خلال الأسبوعين الماضيين أتيحت لي فرصة حضور فعاليات مهرجان الشارقة للفنون الإسلامية في دورته التاسعة عشرة، والذي تقيمه دائرة الإعلام والثقافة بحكومة الشارقة في مثل هذا التوقيت من كل عام. وقد لفت اهتمامي هذا التنوع وذلك الحضور الثقافي والفني بمشاركة فنانيين ونقاد ذوي تجارب ومصادر ثقافية وحضارية وجغرافية متعددة، من أقصي الشرق "اليابان" والغرب "الولاياتالمتحدة الأميركية" ومن الجنوب والشمال تحت شعار "بنيان". ورغم أن تيمة "بنيان" تشير لغة ودلالة إلى العمارة كمفهوم وبناء إلا أنها تتستع وتنبسط أيضا لتشمل كل - أو بالأحرى جميع - أشكال وألوان وتجارب البناء والفنون الزخرفية والهندسية المصاحبة لعملية البناء بوصفها تعبيرا عن اكتمال البنيان أو البناء. ومن هنا تمثل مفردة "بنيان" المستخدمة في هذا الشعار وحدة لغوية وبنائية تتكامل فيها الأدة "اللغة والرؤية" التعبير في آن واحد. والواقع أن هذا الزخم الفني والتشكيلي المتنوع يعبر حقيقة عن أمم وشعوب وثقافات خلقها الله لتتعارف وتتنافس في مسارات الحياة عبر وسائط الإنجاز والعمران لا باستخدام أدوات القتل والهدم. إنها ثقافة البناء التي يحرص على نشرها وتكريسها الشيخ الدكتور سلطان القاسمي باعتبارها القاسم المشترك الأعلى لفلسفته ورؤيته الثقافية الإنسانية، ومن شأن شيوعها وانتشارها على هذا النحو أن تصنع هي بدورها دورة حضارية قادمة أعم وأشمل في المستقبل. ومن دون شك فإن مظاهر وتجليات هذه النهضة العمرانية ذات الجذور الإسلامية، وإن كانت لا ترفض الحداثة، تقوم على رؤية محددة وواضحة تمثل المدخل والعنوان نحو فهم مشروع القاسمي العمراني والجمالي للشارقة كمدينة عصرية تأخذ من الماضي والتراث أصالته، كما تواكب منجزات الحداثة في مختلف المعارف والعلوم والتكنولوجيا، بحيث ينصهر كل هذا ويتمزج بل ويتأصيل في عقول ووجدان الأطفال والشباب فلا ينسخلون عن الجوهر المكنون والثري للتراث العربي والإسلامي. لا سيما في ظل ما تشهده إمارة الشارقة، وغيرها من المدن الإمارتية، من عمليات تطوير وعمران تتبني في مجملها صورة وهيئة وطرز المعمار الغربي ذي الارتفاعات الشاهقة والبلاسيتكية، وهي في ظني مبان بلا روح أو حياة ولا تعبر حقيقة عن الثقافة العربية أو الشرقية الأصيلة، إنما هي خلطة مرتبكة من الغربة الموحشة والفردانية المقيتة في أبرز صورها وأشكالها وتجلياتها. بموازاة آيات الجمال العمراني والروحي هذه، هناك فعاليات ومهرجانات فنية وثقافية ومسرحية تقيمها دائرة الإعلام والثقافة جنبا إلي جنب مئات الأنشطة والندوات الأخري التي تقام هنا أو هناك في مختلف أروقة الشارقة وميادينها وشواطئها المزهوة برقتها ووداعتها، وكأنها طيور سابحة سارحة في ملكوت الله الواسع الفسيح بعد عناء سفر طويل، أو عقب رحلة تاريخية تمتد لمئات السنين لم تجد هذه الأرض عناية ولا رعاية من أحد إلى أن قيض لها الله رجلا بقدر وقامة سلطان القاسمي ذي البصر والبصيرة، فأعاد صياغتها وتعميرها على هذا الطراز العمراني الذي تتدفق في أوردته وشراينه المعاهد العلمية والجامعية والمباني التراثية فتمتلئ بحياة متجددة وسعادة دائمة تظلها روح عربية وإسلامية تشع نورانية. يلتف حول هذه الأنشطة فنانون وباحثون وصحفيون من شتي بقاع المعمورة .. مصريون وسوريون ولبنانيون، ومن الأردن وفلسطين والسودان وموريتانيا، يشكلون جامعة دول عربية مصغرة، ولكنها فاعلة ومتناغمة، إضافة إلى عشرات الكتاب والأدباء والشعراء والمسرحيين وغيرهم من أصحاب الحرف والصنائع الذين تجمعهم هذه المهرجانات والمؤتمرات، فيتكلمون ويبحثون ويتبادلون الحوار والنقاش، وكذلك الصور والعناوين وأرقام الهواتف والفيس بوك والواتس آب .. وهلم جرا ... غير أنهم جميعا .. نعم جميعهم يتفقون علي جملة واحدة، رغم تعدد لغاتهم وألوانهم. إن الشارقة أصبحت مثالا يحتذى لمدن الثقافة والفنون والجمال الروحاني .. مدينة مدهشة في هدوئها ورقتها