافتاء أن ما يحدث في ميانمار ممارسة عنصرية فجة وخرقا ً للمعاهدات الدولية التي تكفل الحريات الدينية وحرية ممارسة الشعائر ودعت الافتاء لمحاسبة الأفراد والهيئات المتورطة وناشدت المجتمع الدولي بالتدخل". وتضيف الكاتبة "أمام هذا البيان والخطاب شديد اللهجة لنا وقفة طويلة، خاصة بعد استخدام دار الافتاء لمرادفات على شاكلة "ممارسة عنصرية – حرية دينية – حرية ممارسة الشعائر – المواثيق والمعاهدات الدولية" ونعرض في هذه الوقفة عدة تساؤلات: أولا: هل تدرك دار الافتاء التابعة لمشيخة الأزهر بأن المواثيق والمعاهدات الدولية التي استشهدت بها، تؤيد الحريات الدينية بشكل مطلق، أي أن الحرية الدينية وحرية ممارسة الشعائر وبناء دور العبادة ليست قاصرة على المسلمين دون سواهم وأن تلك الحقوق - كما جاءت في المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان - ليست حقًا أصيلا للمسلمين أصحاب المذهب السني وحدهم؟ بل حق للبشرية جمعاء! وهذا ينقلنا إلى التساؤل الثاني. ثانيا: هل ُيعد هذا البيان بمثابة اعتراف من دار الإفتاء المصرية بحق الأقليات الدينية - أيًا كانت في ممارسة الشعائر الدينية حسب تلك المعاهدات؟ أم أن دار الافتاء وقعت في شر المعايير المزدوجة؟ ثالثا: لماذا لم ُتحرك دار الافتاء ساكنًا حين قام وزير الأوقاف محمد مختار جمعة بغلق ضريح الإمام حسين في أكتوبر/تشرين الأول 2015 منعًا لإحياء ذكرى عاشوراء؟ ألا ُيعد هذا منعًا من ممارسة شعائر دينية بما يتعارض مع المواثيق الدولية؟ علمًا بأن أن إحياء الذكرى في مصر يتمثل في قراءة القرآن وزيارة ضريح الإمام الحسين وقراءة حادثة عاشوراء. اعتبر وزير الأوقاف أن هذه الشعائر أباطيل.. تماما كما تراءى للسلطة في ميانمار حين أغلقت المسجدين، فهي كذلك اعتبرت شعائر المسلمين هناك من الأباطيل. رابعا: إن كانت دار الاإفتاء المصرية تتمسك بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي تكفل ممارسة الشعائر الدينية، هل تتراجع حينها الافتاء المصرية ومجمع البحوث الإسلامية والأزهر عن اعتبار البهائية كفرًا بواحًا وعقيدة هدامة؟ هل يتوقف الأزهر ووزارة الأوقاف عن تنظيم دروس محاربة البهائية في المساجد كما فعل العام الماضي في عدة مساجد ومنها مسجد النور بالعباسية؟ هل تقبل دار الافتاء تشييد دور عبادة للبهائيين في مصر؟ هل تقبل إعادة فتح محافلهم التي تم إغلاقها عام 1960؟ أم تلزمهم بالتعبد في منازلهم كما فعلت السلطات في ميانمار مع الأقلية المسلمة؟ فهي كذلك السلطة في ميانمار ترى أن حرية العقيدة مكفولة للمسلمين في المنازل! ويتراءى لها كذلك أن أعداد المسلمين القليلة في ميانمار لا تستحق كل هذه الجلبة كما نفعل نحن مع البهائيين في مصر. وتشير إلى أن كل تساءلات على سبيل المثال لا الحصر.. وكلها تساؤلات على سبيل اختبار كشف العنصرية.. وكلها تساؤلات تكشف إن كانت شعارات التسامح التي نرفعها حقيقية أم واهية وانتقائية. ولا شك أن منع مسلمي ميانمار "4 % من التعداد" من أداء الصلاة في مسجدين تم إغلاقهما يُعد دربًا من دروب العنصرية التي لا يمكن قبولها، ولكن يبقى السؤال: هل نتعاطف مع مسلمي ميانمار لأنهم مسلمون أم لأنهم مواطنون يحق لهم اعتناق وممارسة شعائرهم – أيًا كانت عقيدتهم – دون اضطهاد؟ هل نتعاطف ونساند قضية مسلمي ميانمار لأسباب عقائدية انحيازية أم لأسباب إنسانية بحتة؟ لربما أن الأقلية المسلمة تواجه ممارسات عنصرية في ميانمار وهو أمر لا يمكن تبريره، لكن هناك كذلك أقليات مسلمة في بلاد غير إسلامية يتمتعون بحرية ممارسة شعائرهم وبناء دور عبادتهم. وهذا الحق الأصيل لم ُيمنح للمسلمين خارج أوطانهم على اعتبار أن الدين الإسلامي دين سماوي، ولكن تم منحه التزاما بالمعاهدات والمواثيق الدولية والحق الإنساني في حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر. وتنبه الكاتبة إلى أنه لا يمكن أن نطالب بمناهضة العنصرية ضد الأقلية المسلمة خارج حدود أوطاننا بينما نمارس نفس التحريض العنصري على أقليات غير مسلمة على خلفية أن أديانهم غير سماوية وغير معترف بها أو على أساس أنهم قلة عددية لا ُتذكر، وإلا يُعد هذا انفصامًا صارخًا وممارسة ممنهجة واضحة للمعايير المزدوجة. فمن كان دار افتائه من زجاج.. لا يقذف العالم بطوب العنصرية. بوبت الكاتبة مقالات الكتاب في خمسة أبواب أولا: الحرية العقائدية والتمييز الديني، ثانيا: حرية التعبير والابداع، ثالثًا: تجديد الخطاب الديني، رابعًا: توظيف الدين في الخطاب السياسي وخامسًا وأخيرًا: الخطاب الثقافي في مواجهة ثقافة الفقيه. يجمع كتاب "دولة الإمام.. متى تخلع مصر عمامة الفقيه؟" مجموعة مقالات نشرت في عامي 2015 و2016 للكاتبة رباب كمال التي أكدت أنه جاء "من وحي ما كبدناه في مصرنا في مواجهة النعرات الطائفية وفي محاولة مضنية لإعلاء قيم المواطنة والتعايش والتعددية تحررًا من دولة الإمام وقوامها ليس فحسب القوانين وإنما ثقافة مجتمعية جعلت من الإمام صنمًا على التفكير والتجديد. تقول الكاتبة "أعيش في مصر، أرض الكنانة، مصر المحتلة من دولة الإمام، دولة عزفت عن مسئوليتها على الأرض وتفرغت للدفاع عن الله في السماء، فأصبحت تتحدث باسمه وتصوغ التشريعات لمحاكمة من يخرج عن النص حسب تأويلات الفقهاء والأئمة الذين يتقاضون رواتبهم في دولة الإمام". وتضيف في الكتاب الصادر عن دار التنوير "مصر احتلتها دولة الإمام، احتلتها ثقافة وقانون حرصا على التفتيش في عقيدة المرء لا صلاحه ودوره المجتمعي، أعيش في مصر التي تتسع لكل الأديان والعقائد والأعراق، لكنها لم تتسع للكاتب المصري علاء حامد، موظف الضرائب الذي كتب رواية ”مسافة في عقل رجل” في مطلع التسعينيات، واتهم بازدراء الأديان، فتشوا في عقيدته وقلمه، اعتبروه مجرمًا كافرًا ملحدًا فسجنوه ثماني سنوات في سجون الإمام، نظافة يده ورفضه قبول الرشاوى في وظيفته لم تشفع له، دولة الإمام شفعت لزميله الماسك بالسبحة كمن يمسك على دينه بيد ويتقاضى الاتاوات والرشاوى باليد الأخرى، فليس مهما أن تكون صالحًا أم فاسدًا في دولة الإمام، المهم أنك تسبح بحمده، تسبح بحمد رب الدولة ودولة الإمام". وترى الكاتبة أنه "في دولة الإمام التي ظنت أنها ظل الله على الأرض، سيطلب القاضي من المطرب الشهير أن ينطق الشهادتين تكفيرًا عن غناء قصيدة كما حدث مع موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب عام 1989، فنال الأخير البراءة ليس لسخافة القضية وإنما نالها بعدما طالبه قاضي القضاه بنطق الشهادتين في محاكم الإمام. في دولة الإمام سيتم تفريق زوج وزوجة لأن الزوج ينادي بتنوير العقول وإعمال العقل في النص الديني، كما فعلوا مع استاذ الفلسفة المصري د. نصر حامد أبوزيد في تسعينيات القرن الماضي، ففرقوه عن زوجته د. ابتهال يونس وشعر يومها المفكر بأن القاضي يتبول في عقله كما قال، لقد جن جنون المفكر، ألا يعلم أنه يتحدث عن قاضي في محكمة الإمام؟! في دولة الإمام سيطالب الشيوخ والاعلاميين بل والرياضيين برجم الأديبة المصرية نوال السعداوي، فهي ترى المرأة صوت الثورة وهم يرونها عورة، ولا حياة لمن تنادي في دولة الإمام". وتتساءل "لماذا تسطحون فكرتنا عن الله في دولة الإمام؟ الله هو العدل، هو الرحمن، هو الرحيم، هو الغفور، هو السلام، هو الحميد، هو الكريم، هو الجليل، هو الشكور، هو الحليم، أليست هذه أسماء الله يا دولة الإمام؟ لماذا تشوهون أنتم الله وتجعلون منه سجانا كلما اختلف أحد معكم في الفكر والتأويل؟ لماذا تختزلون الله في نطق الشهادتين في ساحة المحاكم، فكم من قاتل سفاح نطق الشهادتين وهو ينحر ضحيته، أفهو مؤمن وأنا كافرة في دولة الإمام؟ هل من يدعو إلى تقبل الآخر والتعايش والتفكر وإعمال العقل كافر ماجن عابث؟" وتقول "يرسلون إليّ برسائلهم مهددين أنني لن أفلت منهم ولن أفلت من دولة الإمام وسجونها، يصفونني بالكافرة الداعرة، نعم انا كافرة، آمنت بوطني ومصريتي وترابها ونيلها وصحرائها وسمائها وأرضها، وكفرت بدولة الإمام، كفرت بالقاضي الذي سيسألني عن ديني وعقيدتي وسأشهد أنني مصرية لا سلطان عليكم إلا بمصريتي. فالوطنية ليست حكرًا على رئيس أو نائب عام أو قاضي أو رئيس جهاز أمن الدولة حتى لو كنت أنا المصرية الحرة التي تحيا في دولة الإمام". وترى الكاتبة رباب كمال في مقال بعنوان "بيت العنصرية الزجاجي" أن للعنصرية وجوها كثيرة، وأحد أقبح وجوهها هو اضطهاد الآخر الذي لا ينتمي لذات العقيدة والطائفة، أو التحريض ضده أو منعه من ممارسه شعائره الدينية. وعليه فإن مناهضة العنصرية المتفشية في العالم كالوباء المستعصي، تحتم علينا قبول الآخر مهما كان مختلفًا طالما كان مسالمًا متعايشًا لا يحرض ضد غيره ولا يفرض عقيدته أو مذهبه على رقاب الآخرين. وتؤكد أن مناهضة التطرف يرتكز على الانحياز لبني إنسان بغض النظر عن عرقه أو لونه أو عقيدته. وتضيف "في خضم هذه الأحداث، طالعنا مرصد الإسلاموفوبيا بدار الإفتاء المصرية قبل عدة أيام ببيان عاجل عن اضطهاد المسلمين في ميانمار، والمرصد يحمل تسمية غربية دون تعريب في سابقة هي الأولى من نوعها، بهدف مخاطبة العالم، فهو منوط برصد حالات الاضطهاد والعنصرية ضد المسلمين خاصة في أماكن تواجدهم كأقلية دينية. وألقى المرصد على كاهله حشد الحشود من أجل نصرة هؤلاء المسلمين ضد يد العنصرية الغاشمة التي تضطهدهم بسبب قناعاتهم العقائدية والدينية. وكانت دار الإفتاء قد أدانت في بيان صادر لها بتاريخ 28 أبريل/نيسان 2016 غلق مسجدين في ميانمار بجنوب شرق آسيا على يد السلطات المحلية، وشجب البيان منع الأقلية المسلمة من أداء صلواتها في هذين المسجدين. اعتبرت دار الافتاء أن ما يحدث في ميانمار ممارسة عنصرية فجة وخرقا ً للمعاهدات الدولية التي تكفل الحريات الدينية وحرية ممارسة الشعائر ودعت الافتاء لمحاسبة الأفراد والهيئات المتورطة وناشدت المجتمع الدولي بالتدخل". وتضيف الكاتبة "أمام هذا البيان والخطاب شديد اللهجة لنا وقفة طويلة، خاصة بعد استخدام دار الافتاء لمرادفات على شاكلة "ممارسة عنصرية – حرية دينية – حرية ممارسة الشعائر – المواثيق والمعاهدات الدولية" ونعرض في هذه الوقفة عدة تساؤلات: أولا: هل تدرك دار الافتاء التابعة لمشيخة الأزهر بأن المواثيق والمعاهدات الدولية التي استشهدت بها، تؤيد الحريات الدينية بشكل مطلق، أي أن الحرية الدينية وحرية ممارسة الشعائر وبناء دور العبادة ليست قاصرة على المسلمين دون سواهم وأن تلك الحقوق - كما جاءت في المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان - ليست حقًا أصيلا للمسلمين أصحاب المذهب السني وحدهم؟ بل حق للبشرية جمعاء! وهذا ينقلنا إلى التساؤل الثاني. ثانيا: هل ُيعد هذا البيان بمثابة اعتراف من دار الإفتاء المصرية بحق الأقليات الدينية - أيًا كانت في ممارسة الشعائر الدينية حسب تلك المعاهدات؟ أم أن دار الافتاء وقعت في شر المعايير المزدوجة؟ ثالثا: لماذا لم ُتحرك دار الافتاء ساكنًا حين قام وزير الأوقاف محمد مختار جمعة بغلق ضريح الإمام حسين في أكتوبر/تشرين الأول 2015 منعًا لإحياء ذكرى عاشوراء؟ ألا ُيعد هذا منعًا من ممارسة شعائر دينية بما يتعارض مع المواثيق الدولية؟ علمًا بأن أن إحياء الذكرى في مصر يتمثل في قراءة القرآن وزيارة ضريح الإمام الحسين وقراءة حادثة عاشوراء. اعتبر وزير الأوقاف أن هذه الشعائر أباطيل.. تماما كما تراءى للسلطة في ميانمار حين أغلقت المسجدين، فهي كذلك اعتبرت شعائر المسلمين هناك من الأباطيل. رابعا: إن كانت دار الاإفتاء المصرية تتمسك بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي تكفل ممارسة الشعائر الدينية، هل تتراجع حينها الافتاء المصرية ومجمع البحوث الإسلامية والأزهر عن اعتبار البهائية كفرًا بواحًا وعقيدة هدامة؟ هل يتوقف الأزهر ووزارة الأوقاف عن تنظيم دروس محاربة البهائية في المساجد كما فعل العام الماضي في عدة مساجد ومنها مسجد النور بالعباسية؟ هل تقبل دار الافتاء تشييد دور عبادة للبهائيين في مصر؟ هل تقبل إعادة فتح محافلهم التي تم إغلاقها عام 1960؟ أم تلزمهم بالتعبد في منازلهم كما فعلت السلطات في ميانمار مع الأقلية المسلمة؟ فهي كذلك السلطة في ميانمار ترى أن حرية العقيدة مكفولة للمسلمين في المنازل! ويتراءى لها كذلك أن أعداد المسلمين القليلة في ميانمار لا تستحق كل هذه الجلبة كما نفعل نحن مع البهائيين في مصر. وتشير إلى أن كل تساءلات على سبيل المثال لا الحصر.. وكلها تساؤلات على سبيل اختبار كشف العنصرية.. وكلها تساؤلات تكشف إن كانت شعارات التسامح التي نرفعها حقيقية أم واهية وانتقائية. ولا شك أن منع مسلمي ميانمار "4 % من التعداد" من أداء الصلاة في مسجدين تم إغلاقهما يُعد دربًا من دروب العنصرية التي لا يمكن قبولها، ولكن يبقى السؤال: هل نتعاطف مع مسلمي ميانمار لأنهم مسلمون أم لأنهم مواطنون يحق لهم اعتناق وممارسة شعائرهم – أيًا كانت عقيدتهم – دون اضطهاد؟ هل نتعاطف ونساند قضية مسلمي ميانمار لأسباب عقائدية انحيازية أم لأسباب إنسانية بحتة؟ لربما أن الأقلية المسلمة تواجه ممارسات عنصرية في ميانمار وهو أمر لا يمكن تبريره، لكن هناك كذلك أقليات مسلمة في بلاد غير إسلامية يتمتعون بحرية ممارسة شعائرهم وبناء دور عبادتهم. وهذا الحق الأصيل لم ُيمنح للمسلمين خارج أوطانهم على اعتبار أن الدين الإسلامي دين سماوي، ولكن تم منحه التزاما بالمعاهدات والمواثيق الدولية والحق الإنساني في حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر. وتنبه الكاتبة إلى أنه لا يمكن أن نطالب بمناهضة العنصرية ضد الأقلية المسلمة خارج حدود أوطاننا بينما نمارس نفس التحريض العنصري على أقليات غير مسلمة على خلفية أن أديانهم غير سماوية وغير معترف بها أو على أساس أنهم قلة عددية لا ُتذكر، وإلا يُعد هذا انفصامًا صارخًا وممارسة ممنهجة واضحة للمعايير المزدوجة. فمن كان دار افتائه من زجاج.. لا يقذف العالم بطوب العنصرية. بوبت الكاتبة مقالات الكتاب في خمسة أبواب أولا: الحرية العقائدية والتمييز الديني، ثانيا: حرية التعبير والابداع، ثالثًا: تجديد الخطاب الديني، رابعًا: توظيف الدين في الخطاب السياسي وخامسًا وأخيرًا: الخطاب الثقافي في مواجهة ثقافة الفقيه.