وإنسانيتها. خذ على سبيل المثال حدائق النور والفراشات والأطفال المكسوة بالعشب الأخضر والأشجار والنخيل، ومسرح المجاز ومقاهي الشناصية التراثية المطلة علي الخليج وغيرها من الأماكن المفتوحة للجمهور في قلب الشارقة القديمة الذي ينبض بعشق التراث والآصالة، وكأنها كانت علي موعد مع حلم صعب المنال، فأصبح حقيقة بفضل تلك الرؤية التي أشرنا إليها في السابق، وجهود عشرات أو مئات العاملين والإدراريين في دائرة الثقافة والإعلام. لذلك فقد صارت إمارة الشارقة في ظل حكم الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد منارة ثقافية تنشر الأدب والعلم والثقافة العربية، في وقت تمر الثقافة العربية بأشد أزماتها، كما تحرص دائما على إطلاق مشاريع ثقافية فريدة من نوعها، إضافة إلى توفير مرافق معمارية شامخة انطلقت من قناعة الشيخ سلطان بدور الثقافة في المجتمع، وأثرها في تطوير الذائقة الفنية والجمالية وتهذيب النفس وتوسيع المدارك والملكات الفكرية والإبداعية، والحفاظ على التراث الثقافي والتفاعل الإيجابي مع الثقافات الأخرى. وقد تم أيضا اختيار الشارقة الإمارة التي تباهي العالم بالعجائب المعمارية الفريدة التي تجسد روعة الحضارة الإسلامية، عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2014، في مؤتمر منظمة الدول الإسلامية في باكو، عاصمة أذربيجان تقديرا لدورها القوي في دعم وتعزيز العلم والثقافة وتسخير كافة الإمكانات لتنشئة أجيال مثقفة وواعية ومستنيرة. وتفتخر الشارقة بتاريخها الطويل والغني على صعيد استضافة الفعاليات الفنية والثقافية والإسلامية البارزة على مستوى العالم، كما تلعب الآن دورا كبيرا في الحفاظ على الهوية العربية والاسلامية، وتدعم كافة أشكال المساهمات التي تضمن استمرار تألق هذه الثقافة بمختلف أشكالها ورموزها. وأخيرا .. فإن بعض الناس تبدو أرواحهم كالحدائق وكلماتهم كالبلسم، قادرون علي إزاحة العتمة والجهل من عيون الأمة. خلال الأسبوعين الماضيين أتيحت لي فرصة حضور فعاليات مهرجان الشارقة للفنون الإسلامية في دورته التاسعة عشرة، والذي تقيمه دائرة الإعلام والثقافة بحكومة الشارقة في مثل هذا التوقيت من كل عام. وقد لفت اهتمامي هذا التنوع وذلك الحضور الثقافي والفني بمشاركة فنانيين ونقاد ذوي تجارب ومصادر ثقافية وحضارية وجغرافية متعددة، من أقصي الشرق "اليابان" والغرب "الولاياتالمتحدة الأميركية" ومن الجنوب والشمال تحت شعار "بنيان". ورغم أن تيمة "بنيان" تشير لغة ودلالة إلى العمارة كمفهوم وبناء إلا أنها تتستع وتنبسط أيضا لتشمل كل - أو بالأحرى جميع - أشكال وألوان وتجارب البناء والفنون الزخرفية والهندسية المصاحبة لعملية البناء بوصفها تعبيرا عن اكتمال البنيان أو البناء. ومن هنا تمثل مفردة "بنيان" المستخدمة في هذا الشعار وحدة لغوية وبنائية تتكامل فيها الأدة "اللغة والرؤية" التعبير في آن واحد. والواقع أن هذا الزخم الفني والتشكيلي المتنوع يعبر حقيقة عن أمم وشعوب وثقافات خلقها الله لتتعارف وتتنافس في مسارات الحياة عبر وسائط الإنجاز والعمران لا باستخدام أدوات القتل والهدم. إنها ثقافة البناء التي يحرص على نشرها وتكريسها الشيخ الدكتور سلطان القاسمي باعتبارها القاسم المشترك الأعلى لفلسفته ورؤيته الثقافية الإنسانية، ومن شأن شيوعها وانتشارها على هذا النحو أن تصنع هي بدورها دورة حضارية قادمة أعم وأشمل في المستقبل. ومن دون شك فإن مظاهر وتجليات هذه النهضة العمرانية ذات الجذور الإسلامية، وإن كانت لا ترفض الحداثة، تقوم على رؤية محددة وواضحة تمثل المدخل والعنوان نحو فهم مشروع القاسمي العمراني والجمالي للشارقة كمدينة عصرية تأخذ من الماضي والتراث أصالته، كما تواكب منجزات الحداثة في مختلف المعارف والعلوم والتكنولوجيا، بحيث ينصهر كل هذا ويتمزج بل ويتأصيل في عقول ووجدان الأطفال والشباب فلا ينسخلون عن الجوهر المكنون والثري للتراث العربي والإسلامي. لا سيما في ظل ما تشهده إمارة الشارقة، وغيرها من المدن الإمارتية، من عمليات تطوير وعمران تتبني في مجملها صورة وهيئة وطرز المعمار الغربي ذي الارتفاعات الشاهقة والبلاسيتكية، وهي في ظني مبان بلا روح أو حياة ولا تعبر حقيقة عن الثقافة العربية أو الشرقية الأصيلة، إنما هي خلطة مرتبكة من الغربة الموحشة والفردانية المقيتة في أبرز صورها وأشكالها وتجلياتها. بموازاة آيات الجمال العمراني والروحي هذه، هناك فعاليات ومهرجانات فنية وثقافية ومسرحية تقيمها دائرة الإعلام والثقافة جنبا إلي جنب مئات الأنشطة والندوات الأخري التي تقام هنا أو هناك في مختلف أروقة الشارقة وميادينها وشواطئها المزهوة برقتها ووداعتها، وكأنها طيور سابحة سارحة في ملكوت الله الواسع الفسيح بعد عناء سفر طويل، أو عقب رحلة تاريخية تمتد لمئات السنين لم تجد هذه الأرض عناية ولا رعاية من أحد إلى أن قيض لها الله رجلا بقدر وقامة سلطان القاسمي ذي البصر والبصيرة، فأعاد صياغتها وتعميرها على هذا الطراز العمراني الذي تتدفق في أوردته وشراينه المعاهد العلمية والجامعية والمباني التراثية فتمتلئ بحياة متجددة وسعادة دائمة تظلها روح عربية وإسلامية تشع نورانية. يلتف حول هذه الأنشطة فنانون وباحثون وصحفيون من شتي بقاع المعمورة .. مصريون وسوريون ولبنانيون، ومن الأردن وفلسطين والسودان وموريتانيا، يشكلون جامعة دول عربية مصغرة، ولكنها فاعلة ومتناغمة، إضافة إلى عشرات الكتاب والأدباء والشعراء والمسرحيين وغيرهم من أصحاب الحرف والصنائع الذين تجمعهم هذه المهرجانات والمؤتمرات، فيتكلمون ويبحثون ويتبادلون الحوار والنقاش، وكذلك الصور والعناوين وأرقام الهواتف والفيس بوك والواتس آب .. وهلم جرا ... غير أنهم جميعا .. نعم جميعهم يتفقون علي جملة واحدة، رغم تعدد لغاتهم وألوانهم. إن الشارقة أصبحت مثالا يحتذى لمدن الثقافة والفنون والجمال الروحاني .. مدينة مدهشة في هدوئها ورقتها وإنسانيتها. خذ على سبيل المثال حدائق النور والفراشات والأطفال المكسوة بالعشب الأخضر والأشجار والنخيل، ومسرح المجاز ومقاهي الشناصية التراثية المطلة علي الخليج وغيرها من الأماكن المفتوحة للجمهور في قلب الشارقة القديمة الذي ينبض بعشق التراث والآصالة، وكأنها كانت علي موعد مع حلم صعب المنال، فأصبح حقيقة بفضل تلك الرؤية التي أشرنا إليها في السابق، وجهود عشرات أو مئات العاملين والإدراريين في دائرة الثقافة والإعلام. لذلك فقد صارت إمارة الشارقة في ظل حكم الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد منارة ثقافية تنشر الأدب والعلم والثقافة العربية، في وقت تمر الثقافة العربية بأشد أزماتها، كما تحرص دائما على إطلاق مشاريع ثقافية فريدة من نوعها، إضافة إلى توفير مرافق معمارية شامخة انطلقت من قناعة الشيخ سلطان بدور الثقافة في المجتمع، وأثرها في تطوير الذائقة الفنية والجمالية وتهذيب النفس وتوسيع المدارك والملكات الفكرية والإبداعية، والحفاظ على التراث الثقافي والتفاعل الإيجابي مع الثقافات الأخرى. وقد تم أيضا اختيار الشارقة الإمارة التي تباهي العالم بالعجائب المعمارية الفريدة التي تجسد روعة الحضارة الإسلامية، عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2014، في مؤتمر منظمة الدول الإسلامية في باكو، عاصمة أذربيجان تقديرا لدورها القوي في دعم وتعزيز العلم والثقافة وتسخير كافة الإمكانات لتنشئة أجيال مثقفة وواعية ومستنيرة. وتفتخر الشارقة بتاريخها الطويل والغني على صعيد استضافة الفعاليات الفنية والثقافية والإسلامية البارزة على مستوى العالم، كما تلعب الآن دورا كبيرا في الحفاظ على الهوية العربية والاسلامية، وتدعم كافة أشكال المساهمات التي تضمن استمرار تألق هذه الثقافة بمختلف أشكالها ورموزها. وأخيرا .. فإن بعض الناس تبدو أرواحهم كالحدائق وكلماتهم كالبلسم، قادرون علي إزاحة العتمة والجهل من عيون الأمة.